علي العبدالله ضمن سلسلة العقوبات الظالمة على سورية، لجأ بنك الاستثمار الأوروبي إلى تجميد عمل وحدة تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة في وزارة المالية السورية، وبالتالي ايقاف العمل بالاتفاقية الثانية المقدر تمويلها بـ 80 مليون يورو. هذه الاتفاقية يستفيد منها أصحاب المشاريع والفعاليات الاقتصادية المتوسطة والصغيرة لغاية 2013. الهدف واضح من هذا الإجراء وهو الضغط على الحكومة وأصحاب المشاريع الاقتصادية المتوسطة والصغيرة. هذا الاجراء يشير إلى ان الاتحاد الاوروبي يعتقد أن بامكانه الضغط من خلال حجب التمويل عن هذه المشاريع! ولكن هل الاتحاد الاوروبي هو الممول الوحيد لمثل هذه المشاريع، وهل انعدمت البدائل أو السبل التي توفر الالتفاف على هذا الاجراء وتحفز اصحاب هذه المشاريع على الاستمرار والنمو؟ ليس المصدر الوحيد
القائمون على الشأن الاقتصادي في سورية، أدركوا أهمية إيجاد بدائل وقنوات جديدة لتمويل هذه المشاريع باعتبارها المحرك الأساسي لعملية التنمية الاقتصادية وهذا ما أشار إليه الدكتور نزار إبراهيم مدير وحدة تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة في وزارة المالية فقال: "لا يعتبر بنك الاستثمار الأوروبي المصدر الوحيد لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة في سورية، بل هو إحدى القنوات البسيطة للتمويل مع وجود بنوك سورية عامة يمكن أن تلعب دوراً مهماً في منح القروض لأصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة وبفوائد وضمانات ميسرة. إن وحدة تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة قد توقفت منذ القرار الأول بفرض العقوبات على سورية، وينحصر دور الوحدة حاليا في تحصيل الأقساط وجدولتها، كما إنه لا يتوجب أن نعوّل لا الآن ولا غدا على التمويل الخارجي. نحن قادرون على استحداث صندوق للمشاريع المتوسطة والصغيرة في أي وقت، ويكون أكبر وأنشط بكثير من وحدة التمويل الأوربية. لقد كنا نعمل سابقا وفق أنظمتهم التي لا تناسب إلى حد كبير المواطن السوري الساعي للحصول على قرض لمشروعه. على ضوء معرفتنا باحتياجات السوري، إننا قادرون على أن نقدم خدمات أفضل بكثير، ونأمل بأن يتم وضع صندوق المشاريع المتوسطة والصغيرة الذي أحدثته وزارة الاقتصاد على سكة الفعل الحقيقي". رافعة اقتصادية مدير وحدة تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة في وزارة المالية، لم يكشف سراً بأن اهتمام الاقتصاديين السوريين بالمشاريع المتوسطة والصغيرة ظهر متأخراً في العامين 2003-2004، وازداد الكلام لدى أوساط النخبة الاقتصادية عن أهمية منح هذه المشاريع الأهمية القصوى، وقال: "على أرض الواقع بقي العمل على هذه المشاريع محدود جدا لعدة أسباب، أولها نظرية: ـ بقيت مفاهيم المشاريع المتوسطة والصغيرة عائمة ومؤخراً بدأت بعض الجهات كهيئة تخطيط الدولة ووزارة الصناعة محاولة إيجاد مفهوم. ـ عدم وجود صيغة واضحة للدعم المادي إذ بقي الدعم يخضع لقانونية الدعم المصرفي، وهذا ليس دعماً مع العلم أن المشاريع المتوسطة والصغيرة في كل اقتصادات دول العالم الكبرى والصغرى هي الرافعة التنموية، فـ 80 % من الإنتاج الصناعي الياباني مثلاً هي من المشاريع المتوسطة والصغيرة، ويصل إلى 90% في اقتصادات أخرى، ويتراجع في أخرى، وهي رافعة أساسية للاقتصاد بشكل عام. تشخيص المشكلة وشخّص الدكتور إبراهيم مشكلة المشاريع المتوسطة والصغيرة في سورية بالقول: "المشكلة تكمن في الجانب التشريعي والقانوني، وهو الجانب الأهم بالنسبة لأي منشأة متوسطة أو صغيرة. يجب وضع تشريع تمويلي يخص هذه المشاريع من حيث نسب التمويل وحجمها والفوائد والضمانات. أما إخضاع تمويل هذه المشاريع لنفس المعايير المصرفية فيصبح تمويلا وليس دعماً، ويمكن أن تلعب المصارف العامة دوراً داعماً للمشاريع في حين أن المصارف الخاصة لها أهداف ومنهجية مختلفة عن عمل المصارف العامة، لذلك فإنها غير معنية بالمساعدة بل بالربح". وأضاف إبراهيم: "إذا كانت البنوك تعاني حالياً في ظل الأزمة، فيجب أن نثبت للاتحاد الأوروبي بأننا قادرون على الوقوف على أقدامنا من دونه، وأن تمويله كان سياسيا وشكليا وليس جوهرياً في تنمية المشاريع المتوسطة والصغيرة، وهنا يتوجب علينا أن نؤمن مصدرا ماليا وطنيا، قد يكون وزارة المالية أو مصرف سورية المركزي، كي يستمر التمويل، إضافة إلى تفعيل صندوق تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي صدر قرار استحداثه". رب ضارة نافعة من جهته أشار عاطف مرهج، من مديرية المشاريع المتوسطة والصغيرة في وزارة الاقتصاد إلى أن توقف بنك الاستثمار الأوربي يمكن أن يكون أكثر نفعاً لأصحاب هذه المشاريع وذلك من خلال دفع القائمين على هذه المشاريع نحو التفكير بطرق بديلة وآليات وطنية لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة، وهذا ما تحقق من خلال إنشاء صندوق تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة. وأكد مرهج أن الظروف الراهنة أرخت بظلالها على أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة من حيث التسويق وتراجع حركة السياحة وتأمين المواد الأولية اللازمة مع توقف استيرادها من الخارج، إلا أن وجود السوق العراقية واللبنانية يمكن أن يحل المشكلة، أما تأمين المواد الأولية فيمكن توفيرها من هاتين الدولتين فضلاً عن الاتجاه نحو الشرق. إجراءات وامتيازات وبيّن مرهج أن وزارة الاقتصاد والتجارة تتخذ جملة من الإجراءات لدعم المشاريع، ومنها: ـ تحسين بيئة الأعمال عموما من خلال إطلاق مشروع تبسيط الإجراءات الإدارية والتشريعية ومن خلال مشاركة وزارة الاقتصاد في لجنة تعديل المرسوم التشريعي رقم/8/ لعام2007، بهدف تطوير البيئة التشريعية الناظمة للاستثمار في سورية. ـ تقديم مقترحات عديدة لتشجع البدء والاستثمار بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة. ـ تقديم مقترح تم تبنيه من قبل وزارة الاقتصاد حول منح امتيازات للصناعات التقليدية لتشجيع استمرار وإقامة الصناعات التقليدية وزيادة التصدير. أما الامتيازات الممنوحة: ـ تستفيد منشآت الصناعات التقليدية التي يكون إنتاجها حصيلة عمل يدوي أساساً، من إعفاء نسبته 50% من الضريبة على الأرباح مدة (5) سنوات إضافية بغض النظر عن مكان إقامة المشروع. ـ شكلت وزارة الاقتصاد والتجارة لجنة وطنية تضم إلى جانبها وزارة الزراعة، اتحاد الفلاحين، اتحاد غرف الزراعة، هيئة الصادرات، اتحاد الحرفيين، هيئة تنمية زراعة الوردة الشامية والأمانة السورية للتنمية بهدف حماية الوردة الشامية، بحيث تتم حمايتها وطنياً ومن ثم دولياً وكافة الصناعات التقليدية المرتبطة بها.
ـ خلال الفترة القادمة هناك الكثير من المنتجات سيتم تسجيلها وتوثيقها كمؤشرات جغرافية سورية (خطوة في بداية طريق التوثيق والحماية). العقوبات الأوروبية المفروضة على سورية، والمتعلق منها بالجانب التمويلي، لا يعني توقف الحياة، بل هو واقع يحتم على الاقتصاديين ضرورة إيجاد بدائل وطرق معينة للالتفاف على هذه العقوبات والحؤول دون التأثر بها. فالبدائل متاحة أمام المعنيين بالمشاريع المتوسطة والصغيرة من أجل النهوض بها خصوصاً فيما يتعلق بالجانب التمويلي، فإنشاء صندوق وطني لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة خطوة مهمة على الطريق الصحيح نحو دعم هذه المشاريع، ولكنه يتطلب الإسراع في التنفيذ ووضع صيغة معينة لمنح التمويلات وبفوائد متدنية فضلا عن ضرورة أن يستفيد القائمون على الصندوق من تجارب وخبرات وحدة تمويل المشاريع التي عملت لسنوات طويلة إلى جانب الأوروبيين.   سيريا ديلي نيوز

التعليقات