كشفت دراسة أعدتها وزارة الاقتصاد والتجارة بناءً على طلب وزارة الخارجية والمغتربين في كتابها رقم \551/ تأثيرات العقوبات الأوربية والعربية التي فرضت مؤخراً بحق سورية على عمل الوزارة كذلك على ظروف حياة المواطنين السوريين بمن فيهم المجموعات الأكثر ضعفاً، وبينت الدراسة التي حصلت "سيريانديز" على نسخة منها أن أهم التأثيرات السلبية التي لحقت بالمواطنين جراء تلك العقوبات تجلت بمجموعة من النقاط جاء في مقدمتها: الفارق الكبير بين سعر صرف القطع الأجنبي الرسمي والسعر الرائج فعلياً في السوق، حيث يتم اعتماد السعر المحدد بمصرف سورية المركزي عند دراسة تكاليف المستوردات، كذلك أثر ارتفاع أسعار الصرف على تكاليف المواد المستوردة وارتفاع أسعارها من خلال جوانب عدة أهمها: – ارتفاع سعر الصرف وزيادة الأسعار المحلية وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود أو الطبقات الأكثر فقراً، حيث يتمثل هذا الجانب بارتفاع أسعار مواد البناء المحلية، ومنها الحديد الذي ارتفع سعره بشكل تراوح بين 10-15% كذلك البواري المستوردة بنسبة 35% والسيراميك الوطني بنسبة تراوحت بين 7-10%، بالإضافة إلى السيراميك المستورد بنسبة 30%، والبلاستيك بين 20-25% والكهربائيات بنسبة تراوحت بين 35-40%، يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار التجهيزات الصحية بنسبة 35% ومواد العزل المستوردة بنسبة 35% والمحركات والمضخات بنسبة 40% والتي يتم تأمينها للسوق من قبل مؤسسة التجارة الداخلية، وهو ما يؤثر حسب ما بينت الدراسة على قطاع البناء والتشييد والإسكان، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليفها وبالتالي مزيد من الضغط الاقتصادي على ذوي الدخل المحدود والطبقة الأشد فقراً. كما أوضحت الدراسة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتي جاء في مقدمتها، أسعار الدقيق والبن والمتة والمعلبات وحليب الأطفال، ما أدى إلى انعكاس هذا الارتفاع سلباً على تدني القدرة الشرائية للمواطنين وتهديد التضخم للحياة المعيشية للسكان. وأظهرت الدراسة أيضا أن العقوبات المفروضة على سورية أدرت إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في مستلزمات الإنتاج وارتفاع أسعار المواد المستوردة وخاصة من تركيا بسبب فرض رسوم 30% على المستوردات منها وارتفاع أسعار المواد بشكل عام وخاص ذات المنشأ الأوربي بسبب انخفاض عرضها في السوق، وخاصة فيما يتعلق بوزارة الاقتصاد المتمثلة بإنتاج الخبز ونقص مادة الخميرة، حيث أنه ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى حدوث اختناقات وأزمة بمادة الخبز لدى الشركة العامة للمخابز بالإضافة إلى صعوبة تأمين أكياس النايلون لتعبئة الخبز وارتفاع أسعارها، نظراً لكون هذه المادة البولي إيتلين "الحبيبات البلاستيكية" مستوردة من قبل القطاع الخاص من دول الخليج، كذلك التأثر السلبي لبعض المواد اللازمة لتجهيز المخابز، كما أن شركة الصوامع تعاني أيضاً من عدم تنفيذ العقود المبرمة مع المتعهدين لتوريد بعض التجهيزات الخاصة بالصوامع من منشأ أوربي أو التأخير في التنفيذ. وبينت الدراسة أن العقوبات التي فرضت على سورية أسهمت في صعوبة تمويل المستوردات إلى الخارج وانخفاض الاستيراد من المواد الأساسية والاحتياطي الاستراتيجي من السكر والرز والشاي والأدوية والإطارات فضلاً عن ارتفاع أسعارها. وذكرت الدراسة أيضاً أن العقوبات شملت عملية فتح الاعتمادات المستندية وإصدار الكفالات المصرفية وتمويل المستوردين بالدولار، حيث تم اقتراح توقيع بروتوكول من قبل الوزارة بين سورية وأوكرانيا لمقايضة القمح الأوكراني بالنفط السوري لتوفير القطع الأجنبي وتجاوز فتح الاعتمادات بالنسبة لمؤسسة الحبوب. وأخيراً بينت الوزارة في دراستها الصعوبة التي تواجهها في تنفيذ الاتفاقيات الدولية المبرمة مع المنظمة العالمية الفكرية "الوايبو" وذلك من جهة تسديد الاشتراك بهذه الاتفاقيات بالفرنك السويسري وصعوبة التحويل بهذه العملة واستبدالها باليورو. واقترحت الوزارة مجموعة من المقترحات الرامية إلى الحد من الآثار السلبية لفرض العقوبات على الاقتصاد السوري وأداء عمل الوزارة لتحسين الوضع المعيشي، والتي تمثلت بضبط سعر صرف الدولار في السوق المحلية بالتعاون مع مصرف سورية المركزي وتمويل المستوردين بالدولار، كذلك السماح للمستثمرين في المناطق الحرة بالدخول في المناقصات الداخلية على أن يتم تسديد قيمة المستوردات بالليرة السورية استثناءً من القرارات الصادرة سابقاً بشأن عدم تمويل المستوردات من مصرف سورية المركزي. كما اقترحت تأمين دخول أي مادة أو بضاعة من المواد التي يشملها قرار العقوبات إلى سورية إما عن طريق المرافئ الأردنية أو المرافئ اللبنانية. يضاف إلى ذلك استيراد مادة بولي إيتلين هايدن سيتي خشخاش من إيران كذلك تأمين المواد اللازمة لتجهيز المخابز من دول صديقة وتأمين الطاقة والطاقة البديلة لعمل المنشآت وملء المستودعات بالوقود إلى جانب القطع التبديلية ذات المنشأ الأوربي. وتضمنت الاقتراحات أيضاً والمرفقة مع الدراسة عقد أكبر عدد من صفقات التبادل التجاري، وجعل هذه الاتفاقيات ملزمة للأطراف المتعاقدة وفق شروط جزائية وذلك بعد تقدير حاجة الاستهلاك المحلي ورفع أرقام التبادل التجاري مع إيران واستمرارية العلاقة المميزة مع لبنان والعراق والأردن، بالإضافة إلى قطع العلاقات الاقتصادية مع كافة الدول العربية والأجنبية التي قامت بفرض العقوبات والتسريع في توقيع اتفاقية التجارة الحرة السورية الأوكرانية وفتح أسواق دولية جديدة وخاصة مع الدول العربية والأجنبية الصديقة. كما اقترحت الوزارة التشجيع على استهلاك المنتج المحلي على حساب المستورد والتركيز على الصناعات الغذائية وتأمين احتياطي كبير منها وتجهيز المستودعات بأنواعها، كذلك تنفيذ خطة الترويج الطموحة المعدة من قبل هيئة تنمية وترويج الصادرات واتحاد المصدرين السوريين ودعم الصادرات والتي تركز على أسواق الدول الصديقة وتفعيل عمل صندوق دعم الصادرات ليشمل أكبر عدد من المستفيدين. ورأت الوزارة أيضاً ضرورة تفعيل دور مؤسسات القطاع العام ودور معامل القطاع العام الصناعي وتنشيط عمل المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، بما في ذلك تعديل قرار مجلس النقد الأعلى المتضمن السماح بإقامة المصارف في المناطق الحرة إلا إذا كانت فرعاً لأحد المصارف القائمة داخل سورية بحيث يتم السماح للمصارف القائمة في دول الجوار وغيرها. يضاف إلى ذلك بناء شبكة تواصل وتسويق أوسع مع المنتجين لبعض المواد لاسيما البطاطا والرز والسكر وبعض أنواع الخضار خلال فترات ندرة الإنتاج المحلي، عن طريق الاتصال المباشر بغرف الصناعة والتجارة والزراعة والمصدرين والمستوردين المستفيدين من دعم الصادرات وتسهيلات الاستيراد. إلا أن أبرز ما اقترحته الوزارة هو تشكيل لجنة عليا لإدارة الأزمات يتبع لها لجان فرعية على مستوى الوزارات يمثل فيها المدراء العامون وانتقاء الشخصيات الإدارية في القطاع العام من ذوي الخبرة. وأخيراً رأت الوزارة أنه من خلال تنفيذ تلك المقترحات فإنه يمكن ضبط أسعار الصرف والأسعار المحلية وتشجيع الإنتاج المحلي على حساب المستورد، وتأمين المواد ومستلزمات الإنتاج من دول لها علاقات تجارية ودية مع سورية، وعقد الصفقات تجارية مع دول أخرى صديقة بما فيها البحث عن أسواق في هذه الدول، وبالتالي يمكن كبح جماح التضخم المحلي في السوق المحلية وتأمين المواد والسلع ودعم المنتجين والمستهلكين، مما يؤدي إلى الحد من آثار هذه العقوبات السلبية على المستهلك السوري وعلى الاقتصاد الوطني ويخفف العبء المعيشي على ذوي الدخل المحدود.   عن سيريانديز . أبراهيم غيبور   سيريا ديلي نيوز

التعليقات