ويبدي هؤلاء مخاوفهم من البيئة التي خلقتها الأزمة والتي من شأنها أن تضمن معدلات انتعاش عالية في الطلب على السلع المنتجة في أقبية الظل، ويؤكون أن ثمة أرقام تمخضت عن عمليات رصد للوقائع تشير إلى أن الطلب على " سلع الظل" زاد بشكل كبير على كمية المتوفر منها في السوق، في ظل خروج كثير من المنشآت المنتجة المرخصة نظامياً، وعجز ما تبقى منها عن تلبية الطلب المتزايد لها.
ويعتبر المراقبون أن الموضوعية تقتضي تفهم هذا الأمر إلى حدٍ ما في ظل ما في ظل الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد، إلا أن السؤال المشروع هنا ما هي تداعيات هذا الأمر في حال استمراه، وتأثيرها على اقتصادنا الوطني؟.
ويرى خبير متخصص في التحليل الاقتصادي: أن السوق يدرس العرض والطلب بآلية تجارية بحتة، والدولة يجب أن تنظر بعين مسؤول وراعي لهذه السوق التي تعمل حالياً وفق مبدأ (دعه يعمل دعه يمر) مشيراً إلى أن الحكومة تراقب هذا الأمر عن بعد، على اعتبار أنه قد يخفض الضغط عنها.
وأضاف الخبير أن مثل هذه العمل يُسيّر بلا شك تدفقات المال والنقد بين طرفي الدورة الاقتصادية (الإنتاج والاستهلاك)، لكن الخشية الأكبر التي تعتري مثل هذه العملية تكمن في تسريب تدفقات المستهلك السوري خارج القنوات الاقتصادية التي تفيد وتغذي الاقتصاد السوري، بمعنى الخشية من تجميع تدفقات المستهلكين السوريين ثم تحويلها إلى عملة أجنبية والهرب بها خارج الحدود، معتبراً أن هذا يندرج تحت مسمى (تبييض الأزمة) إذ أنها – أي الأزمة – صنعت وضعاً قائماً مفاده إضفاء صفة الشرعية على مال غير شرعي، كون أصحاب هذا المال يقومون بتلبية احتياجات الطلب، تحت مرأى الجهات المعنية..!.
بالمقابل يرى البعض أن اقتصاد الظل بدا يشكل متنفساً حقيقاً لا يمكن إنكاره في ظل الارتفاع المريب للأسعار، لاسيما وأنه يندرج تحت ما يسمى في أغلب دول العالم بـ"الاقتصاد الشريف" كونه لا يمت بصلة للمتاجرة بالممنوعات كالمخدرات وما شابه، إضافة إلى أنه يلعب دورا مهما بتقليص نسبة البطالة وتأمين مستلزمات وحاجيات أسر كثيرة، ويرفد بعض قطاعات الاقتصاد الوطني بالدرجة الثانية، ما يحتم على الجهات المعنية تبسيط إجراءات تنظيمه ووضع شروط تشجيعية تدفع القائمين عليه للمبادرة والإقبال على العمل برعاية وظل القانون، حتى لا يستغل بعض ضعاف النفوس عملهم بالخفاء ويتاجروا بمنتجات تتنافى مع صحة المواطن،
يذكر أن وزارة المالية تصدت لهذا الموضوع من خلال قيامها بمسح جغرافي لمكلفي الدخل المقطوع عام 2007، وكانت النتيجة كشف كثير من الفعاليات غير المكلفة وغير المعروفة، إذ تم كشف نسبة تجاوزت الـ20% من مجموع المكلفين على المستوى القطر، في حين تفيد مصادر في الهيئة العامة للضرائب والرسوم أن لدى الهيئة معلومات تشير أن النسبة أكبر من ذلك، فهناك قطاع غير منظم على مستوى عال وخطير لدرجة أن هناك مصانع برادات غير معروفة تشتري مواد أولية وتبيعها في السوق وهي غير مكلفة، والاستعلام الضريبي لعب دورا كبيرا في كشفها وكشف مطارح ضريبية أخرى، وجاءت الأزمة لتزيد "الطين بِلّة" نظراً لتعثر المتابعة.
 

سيريا ديلي نيوز - الثورة


التعليقات