أوضح الخبير الاقتصادي زياد عربش أن مشكلة السكن بدأت عندما زاد عدد الأسر المحتاجة للمسكن، ولاسيما في السنوات الأخيرة مع تكون أسر بعدد أفراد قليل ما أدى إلى حاجة سنوية لعدد من المساكن يتراوح ما بين 50-60 ألف مسكن. وأما الأسباب التي أدت لذلك فيقول عربش كما ذكرت صحيفة تشرين: من جهة لم تعد هناك قابلية أو إمكانية لسكن الأبناء مع الأهل بعد الزواج وأصبح من المفروض تأسيس أسرة بعيداً عن مسكن العائلة، ومن جهة ثانية فإن التطور في نمط الحياة دفع إلى توليد حاجة لمسكن آخر للشخص نفسه وهذا نلمسه بوضوح في الطبقات الاجتماعية الغنية، إلى جانب التحرر التجاري ودخول رؤوس الأموال في السنوات الأخيرة ما دفع إلى التفكير بشراء عقار أو منزل لتأمين عملية الادخار طويل الأمد، فالعقار مضمون مع مرور الزمن وفي أسوأ الأحوال لا يمكن أن تشهد أسعاره انخفاضاً صاعقاً ضمن المعطيات الحالية، من هنا يمكن أن نفهم زيادة الطلب على المسكن والمنازل بشكل عام. وأضاف عربش: وهنا نلمس بوضوح النمو المتزايد على الطلب مقابل العرض المحدود والذي في جزء منه غير مُفَعَّل، ولاسيما أن هناك نسبة كبيرة من الشقق السكنية مغلقة وغير مستثمرة، لا بالبيع ولا بالإيجار. أضاف: إن النمو المتزايد في الطلب لا بد وأن يُلبى بشكل أو بآخر، وهنا بدأنا نشهد حالة التشوه في تلبية الطلب من خلال السكن العشوائي الذي جاء على خلفية نقص العرض من جهة وارتفاع أسعار السكن من جهة ثانية نتيجة المضاربات المالية. إلا أن عربش يرى أن مشكلة السكن تعود لسبب رئيس وأساس أن الأراضي المتاحة للبناء قليلة، بمعنى أن المطلوب هنا توفر أرضٍ نظامية تصلح لأن تشيّد عليها أبنية سكنية، وإلى الآن لاتزال مشكلة الأراضي العائق الأساس فبسبب قلتها شهدت الأخرى مضاربات مالية أدت إلى ارتفاع أسعارها. وبحسب عربش فإن مسألة التمويل تأتي في الدرجة الثانية كمسبب لمشكلة السكن في سورية، حيث نجد أن الفوائد المترتبة على قروض المصارف العامة لشراء أو إكساء منزل تصل إلى حدود مرتفعة جداً ما يرتب على المواطن ولاسيما محدود الدخل أعباء مالية قد لا يكون قادراً على الالتزام بها، في المقابل كان دور المصارف الخاصة شبه غائب في عملية تمويل السكن. من هنا يرى عربش أن شركات التمويل العقاري قد تلعب دوراً في خلق ديناميكية جديدة وحركية أكبر لقطاع العقارات كونها قنوات إضافية متخصصة سيكون لعملها أثر وفائدة، في وقت نجد فيه أن قنوات التمويل العقاري قليلة وضعيفة جداً والمصارف لم تساهم في حل المشكلة. من جانبه يرى ماهر مرهج مستثمر في قطاع العقارات أن إحداث مثل هذه الشركات يعدّ خطوة متقدمة إلى الأمام في تخليص القطاع العقاري من مشكلات التعامل مع المصارف لجهة متطلباتها من الضمانات والرهون والإجراءات الروتينية الأخرى، بما يمكن أن تقدمه من تسهيلات وروتين أقل. وعلى العموم وجد مرهج أن المصارف العامة لم تسهم في تمويل العقار أو شراء مسكن ما خلا المصرف العقاري بوصفه المصرف الوحيد المتخصص في هذا المجال. في المقابل لم تستطع المصارف الخاصة التي أحدثت منذ بضع سنوات على أمل أنها ستكون المنافس القوي في السوق المصرفية السورية، وأنها ستقدم المزيد من المنتجات المصرفية التي تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد والنهوض بمشاريع تنموية، لم تستطع تلك المصارف أن تقدم أية مساهمة تذكر في قطاع السكن والعقارات، كما أنها وعلى العموم لم تدفع باتجاه تحقيق التنمية المنشودة في البلاد من خلال تمويل مشاريع نوعية تنموية حقيقية، كل ذلك وهي تقف وراء حجتها القديمة الجديدة (المصرف المركزي يقيدنا). ويرى مرهج ضرورة في تشجيع الشركات عند إحداثها وذلك للتخلص من مشكلة العلاقة ما بين المواطن والمصرف لجهة إثبات الدخل والكفالة وغير ذلك الأمر الذي سيساهم إلى حد بعيد في حل مشكلة السكن وتخفيض مستوى الأسعار ولو بنسبة ضئيلة. أضاف: لكن ما يجب الانتباه له في هذا السياق، هو أن أي تجربة من هذا النوع تحتاج لتغيير في الآليات والإجراءات المتبعة في مجال الاستثمار في القطاع العقاري تحديداً الاستثمار في مختلف المجالات على وجه العموم، فقد لا يكفي أن نطلق تجربة جديدة من هذا النوع ونبقي على الآليات والروتين السابق في التعامل مع النشاط الاستثماري في البلاد، ولابدّ هنا من اتباع سُبل وآليات جديدة ومناسبة مبنية على أساس تغيير ثقافة الاستثمار كلها في جميع المجالات. فمن جهة لابدّ لنا أولاً وقبل التوجه نحو تشجيع الاستثمار من أن نعرف إلى من نتوجّه وما هي المحفزات الملائمة التي يمكن أن تأتي بثمار جيدة، فالتجربة السابقة التي سعت من خلالها الجهات المعنية في السياحة وغيرها لاستقطاب المستثمرين العرب والأجانب لم تأت أُكلها ولم نلمس منها نتائج حقيقية على الأرض.   الاقتصادي syriadailynews  

التعليقات