في عام 2013  تم رفع أكبر تمثال للسيد المسيح في الشرق الأوسط على قمة جبل الشيروبيم في صيدنايا على ارتفاع 12.3 متراً

صيدنايا تعدُّ من أعرق الحواضر المسيحية في المشرق العربي و تُشتهر بجمال طبيعتها ومقدساتها المسيحية المشهورة في جميع أنحاء العالم.

تقع المدينة على بعد 30 كم شمال غرب مدينة دمشق ضمن سلسلة جبال القلمون وتبعد عن الحدود اللبنانية السورية حوالي 40 كم.

لفظة صيدنايا آرامية الأصل، وقد يكون مشتق من (صيدون) وهو إله الصيد عند الفينيقيين ، أو (صيد دنايا) أي مكان الصيد, وقيل أيضاً (سيدانايا) بمعنى سيدتنا

إلاّ أن الاسم الأرجح والأكثر شيوعاً والأقرب إلى الصحة فإن كلمة صيدنايا اسماً ومكاناً تعني صيد الغزالة وأصل الكلمة آرامي

 صيدنايا ذات أهمية كبيرة وخاصة بين مدن الشرق والعالم المسيحي، فهي بلدة تعود إلى عصور قديمة، وفيها الكثير من الآثار، أهمها الأديرة والمقدسات المسيحية. وفيها أحد أهم الأديرة المسيحية في العالم، وهو دير سيدة صيدنايا، الذي بناه الإمبراطور البيزنطي جوستنيان (يوستيانوس) في القرن السادس الميلادي.

وأن هذا الدير يأتي في المرتبة الثانية في الأهمية بعد كنيسة القيامة في القدس بالنسبة للمسيحيين.

يُقدَّر عدد سكان صيدنايا بحوالي 15,000 نسمة. أغلبية أهلها من المسيحيين من طوائف مختلفة، منها الكاثوليك والأرثوذكس والسريان والإنجيليون.

 يُوجد في صيدنايا ومعرتها عدد من الفنادق الراقية والمطاعم والمنتزهات، ويتوافد إليها الزوار من أنحاء الوطن العربي ومن دول العالم الأخرى لزيارة المقدسات المسيحية بها وحضور الاحتفالات الدينية، أو للسياحة والاصطياف فيها.

تحتضن صيدنايا عدد من الأديرة أشهرها دير سيدة صيدنايا :

 و يقع في أعلى قمم بلدة صيدنايا ويبعد عن دمشق مسافة 30 كم وقد تم إنجاز هذا الدير عام 547 م  وتواصلت فيها حياة الرهبنة منذ القرن الخامس الميلادي، وتعيش فيه نحو مائة راهبة ويأتيه الزوار من أنحاء العالم كما توجد مكتبة تضم مئات الكتب والمخطوطات.

و دير الشيروبيم:  وهو دير أثري ومعلم ديني وسياحي يقع في محافظة ريف دمشق بالقرب من صيدنايا و بني بالقرب من الدير تمثال للسيد المسيح، يعتبر الأكبر في الشرق الأوسط.

تعني كلمة (شيروبيم) بالآرامية القديمة الملائكة وتتكون من مقطعين «الشيروب» أي الملاك والـ «بيم» علامة الجمع وقد سمي الدير بهذا الاسم

تمثال السيد المسيح بالقرب من دير الشيروبيم

معلم ديني و سياحي يضاف لقداسة مدينة صيدنايا هو أطول تمثال ليسوع المسيح في الشرق الأوسط و الذي أنجز في 14 تشرين الأول 2013

يبلغ ارتفاع الشكل 12.3 مترًا (40 قدمًا) ويقف على قاعدة يصل ارتفاعها إلى 33 مترًا عن ساحة دير الشيروبيم

تم وضع التمثال على طريق الحج التاريخي من القسطنطينية إلى القدس

التمثال  صنعه النحات الأرمني أرتوش بابويان  و قد ظهرت هذه الفكرة في عام 2005 و باركها البطريرك أغناطيوس الرابع (البطريرك أنطاكية والشرق الأوسط ) الذي كان صاحب هذه الفكرة

 يسوع المسيح يظهر و هو يدوس على أفعى التي هي رمز الشر و يوجد تمثالين صغيران يرمزان لآدم على جانبه الأيمن وحواء على جانبه الأيسر.

  التمثال تم تجميعه في أرمينيا جاهزًا ، لكن سورية كانت في حالة حرب عدوانية عليها من قبل مجموعات إرهابية تسلحها و تمولها كل من قطر والسعودية وتركيا وبعض دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية ، مما تسبب في تأخير للمشروع بعض الوقت.

و للاطلاع على بعض التفاصيل التقى مراسلrebuildsyria.cz   مع المهندس المدني السوري رامي مالك بشور (51 عاماً ) و هو خريج جامعة دمشق و الذي  قام بإعداد الدراسة الإنشائية وأشرف على تنفيذ قاعدة التمثال

 وقد كشف لنا المهندس رامي معلومات لم تنشر من قبل كما صحح لنا معلومات خاطئة منشورة عن التمثال وقال :

تم البدء بتنفيذ قاعدة المشروع في العالم 2011  التي صمم شكلها فنان تشكيلي روسي يدعى يوري و قمت أنا  بإعداد الدراسة الإنشائية من ناحية تسليح جسم القاعدة وطريقة تثبيت التمثال البرونزي المجوف و الذي يبلغ وزنه  18 طن وهذا الوزن يعتبر خفبف نسبياُ أمام سرعة الرياح في المنطقة وقد تم تصميم العمود المثبت للتمثال على القاعدة على أعلى سرعة رياح مقاسة في سورية يمكن أن تحدث باحتمال مرة كل 50 عاما وهي ( 225 كيلو متر بالساعة ) .

عند البدء بالتنفيذ كانت بداية الحرب العدوانية على سورية في العام 2011 كنا قد أنهينا الدراسة الانشائية وبدأنا بالأعمال التحضيرية والأعمال الطوبوغرافية والأعمال الانشائية وقد خاطر فريق العمل بحياتهم بسبب مخاطر الحرب في تلك الفترة وحالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة في ذلك التاريخ .

و يتابع المهندس رامي فيقول بأن غالبية الورشات التي ساهمت في تنفيذ التمثال من أهل المنطقة مسيحيون ومسلمون  و بعد تم الانتهاء من تنفيذ قاعدة التمثال في نهاية العام 2012 تم تركيب التمثال في العام 2013 بعد تقطيعه إلى أربع أقسام قبل شحنه من أرمينيا عن طريق البحر نحو ميناء بيروت  وذلك لأن تركيا لم تسمح بشحن التمثال عن طريق البر وكان علينا  تركيب التمثال لأن عدم تركيبه سوف يعرضه للسرقة من قبل العصابات الإرهابية .

توقف العمل في أعمال الإكساء والإنهاءات الأخرى بسبب عدم استقرار الوضع العسكري في المنطقة في ذلك الوقت

يتذكر المهندس رامي و يقول :  أنني أذكر في إحدى المرات دخل الإرهابيون الدير على درجات نارية وكانوا يحملون مدافع صغيرة  لقصف مواقع الجيش العربي السوري وقاموا حينها بحجز الناس والكهنة و الورشات لمدة 13 ساعة متواصلة  في غرف الدير و لحسن الحظ أنا لم أكن موجوداً في حينها وإلأ كان مصيري الموت المحتم لأنني مسيحي وموظف حكومي ولأنني أدعم رئيس بلادي الدكتور بشار الأسد .

تعرض التمثال إلى هجوم الجماعات الارهابية أكثر من مرة لكنه لحسن الحظ لم يصب بأضرار كبيرة و قد تم تأمين جبال القلمون من قبل الجيش العربي السوري ويمكن إكمال أعمال الكساء القليلة المتبقية في النصب حالياً .

و عن الإكمالات التي يحتاجها التمثال حاليا يقول بشور :

مازال النصب بحاجة لإكمال بعض الأعمال مثل إكمال تركيب مانعة الصواعق والإنارة  و أعمال إكمال حجر الإكساء وإصلاح الأضرار الناجمة عن الأعمال الإرهابية و لوحة الفسيفساء الكبيرة للسيدة مريم العذراء في الواجهة الأمامية لمدخل النصب من جهة الدير والتي كان من المقرر تنفيذها آنذاك ومتابعة تنفيذ هذه الأعمال يعود قراره للجهة صاحبة المشروع . و عن شعوره يقول المهندس رامي بشور: أنني اشعر بالفخر لمشاركتي بهذا العمل والذي أعتبره رمزاً أبدياً للصداقة السورية –الروسية عندما كنت أصمم القاعدة كان صوتي الداخلي يقول لي :( يجب أن يعيش هذا النصب مدة لا تقل عن ألف عام ) وهذا ما فعلته من أجل ديمومة النصب .

 

سيريا ديلي نيوز-يونس الناصر


التعليقات