إذا كانت تقارير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش تصدر لتصبح حبيسة الأدراج المظلمة أو حبراً على ورق، فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: لماذا تحال القضايا إذاً إلى الهيئة؟ ولماذا نشغل كادرها بالبحث والتمحيص وكشف ملابسات وخفايا الأمور؟ ألا يعني عدم تنفيذ ما آلت إليه نتائج التحري والتقصي إفساح المجال لأن يستمرئ صاحب الخلل أفعاله ويتمادى بها على مبدأ (يا فرعون مين فرعنك... قال ما لقيت مين يردني) ويفسح المجال أمام النفوس المريضة للسير على خطا الآخرين الذين لم يحاسبوا وفي النهاية نصل إلى مالٍ عام مسلوب وحق مهدور؟ لكن الطامة الكبرى عندما يكون هذا المال المسلوب على حساب أرواح وصحة المرضى والقضية المطروحة تتمثل بطلب وزير التعليم العالي، الدكتور عبد الرزاق شيخ عيسى من مدير عام مشفى جراحة القلب الجامعي بدمشق تنفيذ مقترح الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش نتيجة التحقيق الذي قامت به بناء على شكوى مقدمة من أحد المواطنين عام 2011 تتعلق بارتكاب مخالفات كبيرة في مركز جراحة القلب بدمشق ووجود سرقات في الأدوية والمواد الطبية من المركز. ويتضمن المقترح الصادر بتاريخ 16 -1-2012 اتخاذ الإجراءات اللازمة وإعفاء المتورطين من العمل بجرم اختلاس المال العام وإساءة الائتمان وسرقة الأدوية والأدوات الطبية وإعفاء كل من (غ – م) المدير الطبي و(م -ك) مدير الشؤون الإدارية في مركز جراحة القلب من المهام المسندة إليهما لإهمالهما في عملهما ما ألحق ضرراً بالمال العام يقدر ب 5 ملايين و572 ألف ليرة سورية إضافة إلى صرف من الخدمة كل من الممرضات (ر.ع) لوجود نقص لديها في كميات الأدوية بمبلغ 4 ملايين و250 ألف ليرة والممرضة (ر.ش) أيضا لوجود نقص في الأدوية لديها تقدر بـ مليون و480 ألف ليرة سورية و(س.ح) لوجود نقص لديها يقدر بـ236900 ليرة ليصل إجمالي المال المختلس والمتضرر إلى 11 مليوناً و538 ألف ليرة سورية وفرض عقوبة الحسم من الأجر الشهري بنسبة 5% لمدة ثلاثة أشهر بحق كل من الممرضة (ل. ح) و(ح.م) والطبيب (س.ع) والطبيب (ن.ي) و(م.ك) إضافة إلى رفد مركز جراحة القلب بصيدلانية لضبط استخدام الأدوية أسوة بباقي المشافي ومعالجة موضوع كميات الدواء الكبيرة الموجودة ضمن المستودع قبل انتهاء صلاحيتها. علماً أن مقترح الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش الأول قضى بإحالة كافة المتورطين المذكورة أسماؤهم آنفاً إلى القضاء المختص بجرم الإهمال الذي ألحق الضرر بالمال العام وذلك وفقا لأحكام المادة 10 الفقرة /أ /من قانون العقوبات الاقتصادية فيما يتضمن مقترح الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش دعوة وزير المالية لإلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتورطين ولزوجاتهم وأزواجهم بجرمي السرقة والإهمال. وبين تقرير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش أنه نتيجة التحقيق في الشكوى والذي أعدّ بالاستعانة بخبرة فنية أحادية لجرد عينات عشوائية من الادوية لدى مستودع المركز بيّن وجود صرف كبير لمادة الألبومين دون وجود تسجيل لهذا الصرف على أضابير المرضى إضافة لصرف كمية كبيرة من مادة الغليكسان مقارنة مع عدد المرضى واعتبار هذه المادة قلماً واحداً عند المستودع وعند من قام بالاستلام بالرغم من وجود أكثر من عيار لهذه المادة ويرتفع سعرها بارتفاع عيارها. كما أظهرت النتائج أن مادة الانسولين المتوفرة في برادات المركز غير الطبخة الموزعة وكذلك مادة اللانتوس وبالرغم من الاستجرار الكبير إلا أنه عند طلب جرده لم يبق منه أية عبوة ومادة أوغمنتين شراب، ووجد عند المستلمات مخزون شبه كامل من الكمية الشهرية ما يؤكد أن الصرف قليل وعند إجراء جولة في المركز لم يتبين وجود أي علبة من هذا الدواء وحتى عند الممرضة المناوبة كما تبين استجرار المادة الظليلية من قبل المستلمات وهي بالأصل مادة غير مستهلكة بشكل كبير كما لوحظ صرف أدوية لبعض المرضى بعد تاريخ تخريجهم من المشفى الوارد في الأضابير. كما أظهرت نتائج تدقيق كمية الأدوية المستلمة من قبل المستلمات خلال شهر كانون الأول من عام 2009 ومقارنتها مع ما هو مسجل في أضابير المرضى تبين وجود فرق كبير بين الدواء المستجر وما هو مسجل بأضابير المرضى إضافة لعدم تسجيل الكميات اللازمة للمرضى على الأضابير العائدة لهم وتم تشكيل لجنة خبرة طبية مؤلفة من ثلاثة أطباء بينت اللجنة كميات الأدوية المستجرة وبلغت كمية الأدوية المستلمة من قبل (م.أ) والزائدة عن حاجة المركز وفق تقديرات اللجنة 12716 ليرة. وبينت النتائج انه بعد إعفاء المدير الطبي للمركز (غ.م) من مهامه « والذي أعيد إلى عمله بعد فترة وجيزة و يمارس الآن مهامه بصفته مديراً طبياً للمركز وكأن شيئاً لم يكن ..». أصبحت طلبات استلام الأدوية من المستودع توقع من قبل المدير الإداري للمركز (م.ك) لتصرف بعد ذلك للمرضى ولغيرهم داخل المركز وخارجه ودون تسجيل هذه الصرفيات على أضابير المرضى وبشكل عشوائي وبكميات تفوق حاجة مرضى المركز إضافة إلى قيام العامل (إ-س) بأخذ جهاز السكر الذي كان باستلام احد الممرضين ودون علمه وإلقائه بحديقة المركز وقد فرضت بحقه عقوبة التنبيه وإنهاء العقد المبرم معه. وبعد هذا العرض لنتائج التحقيق ولمقترحات الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش يحق لنا طرح السؤال التالي لماذا هذا التباطؤ في تنفيذ المقترح التفتيشي رغم مرور حوالى 5 أشهر على صدور المقترحات لتبقى الأمور في المركز على حالها؟. يذكر أن مستشفى جراحة القلب الجامعي بدمشق هو مشفى تعليمي أحدث عام 1974 يتم فيه التدريب السريري لطلاب الدراسات العليا.وقد تم رفده بأحدث الأجهزة والمستلزمات الطبية نظراً للازدياد الملحوظ في عدد العمليات الجراحية والقثطرة القلبية التي تتم فيه وهو في طور إعادة التأهيل حيث يتم دعمه بكل ما يتناسب مع تطورات العصر وبما يمكنه من تقديم أفضل الخدمات التي تتناسب مع الازدياد الكبير في عدد المرضى القادمين إليه. ويبلغ عدد أسرته 125 سريراً كاملاً من بينها 14 سرير عناية مشدّدة قلبية جراحية، والبقية تقسم إلى أسرّة ما قبل العمل الجراحي وما بعده. syriadailynews

التعليقات