يتساءل مواطنون: ما الرابط العجيب بين رفع سعر البنزين وارتفاع سعر كل شيء في الأسواق أم إن صدور قرار زيادة في أي مادة ما يصبح شماعة للتجار ليزيدوا أسعارهم وفق أهوائهم الشخصية؟!
يبدو أنه من المكتوب على المواطن أن يمضي بقية عمره ضمن طوابير للحصول على أدنى مقومات حياته من الغاز والبنزين والخبز والمواد الأساسية، لا بل لن ينتهي الأمر هنا، فسيظل مترقباً بتوجس استيقاظه على قرار يستنفد جيبه «المهترئة» أكثر فأكثر، لاسيما بعد صدور عدة قرارات في الفترة الأخيرة عدها المواطن مستفزة, الذي كان آخرها قرار الحكومة من دون سابق إنذار برفع سعر ليتر البنزين 25 ليرة ليصبح سعر اللتر المدعوم 250 ليرة بعد أن كان 225 ليرة، هذا الارتفاع الذي أعقبه فوراً ارتفاع في أسعار سيارات الأجرة «التكسي» بالتزامن مع تسريب أخبار عن اجراء دراسة لرفع أسعار وسائط النقل الاخرى و رفع أسعار أغلب المواد الغذائية والسلع الأخرى بتلك الحجة.
تقصير تمويني
يقول المواطن أمجد السقا: كلما استفسرت عن سبب الارتفاع في سعر أي مادة ما تكون الاجابة ارتفاع سعر البنزين هذا الارتفاع الذي أعقب البنزين فما بالك اذا تم رفع سعر المازوت ما الذي سيحدث حينها، بينما استهجن سامر غياب دور وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وعدم قيامها بأدنى دور في ظل ملاحظتها فلتان أسعار الأسواق, هذا ان كانت تلاحظ –كما قال-
وكانت وزارة التجارة الداخلية قد أصدرت مؤخراً قراراً برفع سعر البنزين المدعوم وغير المدعوم، لتتحمل النسبة الأكبر من الزيادة شريحة البنزين المدعوم, حيث تم تحديد سعر ليتر البنزين أوكتان 90 المدعوم، بمبلغ 250 ليرة، بينما كان قبل صدور القرار مسعراً بـ225 ليرة، أي إن نسبة الزيادة 11%، وتحدد سعر ليتر البنزين أوكتان 90 غير المدعوم بمبلغ 450 ليرة، بينما كان مسعراً بـ425 ليرة، أي إن نسبة الزيادة قاربت 5,9%، كما حدد القرار سعر ليتر البنزين أوكتان 95 غير المدعوم بمبلغ 575 ليرة، بينما كان مسعراً بـ550 ليرة، أي زاد بنسبة 4,5%.
وبررت الوزارة سبب قرارها الأخير في تصريح سابق لها بالتماشي مع التكلفة الفعلية للمادة, والأسعار الرائجة في الأسواق المجاورة منعاً من تهريبها أو التلاعب بالمواد المدعومة، مشيرة الى أن التطبيق الإلكتروني في توزيع المادة وفر كميات كبيرة منها, تخسرها الخزينة العامة لجهة قلة من أصحاب المحطات, والمتعاونين معهم من الجهات المسؤولة سواء رقابية, أو جهات موزعة, بسبب التلاعب بنتائج الجرد التي تسبق كل زيادة، مؤكدة ان مهمتها قد انتهت, ودورها محصور في معالجة الشكاوى المتعلقة في الارتفاعات السعرية التي يتقاضاها سائقو النقل فقط.
هذا وشهدت سورية ارتفاعات متتالية في سعر البنزين، منذ بداية الحرب بدأت بعام 2012، من 55 ليرة لليتر إلى 65 ليرة، ليليها الارتفاع الثاني بعد نحو شهرين إلى 80 ليرة، وبعد عام رفعت وزارة حماية المستهلك السعر إلى 100 ليرة، واستمر مسلسل رفع السعر في عام 2013 ليصل إلى 140 ليرة، وفي 2015 إلى 150 ليرة، وفي آب 2016 ارتفع سعر ليتر البنزين إلى 160 ليرة، وتتالت الارتفاعات خلال عامي 2017 و2018 حيث وصل السعر إلى 375 ليرة لليتر ليزيد السعر في العام الماضي إلى 425 ليرة، لينتهي مؤخراً بقرار الزيادة الى 450 ليرة.
سيتحملها المواطن
الباحث الاقتصادي محمد كوسا أرجع ارتفاع سعر البنزين الى عدة عوامل منها ما هو خارجي يرتبط بارتفاع سعر النفط عالمياً نتيجة الأحداث التي يمر فيها العالم اليوم، ومنها أسباب داخلية مختلفة, أولها قرار وزارة المالية في العامين الماضيين القاضي بتحميل الجهات الموزعة للمشتقات النفطية الحاصلة على دعم في أسعار هذه المشتقات باعتباره ديناً على هذه المؤسسات وهذا القرار مرتبط بتغيرات إنجاز الموازنة العامة للدولة وقطع الميزانية الذي اعتمد مؤخراً من قبل وزارة المالية وهذه مسألة تقنية بحت لكن –كما يؤكد كوسا- كان لها أثر في تسعير المشتقات النفطية بشكل يقارب السعر الحقيقي لها, أي سعر يقارب سعر شرائها فإذا كان سعر الشراء مرتفعاً تزيد هذه الجهات أسعار مشتقاتها وإذا انخفض السعر انخفضت أسعارها وهذا مرتبط بإعداد الموازنة العامة للدولة وقطع الحسابات في نهاية العام لإظهار مديونية هذه الجهات فيما يخص الدعم المقدم لها من أجل المشتقات بشكل دقيق وفقاً لما اعتمدته وزارة المالية مؤخراً، وعن السبب الآخر فهو متعلق بتكاليف الناقل والمؤمن الدولي المرتفعة نتيجة الحصار على شحنات المشتقات النفطية أو غيرها من المستوردات, فالحكومة تدفع سعراً أعلى من المتعامل به دولياً للناقل الدولي والمؤمن الدولي على هذه المشتقات نتيجة تحمل المخاطرة .
وأضاف: بالنظر الى العامل النفسي لدى المستهلك نجد أن أي زيادة على أسعار مشتقات الطاقة يتأثر فيها -على حد سواء- التاجر والمستهلك وخصوصاً العاملين في قطاع النقل والمستفيدين منه أو من خدماته, نظراً لان قطاع النقل مرتبط مع قطاعات أخرى وهو عامل تكاليف لباقي القطاعات .

سيريا ديلي نيوز


التعليقات