تسعى الحكومة السورية اليوم بكل مؤسساتها إلى تصحيح مسار الاقتصاد ومعالجة المشكلات التي تراكمت عبر العقود الماضية، مما أدى إلى تدهور مستوى المعيشة وانتشار الفساد والرشوة في القطاعات الاقتصادية والخدمية والإدارية. ومع محاولات الإصلاح، برزت أزمات جديدة تعيق عمل المؤسسات الحكومية، أبرزها فوضى الصرافة وانتشار المضاربة على الليرة السورية.
هيمنة الصرافين على السوق النقدي
يرى الخبراء الاقتصاديون أن سوق الصرافة في سوريا يشهد انفلاتًا غير مسبوق، حيث انتشرت مراكز الصرافة غير النظامية في الأزقة والشوارع، وبدأت تتحكم بأسعار الصرف، ما أدى إلى تركيز الثروة في أيدي عدد محدود من المضاربين.
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف إن فقدان فرص العمل دفع العديد من الأشخاص إلى اقتصاد الظل المرتبط بالصرافة، لكنه يؤكد أن الصرافين الحقيقيين ليسوا هم من نراهم في الشوارع، بل هناك جهات خفية تقف وراء عمليات التمويل والمضاربة، مما يجعل هؤلاء الصرافين مجرد واجهة لعمليات أكبر تؤثر على قيمة الليرة.
تأثير المضاربة على الاقتصاد الوطني
من أبرز السلبيات الناجمة عن هذه الفوضى ظهور العملة المزورة، سواء الوطنية أو الأجنبية، بشكل واسع النطاق، مما يهدد الاستقرار النقدي، إلى جانب فقدان المصرف المركزي القدرة على التحكم بسعر الصرف الحقيقي، حيث أصبحت قيمة الليرة السورية تعتمد على منصات خارجية وأسعار غير رسمية.
ويحذر يوسف من أن انكماش السيولة لدى المصرف المركزي ترك المجال مفتوحًا أمام المضاربين للتحكم بالسوق، متسائلًا عن كيفية حصول هؤلاء الصرافين على كميات ضخمة من الدولار والعملة السورية في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
ضياع المدخرات وتأثيره على الاقتصاد
من جهة أخرى، أدت هذه الفوضى إلى خسارة المدخرات السورية، حيث عمد الكثير من المواطنين إلى بيع مدخراتهم بالدولار عندما كان سعره 15 ألف ليرة أو أكثر، مما أدى إلى تآكل ثرواتهم نتيجة تغيرات سعر الصرف. ويؤكد يوسف أن هذا الوضع مرتبط بانكماش السيولة النقدية لدى المصرف المركزي، مما يطرح تساؤلات حول آلية معالجة هذا الخلل وضبط السوق النقدية.
كيف يمكن معالجة أزمة الصرافة؟
يقترح الخبراء عدة خطوات فورية لمعالجة الأزمة وضمان استقرار سوق الصرافة، أبرزها:
-
ترخيص الصرافين رسميًا من قبل المصرف المركزي، حتى لو كان الترخيص مؤقتًا، لضمان المراقبة وتحديد الجهات الفاعلة في السوق.
-
فتح نوافذ خاصة للصرافة داخل المصارف الرسمية، بحيث يتم تسجيل جميع عمليات التصريف والتأكد من سلامة العملات المتداولة.
-
ربط سوق الصرافة مباشرة بالمصرف المركزي لمنع المضاربة وتقليل تأثير المنصات الخارجية على قيمة الليرة.
في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال المطروح: هل تنجح الحكومة في ضبط سوق الصرافة؟ أم أن فوضى المضاربة ستظل عقبة أمام الإصلاح الاقتصادي في سوريا؟
سيريا ديلي نيوز
2025-04-12 15:39:22