ثمة اتفاق لدى متابعي الشأن السوري على أن حجم الدمار والخراب، الذي ألحقته الحرب الدائرة حالياً بنواحي الحياة السورية بمجالاتها وقطاعاتها المختلفة، يؤشر إلى أن البلاد مقبلة على أكبر عملية إعادة إعمار، قد يشهدها بلد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وهذا ما يجعل من العملية المرتقبة، بعد توقف أصوات الرصاص والمدافع، ذات بعد إقليمي ودولي واسع، فمن جهة هناك دول وحكومات تحرص على أن تكون حاضرة في إعادة الإعمار لترسيخ نفوذها وتمتين علاقاتها السياسية والاقتصادية مع سورية الجديدة، ومن جهة ثانية هناك دول وشركات ومجموعات اقتصادية عملاقة مهتمة بالحصول على جزء من “كعكة” العقود والصفقات الضخمة، التي ستعقدها الحكومة السورية في خضم مشروعها لإعادة الإعمار.

ومع أن التطورات الميدانية والسياسية المتسارعة، تؤكد أنه من المبكر الحديث عن توقف نهائي للحرب، وايجاد حل سياسي يضمن عودة الاستقرار والسلام إلى هذا البلد، إلا أن ذلك لا يحول دون قراءة ما تفكر به الحكومة السورية حالياً للتعامل مع هذا الملف، والاطلاع على المشاريع الأولية، التي هي قيد الإعداد أو التنفيذ، لاسيما في المناطق العائدة حديثاً لكنف الدولة السورية، إضافة إلى محاولة استشراف ماهية الحضور الإقليمي والدولي ومحدداته وحجمه.

دون شك، هناك تحديات كبيرة تواجه عملية إعادة الإعمار، سواء في مرحلة التحضير والإعداد أو في مرحلة الإقلاع والتنفيذ، كبيان المقصود بمصطلح إعادة الإعمار، مصادر توفير الاعتمادات المالية الهائلة دون الارتهان إلى مديونية خارجية كبيرة، أولويات التنمية والإعمار، وإعادة استثمار ثروات وموارد البلد لتكون في خدمة إعادة الإعمار، وغير ذلك من التحديات والصعوبات، التي لا يستبعد أن تشكل حجرة عثرة أو تتسبب بتأخير ما.

مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط

سيريا ديلي نيوز


التعليقات