انطلقت يوم امس مناورة عسكرية على الاراضي الاردنية تحت عنوان ‘الأسد المتأهب’ شاركت فيها 19 دولة برئاسة الولايات المتحدة الى جانب بريطانيا وفرنسا ومعظم الدول الخليجية.

 

اللواء الركن محمد العدوان رئيس هيئة العمليات في القيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية قال في مؤتمر صحافي مشترك مع اللواء الركن روبرت كاتالانوي مدير التدريب في مقر القيادة المركزية الامريكية ‘ان لا علاقة لهذه المناورة بما يجري في الجارة سورية’.
إذا كانت هذه المناورات التي تضم جميع دول منظومة ‘اصدقاء الشعب السوري’، وتجري قرب الحدود السورية، وتستهدف الاستعداد لحرب تستخدم فيها اسلحة ‘غير تقليدية’ ليس لها علاقة بالاحداث الجارية في سورية، فبمن ستكون علاقتها اذن؟ الاستعداد لحرب ضد اسرائيل مثلا، ام لأخرى في المملكة العربية السعودية المشاركة في هذه المناورات، ام في العراق الذي جرى ‘تحريره’ بقوات امريكية وفرنسية وبريطانية؟
من المؤكد ان هذه المناورات التي ستستمر حتى العشرين من شهر حزيران (يونيو) الحالي تستهدف التدخل عسكريا في سورية، واطاحة النظام فيها، ومحاولة الاستيلاء على مخزون الاسلحة الكيماوية السورية، بعد ان بات هذا التدخل اكثر الحاحا بعد نجاح جيش النظام مدعوما بقوات تابعة لحزب الله اللبناني في استعادة منطقة القصير، المدينة الاستراتيجية التي كانت في يد قوات المعارضة السورية، وتشكل البوابة الرئيسية الى لبنان ومصدرا اساسيا لدعم الجيش السوري الحر والفصائل الاسلامية الجهادية بالسلاح والمتطوعين.
فهذه المناورات العسكرية البرية والجوية هي الأضخم من نوعها، حيث يشارك فيها 4500 جندي امريكي من القطاعات الجوية والبحرية ومشاة البحرية ‘المارينز′، وما يقارب من ثلاثة آلاف عنصر من القوات المسلحة الاردنية، و500 جندي آخر من بقية الدول الاخرى المشاركة. وسيتم اثناءها نشر بطاريات صواريخ ‘باتريوت’ وطائرات فالكون ‘اف 16′ وطائرات مقاتلة من نوع ‘هارير’ البريطانية، و’هورنيت اف 18′، وناقلات عملاقة من طراز هرقل ‘سي 130′.
‘ ‘ ‘
لسنا محللين عسكريين (ومتى فلح خبراؤنا ومحللونا)، ولكن من خلال تأمل هذه المناورات والدول المشاركة فيها والاسلحة المستخدمة، من السهل التوصل الى نتيجة مفادها انها هجومية الطابع في معظم جوانبها (طائرات اف 16 وسي 130 الناقلة للجنود ‘وهارير’ التي تتمتع بمزايا الهيلكوبتر)، والشق الدفاعي محصور في بطاريات صواريخ ‘الباتريوت’ المضادة للصواريخ والطائرات.
اللافت ايضا ان القيادة العسكرية الامريكية اكدت ان صواريخ الباتريوت والطائرات والجنود ستبقى في الاردن بعد انتهاء هذه المناورات، واللواء الركن محمد العدوان لم ينف هذه الحقيقة وقال ان القيادة السياسية الاردنية هي التي تتخذ قرار بقائها من عدمه.
امريكا نصبت بطاريات صواريـــخ باتــــريوت على الحدود التركية السورية، وها هي تفعل الشــــيء نفسه على الحدود السورية مع الاردن، وسبقت هذه المناورات اخرى جوية مماثلة قبل اسبوعين شاركت فيها طائرات حربية سعودية وتركية، فهل من الجائز لنا القول ان العد التنازلي للتدخل العسكري في سورية بات وشيكا، ان لم يكن قد بدأ فعلا؟
هناك من يؤكد ان الولايات المتحدة لا تريد التدخل خوفا من التبعات التي يمكن ان تترتب على ذلك، واذا كان الحال كذلك فلماذا لم تسلح الجيش السوري الحر بأسلحة متطورة مضادة للطائرات والدروع؟
الحرب خدعة، وقرارات شنها لا تعلن للصحافة والصحافيين، واذا تمّ اتخاذها فإن ساعة الصفر تكون تحددت قبل اشهر، وربما سنوات، مثلما كان الحال عليه في العراق وليبيا، وما يجري بعد ذلك من مناورات يأتي في اطار الاستعداد.
‘ ‘ ‘
الاسد الامريكي المتأهب الذي نراه مدعوما بقوات امريكية وفرنسية، واخرى عربية ‘رمزية’ اختار الاردن لانه النقطة الحدودية الاقرب الى دمشق، ولتكرار سيناريو حرب العراق، فالقوات الامريكية التي دخلت بغداد انطلقت من الاردن ومن قاعدتي تبوك وعرعر السعوديتين في اقصى شمال غرب المملكة، بينما كانت الانظار مركزة على الكويت.
الاردن ينزلق بشكل متسارع الى المستنقع الدموي السوري، واستضافته لصواريخ باتريوت الامريكية دليل اضافي في هذا الصدد، فهذه الصواريخ وبطارياتها لا تُنصب الا في حالة التيقن من استهداف البلد المعني بهجمات صاروخية في حال اندلاع الحرب.
الاسد الامريكي تأهب في المرة الاولى قبل ستة اشهر، وها هو يعيد تأهبه مجددا الآن، والفارق الاخطر ان قواته ومعداته ستبقى في الاردن ولن ترحل مثل المرة السابقة، وهذا يعني الكثير سياسيا وعسكريا.
شهر حزيران (يونيو) هو شهر الحروب وليس شهر السلام، وشهر الانقلابات العسكرية ايضا، وربما يكون شهر حزيران الحالي ليس شذوذا عن هذه القاعدة، مع تسليمنا بأن عنصر المفاجأة هو سمة كل الحروب.

التعليقات