سيريا ديلي نيوز- م.نبهان نبهان

 مع استمرار العمليات العسكرية والامنية التي يخوضها رجال جيشنا العربي السوري ومن خلفه معظم السوريون من شرفا الوطن، فانه اكثر مايلفت النظر اليه اليوم هو الخلط بين اولويات المعالجة للمرحلة المقبلة مع سيل من الشعارات الكبيرة، وبالتاكيد ان هناك الكثير من العناوين ذات المضامين الكبيرة والتي كانت تتردد قبل الأزمة، والتي تزايدت خلالها بشكل كبير مع ازدياد تداعيات الأزمة وتزايد آثارها على الوطن والمواطن من شعارات الاصلاح، ومحاربة الفساد،وتجارة الازمة الى العديد من الشعارات الاخرى ..

ولكن للأسف وضمن بيئة العمل السائدة التي اعتدنا عليها تاريخيآ بشقيها الرسمي والمجتمعي،اعتدنا دائمآ الكلام لمجرد الكلام واعتدنا دفش المشاكل للأمام والتخفي خلف الشعارات ومصادرتها واستغلالها،واعتدنا تحميل المسؤوليات للآخرين عندما نريد ولمن نريد وساعة نريد وكيفما نريد..

اعتدنا خنق ورجم المبدعين والمتميزين وتشويه سمعتهم وابعادهم، واعتدنا مصادرة المبادرات بأدوات إدارية متخلفة ورقابية وقانونية بالية بأيدي متسلطين، واعتدنا الحماسة والارتجال والتجريب بدون خطة وبرنامج وفريق عمل، اعتدنا مضيعة الوقت وتضييع الفرص وتشتيت القوى الذاتية وخنق المبادرات وعدم رؤية تجارب الآخرين والاستفادة والتعلم منها .. للأسف هذا كان ومايزال واقع الحال في كل المناحي والمستويات والمفاصل، وهي بيئة العمل السائدة في البلد منذ سنوات والبعيدة عن العمل المؤسساتي التي أوصلت طبقة طفيلية متجانسة فيما بينها على أسس المحسوبية وتبادل المصالح الشخصية والإنتقائية والاستنسابية والاستزلام بعيدآ عن الأسس الموضوعية ومبدأ سيادة القانون ومصلحة الوطن وللأسف باسم المصلحة العامة وأن هناك دومآ من يعرف مصلحتك ومصلحة الوطن ويقدرها اكثر منك ! الأمر الذي أدى إلى وصول أشخاص حسب الطلب ليسوا على المستوى المطلوب في أماكن حساسة لتأدية دور ما، وبالمقابل إبعاد الكفاءات أو عدم فسح المجال لها، باتباع سياسة بوش " من ليس معنا هو ضدنا".. ولولا مكامن القوة البشرية والمادية للمجتمع السوري الذي ارساها القائد الخالد حافظ الأسد من أمن مائي وأمن غذائي وأمن مالي ،والصمود الأسطوري لجيشنا العربي السوري وصبر وحكمة القائد بشار الاسد ومن وراءه شرفاء الشعب السوري وتحملهم، ربما كانت آثار هذه الحرب الكونية أكبر بكثير..

وأعتقد أننا اذا كنا نريد اصلاح حقيقي فلابد من ايقاف هذا العبث الممنهج ببنية الدولة والمجتمع السوري والذي هو نتيجة دراسات وابحاث وبرامج قامت بها الجهات المعادية لسوريا تحت شعارات مختلفة وتم تنفيذها للاسف بايدي صهاينة الداخل تحت انظار وجهل وعدم دراية وتراخي الجهات المعنية ... ولنسأل هنا هل هو الوقت المناسب للبدء ؟

اعتقد ان الوقت قد تأخر بالتأكيد ويجب ان يكون " تحدي الاصلاح واعادة الاعمار وبناء البشر ونشر ثقافة الانتماء والوعي الوطني بدءآ من البيت والمدرسة والمجتمع " مواكبآ لمعركة جيشنا العربي السوري ضد الارهاب الصهيوني الخارجي والداخلي، ويجب وضع الخطط والبرامج واعداد الدراسات اللازمة المادية والمعنوية ومن ثم اختيار اللحظة المناسبة للمباشرة بالتنفيذ .. هناك ثلاثية ذهبية للاصلاح وهي "ارادة وادارة وقانون " وبتوقيت مناسب تبدأ بشكل سريع ومتأني باصلاح " بيئة العمل" وهي مهمة كبيرة مركزية تكون الأساس في كل برامج الدولة وتحتاج لفريق عمل متجانس من أصحاب الانتماء أولآ ومن أصحاب الكفاءة والخبرة والنزاهة ثانيآ،تضع برنامج متكامل للمعالجة يبدأ بتحليل اسباب تردي الاداء والعجز واسباب الفساد والافساد وكل الظواهر السلبية بالمجتمع،ومن ثم تضع الحلول بشكل موضوعي وشفاف ..

على ان يكون هذا البرنامج محدد الاهداف ومحدد المدة ومبرمج المراحل، بعيدآ عن الارتجال والتجريب والتنظير، مما يحقق معالجة آثار الحرب على المواطن والوطن معآ ويحقق إعادة ثقة المواطن بالدولة وإعادة ثقة الدولة بمواطنيها بعدالة إجتماعية مطلقة وفق مبدأ سيادة القانون .. ومن ثم الارتقاء وتطوير وتحديث العمل الاداري بكل مفاصل ومستويات الدولة وبجميع المناحي باطر محاسبة تعتمد الرقابة الوقائية اولآ وليس التصيد والاستنسابية والانتقائية بالمحاسبة، الامر الذي يتطلب ايضآ اعادة النظر بعمل الجهات الرقابية التي ساهمت بطريقة عملها وانحرافها عن الغاية التي احدثت من أجلها الى تسميم بيئة العمل الوظيفي والتسيب والابتعاد والخوف من تحمل المسؤولية.. وبالنتيجة تكون الاهداف والاماني المرجوة للسوريين بالاصلاح والتطوير ومحاربة الفساد وكل الظواهر السلبية الأخرى قابلة للتنفيذ بعيدآ عن الشعارات النظرية واستغلالها.. وسنصل بالنتيجة حتمآ الى مجتمع سوري نقي آمن داخليآ وخارجيآ بمعادلة " مواطن واعي ومسؤول منتمي " يحمي الوطن من الداخل جنبآ الى جنب مع الجندي العربي السوري الذي يحمي تراب الوطن من الخارج .. ولنتذكر دومآ ان اول من طرح عنوان مسيرة التطوير والتحديث والتشاركية والعمل المؤسساتي كان السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد ، فلنتمثل بفكره قولآ وعملآ..........؟!

سيريا ديلي نيوز


التعليقات