لم تستطع نيران حقد الأرهاب التي طالت أحيائهم و مدارسهم فأفقدتهم أهلهم وأعز أصدقائهم ومدرسيهم أن تثنيهم عن التمسك بأحلامهم والأمل بمستقبل سورية فلم تسكت حناجرهم عن التكلم  ولم تكف أيديهم الصغيرة عن إبداع أجمل اللوحات المعبرة ليجتمعوا في فيلم ياسمين للمخرج السينمائي المهند كلثوم  وليقولوا بصوت عال من حقنا أن نعيش .. فنحن ياسمين الشام .. نحن الغد والمستقبل
قصص مؤلمة منحتها الحياة لياسمين الطفلة التي لم تتجاوز العشر سنوات في الفيلم  الذي عرض لأول  مرة في مدارس بنات الشهداء عرفاناً بالجميل لمن ضحى بروحه ودمه ليحيا الوطن عزيزاً شامخاً وتكريماً لأبنائهم وبناتهم، ووفاء للمكان الجميل الذي تخرج منه  .
وعلى الرغم من أن هؤلاء الأطفال في عمر الزهور فلم تفرق آلة الحرب بينهم وبين الكبار، ولم تستثنهم فوهات البنادق، فطالت وجوها بريئة وحصدت أطفالا لا يزالون على مدارج "البراءة"، لا يعرفون من هذه الحياة سوى "سلمها" ويجهلون "دموية الحرب".
استشهد المئات من الأطفال الأبرياء، وحصدت "الحرب" أرواحا طاهرة ما زال الكثير منها في أول حروف الكلام.. وبدايات الابتسام. كثيرة هي وجوه الأطفال الذين حمل بعضهم كفنه مبكراً، وحمل البعض الآخر حلمه لتحقيق مسير الياسمين وهو طفل الشام الذي لا يشيخ  .
تسليط الضوء ..
رغم أن مدة الفيلم لم تتجاوز 25 دقيقة من نوع الوثائقي «ديكودراما» إلا أنه حاكى جوانب لم يسلط الضوء عليها من قبل كما يجب من الآثار السلبية للحرب على أطفال سورية ،
فكانت الرسالة منبثقة في بذرتها من واقعنا بكل ما يحمله من تفاصيل الألم إلى جانب الأمل و الفرح إلى جانب الصبر الحرب و البناء ، و فوق كل ذلك الطفل  ، " الطفل السوري" ، و هذا ما يلامس اهتمام المخرج في الفيلم، إذ يعيش معظمهم ظروفاً صعبة وقاسية، سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، يستعرض خلاله آثار الحرب على أحلامهم وأفكارهم، ونظرة هؤلاء الأطفال لمجريات الحرب الشرسة على أرضهم وبيتهم ومدرستهم، ضمن نظرة حالمة بمرآة أصابتها شظية، لكنها ظلت تعكس صورة نقية لغدٍ محمول على عطر الياسمين، المُحمَّل بعبق ضحكات الأطفال مع دمعاتهم السخية ومع نفوسهم الأبية، لذا فإنه يرسم لها غدها الأجمل.
غصات الحزن ..
استقبل عرض الفيلم بخليط معتاد من صيحات الاستهجان والترحيب والفرح ولكن ماأن بدأ العرض دقائقه الأولى إلا وأن بدأت دموع وغصات الحزن والألم تسيطر على الجميع فالتتبع في سرد أحداث القصص والمؤثرات الواقعية من خلال التنقل باللقطات ما بين الحاضر والماضي استطاعت أن تسيطر بشكل كامل على الجمهور.
اعتمد المخرج على الشريط للصورة الواقعية، والمباشرة في الطرح، متبعاً أسلوب (الديكودراما) لتجسيد وتوثيق ما جرى ويجري من إرهاب بحق السوريين على أيدي التنظيمات الإرهابية المسلحة برصد حجم الدمار الإنساني والخراب العمراني، مبيناً أن وراء كل طفل قصة مؤلمة من قتل و تهجير وفقدان وذكريات لا تمحى.
وتعمد المخرج إخفاء وجه الأطفال بتصويرهم من الخلف للتأكيد أن معاناتهم هي معاناة كل طفل سوري خلال الحرب.
ويحمل الفيلم نظرة تفاؤلية بأن غيوم الحرب ستنجلي وأن آثار الحرب ستدفن تحت التراب بجهود رجال الجيش العربي السوري وصمود الشعب، وأن الطفل السوري يعي تماماً ما يريد ويتطلع لمستقبل مشرق، وأن الحياة مستمرة رغم كل الآلام وأن عبق الياسمين سينتصر على رائحة النار والبارود.
وفي الختام ينثر الأطفال الياسمين ليدفن كل أدوات الحرب،  لتبقى شجرة الياسمين خضراء، تشرق شمس الأمل لتوحي لنا عن انتهاء الأيام المؤلمة والحزينة جراء الحرب ولتبث في أنفسناآمال جديدة  
ويكمل سر نجاح الفيلم في أبطال الفيلم وهم أطفال سوريون متضررون من الحرب ، جزء منهم من مراكز الإيواء وجزء آخر من أبناء وبنات الشهداء.
وتلا العرض تكريم هيئة مدارس أبناء وبنات الشهداء لمخرجه المهند كلثوم تقديراً لجهوده في الإخراج السينمائي ولاسيما مشروعه الخاص بالطفل السوري وتسليط الضوء على ما تعرض ويتعرض له على مدى نحو خمس سنوات.

أمل الغد ..
وفي تصريح للمخرج المهند كلثوم أكد أن الفيلم رسالة إنسانية للعالم بأن في سورية انتهاكاً لحقوق الإنسان والطفولة على يد الإرهاب المسلح ضمن محاولة سينمائية للدفاع عن مستقبلهم.
مبيناً أهمية تسليط الضوء على هؤلاء الأطفال لأنهم مستقبل سورية فالكثير من الأحداث شاهدوها خلال السنوات الخمس وأثرت بهم بشكل كبير فالبعض استشهدا والديه والبعض تهجر من حيه أو محافظته  والبعض الآخر اختطف شخص عزيز عليه، فللحرب آثار سلبية على أطفالناومن واجبنا توثيقها.
وأضاف كلثوم أطفال اليوم هم مستقبل بلدنا من واجبنا أن نحرص على تجنيبهم ظروف وسلبيات ما تمرّ به سورية اليوم.. ليبنوا المستقبل الأجمل المشرق الذي يستحقونه ويستحقه وطننا.

يذكر أن الفيلم من تأليف منعم السعيدي وكلثوم نفسه، وإنتاج «صورة الحياة» للإنتاج السينمائي والتلفزيوني، وبطولة الأطفال هبة المرعي، ولونا الأخرس، وسروت كبتول، وعبد الرحمن مصطفى.

 

 

 

 

سيرياديلي نيوز - خاص - نور ملحم


التعليقات