عدد لابأس به من العاطلين عن العمل تجمع أغلبهم حيازة الشهادات الجامعية. ما يجعل الكثيرين منهم يأنفون العمل عند الآخرين في الزراعة، في ظل غياب المشاريع الاقتصادية التي يمكن أن تؤمن لهم فرص عمل ولو بغير اختصاصهم. ولكن على الأقل بما يحفظ لهم اعتدادهم بتحصيلهم الجامعي. حيث اكتفى قسم كبير من هؤلاء بالتقدم لأي مسابقة في القطاع العام رغم سلسلة من المحاولات الفاشلة. واستطاع قسم آخر تأمين الحد الأدنى من مصروفه اليومي بزراعة المساحات المتاحة من أراضي عائلاتهم بالتبغ، لكن بعد موجات الغلاء لم تعد إيراداته تؤمن الحدّ الأدنى من متطلبات المعيشة. علماً أن مشكلة البطالة لدى الإناث تمثل النسبة الأكبر، نظراً لعدم قدرة الفتيات على القيام بالأعمال التي تتطلب جهداً عضلياً. وطبعاً كما هي الحال لدى الشبان فنسبة البطالة أيضاً عند الفتيات تتناسب طرداً مع ارتفاع التحصيل العلمي لكل حالة.
عوامل عرقلت الإنتاج
الدكتور ذو الفقار عبود أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية في جامعة طرطوس بيّن أن معدل البطالة ارتفع بشكل كبير خلال السنوات الماضية بسبب الحرب. التي ضربت مختلف القطاعات الاقتصادية في سورية. إضافة إلى حركات النزوح الداخلية، أو اللجوء إلى دول الجوار. والتغيرات الديموغرافية التي تبعتها، الأمر الذي خلق بمجمله صورة قاتمة لمستقبل جيل كامل ينتظر فرصة للعمل. وبالإضافة إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمعامل والمصانع برزت عوامل أخرى عرقلت الإنتاج وأدت لارتفاع معدل البطالة. من بينها ارتفاع تكاليف الإنتاج في ظل تراجع قيمة الليرة السورية، وعدم توافر الطاقة، أو ارتفاع تكاليفها، وعدم توافر أسواق للتصريف. إضافة إلى النقص الشديد في اليد العاملة الخبيرة.
مضيفاً: عندما نتحدث عن البطالة في طرطوس لابد من الإشارة إلى أن نسبة البطالة في سورية عموماً حسب بعض التقديرات تتجاوز 50 بالمئة من قوة العمل. الأمر الذي قد يوضح مشكلة أعمق من أرقام ونسب ومعدلات.
سوق العمل ومشكلاته
ومن أبرز المشكلات التي تواجه سوق العمل –بحسب عبود- ضعف التنسيق بين مؤسسات وبرامج سوق العمل. وعدم وجود استراتيجية أو سياسة لتنظيم سوق العمل بمكوناته كلها، والاعتقاد السائد بأن القطاع العام هو أفضل مكان للعمل من القطاع الخاص. وتحديداً للخريجين الأكاديميين والنساء. كما يعاني سوق العمل من مشكلات عديدة تراكمية، زادت حدتها مع اندلاع الحرب. لذلك قفزت معدلات البطالة بشكل كبير جداً إلى مستويات لم يلحظها الاقتصاد السوري من قبل.
وأشار عبود إلى أن قسماً كبيراً من خريجي الجامعات والمعاهد في سورية عموماً وفي طرطوس خصوصاً يعانون من عدم وجود فرص للعمل بعيداً عن القطاع العام. الذي ينظر إليه، رغم تدني مستويات الأجور فيه، كمصدر أمان. ما خلق ضغوطاً مضاعفة على الحكومة، وزاد من ترهّل تلك المؤسسات التي تستوعب بشكل مستمر موظفين جدداً ، لا تحتاج إليهم في كثير من الأوقات. وهو ما يطلق عليه البطالة المقنعة، والتي تظهر تراجعاً في معدلات البطالة. دون أية زيادة في الإنتاجية، وفي بعض الأوقات تراجعها حتى.
فرص مؤقتة
وبرأي عبود فإن الحرب تسببت باعتياد قسم من القوى العاملة بالاعتماد على المساعدات للعيش وعدم البحث عن فرص للعمل، رغم توافر بعضها. سواء الوظائف، أو حتى إقامة المشاريع الخاصة عن طريق الحصول على قروض ميسرة في بعض الأحيان. لينضم قسم كبير من هؤلاء إلى قائمة منتظري فرص العمل في سورية.
شهادات قيد العمل
رئيس دائرة التشغيل في الشؤون الاجتماعية والعمل بطرطوس المهندس تمام سليمان بين أن عدد المسجلين للحصول على عمل لدى المديرية من بداية العام 2018 وحتى تاريخه 40826 من جميع الفئات. وهذا الرقم متغير لأن هناك عدداً منهم قد يكون حصل على وظيفة في القطاع العام أو الخاص. لافتاً إلى أن دور المديرية يكمن فقط في منح طالبي العمل شهادة قيد عمل إذا كان مسجلاً على القيود لديها وفي حال كونه غير مسجل يستطيع التسجيل مباشرة والحصول على شهادة قيد العمل. أما عن تأمين فرص عمل للشباب فأكد أن المديرية غير معنية بتأمين تلك الفرص للمسجلين في القيود لديها. وإنما يقع الأمر على عاتق القطاع العام والخاص حسب حاجة كل من القطاعين للتوظيف.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات