وبات المشهد السياسي: حروب طائفية وقومية ومذهبية, وحرب داحس والغبراء بين الفضائيات.

حروب أضرمت نيرانها, وأقيمت تحالفات لخوضها دعماً وتأييداً لأطراف , أو لمجابهة وهزيمة طرف وأطراف أخرى, بما يؤمن إطالة امدها, ويخدم مصالح دول منها الصغرى ومنها الكبرى.

وفي الحروب يُغيّب العقل والمنطق, وتخفى الحقائق التي لا تخدم الحروب. وتنشط الدعاية الاعلامية لتبرير أو فضح هذه الحروب, بهدف رفع أو خفض أو تدمير الروح المعنوية لطرف او لأطراف. ويسيس الاعلام بكافة أشكاله كي يبدع في تنفيذ أساليب الدعاية بكل طرق الكذب والخداع والمكر والنفاق, وترويج الأكاذيب والشائعات بألوانها السوداء والرمادية. وحتى نشر الأخبار بلون الدم الأحمر لإثارة وتهييج الناس لأن الناس بنظرهم أشبه بثيران تتحسس وتتهيج باللون الأحمر. والهدف تضليل الجماهير, وطمس كل ما لالا يخدم مصالح اسيادهم وأولي نعمتهم في هذه الحروب.  وحتى الأخبار  والتحليلات السياسية والعسكرية والاقتصادية والفنية,  تروض وتزييف وتجمل بما يخدم الحروب ومصالح الأطراف المشاركة فيها والذين سخروا لخدمتهم أو يعملون لصالحهم. وحتى بعض المحللين السياسيين والعسكريين  يروضون تحليلاتهم لخدمة هذه الحروب بما يخالف التحليل العلمي والسياسي والعسكري الجاد والرصين. ومن يدقق بين ما يجري على الأرض, وما يروجه الاعلام, سيكتشف الكثير من الحقائق  والأمور التي تفضح الخافي والمستور. وسيجد الكثير من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات. ومن هذه التساؤلات:

    لماذا باتت كل حرب تستهدف بلد عربي او اسلامي تكنى بعاصفة, وتتطابق مع سابقتها  مع كثير من شكلها ومضمونها مع فروق بسيطة لا تكاد تذكر كعاصفة الصحراء وعاصفة الحزم؟

    ولماذا تذرعت عاصفة الصحراء عام 1990م باتهام نظام صدام حسين على أنه نظام هو من أعتدى على إيران  وحاربها, وهو من يستعبد الايرانين في العراق. وتتذرع حاليا عاصفة الحزم بأن الحوثيين عملاء لإيران ويتآمرون معها على الدول العربية لفرض سيطرتها على العالم العربي؟

    ولماذا أجهضت بعض دول الخليج ثورة الشعب اليمني ضد نظام علي عبد الله  صالح, وأصرت على ان يكون الحل من خلال مبادرة خليجية  تقضي بتنحي علي صالح لنائبه هادي ؟

    ولماذا دعمت بعض دول الخليج علي صالح في حروبه ضد الحوثيين لأكثر من عدة اعوام. وحتى أنه عولج في مشافيها بعد استهدافه مع بعض معاونيه, بينما اليوم مستهدف بعاصفة الحزم؟

    ولماذا تقصف عاصفة الحزم قوات الرئيس علي صالح, وبنفس الوقت هم يتفاوضون معه؟

    ولماذا تدمر عاصفة الحزم البنيتين التحية والفوقية والنفطية لليمن, بنفس الأسلوب والطريقة الذي دمرت فيه  عاصفة الصحراء البنيتين التحية والفوقية والنفطية لكل من العراق والكويت؟

    وما سر أن هذه العواصف لا تبدأ إلا بعد أن يتبناها ويؤيدها حاكم دولة نفطية مجهرية ؟

    ولماذا تعددت وتضادت الأسباب والذرائع التي  تذرعت بها الدول المشاركة في عاصفة الحزم؟ فمنهم من اعتبارها ردا على الانقلاب الحوثي الذي أطاح بالرئيس الشرعي هادي. وآخر اعتبرها من مقتضيات الأمن القومي مقلدا واشنطن بذلك حين تتذرع بأمن ودواعي امنها القومي. وآخر اعتبرها دفاع عن الشعب اليمني. وآخر اعتبرها دفاعاً الأمة العربية في مواجهة الأطماع الإيرانية. وآخر اعتبرها دفاعاً عن سلامة  أمن خطوط نقل النفط والملاحة البحرية في باب مضيق باب المندب. وآخر اعتبرها دفاعاً عن سلامة وأمن شريان حيوي كقناة السويس. وآخر اعتبرها دفاع عن أشقائه من دول الخليج.  وآخر اعتبرها حرب على الارهاب في اليمن. وحتى أن نتنياهوا وحكومته عبرا عن  قلقهما على أمن باب المندب جراء الاحداث في اليمن.

    ولماذا باتت الجامعة العربية وأمينها وبعض وزراء الخارجية العرب يشدون الرحال إلى واشنطن ونيويورك, لتسول واستجداء قرار من مجلس الأمن الدولي وواشنطن,  يسمح بتدخل  عسكري دولي وعربي مشترك, أو لحلف الناتو, في دولة عربية, مع تعهدهم بمشاركة عربية واسلامية؟

    ولماذا اختير السفير السعودي بواشنطن عادل الجبير ليكون هو أول من يعلن عن بدء   عاصفة الحزم من واشنطن؟  والسفير السعودي قال بالحرف الواحد: بتوجيه من الملك سلمان بدأت عاصفة الحزم الساعة 7 مساء بتوقيت واشنطن، وأنها تمت بعد التنسيق مع الحلفاء وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية التي ليس لها علاقة ميدانية بهذه العملية,وأن 10دول تشارك فيها بينها دول الخليج، باستثناء سلطنة عمان.

    وبأي حق تبرر هذه العواصف من قبل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي  ووزراء خارجية دول عربية وإسلامية بأنها تتطابق وميثاقيهما, مع أن ميثاقيهما لا يقره بتاتاً؟

    ولماذا واشنطن هي أول من تؤيد هذه العواصف, أو تدعمها, او تشارك فيها؟  فالرئيس الأميركي باراك أوباما قال: أنه يؤيد هذه العملية, وسيقدم الدعم اللوجستي والعسكري لها, وأنه أتصل بالملك السعودي وبالرئيس اليمني عبد ربه منصور معرباً عن دعمه لهما.

    ولماذا كان سعد الحريري الثاني بعد السفير السعودي الذي أعلن  عن تأييده لعاصفة الحزم, معتبراً أن قرار الملك السعودي بضرب الإنقلابيين في اليمن قرار قوي وشجاع؟

    ولماذا أعلن الائتلاف السوري المعارض تأييده لعملية لعاصفة الحزم، وأكد دعم شرعية الرئيس هادي في اليمن. رغم ان هادي عين بمرسوم من علي صالح الذي فجر اليمنيون الثورة عليه, لأنه حكمهم ل33عام بانقلابه العسكري الذي أسقط الشرعية في اليمن؟

    ولماذا سارعت كل من بعض وسائط الاعلام وفضائيتي الجزيرة والعربية لدعم عاصفة الحزم وتبرير شرعيتها؟ فرئيس تحرير الشرق الأوسط طارق الحميد نشر مقال جاء فيه: آن الأوان لتعطيل المد الحوثي والوقوف إلى جانب الشرعية بحسم وقوة من خلال عمل جراحي دقيق وموجع بعد أن أبان الحوثيون أنهم متشبثون بالعمل العسكري وبقواعد شريعة الغاب ونهج العصابات. وصحيفة الحياة نشرت مقال لزهير قصيباتي, جاء فيه: إيران تستفز دول الخليج إلى أقصى درجة متوهمة أنها ستشعل حريقاً لن تطالها نيرانه.

    ولماذا أعربت بعض وسائط الاعلام عن قلقها وتخوفها من عاصفة الحزم؟ فصحيفة ليبراسيون الفرنسية, نشرت تحليلاً جاء فيه: هذا الصراع خطراً على الجارة السعودية، ويساهم في زيادة التشدد الديني السني في اليمن. ولا سيما أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية تعد أخطر فروع القاعدة. وهي التي سبق أن نفذت عدة عمليات ضد مصالح الدول الغربية. وأقرت بمسؤوليتها عن الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو في باريس. وصحيفة الاندبندنت البريطانية بدورها  نشرت مقال, جاء فيه: هل تتحول معركة عدن إلى حرب دولية جديدة بالوكالة؟ وأن نذر الحرب الأهلية تصاعدت واجتذبت أطرافاً خارجية, لتشكل تحالفات وخطوط مواجهة بين أطراف الصراع. وصحيفة نيويورك تايمز كتبت تقول: الغارات الجوية التي بدأتها السعودية في اليمن هي مؤشر على أن الصراع الداخلي بين اليمنيين بدأ يتحول إلى حرب بين القوى الإقليمية.  وصحيفة دايلي بيست الأمريكية  نشرت مقال بعنوان: مرحبا بكم في معقل الرعب. وجاء فيه: اليمن الذي كان يقدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما على أنه نموذج في الحرب على الإرهاب ها هو يتحول إلى بلاد يرتع فيها كل من تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة. وأن انسحاب القوات الأمريكية من اليمن وهروب الرئيس اليمني سيقلص التأثير الأمريكي في الحرب ضد التنظيمين المتطرفين اللذين تجذرا في هذا البلد الممزق بالحرب، و أصبح تنظيم الدولة والقاعدة يشكلان تهديدا للغرب.

    ولماذا طويت صفحة الخلاف السعودي القطري, والسعودي التركي, والاماراتي القطري, والمصري القطري, والمصري التركي, والذي وصل إلى حد تهديد قطر بتجميد عضويتها في مجلس التعاون الخليجي, وسحب مصر سفيرها من أنقرة والدوحة, لتدخلهما بشؤون مصر؟ ومن هو المنتصر بطي هذه الصفحات: هل هي انقرة والدوحة, أم الرياض وابوظبي والقاهرة؟ ولماذا يدافعون عن شرعية هادي الذي عينه صالح نائباً له, بينما لا يدافعون عن شرعية مرسي, ويختلفون حول شرعية كل من السبسي في تونس والسيسي في مصر, واللواء حفتر في ليبيا؟

    وما هو سر انخراط أردوغان بعاصفة الحزم رغم معرفته بأن السعودية تعادي حركة الإخوان المسلمون وكافة نماذج الأحزاب المنبثقة عنها أو المؤيدة لها وحتى حزبه حزب العدالة والتنمية؟

    وأين باتت مواقف قطر وتركيا وفضائية الجزيرة الداعم لشرعية محمد مرسي, ورفضهم انقلاب السيسي واعتباره خروج عن الشرعية, بعد ان انضموا لمصر والرياض في تحالف عاصفة الحزم؟

    ولماذا حضر أمير قطر القمة في شرم الشيخ وجلس في المؤتمر بأمرة السيسي وتبادل معه التحية والقبل, مع انه كان هو وابيه من أشد المعارضين لانقلاب السيسي ونجم عن معارضتهم للسيسي ولغيره من الرؤساء الآخرين هدر دماء مئات الألوف من العرب والمسلمين والمصريين؟

    ولماذا زار الرئيس التركي أردوغان الرياض, وهي من تجاهلته ولم تدعه للحج حين كان رئيساً للوزراء, بينما دعت رئيسه عبد الله جول تعبيراً عن رفضها لموقفه  المعدي لانقلاب السيسي ؟

    ولماذا يحاكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بتهمة التخابر مع قطر, بينما يستقبل أمير قطر بالأحضان والقبلات  من قبل من أطاح بمرسي, وحتى انه يبحث معه  أمن المسلمين والعرب؟

    وأخيراً وليس آخراً: لماذا لا نجد لهذه العواصف من أثر حين اعتدت إسرائيل على لبنان وغزة ومصر والأردن وسوريا والعراق والأقصى والقدس وأسطول الحرية التركي لفك الحصار عن غزة؟

    نتمنى أن لا تكون الاجابات على هذه الأسئلة فيها إحراج لواشنطن وبعض زعماء المسلمين والعرب.

 

الاراء المنشورة تعبر عن راي اصحابها ولا تعبر بالضرورة عن راي الموقع

 

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات