كشف الباحث الاقتصادي المتخصص في أسواق المال علي نزار الآغا، أن عرض المساكن القابلة للإيجار انحسر إلى النصف والطلب تضاعف، مشيرا إلى أنه من الصعب عودة قيم الإجارات إلى مستويات ما قبل الأزمة 86% من المساكن السورية مملوكة والباقي أجار.   وأشار إلى أن "الموظف يخصص 96 ساعة عمل شهرية لدفع قيمة الإيجار على اعتبار أنه يعمل 8 ساعات يومياً".   ونقلت صحيفة "تشرين" الحكومية، عن الآغا قوله إن: "ارتفاع الإيجارات الشهرية في مختلف مناطق الاستقطاب وخاصة العاصمة دمشق تجاوز 50% في بعض الحالات، في حين يتراوح بين 20% و50% في بعض المناطق الشعبية، هذا عداك عن التشديد والتقييد في شروط العقود المبرمة والتي تأخذ طابعاً شهرياً و3 أشهر مدفوعة مقدماً مع تأمين كهرباء ومياه وأحياناً هاتف وبمبالغ كبيرة".   وأشار إلى "طفرة عام 2003 مع بدء توافد العراقيين، إلا أن الحق يقال بأن ارتفاع الأسعار اليوم لا يقارن بتلك الفترة بشكل عام، فقد تضاعفت قيم الايجارت وقتها مرتين، وازدهرت إيجارات الشقق المفروشة بأسعار فلكية، ما يدفعنا لوصف تلك الفترة بفقاعة قيم الإيجارات، وهذا لا ينطبق كلياً على الفترة الحالية".   وبيّن الآغا أنه "من وجهة نظر اقتصادية ينظر إلى الارتفاع النسبي في قيم الإيجارات من خلال تحليل طرفي العرض والطلب في السوق، حيث إن العرض محدود بكمية من المساكن القابلة للإيجار، وهذه الكمية تتقلص يومياً منذ بدء الأزمة الاستثنائية التي تمر بها البلاد وامتدادها إلى حلب التي تضم وحدها أكثر من 20% من المساكن السورية أقصد المساكن المعتادة المشغولة والخالية".   وأوضح أنه "لو اعتبرنا أن جميع المساكن الخالية قابلة للإيجار رغم تعدد أسباب الخلو، لكن ظروف الأزمة تسمح بهذا التوقع، فنكون أمام 400 ألف مسكن قابل للإيجار في جميع المناطق السورية قبيل الأزمة، على أساس أن إجمالي عدد المساكن يصل 4.13 ملايين مسكن وفق الإحصائيات الرسمية لعام 2010 واعتبار نسبة الخلو 10%".   وقال الآغا إنه: "مع تفاقم الأزمة وبروز ظاهرة المهجرين داخلياً انحسرت أعداد المساكن القابلة للإيجار إلى حدود 200 ألف مسكن، ما يعني أن العرض المتاح قد انخفض إلى النصف، وربما أكثر".   ولفت إلى أن "أكثر من 20% من المساكن الخالية تصنف بأنها خالية بشكل موسمي، وحوالى 10% من المساكن الخالية معروضة للإيجار في الظروف العادية، والباقي خال إما بسبب هجرة سكانها وإما لأنها جهزت حديثاً".   وتابع الآغا، أنه "تحليل الطلب يكشف ارتفاعاً كبيراً في الطلب على الإيجارات في مناطق الاستقطاب، وذلك يمكن استنتاجه بمقارنة بيانات وتقديرات المهجرين داخلياً والطاقة الاستيعابية للمساكن القابلة للإيجار".   وبين أنه "في حال اعتماد الوسطي الرسمي لتعداد أفراد الأسرة السورية والبالغ 5.7 أشخاص وافتراض بأن كل مسكن يمكن أن يأوي أسرة واحدة، نجد أن الطاقة الاستيعابية الطبيعية مسقوفة بـ 1.14 مليون شخص، ولو أخذنا في الحسبان الظروف الاستثنائية التي تسمح بتواجد عائلتين في المسكن، سنكون أمام 2.28 مليون شخص كحد أقصى، وهذا رقم كبير جداً، ولعل الطاقة الحقيقية الاستيعابية أقل من ذلك".   وأوضح أن "المشكلة اليوم يمكن أن تتفاقم وتتحول إلى فقاعة سعرية جديدة تستغل ظروف الأزمة لتحقيق أرباح فاحشة، بدوائر أوسع من الحالية، هنا يوضح الآغا بأنه حالياً هناك بعض الإيجارات في أماكن محددة في وسط العاصمة والمناطق الممتازة من حيث التنظيم وتوافر الخدمات وصلت إلى قيم خرافية، ولكن لها زبائنها ولها سوقها".   ولفت الآغا إلى أن "الخوف من أن تمتد هذه الظاهرة لتشمل باقي المناطق ولاسيما الشعبية، إلا أن عملية التقدير المنطقية تفترض أن تكون ارتفاعات قيم الإيجارات العادية محدودة النطاق نوعاً ما، نظراً لارتباطها بالقدرة المالية للمواطن، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن موظف القطاع العام أو الخاص يدفع 60% من دخله الشهري لتسديد قيم الإيجار، عداك عن فواتير الكهرباء والهاتف والمياه، على اعتبار أن وسطي الإيجار 12 ألف ليرة ووسطي الدخل 20 ألف ليرة".   وأشار إلى أن "الموظف يخصص 96 ساعة عمل شهرية لدفع قيمة الإيجار على اعتبار أنه يعمل 8 ساعات يومياً على مدى خمسة أيام في الأسبوع، وهكذا نجد أن ارتفاع الإيجار إلى مستويات تفوق قدرة الموظف تبقى مجازفة غير قابلة للاستمرار، وخاصة في المناطق الشعبية".   وقال الآغلا إنه: "من الصعب التكهن بعودة قيم الايجارت إلى مستويات ما قبل الأزمة، وهذا يمكن قياسه على الاتجاه التاريخي لقيم الإيجارات، فبالعودة عشر سنوات إلى الوراء عندما انفلت عقال الأسعار مع ارتفاع الطلب إثر دخول العراقيين، نلاحظ أن السوق اعتادت فيما بعد على المستويات الجديدة للإيجارات، ولكي نكون دقيقين أكثر سجلت قيم الإيجارات غير المفروشة بالتحديد تصحيحاً نسبياً".   وأضاف أنه "بلغة الأسواق انخفضت الأسعار بشكل نسبي واستقرت عند ضعف ما كانت عليه قبل دخول العراقيين إلى البلد، ثم حافظت على هذه المستويات مع ارتفاعات نسبية تتماشى مع ارتفاع مستوى الأسعار حتى قبيل الأزمة، وهذا ما يحدث اليوم، ومن المرجح حدوثه بعد الأزمة، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق في نسب الارتفاع، وذلك نظراً لطبيعة الأزمة وظروفها واختلافها عن ظاهرة انفجار الطلب الناجم عن دخول العراقيين".   ونوه الآغا إلى أن "الأمور تبقى قيد التقديرات وفقاً للظروف الراهنة، ولا يمكن سوى قراءة الأرقام الحالية وبناء تصورات مستقبلية في سياق عقلاني، في حين تكشف لنا الأيام القادمة مدى قرب هذه التحليلات من الواقع، أو مدى بعدها عنه".   وأشار إلى أن "مشكلة السكن مرتبطة في الأساس بخلل في طريقة التعاطي الحكومي معها، ولكن ظروف الأزمة الراهنة تقتضي منا أخلاقياً تأجيل الحديث في هذا الأمر لحين عودة الاستقرار مع الإشارة إلى أن 86% من المساكن السورية تكون مملوكة فقط والباقي إيجار بين مفروش وغير مفروش وبعضها غير مبين الحالة".   سيريا ديلي نيوز

التعليقات