تستعد ثالث ناقلة من نوعها محمّلة بـ30 ألف طن متري من الفوسفات السوري عالي الجودة، للإبحار من مرفأ طرطوس باتجاه رومانيا، فور استكمال عمليات التحميل وضمان شروط السلامة والتخزين البحري وتتألف تلك الباخرة من 3 عنابر وتبلغ سعة كل عنبر نحو 10 آلاف طن.
وعقب توقف لأشهر عقب سقوط النظام، بدأت سوريا بتاريخ 22 نيسان/ إبريل 2025 تصدير أول شحنة فوسفات من مرفأ طرطوس، إيذاناً بعودة النشاط التجاري البحري واستئناف التصدير الخارجي للموارد الطبيعية السورية.
وأوضحت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية أن تلك الباخرة محمّلة بـ10 آلاف طن من الفوسفات السوري الخام، لتكون أول شحنة تصديرية تغادر مرفأ طرطوس بعد سقوط نظام الأسد، ومع نهاية شهر نيسان /إبريل 2025 صدرت سوريا الشحنة الثانية من الفوسفات أيضاً بكمية 10 آلاف طن ، ولم تحدد الحكومة السورية وجهة تصدير كل من الشحنتين الأولى والثانية.
الفوسفات السوري.. ثروة اقتصادية
يعتبر الفوسفات في سوريا أحد أهم الثروات الباطنية بعد النفط والغاز، وله دور كبير في دعم الاحتياطي الأجنبي للاقتصاد من خلال عائدات تصديره، ووفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكي في عام 2021 فقد احتلت سوريا المرتبة الخامسة عالمياً من حيث احتياطي الفوسفات.
ويتميز الفوسفات السوري بكونه صديق للإنتاج الزراعي ويخلو من الملوثات المؤثرة في المنتج الزراعي، إضافةً إلى خلوّه من الشوائب، ويُعد الفوسفات السوري منافساً قوياً في الأسواق الخارجية، لكنه يوصف بالوقت نفسه بأنه متوسّط الجودة مع بعض الميزات النوعية الصناعية كونه منخفض التركيز من العناصر والمعادن الثقيلة والضارة، وينتشر الفوسفات في عدّة مواقع من بادية تدمر، أهمها: مناجم الصوانة الشرقية وخنيفيس.
الاحتياطي والإنتاج
يبلغ احتياطي الاقتصاد السوري من الفوسفات حوالي 1.8 مليار طن. ووصل إنتاج الفوسفات في عام 2010، إلى نحو 3.7 ملايين طن صُدِّر منها 2.4 مليون طن عن طريق مرفأ طرطوس، و700 ألف طن برّاً إلى لبنان، إضافة إلى تزويد معمل الأسمدة في حمص بنحو 600 ألف طن، بغية إنتاج الأسمدة الفوسفاتية.
تراجع الإنتاج والتصدير
تراجعت كمية الفوسفات المنتَج والمصدَّر اعتباراً من عام 2011 لتصل في عام 2014، إلى حوالى 1.2 مليون طن، أي بنسبة انخفاض قدْرها حوالى 68 بالمائة مقارنةً بعام 2010، ثمّ توقّف الإنتاج بشكل كامل منتصف عام 2015، نتيجة سيطرة تنظيم "داعش" على المناجم وتخريبها وسرقة آلياتها ومعدّاتها الهندسية، إضافةً إلى قيام الطيران الأمريكي بتدمير معامل غسيل وتركيز وتجفيف الفوسفات بشكل كامل.
بيع الفوسفات قبل سقوط النظام
كان الفوسفات السوري قبل سقوط نظام بشار الأسد يجد طريقه إلى إيران كذلك إلى عدة دول أوروبية عبر شبكة معقدة من الشركات والوسطاء والسماسرة، ووقع النظام السابق عقد مع شركة "ستروي ترانس" الروسية لاستثمار الفوسفات في تدمر مدته 50 عامًا بإنتاج سنوي قدره 2.2 مليون طن من احتياطي 105 ملايين طن.
كما وقع النظام السابق بالتوازي، عقد استثمار وتطوير مع إيران لاستثمار وتطوير إنتاج الفوسفات من 3.7 مليون طن إلى 10 ملايين طن سنوياً من خلال إقامة معامل جديدة للغسيل والتركيز والتجفيف وتطوير سكة الحديد ووحدة التحميل والتخزين في مرفأ طرطوس.
خروج الروس والإيرانيين
بعد سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول/ديسمبر 2024، عاد الجدل حول الشركة الروسية بعد أن ألغت حكومة دمشق المؤقتة الاتفاق الموقع مع شركة “ستروي ترانس غاز” (CTG) الروسية كما خرجت إران خارج لعبة الفوسفات السورية نهائياً.
طرح مناقصات للإستثمار
أعلنت الحكومة السورية يوم 12 شباط/فبراير 2025 عن طرح 3 مناقصات. وطرحت وزارة النفط والثروة المعدنية مناقصة لإنتاج الفوسفات المركّز في مناجم الشرقية وخنيفيس في تدمر، في خطوة تهدف إلى رفع القدرة الإنتاجية وزيادة كفاءة عملية استخراج الفوسفات.
كما طرحت الوزارة مناقصة لإزالة جميع طبقات الغطاء السطحي، بما في ذلك التربة الزراعية والصخور للوصول إلى طبقة الفوسفات الخام.
مزايدة لبيع الفوسفات الرطب
أعلنت الحكومة السورية في 12 شباط/ فبراير 2025 عن مزايدة لبيع 175 ألف طن من الفوسفات الرطب، المستخرج من مناجم الفوسفات في تدمر.
وتشمل هذه الكمية 100 ألف طن من الفوسفات الرطب نوع G6، و75 ألف طن من نوع G4، في خطوة تهدف إلى فتح المجال أمام الشركات الراغبة في شراء الفوسفات السوري.
استعادة أنشطة الإنتاج والتصدير
بعد سقوط نظام بشار الأسد بدأت الحكومة السورية بإعادة تصدير الفوسفات إلى الأسواق الدولية من أجل دعم وارداتها من القطع الأجنبي، وخاصة أن قيمة احتياطي الفوسفات في سوريا تقدر بحوالي 100 مليار دولار إلا أن عقبات عديدة تواجه عملية تصدير هذه المادة، على رأسها العقوبات الغربية.
ما هي الأسواق التقليدية؟
تشكّل أسواق أوروبا الوسطى والشرقية الوجهة التصديرية التقليدية للفوسفات السوري منذ بدء عمليات استثماره، لأسباب تتعلّق أساساً بالقرب الجغرافي، وتالياً القدرة على المنافسة السعرية، في حين أن هذه الخامة تفقد ميزتها في أسواق الهند والصين ودول شرق آسيا، بفعل ما يسبّبه البعد الجغرافي من ارتفاع في تكاليف النقل البحري ورسوم عبور قناة السويس.
الشركات الغربية والعقوبات
كما هي الحال مع بقية السلع والمواد التي لم تشْملها العقوبات الأميركية، فإن حذر الشركات الغربية وخوفها من التعرّض لمضايقات اقتصادية أميركية غير معلنة، إضافةً إلى المشكلات المصرفية وصعوبات النقل والتأمين، جميعها عوامل أسهمت في تراجع الصادرات السورية من الفوسفات إلى الأسواق الأوروبية.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات