كتب العميد الدكتور امين محمد حطيط في جريدة البناء – بيروت في 31\12\2012 سورية من عام الصمود الى عام الانتصار  ؟ يحاول بعض من يستهدف سورية او له دور بشأن الازمة القائمة فيها  ان يخير السوريين بين اتجاهات و حلول او  يقدم التوقعات لمسار الاحداث  متجاوزا بعض الحقاائق  و تكاد مواقف هؤلاء تتوزع  على  العناوين التالية : - اما الحل السلمي و اما الجحيم ( دون ان يحدد الجحيم لمن ) على حد قول  مندوب الامم المتحدة الاخضر الابراهيمي . - لا للتدخل الاجنبي و لتعطى "الثورة  السورية " فرصتها لانجاز المهمة و اسقاط الحكم القائم  و ما المسألة الا مسألة وقت و تنتصر الثورة  على حد ما يقول "مرسي  مصر"  و " اردغان  تركيا"  . - لا حل للازمة الا عبر  استلام " القوى الثورية " السلطة في سورية  عبر  انتقال  سلمي يسمح لرجال النظام بالخروج الامن  و الا ... " وفقا لما تحاول الجهات الغربية و اداوتها العربية اشاعته . - لا حوار و لا تفاوض مع النظام  القائم ، و الحل لا يكون الا باسقاطه عسكريا و ملاحقة رجاله بعد ذلك على كل االصعد ، كما تعلن جماعات الارهاب السلفية و التكفيرية من قاعدة و جبهة نصرة و اخواتهما . و في مقابل هذه الطروحات و المواقف و في قراءة للواقع و للميدان و البيئة السياسية المحيطة به ، يمكننا   الوصول  الى  نتيجة مختلفة  حيث نرى بان  سورية التي فرضت عليها المواجهة و خاضت  حتى الان معركة دفاعية قاسية   استطاعت احتواء موجات العدوان المتلاحقة منذ نيف و 22 شهرا ، و حققت من الانجازات ما رسم مشهدا  لا يمكن لعاقل ان يغفل جزئياته ، التي  تبدو الان و بوضوح كلي كالتالي :  أ‌. فشل  العدوان الخارجي في تحقيق هدفه الرئيس المتمثل في اسقاط سورية و نظامها و قد  بات العدوان و بشكل قطعي عاجزا عن  نقل سورية الى المعسكر الغربي   و الحاقها بنظام حراس المصالح الغربية في الخليج حيث تقوم المحميات الاميركية  الواهنة . ب‌. استنفد العدوان على سورية الى حد بعيد " بنك اهدافه التدميرية " و هو الهدف الاستراتيجي الثاني الذي رمى اليه و كشفته مؤخرا المواقف الاسرائيلية التي تمحورت على فكرة واحدة مؤداها القول بان " الربيع العربي ادى لاسرائيل خدمة كانت تحلم بها منذ زمن و لم تستطع  تنفيذها بوسائلها الذاتية و هي تدمير سورية لشطبها من معادلة القوة التي تواجهها في الشرق الاوسط " . لقد نفذ العدوان معظم ما يمكنه في هذا المجال و سيجد المعتدي بعد ذلك نفسه يراوح مكانه ، لان ما بقي خارج دائرة التدمير العدواني الان بات لديه من المناعة و الحماية ما يجعل الوصول اليه صعبا للغاية ان لم نقل مستحيلاً  . ت‌. تشكل قناعة لدى جميع المعنيين بالشأن السوري من الاصدقاء و الاعداء على حد سواء خاصة لدى العقلاء الموضوعيين و الواقعيين منهم بان العمل الارهابي الذي تمارسه المجموعات المسلحة و مهما طال وقته و استمر و مهما تم رفده بالدعم سيبقى عملاً تدميرا عقيما لا يمكن ان ينجح في اسقاط النظام ، و بالمقابل فان الوقت يعمل  لصالح الدولة التي باتت قادرة على استعادة الامن و الاستقرار الى  المناطق التي افسده فيها  الارهابيون ، و ان الاسابيع الثمانية  الاخيرة فدمت  دليلا قاطعا على ذلك وفقا لما تبين  الوقائع و الحقائق التالية  : 1) انحسار في مساحات  المناطق التي شهدت اعمالا ارهابية و قتال و تدمير على يد المجموعات المسلحة و يمكن رسم المشهد الميداني القائم الان من حيث الامن و سيطرة الدولة  وفقاً لفئات ثلاث:  حيث   نرى السيطرة المحكمة ، او الحذرة ، او مناطق الاشتباكات . و قد تراجعت مناطق  الفئة الاخيرة في المناطق المأهولة من نسبة 40% الى نسبة 12 % ، و تراجعت المناطق الحذرة من نسبة 30% الى نسبة ادنى من 10% . 2) بدأ تجفيف مصادر الامداد من الخارج و بشكل ملحوظ ،  حيث ان المتغيرات المتلاحقة ادت في الوسط في منطقة حمص و ريفها تحديدا  الى خفض منسوب الدفق الارهابي من لبنان بنسبة تزيد عن 85% ، كما ان  المخاطر التي تحسسها الاردن ادت الى تراجع وظيفة الخط الاردني في الامداد بنسبة تتجاوز ال 90% ،  كما و ارتفعت درجة التشدد العراقي في محاربة الارهاب ما ادى الى شبه اقفال البوابة  العراقية بوجه الامداد الارهابي الامداد ، و يبقى فقط الاتجاه التركي الذي بات محكوما بقواعد ستملي عليه و بشكل قسري التراجع . 3) تنامي رشاقة الجيش العربي السوري في المواجهة بشكل مكنه  من تكثيف  تحقيق الانجازات الميدانية  السريعة لاسباب متعددة تتعلق بالبنية و الخبرة المكتسبة و القواعد و القيود التي يتم العمل بها في المواجهة . 4) انخراط  فئات الشعب السوري التي طالتها نيران الازمة و العدوان ، انخراطها في العمل تحت سقف دفاعي منسق و بشكل يخفف عن القوات المسلحة بعض الاعباء و يحقق نسبة اعلى من نجاح المهام العملانية التي يقوم بها الجيش . ث‌. تشكل  قناعة   اكيدة لدى الجميع من الاعداء و الاصدقاء على حد سواء بان التدخل العسكري الاجنبي  في سورية بات مستحيلا و على اي طريقة كانت ، و لم يعد يتحدث به او يطلبه الا احمق او مشوه الفكر او اعمى البصر و البصيرة ، اما  اللجوء الى الترويج لاخبار موازية من قبيل الاستعداد الصهيوني و الغربي للتدخل لوضع اليد على الاسلحة الكيماوية او تدميرها او منع نقلها الى االمقاومات خارج سورية كل ذلك لا يمكن ان ينشئ بيئة تهديد جدي بالتدخل الخارجي ، لان الجميع بات يعلم ان مثل هذا التدخل قطعت الطريق عليه عبر مجلس الامن بالفيتو الروسي – الصيني ، ثم احكم الاغلاق بوجهه بالقدرة الردعية التي يملكها محور المقاومة ، و يبقى تفسير ما يروج من استعدادات هنا او هناك لارسال فرق و مفارز بعيدا عن التدخل الاجنبي الفعلي  محصورا في الاهداف التالية  : 1) التغطية على وجود خبراء من الصهيانة و الضباط الاطلسيين يقودون الارهابيين للعمل ضد مواقع عسكرية محددة تعني اسرائيل خاصة مواقع الدفاع الجوي . 2) رفع معنويات ارهابيين و الايحاء لهم  بالقدرة  على النصر لتشجيعهم في  الاستمرار بالعمل التهديمي بما يخدم مصلحة ارباب العدوان الخارجي على سورية . 3) القيام بعمليات استطلاع بغية التحضير – اذا اكتملت الظروف و الشروط  -  لاي انتشار عسكري اطلسي على البارد ( اي من غير قتال و مواجهة ) في حال نجحت الخطة الغربية في فرض حل سلمي للازمة و بالشروط الاميركية التي تقضي بتدمير  الجيش العربي السوري و تحويله من جيش ميداني مقاتل الى تنظيم امني مسلح لا قدرة له على مواجهة اسرائيل الامر الذي يستوجب تخفيضه الى 50 الف عنصر و تدمير كل الاسلحة الثقيلة و الصاروخية و اسلحة الدقة العالية لكن هذا الامر كما هو واضح يبقى مشروطاً  بقبول سورية بمثل هذا الحل الاستسلامي الذي  التزمت به ، مجالس و هيئات استنبول و الدوحة التي انتجتها المخابرات الاجنبية و طبعا ترفضه الدولة السورية رفضا قاطعا  . ج‌. على ضوء هذا المشهد باتت القناعة راسخة لدى  العقلاء  الان بان الازمة التي تدور رحاها على الارض السورية و خلافا لما  يروجون او يهولون ، ستتجه  في واحد من اتجاهين لا تعدوهما : اما مكابرة المعتدي و الاستمرار في الاجرام و السير في الخط الانحداري الذي بدأ بسلوكه منذ اسابيع الامر الذي  سيفرض على الجيش العربي السوري الاستمرار في تنفيذ مهامه للدفاع عن المواطنيين و استعادة الامن الى المناطق التي اختل فيها ، عمل  يلزمه بضعة اشهر  و سيكون له ثمن طبعا من الجسد السوري لكنه سيؤدي لانتصار سورية على المؤمرة ميدانياً ، او قناعة المعتدي واقراره بعقم متابعة العدوان  و القبول بالحوار و التفاوض لايجاد مخرج يحفظ له ماء الوجه و يوفر على سورية المزيد من القتل و الدمار و سيشكل ايضا انتصارا لسورية عن طريق التفاوض المسبوق بالعمل الدفاعي الميداني الناجح ، و هو الاتجاه الذي يبدو ذو حظوظ ترتفع تباعا . و سيكون  الشهران المقبلان  حاسمان بصدده ، فاذا تحقق ذلك عندها سيكون  الحل السلمي للازمة القائم على  الثوابت التالية : 1) المحافظة على وحدة سورية و كيانها السياسي من غير اي مس به  و باي صيغة كانت . 2) احترام السيادة الوطنية السورية و القرار الحر للشعب السوري و حقه الحصري في اختيار النظام و السلطة و الحكام، و اي حل لا يكون الا منتجا سوريا محضا ً . 3) ان اي عملية اصلاح و تطوير لن تكون الا انطلاقا مما هو قائم حاليا ً ، و لن يسمح مطلقا للفوضى الاميركية ان تكون شعارا لما يروج له من مراحل انتقالية او تغييرية ، فمؤسسات الدولة القائمة هي التي تقود الاصلاح و التغيير بما يتوافق مع الارادة الشعبية السورية  . 4) ان الشعب السوري و باغلبيته الساحقة ( 75% موضوعيا ، و 56.7 % وفقا للارقام الغربية ) متمسك بالرئيس بشار الاسد قائدا للدولة و لعملية التطوير و الاصلاح فيها و ان قيادته لهذه العملية شرط لنجاحها و لقبول الشعب بنتائجها .
  سيريا ديلي نيوز

التعليقات