تتسارع دقات القلوب الصغيرة مع اقتراب العيد، وتزدحم الأفكار الخاصة بالتحضيرات الطفولية للعيد وكيفية الاستعداد لأيام المرح واللعب، حيث تبدأ المخيّلة الصغيرة برسم المخطّطات وعقد الاتفاقات الخاصة بالعيدية التي تدخل في معادلات حسابية اقتصادية قائمة على التوقعات الحالمة بمبالغ كبيرة، وتحصيل أرقام عالية أثناء الجولات الميدانية على الأقارب والمعارف.. وطبعاً خطط إنفاق العيدية تكون جاهزة ومحدّدة الأهداف وأكثر دقة من خطط الكثير من المؤسسات العامة التي تتخبّط بين أرقام إنتاجيتها المتواضعة ونفقاتها الكبيرة!!.
ولاشك أن حالة الترقب والانتظار للعيد التي عشناها جميعاً في طفولتنا.. تكون من أجمل اللحظات والذكريات، بما فيها المواقف الطريفة والمحرجة التي تتسبّب بها المحاولات البريئة للحصول على العيدية. فهل بقيت هذه الذكرى الطفولية على حالها أم خضعت للتغيير؟، وهل يمكن وضعها في الخانة الاقتصادية أم أنها مجرد عادة اجتماعية؟.

عرف اجتماعي
يصرّ الكثير من المختصين الاقتصاديين على إدراج العيدية ضمن النظام الاقتصادي، باعتبارها منظومة اقتصادية تجمع بين الفكر الادخاري والاستثماري غير الربحي، إضافة لكونها من الأعراف المجتمعية التي تُحسب على النظام التربوي الأخلاقي.
ورغم خضوع العيدية حالياً للظروف الصعبة التي تمرّ بها الأسرة السورية، إلا أنها باقية ويحاول الأهل تجاوز كل الصعوبات من أجل تقديمها لأطفالهم ولو بمبالغ بسيطة، مراعين الظروف الاقتصادية القاسية التي يمرّون بها، خاصة وأن العيد في هذا الوقت يحتاج إلى تخطيط مالي مسبق، بعكس العيد في زمن طفولتهم الذي يتميّز بالبساطة، فمبالغ العيدية التي يحرص عليها الأطفال الآن لا تلبي رغبة كثير منهم لشراء ما يخطّطون له، وباتت مؤونة مالية متواضعة جداً إذا ما تمّت مقارنتها مع الأسعار الجديدة لجميع الاستخدامات التي يمكن أن تكون هدفاً لذلك الرأسمال الصغير!.

إحساس بالمسؤولية
العيدية من حيث البعد الاقتصادي ليس لها وجود أو تصنيف مالي استثماري، ولكنها من الناحية العملية المادية حاضرة في حياة الناس كعرف اجتماعي، وتشكل عاملاً معززاً للترابط، كما تُعدّ أحد أشكال التلاحم بين أفراد المجتمع، وتندرج تحت منظومة التكافل الاقتصادي والاجتماعي بين الأفراد والأسر، وعلى الرغم من أهميتها للصغار إلا أنها بدأت مؤخراً تأخذ أشكالاً مختلفة عمّا كانت عليه في الماضي، إذ إن الطفل كان في الماضي يفرح بالنقود البسيطة التي يجمعها بكفاح شخصي، عبر المرور على الأقارب، أما اليوم فهي عبء اقتصادي على الكثير من الناس، وقد كان الطفل سابقاً يجتهد على مدى سنوات عدة لجمع الأموال أو العيدية، ثم يفتح الصندوق لمعرفة المبلغ الذي ظفر به طوال فترة حصاد العيدية وسواء أكانت ذات بعد اقتصادي أم اجتماعي، فهذا لا يغيّر من حقيقة أنها رأسمال صغير قادر على تأمين مصادر رزق منتجة لآلاف العائلات العاملة في سوق ألعاب العيد وغيرها من الأعمال المؤقتة التي تنتعش في موسم العيد، وما يميّزها أنها لا تتقيّد بعمر معين، هذا عدا عن عائديتها المادية الكبيرة التي تصل إلى عشرات الآلاف من الليرات يومياً.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات