قامت منظمة الغذاء والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، بدعم من الإتحاد الأوروبي، بمساعدة ستون عائلة في المناطق الريفية ضمن خمس محافظات سورية، بإنتاج الغاز الحيوي والسماد العضوي عبر تأسيس وحدات إنتاج الغاز الحيوي.

 

ويمكن تعريف وحدات إنتاج الغاز الحيوي على أنها تقنية صديقة للبيئة، يتم بموجبها تحويل المواد العضوية كالرواسب الزراعية وروث الحيوانات بطريقة بيولوجية وتحت شروط غير هوائية، إلى غاز يستخدم لأغراض الطبخ والتدفئة. بالإضافة إلى إمكانية استخدام المنتوج الثانوي كسماد عضوي ذو خواص جيدة لا يؤثر سلباً على البيئة وعلى صحة الإنسان، إلى جانب مساهمته بزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية.

 

وتتميز هذه التقنية بأنها ذات استمرارية وبتكلفة منخفضة الأمر الذي سيساهم بتعزيز قدرة المزارعين المستضعفين على التكيف في ظل الأزمات، حيث أثر ارتفاع أسعار الوقود بسبب التضخم وأسعار النقل سلباً على المزارعين مما أعاق متابعة إنتاجهم الزراعي وبقائهم في أرضهم.  

 

وتم تنظيم زيارة ميدانية بحضور السيد آدم ياو، ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بالإنابة في سورية، وفريقه التقني، نائب وزير الزراعة السيد عبد الكريم اللحام، مدير العلاقات الدولية في وزارة الزراعة السيد هيثم حيدر، والفريق التقني من مديريات الزراعة في المحافظات، حيث تم زيارة ثماني عائلات في محافظتي اللاذقية وطرطوس لتقييم واقع تنفيذ وحدات إنتاج الغاز الحيوي وتأثيره على سبل عيش المستفيدين.

 

مصدر مستمر للطاقة والسماد العضوي

يقول عبد اللطيف حمي، أب لثلاثة أطفال في قرية الصفصافة في محافظة طرطوس: "شعرت بالحماس عند البدء ببناء وحدة إنتاج الغاز الحيوي في حقلي، فقد عانيت كثيراً لشراء عبوات الغاز بغرض تأمين حاجات عائلتي من الوقود، ولم يكن لدي المال الكافي لشراء السماد لزراعة حقلي الصغير. أما اليوم، وبوجود وحدة إنتاج الغاز الحيوي، أصبح بإمكاني إنتاج الغاز الكافي لمتطلبات الطبخ والتدفئة، إضافة لإنتاج السماد العضوي لزيادة الإنتاجية الزراعية للخضار والأشجار المثمرة والزيتون في حقلي  . وكنتيجة لذلك، تمكنت من ادخار حوالي 9000 ليرة سورية خلال شهر واحد، الأمر الذي جعلني أفكر حالياً بشراء بقرتين إضافيتين لزيادة كمية الروث، وبالتالي زيادة إنتاج الغاز وإمكانية بيع الكمية الفائضة منه ومن السماد العضوي لمجتمعي المحيط، أعتبر هذا تغيراً كبيراً في حياتي." 

 

وعبر سليمان خليل، مالك لأرض وجد لـ 17 حفيد، عن رأيه بالمشروع بقوله: "أثر بناء وحدة إنتاج الغاز الحيوي بشكل إيجابي على نظام الإنتاج لدي، فهي لا تزودني فقط بمصدر مستمر للغاز والسماد، بل تساهم بتقليل الأمراض الزراعية التي كانت بسبب استخدام  سماد غير معالج. لقد عزز السماد العضوي المنتج من خلال تقنية وحدات الغاز الحيوي على زيادة الإنتاج الزراعي لدي والإبقاء على بيئة نظيفة صحية لأحفادي."

 

يكمن حلم أبو عنتر بتطوير مزرعته لتكون نموذجاً للتكيف الذاتي

كرس أبو عنتر، مالك لأرض تبلغ مساحتها 0,5 هكتار في محافظة طرطوس، عمله على زراعة الخضار، وقد عبر عن رضاه تجاه وحدة إنتاج الغاز التي تم بناؤها في أرضه، واعتبرها أداة هامة جداً لدعم طموحه، حيث قال: "لم أعد أعتمد على توفر الوقود في السوق ولا حتى على الأسمدة الكيميائية الغالية الثمن، وذلك لأنني أقوم بتصنيع الغاز والسماد من وحدتي الخاصة باستخدام روث الأبقار، كما وأستطيع اليوم ادخار المال لتوسيع المزرعة ومن ثم التمكن من بيع الفائض من المنتج للسوق. سأقوم أيضاً بإدارة وحدات الإنتاج الخاصة بالحليب لدي وتربية الدواجن والتي ستضمن التنوع الغذائي لعائلتي."     

 

وعن هذا النموذج يقول السيد آدم ياو: "سيتم دراسة وتطوير هذا النموذج المتكامل من تعزيز التكيف لدى الأفراد بهدف تعميم التجربة لاحقاً على نطاقات واسعة."

 

كما وأكد السيد ياو بأن الفاو تهدف إلى تعزيز القدرة على التكيف في مجال الأمن الغذائي والتغذوي لدى المتضررين من الأزمة والمجتمعات المضيفة لهم في سورية، وذلك عبر تنفيذ مشاريع مقبولة لدى المجتمع المحلي وتقدم لهم حلولاً زراعية ذات استمرارية تضمن مصدر دخل مستقر لهم إلى جانب توفر الأمن الغذائي والتغذوي.

 

"كل ما تم تنفيذه ضمن هذا المشروع هو ناتج عن قدرات ومعرفة وخبرة السوريين." معبراً السيد ياو عن المشروع حيث تم تصنيع وحدات إنتاج الغاز محلياً، وقد أظهر السكان المحليين بالمناطق المحيطة بالمشروع اهتمامهم بتجريب هذه التقنية في مزارعهم الأمر الذي أدى لزيادة الطلب على وحدات إنتاج الغاز وتصنيعه محلياً وبالتالي خلق فرص عمل جديدة للأفراد.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات