لم تعِر الجهات ذات العلاقة محلياً ومركزياً طوال سنوات خلافات مجلس مدينة طرطوس المتأجّجة والمستعرة أدنى اهتمام، مؤثرة التفرّج على “خراب البصرة” كما يقال، ليتحوّل عمل المجلس ومعه مصالح الناس إلى ريشة في مهبّ الريح تحكمه الفوضى وتتقاذفه الأهواء والمصالح الشخصية دون أية محاولة جدية تذكر لإصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر التي تباعدت وتفاقمت إلى أبعد الحدود، فاستحقت دورة المجلس الحالية لقب أفشل وأضعف مجلس تشهده المدينة منذ تأسيسه قبل نصف قرن تقريباً!؟.
وتجلّت مظاهر الفشل في أكثر من مناسبة وموقف وقرار في الرضوخ إلى ضغوط ومصالح متنفذين كبار، ففاحت روائح الفساد من رخص الأكشاك وعقود الاستثمار المشبوهة التي ضيّعت حقوق المدينة وتجاوز حدود التراخيص الممنوحة في أكثر من موقع ومكان دون مقابل يغذّي خزينة المدينة المفلسة، وصولاً إلى مخالفات البناء التي سجّلت أرقاماً خيالية في عددها فانتشرت أسرع من النار في الهشيم، واستطاع مجلس مدينة طرطوس تحقيق تراجعٍ غير مسبوق في مستوى الخدمات التي كان يضرب بها المثل وغير ذلك الكثير.
الغريب في الأمر أن سلطات طرطوس المحلية بكل تفرّعاتها وتشعّباتها وتخصصاتها لم تعِر الأمر الأهمية التي يستحقها، فظل بعيداً عن اهتماماتها طوال سنوات باستثناء الهزيع الأخير من أشهر دورة المجلس الثلاثة المتبقية التي بدأت فيها حملة مفاجئة ومتأخرة من التحقيقات والتوقيفات التي طالت رؤوساً كبيرة وصغيرة من موظفي المدينة وبعض أعضاء المجلس المنتخبين!.
وإذا كنا نسوق مثل هذا الكلام فليس لأننا في معرض الدفاع عن فساد أو مفسدين مفترضين أبداً، لكن لنسأل: أين كانت هذه الأجهزة التفتيشية والقضائية طوال السنوات الماضية؟!.
ما نودّ قوله أنه إذا كان حال مجلس مدينة طرطوس وصل إلى هذا الدرك من الضياع والتشتّت، فإن الأمر يستدعي تدخّلاً حازماً وصارماً وسريعاً على كل المستويات تحت سقف القانون ومن معين القانون الواضح والصريح ابتداءً من حل المجلس والتحقيق في الملفات بالطرق القانونية والإدارية المعهودة وليس أيّ شيء آخر!.

سيريا ديلي نيوز - البعث


التعليقات