عقد مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد بتاريخ 23/5/2017 في مقره، حلقة نقاشية ضمن فعالية رواق دمشق، حول التعصب وعلاقته بالتطرف والعنف، بحضور جمع من الشخصيات الفكرية والأكاديمية والإعلامية المهتمة بالشأن العام، والقضايا الفكرية السورية.

أدار الجلسة النقاشية أ. هامس عدنان زريق مدير المركز، الذي افتتحها مرحباً بالضيوف، ومعرفاً بالمركز وأهدافه، وبفعالية رواق دمشق بوصفه فضاءً فكرياً لطرح الأسئلة الإشكالية حول المشهد الثقافي السوري، ولفت إلى أن هذه الحلقة النقاشية حول التعصب تأتي استكمالاً لحلقة حول ثقافة العنف التي أقامها المركز سابقاً، وأشار إلى أن الاستفادة من هذه الورشة تتمثل بالخروج بمجموعة توصيات يمكن أن تساهم بمعالجة هذه الظاهرة.

قُدم في الجلسة النقاشية ثلاث أوراق بحثية، لكل من الأساتذة:

أ.جادالكريم الجباعي بعنوان: "التعصب وآليات توليد العنف: مقاربة فكرية".

د. علاء الدين الزعتري بعنوان: "التعصب “من وجهة نظر دينية.

د. كريم أبو حلاوة بعنوان: "أهمية اللاعنف في مواجهة التعصب."

عقدت الجلسة بحضور مجموعة من الباحثين والمثقفين والإعلاميين والمهتمين، وهم: الدكتور محمد طاغوس، الدكتور عماد خليل، الدكتورة إسعاف حمد، الدكتور سلمان مظلوم، الدكتور أحمد الدرزي، الدكتور طلال معلا، الدكتور وضاح الخطيب، الدكتور عبد السلام راجح، الأستاذة سوسن زكزك، الأستاذة كفاح حداد، الدكتور عقيل محفوض، الدكتور أحمد الحاج علي، الأستاذة ديانا جبور، العميد تركي حسن، الدكتورة أنصاف حمد، الدكتور مدين علي، الأستاذ تحسين الحلبي، بالإضافة إلى الباحثين الشباب في المركز.

تناول الأستاذ جباعي في ورقته مفهوم التعصب بوصفه يحيل الى ظاهرة بشرية تاريخية، اجتماعية-اقتصادية، وثقافية، وسياسية، وأخلاقية، مركبة، متعددة الأبعاد والوجوه، كما تحاول الورقة تعيين حدود المفهوم، ووجوه استعماله في ميادين مختلفة، وتبيين علاقته بالعصبية، وعلاقة الأخيرة بالهوية، وإلقاء بعض الضوء على الأصول النفسية للتعصب، وأثر التقليد في تعزيزه، وإعادة إنتاجه عن طريق التربية والتعليم، وتقصي أشكال تعينه في الواقع، وتخلص الورقة إلى بعض النتائج والاقتراحات، التي يمكن أن تساعد في الحد من التعصب، وتلافي تأثيراته الضارة على الجسم الاجتماعي وشخصية الفرد.

من جانبه، ناقش الدكتور الزعتري في ورقته أسباب التعصب وأوضح مظاهره، وبين آثاره، وربطه بالإرهاب، وبين علاجه، وختم بحثه بالحديث عن التسامح، ومزايا أهل العلم، ومقومات ثقافة السلام، مؤكداً على أن طوق النجاة لهذه الأمة في حياتنا المعاصرة، يكمن في وعي الأمة بدورها في صياغة مشروع حضاري متميز، يستفيد من الحضارات الأخرى ويضيف إليها، وأن ذلك لا يكون أبداً مع التعصب والانغلاق وضيق الأفق الفكري، أو بتكفير المخالفين، لأن هذا ضد الحضارة، وضد مسيرة الوعي، ورحلة المعرفة والاجتهاد.

أما الدكتور أبو حلاوة، فقد عرض في ورقته لفلسفة اللاعنف على أنها أحد أهم المداخل فاعلية في مواجهة العنف، وأشار إلى أنها ثقافة تتأسس على فلسفة، تؤكد أن فرضية اللاعنف هي التعبير الأعمق عن إنسانية الإنسان، وشرط إمكانية لقائه مع الإنسان الآخر اعتماداً على مبدأ الأخوة في الإنسانية، وعرض تجارب لاعنفية دالة، كتجربة نيلسون مانديلا، وجنوب إفريقيا في هزيمة الأبارتيد، وأكد أن اللاعنف استراتيجية عملية، وذلك بالانتقال من المبادئ الفكرية، والأسس الفلسفية لاستراتيجية اللاعنف، إلى التفتيش عن فاعليتها العملية وقابليتها للتطبيق، باعتبار أن بناء ثقافة السلم الأهلي على المدى الطويل يحتاج إلى مواجهة التطرف والتعصب، وخصوصاً على المستوى الفكري الطويل الأمد.

وجرت خلال الجلسة مجموعة من المداخلات، التي اعتبرت في بعض جوانبها أن التعصب ليس مسألة متوارثة، وتم التساؤل عن مسؤولية الجماعة الفقهية عن نشره، كونها لم تسعَ إلى فك التشابك بين النصوص المقدسة التي تدعو إلى التعصب، والأخرى التي تدعو إلى التسامح، وأشاروا الى أن الطبقة الوسطى هي رافعة المجتمع، والضامن للحد من انتشار العنف، وأن للاعنف سياقات تاريخية يجب وضعه ضمنها، والتعصب ليس معادلاً دائم لغياب الحرية، وتم لفت الانتباه الى وجود عنف مشروع وقانوني، وعنف غير مشروع يجب التمييز بينهما، ودعت المداخلات الى عدم رد تهمة التعصب إلى الإسلام، كما أثير التساؤل عن سبب ظهور ما سمي "مناطق احتقان" في مناطق جغرافية محددة على أساس مذهبي مع بداية الأزمة في سورية، ما هي مدلولات نشوء هذه الظاهرة  في هذه المناطق بالتحديد؟، بالإضافة إلى قضايا أخرى أغنت الموضوع، وسيقوم مركز دمشق للأبحاث والدراسات بنشر المداخلات كاملة مع الأوراق البحثية على موقعه الالكتروني.

  

سيريا ديلي نيوز


التعليقات