«المرافقة الشخصية».. مهنة أصبحت لها معنى كبير في زمن الحرب، حتى بات الراتب الذي يتقاضاه الشاب العامل في هذه المهنة، ضعف راتب خريج الجامعة.

فلا يمكن أن تحضر فعالية اجتماعية، أو سياسية، أو حتى زيارة رسمية لوزير أو مسؤول أو رجل أعمال، دون أن تجد 4 أشخاص على الأقل يحيطون به دون معرفة السبب الحقيقي لهذه الظاهرة، التي باتت سلبية بشكل كبير، لأن مهمته لاتقتصر على الحماية فقط، بل تجاوز الأمر لدفع كل شخص يحاول الاقتراب ليتكلم مع ذلك المسؤول.

ومع انتشار مظاهر الغنى الفاحش، في عدد من أحياء دمشق أبرزها "المالكي وأبو رمانة والمزة وكفرسوسة مشروع دمر" تبرز ظاهرة الحارس الشخصي لتصبح واحدة من مهن عديدة أفرزتها الحرب.

وبات معظم الأغنياء الجدد ورجال الأعمال، بحاجة لحراس شخصيين أو أكثر، إما بهدف استعراض الغنى والقوة والسطوة، أو بهدف الحماية داخل مدينة تغيب فيها سلطة القانون، وتحضر قوة السلاح.

ويتم توظيف هؤلاء الحراس، إما بشكل فردي يعتمد على الواسطة في حال كان الحارس موظف في القطاع العام، أو عن طريق شركات حراسة خاصة يتم ترخيصها لتبدأ مزاولة عملها في مجال "الحماية والحراسة والأنظمة الأمنية".

يروي رامي وهو موظف مع أحد الوزراء الحالين حكايته مع هذه المهنة، فيقول : «مهمتنا هي "حماية الوزير من أي مكروه فهذا الزمن مخيف ومن المعروف المكروهين والمغرضين أكثر من المحبين لذلك من واجبنا منع أحد من الاقتراب وتأمين الطريق والجلوس والسيارة وغيره».

وحول المبلغ الذي يتقاضاه شهرياً، يؤكد رامي، «عملنا صعب ومعرض للخطر يكون الراتب مرتفع مقارنة مع الموظفين بالقطاع العام».

من المتعارف عليه أن التواضع وعدم الدخول في هذا "البسرتيج" يجعل أي مسؤول قريب من شعبه، ولكن هذا المفهوم بعيد كل البعد في بلدنا.. فسيارة اللكيزسس والمرافقة الشخصية للعمل والمنزل ولأفراد العائلة، هي من الآوليات التي توضع في جداول الوزراء والمحافظين والمسؤولين بشكل عام، والصراخ بوجه من يعرتض الطريق ودفع من يرغب بالكلام والشكوى،وإغلاق الشوارع بشكل كامل ومنع دخول السيارات إليه، بسبب زيارة أحد وزراء الحكومة السورية، وانتشار عشرات العناصر لتأمين المكان وتفحصه.

هذا الأمر لم ينحصر ضمن أصحاب الكراسي فقط، بل تعدى ليشمل رجال الأعمال، يقول محسن طالب كلية علوم سياسية في تصريح  «طلب مني أن أتوظف كحارس شخصي لدى ابنه بهدف مرافقته إلى الجامعة وأماكن أخرى بسيارته الفاخرة، وعرض علي راتباً شهرياً يبلغ/ 150/ ألف ليرة ، كما أخبرني أنه بإمكاني الاحتفاظ بالسيارة ليلاً بعد الانتهاء من مرافقة الشاب الوحيد».
ويعتقد الشاب العشريني أن بنيته القوية هي ما لفتت نظر رجل الأعمال إليه، ودفعته "لتصيده" من بين عشرات الشبان، الأمر الذي يراه "حظاً وفيراً، فهي مهنة سهلة وتدر ربحاً لا يمكن تحصيله في دمشق.
انتشار مهنة الحراسة الشخصية ليس أمراً غريباً قياساً لأجواء باتت منتشرة في العاصمة السورية، وهي أجواء لا تعكس واقع معظم سكان المدينة، لكنها تعبر عن طبقة اجتماعية جديدة، أفرزها اقتصاد الحرب وتعتاش عليه يوماً بعد آخر.

ووفق تصريح د. إيفان المحسن اختصاص علم اجتماع فإن «هذه الظاهرة منتشرة منذ القديم، ولكن المعاملة السيئة وعدم التواضع في التعامل خلق نوع من الفجوة ما بين المسؤول والشارع».

وتؤكد المحسن، «أي مسؤول تم اختياره لخدمة الشعب ولمصلحة البلد اقتصادياً واجتماعياً وتنموياً، ولكن للأسف هذه النظرة غير موجودة في سوريا، نلاحظ أن رئيس الوزراء في دول الغرب يتنقل بوسائل النقل العامة أو عبر دراجته ويتكلم مع الجميع دون النظر إلى المنصب ولكن #الوزير أو المسؤول لدينا، يتبع طقوس وكأنه في وسط المعركة والجميع يريد اغتياله».

وبحسب الدكتورة، «هذا يعد مرض اجتماعي ويجب معالجته، مبينة أن معظم الذين يقومون بمثل هذه الحركات رجال أعمال جدد، ووزراء ومسؤولين في مواقع متعددة، ونتيجة الثروات الطائلة التي تمكنت هذه الطبقة من جنيها خلال السنوات الأخيرة، بدأت تتباهى بممتلكاتها من سيارات ومنازل وفلل، إضافة إلى توظيفها الحراس الشخصيين الذين تتنوع مهامهم من الحماية إلى مرافقة أفراد العائلة أثناء التسوق أو السهر أو حتى الذهاب للجامعات والمدارس».

علماً أن «رئيس الجمهورية كان قد أعطى توجيهاته في مجلس الوزراء, بالابتعاد عن هذه المظاهر وخص وزارة الداخلية نفسها بمراقبة هذه التصرفات، ولكن تشهد سوريا في ظل الأزمة ارتفاعاً كبيراً في مظاهر الحمايات الأمنية والمواكب لشخصيات عسكرية وسياسية وحتى مدنية».

فيما يقوم أبناء وزوجات بعض الشخصيات النافذة بتسيير مواكب أمنية مبالغ بها, والتي أصبحت حديث السوريين.. لتبقى جملة الفنان أيمن زيدان مطبقة على هذه الطبقة "عوجاااا"!!.

سيريا ديلي نيوز- نور ملحم


التعليقات