اقتصاد الظل

اقتصاد الظل أو الاقتصاد الخفي من الأزمات المتفاقمة التي تنخر جسد الاقتصاد السوري، ما يشكل بيئة مزمنة تحتاج علاجاً إسعافياً وفق رؤية متكاملة مختلفة عن الرؤية السابقة، تتضمن حزمة إجراءات تبدأ بتبسيط التراخيص وتخفيض الضرائب، وفق مظلة قانونية شاملة تدخل هذا الاقتصاد تدريجاً بالاقتصاد الوطني، وتعيد الحقوق لشريحة واسعة تتخذ من هذه الطرقات الاقتصادية غير الرسمية عملاً مدراً للدخل.

معالجة هذه الملف وتنظيمه، وجعله خاضعاً للمراقبة والقوانين الضريبية المترتبة على الدخل، تبدو معقدة للوهلة الأولى، حيث يتطلب عملاً واسعاً، خاصة أن لهذا القطاع تفرعات لا يمكن للشخص العادي توقعها حيث تنضوي تحته أعمال كثيرة تصنف ضمن ما يعرف ب(العمل الأسود) ما يسبب الصدمة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الدروس الخصوصية، أو الطعام المنزلي المباع خارجاً، وكذلك من يؤدي خدمات معينة لقاء أجر مادي، والبسطات التي تفترش الشوارع، إضافة إلى الورشات المتعددة من غذائية ونسيجية وكيميائية وغيرها الكثير.
البعض يبرر هذه الأعمال، ويميل إلى اعتبارها مصدراً لدخل البسطاء بسبب التضخم و ارتفاع تكاليف المعيشة،وعدم القدرة على تحقيق دخل كاف لسد الاحتياجات العائلية الأساسية، حيث نجد قسماً يمتهن عدة مهن في آن واحد ليتمكن من توفير المال،و رفع مستواه المادي.

و إن كانت هذه الأعمال غير قانونية، إلا أنها وفق صيغة معينة لا تصنف لا أخلاقية، وقد يكون مبرراً وفقاً للأوضاع الاقتصادية الضاغطة امتهان هذه الأعمال، لكن عندما ينجح المجرمون أو الخارجون على القانون بإيجاد طرق لممارسة أنشطة اقتصادية إجرامية وغير قانونية عبر الثغرات الموجودة في اقتصاد الظل، يجعل المشكلة خطراً محدقاً لا يجب التجاوز عنه حفاظاً على الأمن الاجتماعي والاقتصادي.

ومن هذه النقطة تحديداً ذهب الباحث الاقتصادي الدكتور معن ديوب في حديثة  إلى ضرورة توضيح تقسيمات اقتصاد الظل حسب نوعه، والتمييز بين اتجاهين ضمن صفوف هذا الاقتصاد، الأول: اقتصاد يمكن وصفه بأنه لا أخلاقي، أي يتضمن أعمالا غير مشروعة كالاتجار بالمخدرات، والرشى لتقديم خدمات حكومية معينة، وجميعها أعمال لا تصب في مصلحة الوطن والمواطن.

والثاني، هو اقتصاد يتضمن أعمالاً غير مرخصة، لكن لا تخالف الحيز الأخلاقي والوجداني، مثال ورشة خياطة في أحد الأقبية غير مرخصة ولا تطبق المعايير الصناعية، وهناك نوع من التهرب الضريبي، هذه الأنواع لا تصنف غير أخلاقية لكنها غير مرخصة، رغم تأكيده أن المفهوم العام لاقتصاد الظل هو الاقتصاد غير المعلن، ومن الناحية القانونية ينظر إلى كل اقتصاد غير معلن على أنه غير شرعي.

أما بالنسبة للحلول التي يراها ديوب  أساسية للبدء بتنظيم وقوننة هذه القضية تنطلق من ضبط للعملية بشكلها الكلي، و وضع رؤية مختلفة عن الرؤية السابقة، بحيث يدخل اقتصاد الظل بالاقتصاد الرسمي وهذا يحتاج دراسات للتكاليف والإيرادات، وآلية تفعيل رسمية لاقتصاد الظل، وخلق القيم المضافة بشكل معلن وليس بشكل خفي،فضلاً عن وضع الأولويات للوصول إلى الأهداف ضمن توزيع عادل ومنطقي للقيم المضافة في المجتمع، بحيث أن الأشخاص الذين يبذلون جهداً يكون لهم  حصتهم من ذلك، والشريحة التي لاتبذل جهداً لا يكون لها أي حصة،والحلول تكمن في القوننة ليتم استقطاب الجميع.

وبين ديوب أن دورة اقتصاد الظل تكمل الدورة الاقتصادية، وهذا يعطينا أرقاماً غير صحيحة، ما يجعل الحاجة ماسة إلى إعادة ترتيب الأوضاع و الفرز والقوننة والتمييز بين الأعمال الاخلاقية واللاأخلاقية، إلى جانب تبسيط الإجراءات، وإعطاء التراخيص وتخفيف الضرائب، والمساهمة في إعطاء القروض، والمساعدة في عملية مدخلات الإنتاج، وكذلك في عمليات التصدير إن أمكن.
وبالتالي فإن الدخل الخاضع للوائح الضريبية يسهم في  الميزانية العامة، ويصب في مصلحة الوطن والمواطن إذا ما تم استثماره في القطاعات الحيوية مثل القطاع الصحي، والتعليمي، والبنية التحتية وغيرها.

الحرية

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات