سيريا ديلي نيوز - الدكتور المهندس محمد غسَّان طيارة

يتابع المواطن السوري مجريات الأحداث منذ بداية الأزمة والتآمر "الدولي" على سورية وتزايد اهتمامه بعد دخول روسيا الاتحادية لمناصرة سورية الوطن. وهذا ما دفع بمناصري الصهيو ـــ أمريكا إلى تجييش وسائل إعلامهم لمحاربة الموقف الروسي الشجاع في الدفاع عن الشرعية الدولية وعن الوطن, ومن المؤسف أن تحليلات البعض جاءت خاطئة أو متسرِّعة, فقد أعتبر بعْضنا أن الدخول الروسي وحتى الإيراني قد تأخر, ومن متابعة التواريخ يمكن بيان الآتي: ـــ استخدمت روسيا الاتحادية مع الصين الفيتو مرتين ضد قرارات تعسُّفية أمام مجلس الأمن في عهد رئيس الاتحاد الروسي السابق دمتري ميدفيديف وذلك وفق التاريخين التاليين: ** الفيتو الأول في 5 تشرين أول 2011 أي بعد حوالي ستة أشهر على بداية التآمر على سورية. ** الفيتو الثاني في5 شباط 2012 أي بعد أقل من سنة على تتابع حلقات التآمر على سورية. ـــ من الطبيعي أن تستنفر واشنطن وسائل الإعلام المرتبطة بها الغربية والعربية ضد الموقف الروسي والصيني مع زيادة ملحوظة للهجوم على روسيا الاتحادية. لقد استوعبت روسيا الاتحادية والصين هذه الحملات الهمجية عليهما. ـــ تم انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين في آذار 2012 وخلال الدعاية الانتخابية تحدث المشاركون عن أن الأمن القومي للاتحاد الروسي مرتبط بالأمن الوطني السوري. وهذا تم بعد سنة من التآمر الهمجي على سورية. ** في عهد بوتين تم استخدام الفيتو الثالث المزدوج مع الصين بتاريخ 18 تموز 2012. ـــ يجب أن لا ننسى إسقاط الصاروخين البالستيين الأميركيين الذي دفعت بهما واشنطن من قاعدتها في اسبانيا في شهر ايلول 2013 من قبل البوارج الحربية الروسية المتواجدة مقابل المياه الإقليمية السورية, وقالت الصحافة الغربية بأن الحرب الأمريكية على سوريا بدأت وانتهت لحظة إطلاق الصاروخين الباليستيين الذين بقيا محل تضارب في المعلومات بين نفي إسرائيلي وتأكيد روسي، وصولاً إلى خروج بيان إسرائيلي يتحدث عن أنهما أطلقا في إطار مناورة إسرائيلية أميركية مشتركة وسقطا في البحر ولا علاقة لهما بالأزمة السورية. لن نستغرب التكاذب الصهيو ـــ امريكي. ونضيف بأنه "بعد المواجهة الصاروخية الأميركية الروسية عمدت موسكو الى زيادة عديد خبرائها العسكريين في سوريا، كما دفعت بالمزيد من القطع الحربية والمدمرات إلى البحر الأبيض المتوسط تعزيزا لتواجدها العسكري فيه. ـــ وفي عهد بوتين جاء الفيتو الرابعة الروسي الصيني المزدوج بتاريخ 23 أيار 2014. إن هذه اللقطات تبين اندماج روسيا في الدفاع عن الحق السوري والشرعية الدولية منذ بدايات الأزمة والتآمر علينا, وطبعاً خلال كل تلك الفترة كانت روسيا الاتحادية تُزوِّد سورية بالأسلحة لتعويض الخسائر في حرب سورية في دفاعها المشروع عن الوطن ووحدة أرضها وتحمي الشعب والحضارة العريقة للوطن السوري. وهنا يجب أن نركِّز على أن صمود الجيش السوري مع الشعب والقيادة السورية ومؤسسات الدولة ضمن لروسيا الدفع بثقلها لحماية الشرعية الدولية وبالتالي حماية أمنها من انتشار الإرهاب التكفيري الذي قد يصل إلى أراضيها. وللتأكيد على أهمية صمودنا مقارنة ما حدث في أوكرانيا فهي رغبت بأن تحافظ على الرئيس الأوكراني فيكتور أندريوفيتش يوشينكو المنتخب شرعياً ولكن هروبه مع أول مظاهرة ضده أفقدها حق الدفاع عن هاربٍ من شعبه, حتى أن الإعلام الروسي "وعلى شكل دعابة" قال بأن أوكرانيا كانت بحاجة إلى قائد مثل بشار الأسد. وهذا يُعْطينا مبرراً بأن سورية لم تكن أكثر أهمية من أوكرانيا للاتحاد الروسي, ولكن الصمود السوري الرائع كان بمثابة رسالة واضحة قرأتها روسيا الاتحادية بشكْلٍ صحيح الذي مكنها من دفع قواتها الجوية والبحرية لحماية مستقبلها ودعم الموقف السوري الشرعي. من كل ما ذكرناه نؤكد على أن روسيا الاتحادية كانت مُسْتعدة للحملة الإعلامية الجديدة ضدها وخاصة أن خبرتها واسعة فبعد كل مرة تتخذ روسيا الاتحادية والصين الفيتو المزدوج كان يقوم هذا الصخب الإعلامي المُغْرض ضدها, فلم تتأثر به وبل اعتادت عليه وتوقعته فلم ولن يؤثر على مواقفها الاستراتيجية, فسيبقى كفقاعات صابونية تذوب فور خروجها. إن الدعايات المغْرضة التي تريد المساس باستراتيجية روسيا الاتحادية خطيرة من حيث التشويش على البعض من ضعاف النفوس القاطنة بينا ( وليس على روسيا الاتحادية) ومن هذه الدعايات المغرضة أورد النقاط التالية: ـــ أن الضربات الروسية تتم تحت مظلة أمريكية, كما لو أن هناك تقاسم للسلطة في سورية لقيام دويلات طائفية تحت السيطرة الأميركية والروسية, مما ساعد بعض المتآمرين والجاهدين التكفيريين الدفع بتصريحات نارية ضد الدخول الروسي الشرعي في مجابهته. ـــ تصريحات أميركية بأن روسيا ستدخل في "الوحل" السوري وأنها وضعت نفسها في موقع الحرب على "السنَّة" مما سيدفع بآلاف السنَّة لمحاربة (حسب تصريحات واشنطن) روسيا. أنها محاولة صهيو ـــ أميركية لتجييش الدول الإسلامية ضد روسيا, وتصوير مشاركتها كما لو أنها لحماية طائفة ضد طائفة أخرى, وقد سارع مشايخ الفتنة الوهابية في مملكة الرمال لإصدار بيان في نفس التوجه. إن في ذلك محاولة يائسة لإعادة الأزمة إلى بدايتها عندما رفع المتآمرون في مظاهراتهم المشبوهة الشعارات الطائفية التي سقطت بفضل تلاحم الشعب السوري بنسيجه الديني والعرقي المتميز. ومن دون مناقشة تلك التصريحات فقد أكدت هذه التصريحات بأن التحالف الدولي الذي تقودها واشنطن لم يكون جاداً في محاربة داعش وخاصة على الأرض السورية, وقد أوضح الوزير المعلم ذلك في حديثة مع فضائية الميادين. ـــ تزايد الشجب لموقف روسيا الاتحادية من قِبل بعض المعْترضين من بينهم الاتلاف الوطني الإسطنبولي وتيار بناء الدولة مما يؤكد عمالتهم الصريحة لواشنطن. ـــ تناقض في المواقف الأميركية في تصريحات مغالطة للواقع الميداني فبعض القيادات تصرح بأن الطائرات الاتحاد الروسي تصيب فقط المدنيين كما فعلت سابقاً فيما يخص الضربات السورية على مقرات القيادات الإرهابية ولن تمر على المتابعين في دولهم, بينما تؤكد قيادات عسكرية خبيرة بأن ضربات روسيا الاتحادية أوجعت داعش ومثيلتها من التكفيريين. ومع كل هذه الدعايات المُغْرضة فقد بقيت ميركل مساندة لروسيا حتى هذه اللحظة, وقد تخْضع لضغوطات أمريكية لتغيير موقفها. إن تاريخ واشنطن يمتلئ بالأعمال الإرهابية والكذب أذكر منها ما يلي: ـــ ضرب قنبلتين نوويتين على نكازاكي وهيروشيما أدت إلى قتل ما يزيد على مائتين ألف ياباني, ولم تُقدم واشنطن أي اعتذار ولم تدفع أي تعويضات للشعب الياباني, بينما أجبرت واشنطن المانيا للاعتذار من الصهاينة عن مجزرة ما سموه محْرقة غير مؤكدة تاريخياً وأجبرتها على دفع تعويضات مستمرة لدعم العدوان الصهيوني على بلادنا العربية. ـــ تدمير هائل في فيتنام كي لا تتحقق الوحدة بين فيتنام الشمالي وفيتنام الجنوبي ولم تعْتذر عن إجرامها ومن الطبيعي فهي لا تدفع أية تعويضات عن الخسائر التي أصابت الشعب الفيتنامي. ـــ احتلال العراق بكذبة تاريخية غير مسبوقة قام بها كولن باول أمام مجلس الأمن وبحجة وجود أسلحة دمار شامل فقتلت آلاف مؤلفة من الأطفال والنساء والشيوخ وبعد افتضاح كذبة واشنطن انتقلت إلى أن هدفها بناء ديمقراطية في العراق بعد أن مزَّقته ودمرت اقتصاده وسرقت تاريخه. من هذه المعطيات أدعو كل مواطن سوري لرفض كل تعاون مع واشنطن, واعتبار كل متعاون أو مؤيد لواشنطن قد خرج من الوطنية إلى الخيانة للوطن. أعتقد جازماً بأنه ليس هناك من ضرورة لتفسير أي تصريح لأي مسؤول روسي حتى لا نغُوص في التفاصيل التي لا تفيد ولن تؤدي إلى أي تغْيير في استراتيجية روسيا الاتحادية ولن تؤثر على العلاقات العميقة بين سوريا وروسيا. ومن الضروري التأكيد على أن روسيا الاتحادية ليست دولة استعمارية وحتى في العهد السوفياتي وكل الصناعات الموجودة في دول الاتحاد السوفياتي السابق كانت ثمرة تعاون بين تلك الدول, وهو ينطبق في كثير منه على جميع دول المْعسكر الاشتراكي السابق وخير دليل على ذلك تصنيع بعض الدبات الروسية في تشكوسلوفاكيا السابقة. إن انتصار سورية بدعم الدول الصديقة ومع روسيا الاتحادية أصبح واضح ومؤكد, والحسرة ستأكل المتعاونين مع واشنطن الذي لا يخْتلف عن التعاون مع تل أبيب. البوصلة دائما فلسطين ومن يُضٍع البوصلة سيرمي ينفسه على مزبلة التاريخ الذي لن يرحمه. القافلة تسير وكلاب واشنطن تنبح. وواشنطن , كما هي عادتها, سترمي بهم عند أول منعطف.

التعليقات