الفلسطينيون أبطال، وهو الشيء الوحيد الذي كشفت عنه الهجمات التي يشنها عليهم المستوطنون الأوغاد من خلف التلال، فالأيدي التي تطلق النار هي أيدي الأوغاد القذرين، ولكن من هو المدبر؟!.. بالتأكيد هو النظام الصهيوني المفروض على الفلسطينيين فرضاً والذي يضطهدهم في كل لحظة من حياتهم يوماً بعد يوم منذ عشرات السنين، والعيش في ظروف كهذه والمحافظة على الروح المعنوية العالية، هو دليل على البطولة. أجابني الفلسطينيون مازحين: «ومن قال إننا نتمتع بروح معنوية عالية؟!»، وهذا دليل قاطع على أنهم كذلك فهم يمزحون، على الرغم من ظروفهم غير الإنسانية التي تجعلهم إسرائيل يعيشونها. أوغاد التلال هم مجرد أدوات لتنفيذ العمليات الإرهابية ضد الفلسطينيين، فالقسم الأكبر من العمل الإجرامي يقوم به المسؤولون الأوغاد، وعلى عكس ما يقوم به الفلسطينيون من رمي الحجارة، فإن المستوطنين هم أدوات بيد الكيان الصهيوني، حيث يتم تجنيد ضباط وجنود وقضاة عسكريين ومهندسين معماريين ورجال أعمال لخدمة جيش الاحتلال، ووزارة الداخلية واستخدامهم في مؤسسة الأمن الوطني، فالأيدي هي أيديهم، والرأس هو رأس اليهود الصهاينة الذين يدعمون حكومتهم من خلال بعض الوسائل الديمقراطية بممارسة استبدادها على الفلسطينيين. كيف تتم ممارسة الاستبداد الصهيوني على الفلسطينيين؟!.. هذا الأمر لا يتم بالتأكيد إلا عن طريق السيطرة على أراضيهم ومجالاتهم الحيوية، وإقامة أماكن معزولة بعضها عن البعض الآخر، وعن طريق استدعاء الإسرائيليين من عمر تسعة عشر عاماً المقنعين والمدججين بالسلاح حتى أسنانهم، وهو ما حدث في شهر تشرين الثاني الماضي، حيث تم استدعاء /560/ شخصاً، حسب المجموعة التي تراقب هذا القطاع في دائرة المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال عدة غارات عسكرية، وعن طريق الاعتقالات اليومية، ووضع الحواجز في الطرقات في الضفة الغربية لإغلاقها مؤقتاً في شهر تشرين الثاني الماضي. الاستبداد لا يعني فقط منع الفلسطينيين من البناء على مساحة أكبر من 60٪ من الضفة الغربية، وسن قوانين جديدة كل يوم لمنعهم من حقوقهم المدنية وإبعادهم، ولا تهديم منازلهم «500 منزل في عام 2011»، وردم الآبار والصهاريج والبنى التحتية وغيرها، الاستبداد هو كل ذلك وأكثر. يقوم الاستبداد الصهيوني على الكيل بمكيالين «فالفلسطينيون لا يحق لهم البناء على أرضهم القابلة للزراعة بحجة أنها مصنفة ضمن المنطقة الريفية، بينما يمنح الكيان الصهيوني الموافقة على بناء مستعمرة يهودية على الأراضي الفلسطينية القابلة للزراعة»، فالكيان الصهيوني بطل في مجال الغطرسة والغرور «الديمقراطية الوحيدة» التي يمارسها، وهو باق على نفاقه «الاستعداد للعودة إلى طاولة المفاوضات في كل وقت». الفلسطينيون يعلمون أن كل هذا سينقلب على الإسرائيليين الصهاينة أنفسهم، وهو ما يجعلهم يتمالكون أنفسهم ولا يستشيطون غضباً. شعر كل هؤلاء الذين تضرروا بسبب الاستبداد الصهيوني بالوحدة، وأصبحوا معدمين وثائرين ويشعرون باليأس، مع ذلك ما زالت كل العوائل الفلسطينية تحتفظ بإنسانيتها على طريقتها الخاصة -بطريقة مدهشة ومؤثرة- فرغم بعض السلبيات الموجودة في المجتمع الفلسطيني اعترف الاستبداد الصهيوني بقوة الفلسطينيين وتكاتفهم، وهذا هو الصمود الذي طالما تحدث عنه المحامي رجا شحادة منذ وقت طويل، لذا أيقن كل فرد وكل عائلة فلسطينية أن كلمة «صمود» صحيحة تماماً، فهي تعني القدرة على العودة إلى المرونة وضبط النفس، بكثير من الحكمة والشفافية التي هي أساس الشجاعة في فلسطين، حيث تتضح هذه الشجاعة من خلال المقاومة الشعبية. الفلسطينيون أبطال، وهذا ليس مجرد كلام جميل يكتب في الصحف، بل إنه واقع يومي، إلا أنه يمس ويؤثر على هؤلاء الناس الذين يغمضون أعينهم عن هذا الواقع، ويا لهم من كثر، وهؤلاء يتعامون عن الحقيقة لأنهم يريدون أن يروا كل شيء طبيعياً. إن المعيارية الصهيونية تعني إما زوال الفلسطينيين أو التزامهم الصمت أو الاستسلام، بيد أن بسالة الفلسطينيين لم تنته، وهو ما كان مخيباً للآمال الصهيونية

ترجمة: زينب الطائي Amira Hass

التعليقات