فصلٌ آخر من فصول التلاعب بمشاريع الـ BOT بطله هذه المرة مجلس مدينة اللاذقية الذي تماهى إلى أبعد الحدود مع مستثمر مشروع المركز الترفيهي "مدينة الألعاب المائية" الواقع على الكورنيش الجنوبي لمدينة اللاذقية والبالغة مساحته 15012 متراً مربعاً، الأمر الذي كشفته مصادر مطلعة لـ "صدى الأسواق" وأثبتته بالوثائق. حيث أكدت المصادر قيام مجلس المدينة باختزال وحذف أهم فعاليات المشروع وسعيه لتعديل عقد استثماره وهو ما يشكل خرقاً للقوانين والأنظمة واستباحةً للمال العام ويشكل ظاهرة فساد معلن، والغاية تأمين فائدة مادية كبيرة للمستثمر على حساب الواقع السياحي للمدينة وحرمان الخزينة العامة من القيمة الحقيقية لبدل الاستثمار. فكرةُ المشروع الحقيقية من المفترض أن يتألف مشروع المركز الترفيهي -مدينة الألعاب المائية باللاذقية- من فعاليات تقع على الشاطئ مباشرة وتتضمن: (مدينة ملاهي وألعاب أطفال مائية – مسابح أطفال – بوفيه مائي عائم – وكفتيريا عائمة – مارينا للقوارب والنزهة والجيت سكي والبدلو وغيرها من الفعاليات المرتبطة بالبحر) وهي الفعاليات ذاتها الموضحة بالعرض الفني المقدم من المستثمر وهي تشكل 75 % من حجم المشروع من الناحية المالية والفنية وتمثل الجمالية الحقيقية للمشروع الذي يهدف في الأساس إلى خلق فعاليات جديدة على الشاطئ السوري أسوة بما هو موجود على شواطئ أهم البلدان السياحية. كما يتضمن المشروع فعاليات أخرى لا تقع على الشاطئ تتألف من (مطعم رئيسي- كفتيريا رئيسية - تراسات خارجية) ومجموع هذه الفعاليات لا يشكل سوى 25 % من حجم المشروع فنياً ومالياً، وهذه الفعاليات أشبه بالمطاعم الكثيرة المنتشرة أصلاً في الكورنيش الجنوبي وغيره البعيدة قليلاً عن الشاطئ. مخالفةٌ سافرةٌ تم تنفيذ -حسب المصدر- الفعاليات البعيدة عن الشاطئ التي لا يتعدى حجمها 25 % من كتلة المشروع وذلك نظراً لسهولة التنفيذ وقلة التكلفة المادية بما يضمن تأمين مردود مادي مباشر للمستثمر في حال استثمارها. والشيء الآخر أنه لم تتم المباشرة بالفعاليات الأساسية لمشروع المركز الترفيهي الموجودة بالقرب من الشاطئ وداخل مياه البحر وهي التي تشكل 75 % من حجم المشروع والمتضمنة أهم الفعاليات الموضحة بالعرض الفني والتي على أساسها رسا العقد على المستثمر (لتكلفتها العالية)، وقد تم وضع مبررات واهية لذلك من خلال طرح فكرة تقسيم المشروع إلى قسمين (قسم علوي وآخر سفلي) وإعطاء الأولوية للمباشرة في القسم العلوي البعيد عن الشاطئ تمهيداً لإلغاء القسم الأهم والأكبر (القسم السفلي) من عقد الاستثمار، وهذا الإجراء يعد مخالفةً سافرة لبنود عقد الاستثمار الخاص بالمشروع. رأيُ وزارة السياحة في الواقع لم توافق وزارة السياحة على ذلك الطرح وأخطرت الجهة المعنية بعدم إمكانية تلبية طلب المستثمر باستثمار الجزء العلوي المنجز من المشروع بمعزل عن بقية الأجزاء، وذلك لعدم وجود نص صريح في عقد الاستثمار يسمح بذلك علماً أنه في نهاية تنفيذ المشروع سيتم تشكيل لجنة لدراسة تبرير فترات التأخير الخارجة عن إرادة الجهة المنفذة في حال وجدت، حيث ورد في المادة التاسعة من عقد الاستثمار أن مدة الاستثمار تبدأ بعد الانتهاء من فترة تنفيذ المشروع المحددة بسنتين سواء تم إنجاز أعمال التنفيذ أم لم يتم مع إضافة فترات التأخير المبررة إن وجدت. تماهٍ إلا أنه وحسب المصدر قام مجلس المدينة والجهة المسؤولة عن المشاريع السياحية فيه بالموافقة ضمناً على الفكرة ولم تعارض المستثمر أثناء التنفيذ للقسم العلوي فقط دون المباشرة بموازاة ذلك بتنفيذ القسم السفلي، وبالتالي تجرأ المستثمر على الطلب مرة أخرى من مجلس المدينة إلغاء القسم السفلي من المشروع والاكتفاء بالقسم العلوي الذي يتألف من مطعم وكفتيريا وتراسات مكشوفة فقط. والأمر اللافت أن مجلس المدينة في اجتماع له بتاريخ 22/6/2011 أبدى رغبته بإحداث طريق بحري بدءاً من نزلة السباحين مروراً بالمشروع المذكور (على الرغم من استحالة ذلك فنياً) لتمكين عامة المواطنين من الوصول إلى الشاطئ على اعتبار أن المشروع المحدث في قسمه العلوي قد قطع الطريق وحرم المواطنين من الوصول إلى الشاطئ، وهذا ما يدل على أن مجلس المدينة قد غض النظر عن استكمال المشروع بقسمه السفلي. وبناء على تلك الرغبة طالبت الجهة المستثمرة بتعديل العقد فيما يخص المشروع والبرنامج الوظيفي والفعاليات المحددة فيه حيث سيتم كامل الفعاليات من القسم السفلي للمشروع من أجل إنشاء الطريق البحري للمواطنين ما يستوجب إعادة النظر في بدل الاستثمار المفروض على أساس الاستثمارات المتبقية وإعادة النظر في الترتيب المعماري. ولاحقاً وافق مجلس المدينة على مقترح تعديل عقد الاستثمار وهو أمر مخالف للعقد وقانون الإدارة المحلية وسيؤدي إلى ضياع عائدات المشروع وحرمان السياحة في شاطئ اللاذقية من فعاليات سياحية جاذبة والاكتفاء بمنتجات سياحية تقليدية. تساؤلاتٌ بعيداً عن المعطيات التي وردتنا حول مشروع المركز الترفيهي (مدينة الألعاب المائية باللاذقية) والتي تشير إلى العديد من الارتكابات بحق الرؤية العامة للمشروع خاصةً وبحق مكونات السياحة الشاطئية بشكل عام، أليس من المفترض أن تكون هناك رؤية متكاملة وضعتها وزارة السياحة للمشاريع السياحية التي طرحت خلال ملتقيات الاستثمار السياحي وفق صيغة الـ BOT وخاصة في مناطق الجذب السياحي؟، وبالتالي خططت لتلك المواقع وفق متطلبات سياحية محدَّدة ومدروسة تتوافق مع الطلب السياحي المحتمل وتلبي الحاجة المتنوعة للسياح، وهي الأقرب لذلك أم إن مسألة التخطيط وتحديد البرامج الاستثمارية للمشاريع لا تعدو كونها تخميناً بعيداً عن الواقع، وبالتالي يمكن لهذه الجهة أو تلك حذف وشطب أو إضافة فعاليات من هنا وهناك دون رقيب ولا حسيب تبعاً للأهواء الشخصية. أليس من الأجدى أن تكون وزارة السياحة هي الجهة الوحيدة المخولة إعطاء تعديلات على المشاريع التي أعدتها وأنفقت الأموال الطائلة على دراستها والترويج لها وأن تكون المشرفة على فترة التنفيذ على أقل تقدير؟     جريدة صدى الأسواق-  فهد كنجو سيريا ديلي نيوز

التعليقات