كثيرا ما يوحي الرئيس التركي اردوغان أن تدخله العسكري في سوريا يهدف إلى دعم جهود السلام وتأمين المناطق في شمال سوريا ، لكن المراد من ذلك هو تحقيق أطماع توسعية، علما وأن المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية تعاني باستمرار من تفجيرات دامية تسببت على الأقل خلال الأشهر الأخيرة في سقوط مئات القتلى والجرحى ، مفندة المزاعم التركية في تأمين تلك المناطق.
فلا يمكن لتركيا أن تتحدث عن المصالحة مع دمشق ، وفي نفس الوقت ترسل مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى داخل الأراضي السورية، فالوجود التركي في سوريا هو احتلال ولا بد من زواله بشكل أو آخر ، فلا يحق لتركيا وفق القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة باعتبارها “قوة احتلال” أن تتخذ قرارات من شأنها المساس بالوضع في مناطق شمال سوريا.
يحاول أردوغان اليوم وعبر سياسته الخارجية تحسين الظروف حتى يصل إلى الانتخابات الرئاسية بعد عام ونيّف باقتصاد ضعيف ومنهك يؤثر سلباً في حظوظه في الفوز من جديد بالرئاسية التركية، فإن قطبة ضائعة وكبيرة لا تزال مفقودة في الثوب الجديد لسياسة أنقرة الخارجية وهي القطبة السورية، فالعلاقات بين الدول وجيرانها المباشرين هي العلاقات الأهم والأكثر جدوى من علاقات مع دول أخرى قريبة أو بعيدة الخطوة والتي لا تعدو كونها محاولة لإيجاد موارد مالية في الطريق إلى الانتخابات الرئاسية.
كما أن المزاعم عن “خلق منطقة آمنة وتوطين اللاجئين فيها” لا أساس لها من الصحة فالمنطقة الآمنة موجودة الآن ويحكمها ويديرها أهلها، والحملات العسكرية وعمليات القصف العشوائي للمدنيين، وجرائم التهجير والاغتيال والخطف ومصادرة الأراضي والبيوت، لا تخلق “منطقة آمنة”، بل تخلق منطقة دمار وتخريب وتهجير، وتسهم في ظهور مئات الآلاف من المهجرين الجدد الذين يفرون من آلة الحرب التركية ومن جرائم الميليشيات الخارجة عن القانون، ومن انتهاكات قادتها من أمراء الحرب.
كان هذا هو ما حصل في عفرين وسري كانيه بعد الاحتلال والتهجير، وقد فر مئات الآلاف من المواطنين الآمنين من الحرب والقصف والقتل، وتحولوا بين يوم وآخر إلى مهجرين ولاجئين، لقد خلق الاحتلال التركي لاجئين جدداً ولم يحل أزمة اللاجئين على الإطلاق.
فمن الواضح أن الهدف هو تهجير المكون الكردي من تلك المناطق، وتوطين عوائل المرتزقة مكانهم، وللأسف هذا المشروع اللاإنساني القائم على التهجير والتغيير الديموغرافي على أساس قومي، أي التطهير العرقي، يحدث بمساعدة دول من المنطقة، حيث تسهم الجمعيات التكفيرية فيها في تسديد ثمن بناء بيوت لعوائل الجهاديين والتكفيريين في عفرين وغيرها.

سيريا ديلي نيوز- نور ملحم


التعليقات