منطقة في مدينة جرمانا تدعى حي المزارع- دف الصخر، خلف الفرن الآلي، يقطنها سكان محليون وآلاف المهجرين من كل المناطق السورية،  استفاق أهلها في الصباح ليجدوا مؤسسة كهرباء الريف قد فرضت على كل عداد كهرباء فيها 100 ألف ليرة تدفع نقداً لكل من يريد الاشتراك بعداد جديد، إضافة إلى ثمن العداد(عشرين ألف ليرة) وأما المشتركون السابقون  فلم تحرمهم المؤسسة من عطفها وحنانها وقررت أن تقسط لهم المبلغ المذكور على عشرين دورة (خمسة آلاف ليرة تضاف إلى كل فاتورة لمدة تزيد على الثلاث سنوات).
البعض من السكان لم يصدق ما جرى إلا بعد أن ذهب بنفسه ليدفع ما في ذمته من فواتير كهرباء، والبعض الآخر استنكر ما جرى وذهب إلى البلدية وقسم كهرباء جرمانا في محاولة للاستفاقة من صدمته ومعرفة ما يجري، وليسأل من كان بها خبيراً، كان الجواب أن الأوامر صدرت والمبالغ ستدفع شاء من شاء وأبى من أبى، وحين اعترض على هذا الأمر بصوتٍ مسموع عاد الصدى لا حياة لمن تنادي.
هذه القصة ليست من حكايا ألف ليلة وليلة بل هي قصة حقيقية بدأت فصولها مع صدور الدورة الجديدة لقسم كهرباء جرمانا، وقد حدثنا أبو صياح بعكر عضو لجنة الحي وهو موظف متقاعد وساكن قديم في الحي قائلاً: تفاجأت بأن قسم كهرباء جرمانا يريد أن يأخذ منا 100 ألف ليرة عن كل مشترك في عداد بالتقسيط (5 آلاف ليرة في كل دورة) علماً أنني دفعت سابقاً حين اشتركت في أول عداد، أربعة آلاف ليرة تساوي قيمتها أكثر من 100 ألف ليرة.
وطالب أبو صياح المسؤولين في جرمانا بأن يراعوا شعور الناس ويترأفوا بحالتهم، وأضاف:
أنا الآن لدي 5 عدادات وإذا كنت سأدفع مئة ألف ليرة عن كل عداد فهذا يعني أنني سأدفع 500 ألف ليرة، من أين سآتي بها!، وبيّن أبو صياح أنه يذهب كل شهرين بعد أن يقبض راتبه التقاعدي إلى قسم كهرباء جرمانا ويسدد ما عليه من فواتير فإذا أراد أن يدفع ما يترتب عليه الآن من فواتير مع هذا المبلغ المفروض فإن كل راتبه التقاعدي لن يكفيه.
عضو لجنة الحي أبو سليمان هواش حسون قال لنا: لدي عداد كهرباء نظامي منذ أكثر من 30سنة، أي قبل أن ينشئوا هذه المؤسسة في جرمانا، دفعت ثمنه في مؤسسة القابون، واشتركت في عدادات أخرى لأولادي ونسدد فواتيرنا بانتظام فلماذا يجب علينا دفع هذا المبلغ !؟
وأضاف أبو سليمان: نطالب الحكومة بصفتنا مواطنين كما بقية المواطنين في هذا البلد بأن نخدّم كـبقية المواطنين، لافتاً إلى أن هناك مواطنين بالكاد قادرون على دفع الفواتير بسبب الأحوال المعيشية الصعبة في ظل الأزمة فكيف سيكون حالهم بعد أن فرض عليهم هذا المبلغ.
وتمنى أبو سليمان من الجهات المعنية أن تنظر بعين العطف إلى هؤلاء المواطنين، مقترحاً أن يعفى المشتركون السابقون من دفع هذا المبلغ لحل هذه المشكلة وأن يفرض هذا المبلغ فقط على كل من يريد الاشتراك في عداد جديد إذا كان لابد من ذلك.
ليس فرضاً
مدير عام مؤسسة توزيع الكهرباء في سورية المهندس عبد الوهاب الخطيب نفى أن يكون الموضوع موضوع فرض وإنما هو تطبيق لنظام استثمار موجود في المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء لتغذية الأبنية التي تزيد مساحتها الطابقية على 2500 متر مربع أو الأبنية التي تتجاوز الاستطاعة فيها 50 آمبيراً، هذه الابنية وفق نظام الاستثمار يلزمها التنازل عن مركز تحويل من أصحاب البناء وفي البناء ذاته، مضيفاً أن التطبيق يلزم أصحاب البناء بدفع تكاليف مركز التحويل الكاملة سواء أكان البناء داخل المخطط التنظيمي أم خارجه.
وأوضح الخطيب أن نظام الاستثمار هذا صدر في تاريخ 23/1/2014 ثم تم تعديل المادة 22 منه بتاريخ 18/11/2015 التي تنص على أن توسيعات الشبكات داخل المخطط التنطيمي أو خارجه يدفع قيمتها المواطن وعلى نفقته، مضيفاً أن أغلب الأبنية في منطقة (دف الصخر) في جرمانا ينطبق عليها هذا الأمر ويلزمها بناء مراكز تحويل مع تجهيزاتها تطبيقاً لنظام الاستثمار.
وقال الخطيب: واجهتنا مشكلة ِأنه خلال فترة الأزمة تم بناء عدد هائل من الأبنية الشاهقة (7طوابق) في منطقة زراعية وأصبحت هذه المنطقة بحاجة إلى تخديم بالكهرباء ولم نجد حلاً أسلم من هذا الحل تطبيقاً لنظام الاستثمار، قمنا بحساب كمية الطاقة التي تحتاجها المنطقة وعدد مراكز التحويل إضافة إلى تجهيزاتها وحسبنا القيمة الإجمالية لتكلفة مشروع التغذية(من850 -1000مليون ليرة) وقسمنا هذا المبلغ على جميع المشتركين بالتساوي أي المشتركين السابقين والمشتركين الذين لم تركب عداداتهم بعد.
وفيما يخص تطبيق الشرطين السابقين في نظام الاستثمار على المشتركين السابقين الذين تتم إضافة خمسة آلاف ليرة على فواتيرهم ابتداء من الدورة الأخيرة، أفاد الخطيب بأن مؤسسته لا تزال تجري الدراسة على هذا الموضوع واللجنة المكلفة ما زالت قائمة على عملها في متابعته ودراسته مضيفاً: أعطينا توجيهات للمعنيين في قسم كهرباء جرمانا وفي كهرباء ريف دمشق بأن يعيدوا النظر في وضع المشتركين السابقين وسيحل الموضوع حسب بعدهم عن الشبكة الرئيسة، مبيناً أن وضع المشتركين السابقين لم يبت بشكل نهائي بعد وستتم معالجة كل حالة على حدة.
ورداً على سؤالنا إن كانت الجهات القائمة على هذا المشروع قد أخذت في الحسبان الأوضاع المعيشية الصعبة لمعظم الأسر غير القادرة على دفع تكاليف كهذه أجاب الخطيب: هذا الواقع عام وقد فرض علينا وهذا هو الحل حسب الأنظمة الموجودة لدينا، مضيفاً أن تسوية وضع القاطن بدفع هذا المبلغ وتحسين واقع الكهرباء عنده أفضل من تغريمه بمخالفة لا تحل المشكلة من جذورها.
كهرباء ريف دمشق
لديها جميع الموافقات
مدير كهرباء ريف دمشق المهندس خلدون حدى  وفق جريدة تشرين أوضح أن هذه المنطقة فيها ما يقارب الـ10 آلاف شقة سكنية شيدت بشكلٍ مخالف، مضيفاً أن مؤسسته قامت وحسب نظام الاستثمار فيها بإجراء دراسة متكاملة لما تحتاجه المنطقة من كهرباء لتحسين واقع الكهرباء المتردي فيها، وبعد حساب قيمة تكلفة المنظومة الجديدة التي ستخدم المنطقة من مراكز تحويل جديدة(حوالي17محولاً) وخطوط المتوسط المغذية للمراكز وخطوط المنخفض المغذية للحارات إضافة إلى علب التوزيع، تم تقسيم المبلغ الإجمالي على عدد الشقق الموجودة فتبين أن حصة كل شقة من هذا المبلغ حوالي 100 ألف ليرة، وهكذا تم طلب دفع 100ألف ليرة من كل من يرغب في تركيب عداد كهرباء جديد إضافة إلى ثمن العداد(20ألف ليرة). وأوضح حدى أنه بالنسبة للمشتركين السابقين فقد تم تقسيط مبلغ الـ100ألف ليرة المطلوبة منهم على 20 دورة أي ما يعادل 5آلاف ليرة في كل دورة.
وبيّن حدى أن كهرباء ريف دمشق لديها جميع الموافقات اللازمة لهذا الموضوع من مجلس مدينة جرمانا ومحافظة ريف دمشق ووزارة الكهرباء.
رئيس قسم كهرباء جرمانا المهندس غياث عيدة أجابنا عن سؤال ما ذنب المشتركين السابقين في أن يتحملوا عبء هذا المبلغ قائلاً: إن عداداتهم أخذت بطريقة غير شرعية والمسؤول عن ذلك في مؤسسة الكهرباء قد تمت معاقبته.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات