يشكل ملف السيارات الحكومية واقع لا يصدق ولا في حكايات "علي بابا والأربعين حرامي " فلعل سيل التعاميم والقرارات الصادرة عن رئاسة الوزراء بخصوص ضبط عمليا التعاطي اليومي مع هذا الملف يشي بعدم تحقيق نجاح ملحوظ، لا بل إن بعض المراسلات تحمل في طياتها اعترافاً بوجود سرقات إذ يشير كتاب موجه من رئاسة الوزراء إلى وزير النقل، صراحة إلى “كثرة حالات السرقة والتلاعب بأرقام شاسيهات السيارات” وبناء عليه طلبت رئاسة الوزراء من الوزير إمكانية إعادة الفحص الفني بغرض تجديد الترخيص للمركبات الحكومية، على أن يتم الفحص بالطريقة التي تراها الوزارة مناسبة دون أي استثناء لأية سيارة حكومية، وذلك لما في الفحص الفني من فائدة بضبط السيارات الحكومية المسروقة وفق تعبير الحكومة..!

مصدر مسؤول من الجمارك قال إن «ملف السيارات الحكومية التي في عهدت المدير العام وعدد من الضباط البارزين في المديرية تم طيه ووضعه بدرج الطاولة، وحين تم فتح الملف للتحقيق تم تحويله إلى رئيس الحكومة ليصدر قرار ينهي عمل الشخص المكلف بالتحقيق بالموضوع، مبرراً ذلك بأنه خلال سنوات الحرب حدثت العديد من العمليات الغير قانونية والإرهابية اتجاه المؤسسات الحكومية».

وبحسب المصدر، فإنه «يوجد قرار لتخصيص السيارات "السياحية والحقلية" للضباط وفقاً لتصنيف جديد يأخذ بعين الاعتبار سنة صنع السيارة وسعة محركها، كما ونص القرار على تخصيص السيارات للضباط شاغلي الوظائف والرتب وفقاً لمراتبهم الوظيفية ورتبهم العسكرية»، مبيناً «مُنع الضباط الأعوان من تخصيصهم بسيارات على أن يتم تنفيذ المهام الموكلة لهم عبر سيارات الخدمة، وهو ما يعني أن الضباط من رتبة ملازم أول ونقيب غير مخصصين بسيارات كما كان الحال قبل هذا القرار، كما يشمل القرار ضباطاً برتب أعلى لا يشملهم قرار التخصيص الجديد لعدم شغلهم وظائف تستدعي تخصيصهم بسيارة».

وتساءل المصدر، «في حال تنفيذ هذا القرار فإنه يجب سحب حوالي 1500 سيارة كانت تحت تصرف المدير العام وأعوانه، ولكن الذي تبين من المحقق المكلف هو فقدان حوالي 800 سيارة حكومية تابعة للمدير فقط، ذهب منها لبعض الوزراء المتواجدين في الحكومة الحالية، والذي يرتبط معهم مصالح مشتركة».

ويقول المصدر إن «القرار الجديد من شأنه أن يخفف من الهدر الحاصل، وكذلك سيخفف بدرجة كبيرة من الميزانية المخصصة، ولكن على ما يبدو أنه جاء للتغطية على عمليات الهدر والفساد التي حدثت خلال السنوات الماضية في مديرية الجمارك وغيرها».

وأضاف المصدر إنه «بموجب القرار تحظر قيادة سيارات الخدمة لمن خصصت لهم مهما كانت الأسباب، كما يمنع استخدامها خارج أوقات العمل إلا في الزيارات الميدانية لمواقع العمل وفي الحالات التي يقدرها المسؤول ووفقاً لمتطلبات المصلحة العامة وبأمر مهمة من آمر الصرف أو عاقد النفقة وتميز بوضع لصاقة واضحة تبين اسم الجهة وتحمل لوحتها الحكومية، ويمنع استخدامها في أيام الأعياد والعطل الرسمية إلا لأغراض العمل، وتحدد المسافة القصوى المسموح قطعها شهرياً ضمن الحدود الإدارية للمحافظة وتوضع خطة شهرية لاستخدامها وفق برامج شهرية».‏‏

ولكن على ما يبدو أن هذا البند يطبق عليه المثل «الخيار والفقوس» لأنه حين يكون "ابن فلان" يركب سيارة حديثة تابعة للدولة، وهو لم يتجاوز عمره الـ24 عاماً و "أخ زوجته" علان يركب سيارة أخرى وزوجة هذا، وأخت ذاك سوف تتسأل "من أين لك هذا"؟!.

رغم أنه من المتعارف عليه وبحسب تقسيمات الحكومة السورية فإن مخصصات مسؤولي الصف الأول من السيارات "رئيس وزراء – وزير – والذين هم بمثابة وزير كالمحافظ، والأمين العام لمجلس الوزراء، ورؤساء الهيئات المركزية.. إلخ"، حيث يخصص للأول 3 سيارات، وللبقية سيارة واحدة، إذ يلجأ معظم هؤلاء المسؤولين إلى ركن أفخر سيارة من السيارات المخصصة لهم طيلة تواجدهم بالمنصب، ليصار إلى تخصيصها لهم بعد تركهم للمنصب وتبقى معهم حتى الوفاة، ويعيدها الورثة في نهاية المطاف (خردة).

لكن يبدو أن التناقض ما بين التصريحات التي تطلقها المديرية العامة للجمارك والعمل الحقيقي والمخفي تحت الطاولة هو بهدف زيادة رصيدها في البنوك، في الوقت الذي يتم الإعلان على ضبطت أكثر من 150 سيارة مهربة تحمل لوحات لمدينة #دمشق، تعود لسنوات سابقة من قبل الجمارك، نكتشف فقدان 800 سيارة تابعة للدولة، ذلك لأنها غير مسجلة بالقيود الرسمية.

ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه إلى متى سنبقى نقول ولا نفعل ؟؟ متى سنطبق ما طالب به الرئيس من محاربة الفساد بطريقة صحيحة.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات