شعر طلاب التعليم المفتوح «بالصدمة»، على حد تعبير البعض، عندما قرأوا أنباءً تفيد بأن «وزارة التعليم العالي تدرس تقييد سنوات الرسوب بـ3 للسنة الواحدة»، بدلاً من بقاء مدة مكوث الطالب في السنة الدراسية مفتوحاً، وهنا بدأت شكاواهم تنهمر على هذا النظام الدراسي عبر فتح «ملفات قديمة» سكتوا عنها سابقاً، مطالبين الوزارة «بتحسين جودة التعليم» في نظام التعليم المفتوح قبل اتخاذ أية تدابير جديدة، ترى الوزارة بأنها تحد من أعداد الطلاب المتزايدة «دون جدوى».

الطلاب .. صعوبات وشكاوى بالجملة

مجموعة من طلاب التعليم المفتوح، اشتكوا عبر «قاسيون» من أمور عدة قديمة وجديدة في الوقت ذاته، أهمها دفع الرسوم المحددة ذاتها بـ5 آلاف ليرة سورية للمادة، حتى للمواد الراسبة مرة واثنتين وثلاث...، مايرهق الطلاب مادياً، ويجعلهم يؤجلون تقديمها، مشيرين إلى مشاكل أخرى تتعلق بما وصفوه «إهمال المدرسين لهذا النوع من التعليم، فمنهم من له وظيفة إدارية، ويدرس مواداً في التعليم النظامي، ويرى في يوم الجمعة يوم راحته، فيتغيب عن المقابلات».
حتى نظام المقابلات، كان محلاً لنقد الطلاب الذين أكدوا أنه «غير مجدي، نظراً لإهمال المدرسين، غير المستعدين لشرح أية فكرة بشكل جماعي للطلاب، ويتم حصر الشرح لطالب السؤال فقط وفي مكتب المدرس، وليس في مدرج عام أو هنغار»، مشيرين إلى أن «دراسة المقررات بشكل فردي أمر غير منطقي، وهذا يدفع الطالب إلى حفظ معلومات غير مفهومة، بقصد النجاح فقط، وعند التخرج والبدء بالعمل، تبدأ المفاجآت في ميدان العمل».
يقول أحمد، وهو طالب في كلية الاعلام، التعليم المفتوح: «ما فتئ مدرسو هذا القسم مع وزارة التعليم العالي، بالتأكيد على أن التعليم المفتوح يساوي في الشهادة والخبرة التعليم النظامي، لكن تبين أن هذا الموضوع ضرب من خيال، فنحن في كلية الاعلام لا نخضع لأي تدريب عملي، ولا نعلم كيفية تحرير الخبر، ولا كيفية إعداد التقارير، فهل تلك الكتب كافية لذلك برأي القائمين على الإعلام في البلاد؟».
ويضيف: «هناك استديوهات لكلية الإعلام، ووسائل كافية للتدريب، لكننا محرومون منها، ومع كل تلك المصاعب، يطالبون بنسب نجاح مرتفعة!، ويقولون لنا: إن شهادتنا تساوي الشهادة النظامية!، كيف يكون ذلك ونحن لا نملك أية خبرة عملية، وغير مرغوبين في سوق العمل للسبب ذاته»؟.


تصريحات رسمية

مصادر رسمية، أكدت أنه منذ عام 2002 حتى عام 2013، لم تتجاوز نسبة التخرج من برامج التعليم المفتوح الـ 5%، ويوجد حالياً 240 ألف طالب، وإذا تم ترك القضية على ماهي عليه فقد يصل العدد خلال 10 سنوات أخرى إلى نصف مليون طالب وطالبة!، وقد يعود ذلك فعلاً إلى سوء الاهتمام بهذا النوع من التعليم من قبل القائمين عليه، ورغم مرور 11 عاماً على تلك الوقائع، لم يتم اتخاذ أي قرار في سبيل تلافي الخلل.
وقالت مصادر في وزارة التعليم العالي لـ«قاسيون»، إن الحديث عن جدوى اللقاءات مقارنة بالمحاضرات، أمر منهي، فالتعليم المفتوح لا يجبر المدرس على إعطاء محاضرة، ولا يجبره على الإجابة عن التساؤلات في مكان معين، ونظام التعليم هذا قائم بالأساس على اعتماد الطالب على نفسه، والمدرس مهمته الإجابة فقط.
وفيما يتعلق برسوم المواد في نظام التعليم المفتوح، قال نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم المفتوح أيمن أبو العيال، في حديث إذاعي: إن «الموضوع يتعلق بسياسة مالية للتعليم العالي، فبعد أكثر من سنة ونصف على صدور القرار بات الكلام به غير مجد، خاصة مع التضخم المالي الحاصل».
أبو العيال كشف عن دراسة لقرار قد يكون «مصيبة مالية» بالنسبة لكثير من الطلاب، لكنه من وجهة نظره يحد من «اللامبالين» في هذا النظام التعليمي، وهو «تصاعدية بالرسوم حسب سنوات الرسوب، بحيث تطبق بالنسبة للطالب الذي يرسب في سنته وليس في مادته، عبر خفض رسوم السنة الاولى، ورفع تصاعدي للرسوم في حال الرسوب، الذي قد يحدد بثلاث سنوات فقط لكل سنة دراسية».
ومن خلال إحصائيات لوزارة التعليم العالي، تبين أن نسب الطلاب الموجودين على حساب جامعة دمشق كبير، وأن الرقم آخذ بالتضخم، وهنا اتهم أبو العيال «عدم وجود الجدية لدى الطلاب المسجلين في التعليم المفتوح كلهم»، قائلاً: «هناك 85 ألف طالب بمختلف برامج التعليم المفتوح في جامعة دمشق، لكن من ملتزم منهم 18 ألف طالب، ما اقتضى إعادة النظر بنظام المكوث بالنسبة للتعليم المفتوح».
أبو العيال ووزارة التعليم العالي، يرون في طلاب التعليم المفتوح «غير جديين» لكثرة عددهم، وعدم التزامهم على حد تعبيرهم، ويؤكدون عدم وجود خبرة عملية للخريجين، في الوقت ذاته يؤكد أبو العيال أن «قيم الشهادتين بالتعليم المفتوح والتعليم النظامي متماثلة»، ولا فرق بينهما في الحياة العملية.


لا بد من إيجاد حلول

من خلال ما سبق، يتضح بأن هناك مشكلة حقيقية وجدية، بالنسبة لنظام التعليم المفتوح، بحاجة لإيجاد حلول جذرية لها، من قبل المعنيين في وزارة التعليم العالي، وخاصة جودة التعليم، والتزام المدرسين، واستفادة الطلبة من الإمكانات المتاحة بالكليات، أسوة بغيرهم من الطلبة، بعيداً عن أسلوب التطفيش، بغاية تخفيض الأعداد، لمبررات ومسوغات، لا شأن للطلبة المسجلين بها، وذلك قبل أن يستكمل استفحالها وتصبح عصية عن الحل، خاصة وأن ضحيتها سيكونون هؤلاء الطلبة الذين بذلوا الجهود وعقدوا العزم، وتكبدوا النفقات، على أمل الحصول على شهادة جامعية، تؤهلهم لخوض غمار إثبات الذات في الساحة العملية، والبحث عن فرص عمل، تقيهم شرور الحاجة.

سيرياديلي نيوز


التعليقات