صندوق النقد الدولي يشير إلى أن سورية خسرت أكثر من 55% من ناتجها الإجمالي خلال خمس سنوات من الحرب، وعليه قد تحتاج إلى عشرين عاماً لتعود إلى مستويات عام 2010 من حيث النمو..
في تقرير صندوق النقد الدولي حول اقتصاد الصراع في سورية الصادر في شهر 6-2016، أشارت التقديرات الدولية، إلى أن الاقتصاد السوري قد خسر خلال خمس سنوات من الأزمة مقدار 57% من ناتجه الحقيقي في عام 2010.
وفي تقريره اللاحق في شهر 9-2016 الذي يتحدث عن الآثار الاقتصادية للصراع وأزمة اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أشار إلى تقديره بأن نمو الاقتصاد السوري لن يتجاوز متوسط 4,5% سنوياً ما سيجعل العودة إلى مستويات عام 2010 تتطلب عقدين من الزمن وفق تقديرات الصندوق..
تقدير صندوق النقد الدولي، لمعدل النمو المذكور، قائم على تقدير متوسط النمو لمجموع الدول الخارجة من الصراعات خلال الفترة بين 1970-2014، وهو تقدير لفترة زمنية طويلة، ولمجموعة من الدول المتباينة من حيث حجم الصراع وأثره والسياسة الاقتصادية التي أعقبت مرحلة الصراع..
تتناقض هذه التقديرات، لمعدلات النمو مع تجربة بعض الدول الخارجة من حروب قاسية كالحالة السورية، وفي مراحل إعادة الإعمار، حيث يرتفع معدل النمو الاقتصادي في هذه المراحل، فعلى سبيل المثال بلغ متوسط معدل النمو في ألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية متوسط سنوي 11,6% خلال سنوات الخمسينيات، رغم أن الاستثمار بلغ نسبة 22% من الناتج فقط، حتى في لبنان الذي تمت فيه تجربة إعادة الإعمار على حساب اختلال التوازن بين القطاعات، وطفرة المصارف والعقارات والسياحة، فإن معدل النمو الاقتصادي في سنوات ما بعد الحرب بلغ 9,2% سنوياً.
إن نموذج صندوق النقد الدولي لإعادة الإعمار، لا يمكن أن ينتج نمواً بمقدار أقل من 4,5% فهو، يشجع التمويل بالدين، ويحفز تقليص النفقات العامة ودور الدولة، و(يعادي) دعم الطاقة وبالتالي دعم مرتكزات عمليات الإنتاج، ويركز على تحرير عناصر مفصلية في الاستقرار النقدي والمالي، مثل حركة رؤوس الأموال، وتعويم العملة الوطنية، وينطلق من تحفيز أصحاب الربح ليقوموا بالاستثمار وفق تقديراتهم ورغباتهم للتصرف بأموالهم!
وبمقابل هذا التقدير نستطيع أن نأخذ تقديراً آخر، فالاقتصاد السوري، ووفق المعادلات المحددة لمعدل النمو، كان يستطيع أن يحقق معدل نمو 8% في العام الحالي، إذا ما تم إدخال مبلغ يقارب 13 مليار دولار في عمليات استثمارية إنتاجية.
إلا أن البرنامج والأجندة وراء تقدير قاسيون السابق، قائمة على تعبئة الموارد للحد الأقصى، وتحديداً من الأرباح التي تأخذ الحصة الأكبر من الناتج المحلي السوري المتراجع، والقيام بهذه عبر جهاز الدولة، الذي عليه أن يساهم بالاستثمار الإنتاجي مباشرة، ويجد طريقه التحفيزي أو الإلزامي، لدفع الموارد المتراكمة لدى قوى السوق، لتساهم في عملية تمويل الاستثمار الإنتاجي..
ستكثر الأرقام والتقديرات حول حاجات التمويل، وتوقعات النمو القادمة في سورية، كلما اقتربت ظروف الحلول السياسية، إلا أن الخيارات الجدية، وطرق السير قليلة مهما تنوعت الجهات المصرحة، فإما خيار الليبرالية التي تنطلق من مصلحة السوق، وإما خيار أعلى نمو أعمق عدالة اجتماعية الذي يتطلب معركة ليس فقط مع قوى السوق والربح الكبرى بل مع الجهات الدولية صاحبة المشروع الليبرالي.
سيرياديلي نيوز
2016-09-26 06:52:22