عندما غنت فيروز "ورقو الأصفر" كنا نطير عشقا بكلماتها لما يمثله ايلول  و"ذهب ايلول" من سحر وجمال وعذوبة ورقة .. ها هو ايلول قد عاد هذا العام, ولكن من دون سحره  لانه بات لدى السوريين مصدر ألم وحزن, وواقعه يسبب نزيفا لديهم في كل شيء, ففيه يلتقي عيد الأضحى مع افتتاح المدارس والجامعات والمعاهد ومع تجهيز مونة العام من المأكولات والاستعداد للشتاء وهذا بحد ذاته يشكل عبئا هائلا على كاهل المواطن.

"رجع أيلول وأنت بعيد " هكذا يعبر السوريون فقوتهم الشرائية انخفضت وراتبهم هذا الشهر لا يكفي لمناسبة واحدة فكيف إذا اجتمعت المناسبات قاطبة مع بعضها وكيف إذا كانوا بالماضي لا يكترثون بكل هذه الأشياء بل يعتبرونها ثانوية فسورية كانت غنية بكل شيء وخيرها يطعم حتى الجوار. اليوم وبسبب الإرهاب فإن خيراتها شحت وأصاب أهلها شيئ من الجوع والانكسار  . 

يعيش السوريون اليوم بين حنين للماضي وبين ألم القادم فالعيون جميعها مخبأة بالدموع التي ستتفجر بأي لحظة فبعض الآباء يقول بألم لا يخلو من الفكاهة "تياب العيد هالسنة نفسها تياب المدارس" وآخر يقول "حلو العيد رح يكون المكدوس" وأما مازوت التدفئة يقول آخر " انشالله الصيفية يحتفظوا فيها وما تروح" وبعضهم محتار بين المونة وبين التسجيل للجامعات ففضل القسم الأكبر أن يسجل أبناءه بالجامعه وهو حلم لطالما أرقهم وبذلوا لأجله الغالي والنفيس فالمونة تعوض ولكن فرحتهم بأبنائهم لا تعوض وبعضهم وقع فريسة الاختيار فلم يستطع أن يختار أية واحدة منهما فسعى جاهدا للجمعيات الخيرية غير آبه بما يسمى عزة نفس أو اذلال من وجهة نظره وبعضهم تمنى أن تكون العيدية عبارة عن قرطاسية وبعض الناس قرروا التحضير على مراحل فمثلا هذا الشهر يشترون القرطاسية والذي بعده يحضرون الثياب ثم المونة والبعض الآخر قصد مؤسسات التدخل الإيجابي التي تقدم عروض مهمة بأسعار رخيصة ،وهكذا تجد السوريين بارعين في الحساب ضمن آليات ربما يعجز عنها عباقرة الرياضيات وبين هذا وذاك يبقى المواطن هو الخاسر الأكبر. فلو فرضنا أسرة مكونة من أربعة أشخاص فحتما هي تحتاج في هذا الشهر ما لا يقل عن 200000ل.س والسؤال هل يكفي هذا المبلغ لأسرة متوسطة؟.

يبدو أن الراتب قد نسي أنه تحول إلى حمل صغير أمام ذئاب الأسعار التي تترقب قدومه لكي تنهشه فلا تترك فرصة لمنتظره لكي يشعر حتى بسعادة الامساك به.

الآراء متباينة والاقتراحات والحلول متعددة فالبعض اعتبرها مسؤولية تتطلب تضافر جهود الجميع ليكونوا يدا واحدة وعونا لبعضهم البعض وتتطلب فتح القلوب للرحمة التي هي أساس الكون والإنسانية والتسامح والبعض الآخر اعتبر هذا الشهر فرصة للعمل الصالح والتصدق من قبل الميسورين وكذلك انتهاج ثقافات جديدة ربما كانت مغيبة كالابتعاد عن التبذير واتباع ثقافة التبرع, فمن يملك ملابس مدرسية لا يحتاجها أن يتبرع بها لمن يحتاجها أو ان يبيعها ولكن بسعر رمزي وما الى ذلك.

تبقى هي مجرد حلول لأحوال متعثرة جدا ربما هي الأصعب من عمر الأزمة على السوري الصامد والمتطلع لفسحة أمل ضائعة في عالم الغيب, فحال أيلول وفق اغنية فيروز تذكير بحبيبها ولكن حاله لدى السوريين مختلف يذكرهم بأيام خلت وبنفس الوقت يوقظهم  على نفقات لا طاقة لهم بها فهل ستستمر المعاناة؟

سيرياديلي نيوز - سامر البشلاوي


التعليقات