تبدو لعبة المتاجرة بالمصطلحات مستمرة، فيما محاولات التذاكي السياسي تفضح ما خفي خلفها، وهي تميط اللثام عن أدوار وممارسات لم تكن تحتاج إلى الإعلان عنها كي تثبتها الوقائع. والسؤال، هل ثمة فارق بين من يدعم الإرهاب بالسلاح ومن يدعمه بوسائل الاتصال أو بوسائل «غير قتالية».. هل ثمة فارق بين من ينفذ أو يخطط وبين من يوجه ويحتضن؟!‏ قد لا تحتاج الإجابة إلى الكثير من العناء.. ولا إلى الكثير من الفصاحة، خصوصاً حين تكون المعطيات على الأرض فاضحة إلى حد تصبح فيه الايضاحات السياسية إعادة شرح لما هو مشروح وتكرار تفسير لما هو مفسر. لكنها في المشهد السياسي القائم على التناقضات والذي يوظف لمزيد من الاستخدام، قد يبدو الأمر بحاجة لبعض التوضيح.‏ فالأميركيون عندما تفاصحوا بأنهم يدرسون إمكانية دعم أولئك المسلحين، كان دعمهم العملي قد سبق ذلك بأشهر، وحين كانوا يعلنون أن الدعم فقط بوسائل غير قتالية، كانت الوسائل القتالية قد أصبحت بين أيدي الإرهابيين عبر مرتزقتهم في المنطقة .‏ في الجانب الآخر سواء أفصحت واشنطن أم لم تفصح.. أعلنت أم لم تعلن، فإن الأدلة الدامغة كانت تشير إلى تورط أبعد من ذلك، حين كان الإعلان عن الدعم والاحتضان والإيواء والتدريب وتهريب السلاح من قبل حلفاء واشنطن، ولا يوجد عاقل في الدنيا يستطيع أن يتخيل أن هذه الممارسات تتمّ دون موافقة أميركية كاملة، بل وبمباركة مباشرة.‏ في الحصيلة لم يكن الفارق بين الدعم بالوسائل القاتلة أو الوسائل غير القتالية قادراً على تبرئة الساحة الأميركية من المسؤولية وهي التي لم تقل أصلاً إنها بريئة، خصوصاً أن القاصي والداني يدرك أن داعمي الإرهاب - من مشيخات الخليج وحكومة أردوغان- ليسوا أكثر من أدوات تعمل وفق أمر عمليات اميركي بعضه استراتيجي بعيد المدى، وبعضه الآخر تكتيكي آني وفق تطورات الحدث ومنحى المتغيرات.‏ فالتورط الأميركي لا يحتاج إلى أدلة، والتوافق مع إسرائيل أمر لا يتطلب النقاش, وقد خرج الإسرائيليون ليعلنوا دخولهم المباشر على خط الأزمة بعد أن فضحت التسريبات الإعلامية والأمنية والسياسية مساحة التعاون القائم والتنسيق عالي المستوى بينهم وبين تلك الأدوات الأميركية, سواء مشيخات الخليج كانت أم حكومة أردوغان.‏ ومن ثمّ لا نعتقد أن هناك اختلافاً بين من ينفذ أو يخطط وبين من يوجه أو يحتضن وصولاً إلى النتيجة ذاتها بأنهم جميعاً بمرتبة واحدة ومسؤولية واحدة.. فالجرائم التي يرتكبها الإرهابيون هي نتاج ذلك الدعم.‏ إذاً من السذاجة السياسية اعتبار الحديث عن نوع الدعم دفعاً للتهمة.. أو تبرئة للساحة، إذ لا فرق بين الإرهابي ذاته.. وبين من سهّل له وأمّنه وحماه ودعمه، واحتضنه وشجعه ورعاه.. حقيقة لا نعتقد أننا سنختلف عليها.‏ بذات المماحكة تدور السجالات السياسية حول دور المراقبين.. إذ تبدو من السذاجة أيضاً إلى حد البلاهة تلك المحاولات الجائرة إعلامياً وسياسياً ودعائياً ودبلوماسياً للخلط بين الحقيقة وبين الوهم.. بين الأسباب والدوافع.‏ وإذا كانت الأوراق السياسية الكبرى مؤجلة حتى إشعار آخر، فإنه من غير الجائز تجاهل العناوين الصادرة عن قمة الرئيسين بوتين وأوباما.. في وقت بات الجميع يسلم به أن صراع الإرادات الدائر داخل مجلس الأمن اتسعت مساحته، وما كان داخل الأروقة انتقل إلى ساحة مفتوحة للمواجهة.. وموضعاً ربما لإعادة توصيف الأشياء وتسمية الوقائع كما هي.‏ إرهابي قاتل.. وداعم أشد قتلاً.. ومحرض متورط وحاضن متواطئ.. وفي الحصيلة إرهاب يترجم أجندات ويوظف أوراقاً.. ويستنسخ تجارب!!‏   الثورة بقلم: علي قاسم syriadailynews

التعليقات