في ظل نقص حاد في الغاز والكهرباء ومصادر الطاقة الأخرى، عاد السوريون إلى استخدام “البوابير”، وهي أدوات تراثية قديمة تستخدم في الطهي وتسخين المياه والتدفئة.
وأصبحت هذه الأدوات، التي ورثها السوريون عن أجدادهم، بديلًا عن الأفران الحديثة في العديد من المنازل.
يتكون “الببّور” من صندوق بيضوي مصنوع من النحاس، مع ذراع معدنية تستخدم لتوليد الضغط، ويعلو الصندوق رأس مخصص للاشتعال، محاط بحمالات لتثبيت الطناجر أثناء الطهي.
بعد سنوات من الحرب واحتلال الولايات المتحدة لمصادر النفط الرئيسية في البلاد، أخرج السوريون “بوابيرهم” القديمة من المخازن.
ومن لا يمتلك “ببّورًا”، سارع إلى السوق لشراء واحد، لتلبية احتياجات الأسرة الأساسية.
التحول إلى الحديد
بدأ صُنّاع “البوابير” باستخدام الحديد بدلاً من النحاس بسبب انخفاض تكلفته.
في البداية، واجهت الأسواق نقصًا في توفر هذه الأدوات التي كانت تعتبر في طي النسيان منذ عقود.
وعلى الرغم من أن “الببّور” كان يُشغل تقليديًا بزيت الكاز السائل، إلا أن الناس بدأوا يستخدمون أي سائل قابل للاحتراق، مثل المازوت المخلوط ببنزين قليل أو الكحول المكرر بطرق مختلفة.
وقال أبو محمد، صاحب محل لبيع الأدوات القديمة: “بوابير النحاس اختفت بسبب ارتفاع سعرها، وحلت مكانها بوابير الحديد.
بعد انقطاع طويل، عادت هذه الأدوات إلى الحياة وأصبحت جزءًا من التراث الشعبي القديم”.
يصل سعر “ببّور” الحديد الجيد إلى حوالي 220 ألف ليرة  بينما يبلغ متوسط راتب الموظف نحو 350 ألف ليرة
مواجهة نقص الوقود
رغم ندرة الوقود في سوريا، إلا أن الكميات القليلة التي يحتاجها “الببّور” وسهولة تعبئته بأنواع مختلفة من المحروقات، جعلت استخدامه شائعًا.
استخدم البعض الكاز أو المازوت أو الكحول لتشغيل “الببّور”، بينما لجأ آخرون إلى خلط المازوت بالملح لتسهيل احتراقه، أو استخدموا الكحول الأزرق أو الأبيض المستخرج من النفط.
هذا الاستخدام غير المنضبط للوقود تسبب في العديد من الحوادث التي أدت إلى إصابات خطيرة، خاصة عندما تم خلط المازوت بنسبة كبيرة من البنزين السريع الاشتعال، مما أدى إلى حرائق وانفجارات في الصناديق المعدنية.
“ببّور” النحاس قيمة ثمينة
تُظهر الفروق الكبيرة بين “ببّور” النحاس القديم و”ببّور” الحديد الحديث، حيث يفوق الأول الثاني عدة مرات في الوزن ويعتبر أكثر أمانًا بسبب سمك النحاس.
يصل سعر “ببّور” النحاس إلى أكثر من مليون ليرة، مما يجعله ثروة حقيقية للعائلات التي ما زالت تحتفظ به.
وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، قامت بعض العائلات الفقيرة ببيع ما لديها من “بوابير” النحاس الفائضة، لكنها حرصت على الاحتفاظ بواحد منها لاستخدامه في أوقات الشدة.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات