سيريا ديلي نيوز - مجد عبيسي

خمسة سنتيمترات كانت تفصل زاوية عجلتي الأمامية عن عربة طفل لم تجد لها الأم مكاناً أفضل من وسط الطريق لتجرها فيه!!

مددت رأسي لأتحقق أني فعلاً لم أدس لها على طرف، ولأدسَّ في ذات الوقت اللوم في عبارات منتقاة من الاعتذار المصطنع، ولكن حين نظرت بعين اليقين إلى حال الطريق وجدت المسكينة تتحير في اختيار مواقع وطء قدميها وسط فوضى البضائع التي لو استطاع الباعة أن يزجوها عنوةً في فم الزبون فلن يقصروا!!

المشهد مزعج جدا، والازدحام المفتعل مزعج أكثر، الحقيقة أني أكاد أسير على أصابع المارة وأسحقها بعجلات مركبتي "الفاخرة".. نعم "الفاخرة".

مساكين هم المارة، حتى أبسط حقوقهم بالسير في طريق عرضه مترين مسلوب من أصحاب المحال الذين لم تشبع جشعهم أطوال واجهات محالهم، بل احتلوا الأرصفة وأمتار من الشارع أيضاً!!

ولماذا مساكين؟!، أ ليسوا هم من جاؤوا إلى سوق الملابس المستعملة ليتخيروا منتجات أجنبية الصنع ليتفاخروا بأنهم لا يلبسون –كأقرانهم- من الصناعة الوطنية؟!

أو كمن جاؤوا –ليستنظفوا- عدة قطع ليبيعوها فيما بعد على أنهم جلبوها مع تجارتهم في الخارج!!

هل تشترون من البالة؟؟

إذا فأنتم أحد هذين الصنفين ليس إلا...

لا يدعي أحدكم أن أسعار الملابس الجديدة مرتفعة، ولا يدعينّ أحدكم أن الدخل غير كافي، أو أن التجار لا يديرون بالهم على المواطن ويخافون على زعله!!

أنتم لستم سوى مدعين، كاذبين أشرين، لستم بمساكين..

التجار تتفانى في عرض بضائعها "الرخيصة" عليكم ولكنكم تبخسونها أكثر ولا تشترون..

أنا لست مثلكم.. فأنا من مكاني فوق عربتي الفاخرة لا أمشي بين "البسطات"..

بل أهددكم بالدوس على أقدامكم..

لأنكم لا تعلمون أني مستعجل لأجد بنطالاً بالليرات القليلة التي أملك قبل أن يكشف الخرق الرث في جيبي الخلفي المستور.. وأنا أدوس عجلات دراجتي "الفاخرة".

syriadailynews


التعليقات