سيريا ديلي نيوز - الدكتور المهندس محمد غسان طيارة

 فتحت صندوقي الأسود في يوم افتتاح المؤتمر الإعلامي الدولي لمواجهة الإرهاب التكفيري فوجدت أنني قد كتبت بعض الملاحظات عنه قبل أن يبدأ, عبرت فيها عن رغبتي بنجاحه وخوفي من بعض التصرفات التي قد تسيء إليه أو لبعض المشاركين فيه. فقررت متابعته على الهواء مباشرة بقدر ما يسمح به لي وزير الكهرباء فالتقنين غير محدد لا في بدئه ولا في مدته, وهذا ما حصل فعلاً فقد تابعت حفل الافتتاح التي تحدث فيها الأمين العام لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية الشيخ علي كريميان, وكان المؤتمر بدأ أعماله بكلمة لوزير الإعلام عمران الزعبي ممثل راعي المؤتمر السيد الرئيس بشار الأسد. وفي الجلسة الأولى التي أدارها معاون وزير الإعلام معن حيدر تحدث كلٌ من وزير الخارجية السوري وليد المعلم ووزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران الدكتور علي أحمد جنتي ونائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم. وبعد رفع الجلسة حتى الساعة الرابعة عشرة من بعض ظهر نفس اليوم قُطِعت الكهرباء لمدة طويلة فلم أتمكن من معرفة ما حدث في الجلسة الثانية وباقي الجلسات إلا ما تكرَّم التلفزيون العربي السوري بنقله من مختصرات عنها, وأول عنوان بعد التخوف كان التساؤل عن نتائج "مؤتمر اللقاء التشاوري للحوار الوطني الذي عُقِد ما بين 10 و12 تموز 2011 واليوم في 24 و25 تموز 2015 ينْعقد مؤتمر هام جداً عن مواجهة الإرهاب التكفيري إعلامياً, ولهذا تخوفت أن تموت نتائجه كما دفنا نتائج مؤتمر اللقاء التشاوري. كما تعلمون بعد ذلك المؤتمر النوعي قررت القيادة عقد مؤتمرات للحوار الوطني في كل محافظات الجمهورية العربية السورية وقد برروا ذلك باحتجاج القيادات الحزبية والجبهوية بأنها تريد أن تدلوا بدلوها في موضوع هام كالحوار الوطني في بداية الأزمة, ولا أعلم أين ذهبت نتائج المؤتمر الأول ونتائج اللقاءات في المحافظات ولكن تناهي إلى السمع العلني سخط بعض مواطني المحافظات من أن من شاركوا في تلك اللقاءات ليسوا الأفضل. فلنتصور بأن عدد المشاركين من محافظة طرطوس بلغ 370 مواطن (حزبيين وجبهويين ومستقلين) ومن العمال والمهندسين والأطباء والحقوقيين والحرفيين والطلاب طبعا والسيدات من الاتحاد النسائي, ومع ذلك اعترض على هذا التمثيل أكثر من خمسمائة شخص لعدم مشاركتهم فقد وجدوا أنفسهم أفضل ممن شاركوا, وقد حدث نفس الاعتراض في باقي المحافظات...ومن هنا نشأ خوفي من عدم رضاء بعض الإعلاميين وممثلي بعض الأحزاب لعدم مشاركتهم في هذا المؤتمر العتيد, وقد كنت محقاً في خوفي, والخوف الثاني أن يزعل بعض الإعلاميين السوريين لعدم تمكنهم من الإمساك بالميكرفون للإدلاء بدلوهم وقد حدث ذلك أيضاً, والخوف الثالث يعود إلى مشاركة شخصيات عربية وأجنبية ولكن لا يعرفون الطحش والدفش حتى يصلوا إلى الميكرفون ويدلون بدلوهم عن أهمية المؤتمر وعن أهمية نضال سورية وتضحياتها, كما أن مراسلي الفضائيات السورية وباقي وسائل الإعلام ليس لديهم معطيات عن أهمية بعض المشاركين ولهذا تجاوزوهم إلى بعض أصحاب المناكب العريضة. أتمنى أن لا يكون قد زعل أحد من هذه الشخصيات التي شاركت في ذلك المؤتمر العتيد. وأقول لكل المشاركين السوريين ما يهمنا في سورية ليس أن نسْمع كلامكم مهما كان مهماً بل نسمع كلمات الوفود العربية والأجنبية, وأقول فلو افترضنا أن هناك فرصة واحدة لفضائية سورية أو عربية واختارت إعلامي سوري وكنت حاضراً لرجوته أن يتنازل عن حقة لإعلامي من أي بلد عربي أو أجنبي. هذه المخاوف حدثت وسمعت عنها. وكنت قد وضعت للمؤتمر هدفين, الأول أن يتمكن المشارك غير السوري من التجوال في شوارع دمشق وأسواقها ليتعرف على عزة وكرامة المواطن السوري وإننا رغم الأزمة قادرون على الصمود مهما طالت الأزمة والمؤامرة, وأن ينقل مشاعره إلى بلده وإلى أصدقائه في بلده وخارجها ففي هذا دعم لقضيتنا. والهدف الثاني هو أن تكون نتائجه قابلة للتحقيق مهما كانت بسيطة بحيث يجري تطويرها مستقبلاً. قرأت البيان الذي صدر عن المؤتمر تحت عنوان إعلان دمشق وقد وجدت فيه بريق أمل لتطوير الإعلام العربي المناصر للحق العربي في مواجهة الإعلام المغرض الداعم للإرهاب التكفيري وخاصة الفقرات التالية: ـــ ضرورة دعم الدول والحكومات التي تواجه الإرهاب ودعم الحلول السياسية للأزمات واعتبار وسائل الإعلام التي تدعم الإرهاب جزءا منه. الرأي: إن وضع هذه الفقرة موضع التنفيذ يحتاج إلى جهود كبيرة من الإعلاميين المشاركين في المؤتمر في محاولة لتشكيل ضغط شعبي ضد الحكومات المنغمسة في دعم الإرهاب!. ـــ العمل على إدراج المنظمات الإرهابية في لوائح الإرهاب والتعريف بها واعتبارها عدواً مشتركاً لكل دول العالم. الرأي: ليس من السهل تنفيذ هذا العمل الهام وخاصة أن جميع المشاركين ليسوا من أصحاب القرار دولياً أو محلياً!. ـــ بدء عمل إقليمي ودولي منظم بالتعاون والتنسيق بين جميع الدول سياسياً وأمنياً وعسكرياً لمواجهة هذه التنظيمات الإرهابية. الرأي: يحتاج هذا العمل إلى جهود جبارة وليس فيه نسبة مرتفعة من آمال النجاح!. ـــ دعم الدول والحكومات التي تواجه الإرهاب ودعم الحلول السياسية للأزمات فيها. الرأي: قد يستطيع الإعلاميين المشاركين من المساهمة بشكل بسيط في تحقيق هذا النشاط !. ـــ تطوير التشريعات من خلال صياغة منظومة قانونية دولية لتجريم الإرهاب التكفيري. الرأي: إن تحقيقه لا يتم إلا من خلال دول مؤثرة وهو غير متوفر ضمن المشاركين!. ـــ دعم جهود الإعلام السوري وتوفير إمكانيات البث الفضائي له على الأقمار التي منع من البث عليها. الرأي: أتساءل هل يستطيع المشاركون في المؤتمر من التأثير على حكومات العربان الذي قرروا قطع البث الفضائي عن الفضائيات السورية, ولن يتحقق ذلك إلا بتأمين ضغط جماهيري على حكوماتهم. ـــ تشكيل لجنة متابعة لمقررات المؤتمر تمهيداً لإطلاق تجمع إعلامي دولي لمناهضة الإرهاب ومقره دمشق. الرأي: يمكن التأكيد على أن عمل هذه اللجنة مهم جداً ومن الضروري أن تُبْذل جهود جبارة لتحقيق الأهداف السابقة, وعمل هذه اللجنة يلخص كل نشاطات المؤتمر وأي فشل أو تقصير في عملها يعني فشل للمؤتمر أو تأخير كبير في التوصل إلى نتائج مناسبة لهذا المؤتمر, ولهذا كل ما أتمناه من كل الإعلاميين المشاركين في المؤتمر أن يتابعوا ما توصلوا إليه على مستوى بلادهم لتكوين حمل جماهيري ضاغط في أوطانهم. ولا يجوز أن نشمت من أي فشل بل يجب أن يشكل الفشل دافعاً لمزيد من العمل للوصول إلى نتائج أفضل, فالشجاع ليس من لا يسقط بل من يستطيع النهوض بعد السقوط. من خبرتي في حضور المؤتمرات الدولية برلمانية, نقابية, عربية ودولية أن تحقيق نتائج هذه المؤتمرات يحتاج إلى موافقات جهات مؤثرة خارج نطاق المشاركين, ولعل أهم نجاح يمكن أن يحققه المؤتمر هو العمل من قِبَل المشاركين على تكوين رأي عام ضاغط على حكوماتهم للتخفيف من دعمها للإرهاب والوقوف ضده بالتعاضد مع سورية. أورد تساؤل بسيط على ذلك: هل سيستطيع المشاركون من جريدة الأهرام من تبديل ولو بشكلٍ طفيف موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي بحيث يتحاور مع سورية لمحاربة الإرهاب التكفيري معاً, أو تخفيف حدة موقفه من الائتلاف المعتدي على اليمن وخاصة أن الجيش السوري والجيش المصري حاربا الصهيونية معاً ولهما تاريخ نضالي مُشرِّف, وإن الرئيس جمال عبد الناصر هو من ساهم في تحرير اليمن من السيطرة السعودية ومن الإمام محمد البدر حميد الدين ودعم المشير عبد الله السلال, بينما السيسي يعاكس ويناهض ما قام به جمال عبد الناصر ويُعيد اليمن لحضن السيطرة السعودية بعد كل ما هُدِرت من دماء الجيش المصري؟. السؤال بسيط والجواب سيدعم نتائج مؤتمرنا أو سيعني الفشل. بعض النقاط لم يتعرض لها المؤتمرون وهي: كثافة الأخبار المغرضة ومهمة الرد عليها بعد تعريتها أمام أي مواطن وعلى وجه الخصوص المواطن على الأرض العربية, فهناك أخبار ملفَّقة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية وخاصة إن المشاركون ليسوا من أصحاب القرار في دولهم. مدى إمكانيات تبادل المعلومات فيما بين المشاركين وهل هم قادرون على توحيد بعض الردود الإخبارية عربياً ودوليا؟. حقق هذا المؤتمر نجاحاً مهماً يتمثل في انعقاده في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها سورية مع تمنياتي أن تتمكن اللجنة من تنشيط عملها, وعلى كل إعلامي أن يدفع المسؤولين في اللجنة وفي وزارة الإعلام السورية على وضع جماهير سورية بما تحقق من نتائج هذا المؤتمر. طبعاً لا أستطيع إلا أن أعبر عن قلقي من ضياع نتائج المؤتمر كما ضاعت جهود مؤتمرات عربية ودولية كثيرة وليس منشأ قلقي هو التشاؤم بل من دافع الحرص على النجاح.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات