قدم وزير الاقتصاد والصناعة في الجمهورية العربية السورية، الدكتور نضال الشعار، رؤية اقتصادية جديدة تقوم على اعتبار التكنولوجيا سلعة استراتيجية وطنية، وذلك خلال الاجتماعات والمؤتمرات التي عقدت في العاصمة الأميركية واشنطن.
وأوضح الوزير أن هذه الرؤية تأتي ضمن توجه الحكومة نحو تحويل الاقتصاد السوري إلى اقتصاد قائم على المعرفة، بما يضمن تنويع مصادر الدخل الوطني وتعزيز قدرة البلاد على المنافسة الإقليمية والدولية.
رؤية تقوم على الكفاءات الوطنية
أشار الدكتور الشعار إلى أن الشعب السوري يتمتع بمستوى عالٍ من الذكاء والقدرة على اكتساب المهارات الحديثة، مؤكدا أن العمال السوريين قادرون على مواكبة التطورات التكنولوجية وتحقيق التفوق في مجالات الإنتاج المتقدمة.
وأضاف أن هذه القدرات تمثل أساس الاستقرار الاقتصادي طويل الأمد، وأن الاستثمار في رأس المال البشري سيشكل محور التحول نحو اقتصاد متطور ومستدام.
التكنولوجيا كضمان للمصالح الوطنية
وفي سياق حديثه عن العلاقات الاقتصادية الدولية، أوضح الوزير أن تحقيق المصلحة السورية يعتمد على تلاقي مصالح دمشق مع مصالح الدول المؤثرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
وقال إن رفع العقوبات وعودة سوريا إلى النشاط الاقتصادي العالمي سيتطلب تحديد نوع السلع التي يمكن أن تعزز مكانة البلاد في الأسواق العالمية.
وبين أن الدول التي تصدر سلعاً استهلاكية، مثل القمح أو العدس، يمكن استبدالها بسهولة عند تغيّر الظروف السياسية، بينما إنتاج تكنولوجيا متقدمة يجعل من الصعب إيجاد بديل، الأمر الذي يجعل سوريا شريكا اقتصاديا لا غنى عنه.
استقرار سياسي واقتصادي عبر التوطين الصناعي
أكد الشعار أن توطين إنتاج المكونات التكنولوجية وأنظمتها داخل سوريا يشكل ضمانة للاستقرار الاقتصادي والسياسي، موضحا أن هذا النهج سيعزز المصالح المشتركة مع الدول المؤثرة ويُبقي التوازن الإقليمي قائما على المدى الطويل.
كما أشار إلى وجود عدد من رجال الأعمال السوريين الذين بدأوا بالفعل بالاستثمار في هذا القطاع الحيوي، وأبدوا استعدادهم للدخول في شراكات مع مستثمرين أجانب بهدف تطوير صناعة تكنولوجية وطنية قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
خارطة طريق للازدهار المستدام
واعتبر الوزير أن هذه الرؤية لا تمثل مجرد خطة للتعافي الاقتصادي، بل خارطة طريق نحو ازدهار طويل الأمد ومكانة عالمية مرموقة لسوريا في مجال التكنولوجيا والصناعة.
وأكد أن تنفيذ هذه الرؤية يتطلب بيئة تشريعية جاذبة واستثمارات في التعليم والبحث العلمي والبنية التحتية الرقمية، لضمان تحول فعلي نحو اقتصاد المعرفة.
الشعب السوري… عنصر القوة في التحول القادم
وترى الأوساط الاقتصادية أن الشعب السوري يمتلك من الخبرات والقدرات ما يؤهله للتعامل مع التحديات المقبلة والمشاركة بفعالية في الاقتصاد العالمي.
فبعد سنوات من الحرب التي أثرت على جميع القطاعات، أظهر السوريون قدرة لافتة على التكيف والابتكار سواء داخل البلاد أو في المهجر، مما يعزز الثقة بقدرتهم على الإسهام في بناء اقتصاد وطني حديث قائم على المعرفة والتكنولوجيا.
تحليل: التكنولوجيا كقوة ناعمة في الاقتصاد السوري الجديد
ينظر إلى الطرح الذي قدمه الدكتور نضال الشعار على أنه تحول مفاهيمي في التفكير الاقتصادي السوري، حيث تنتقل الدولة من التركيز على الموارد التقليدية إلى اعتماد التكنولوجيا كعنصر نفوذ واستقرار استراتيجي.
ويؤكد محللون أن هذا التحول، إن طبق بجدية، يمكن أن يجعل من سوريا مركزا إقليميًا للتكنولوجيا والتصنيع الذكي، ويفتح الباب أمام شراكات جديدة مع الاقتصادات الكبرى، خصوصا في ظل التحولات العالمية التي تربط الأمن الاقتصادي بالتقدم التكنولوجي.
إن ترسيخ التكنولوجيا كسلعة استراتيجية لا يقتصر على رفع القدرة الإنتاجية، بل يشكل أيضا أداة للسياسة الخارجية السورية تمكنها من بناء علاقات قائمة على الاعتماد المتبادل بدلا من التبعية الاقتصادية.
سيريا ديلي نيوز
2025-10-27 17:34:28
