كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الغلاء الذي انعكس على الواقع المعيشي والاقتصادي لدى الأسر السورية، ليتزاحم أكثر بينما يطرق عيد الأضحى أو “العيد الكبير” أبواب تلك الأسر وهم في حيرة وعبارات تردد وتتساءل “من وين ولا وين رح تزبط”؟.

لكن السوريات اللاتي اشتهرن “بشطارتهن” في المطبخ لم يضقن ذرعاً بينما ألسن التجار تسعّر لهن مواد صنع حلوى العيد الشهيرة في دمشق بالمعمول الذي يتميز بحشوته الفخمة العريقة المرصّعة بحبات الفستق الحلبي الذي راوح سعر الكيلو منه ال 45 ألف ليرة.

فلابد لكل سيدة من أفكار تعلو فوق تلك التسعيرات، ولابد لها من قائمة بدائل فهن ربات المنزل الأكثر قدرة على التوفيق بين ما يجب وما لايجب وما يمكن أن يعد بمذاق لا يختلف عن ما اعتدنه سابقاً حتى لو اختلفت المكونات.

لتتربع على عرش البدائل ثمرة النارنج الدمشقية التي لطالما زينت شجرتها ساحة المنازل العريقة في المدينة القديمة، ولطالما تغنى بها الشعراء وتباهت بخضرتها الجدات.

أم ياسر، امرأة دمشقية خمسينية تروي لتلفزيون الخبر حكاية المعمول الذي تعلمته من أمها، كما تروي عن مكوناته من الفستق الحلبي والجوز والسمن الحيواني الكثير، لكنها لا تتحسر على ارتفاع أسعار تلك المكونات، قائلة: “الدنيا يسر وعسر”.

حيث لم تأبه السيدة بارتفاع أسعار مكونات العيد، وهي التي اعتادت على صنع مربى النارنج ضمن قائمة المربيات التي اعتادت على صنعها، وبالتالي هي الأكثر قدرة على صنع المجفف منه، لتتعدد استخداماته التي يندرج منها صنع معمول العيد.

“لا يكلفني الكثير”، تتحدث السيدة، وتتابع “حتى العجينة لا يؤثر إذا ما تم صنعها بالسمن النباتي، أخف على المعدة، وأكتفي بنصف الكمية، المهم بالنسبة لأولادي وزوجي هو طقس العيد”.

تتابع “وللتنويع بالحشوات ألجأ أيضاً إلى التمر، أفرغه من النوى وأطحنه مع قليل من المنكهات، لأكون أمام حشوة طيبة المذاق ومغذية في ذات الوقت”، كما تقول: “ممكن أيضاً أن ألجأ في إعداد الحشوات إلى استخدام الفستق (الفول السوداني) لكني لا أفضلها، وممكن أيضاً حشو المعمول بجوز الهند المطحون”.

لا ترى السيدة في اعتماد هذه البدائل ما يشينها، كما لا تشعر بالنقص، بل تجد في ذلك فسحة لإبراز براعتها، معقبة على ذلك بالقول: “أهم محال الحلويات باتت تصنع معمول النارنج والتمر “، وتروي ام ياسر حكاية شجرة النارنج في “أرض الديار” عندما كانت فتاة في منزل والديها.

تحكي الكثير عن الشجرة التي اختلطت رائحتها برائحة الياسمين وقهوة الصباح والمساء، كما تؤكد أن الدنيا أيام تحمل المسرات وأخرى تجر الشدائد وما على الإنسان إلا أن يكون مرناً في التعامل مع تلك الشدائد.

تتحدث السيدة بكبرياء وكأنما تغافلت عن أسعار الحلويات ومستلزماتها التي تتابع ارتفاع أسعارها في الأسواق منذ أشهر، لكنها لم تغفل أحد أهم الطقوس التي يتمسك بها الجميع خلال فترة العيد وهي صنع “المعمول”.

يذكر أن سعر كيلو الفستق الحلبي وصل في دمشق إلى ٤٥ ألف ليرة ، بينما يقارب سعر كيلو السمن الحيواني المستخدم في صنع المعمول “على أصوله” ال ٢٠ ألف ليرة، حيث غادرت هذه المكونات قوائم أغلب الأسر السورية في الآونة الأخيرة بينما يحارب المواطنون موجة غلاء عاثت فساداً باستقرار لقمتهم وحاجاتهم الأساسية.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات