تتزايد أعداد مستخدمي الإنترنت حول العالم بشكل متسارع فقد أشارت التقارير العالمية إلى وجود 5.16 مليار مستخدم للإنترنت في العالم حالياً، أي ما يعادل 64.4٪ من إجمالي سكان العالم وهذا بطبيعة الحال أدى لنشوء العديد من المهن الجديدة التي يرعاها هذا الفضاء الواسع من أهمها “التسويق عبر شبكات التواصل الاجتماعي”، وهو أحد فروع التسويق الالكتروني المتعددة، ومن أقوى وأحدث الوسائل المستخدمة فيه.
ولكن ما وضع هذه المهنة في سورية؟ وما هي الايجابيات والسلبيات ضمنها؟
نسب منخفضة
“بلغ إجمالي عدد سكان سورية 22.66 مليون نسمة في عام 2022 وعدد مستخدمي الانترنت منهم 8.11 مليون شخص أي ما يعادل 35.8 % من عدد السكان” وذلك بحسب موقع “داتا ريبورتال – Data reportal”.
ووفق هذه الاحصائية تعتبر خدمات الانترنت ضعيفة، ما يؤثر بشكل مباشر في انتشار “التسويق عبر الانترنت” في سورية، ولكن بالرغم من انخفاض تلك النسبة إلا أننا نجد تحول واتجاه كبير نحو العالم الافتراضي، حيث أصبح انتشار أي حدث أو معلومة أو فكرة وحتى المنتجات رهن ما تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي.
وبات واضحاً بأن الكثير من الناشطين السوريين اليوم يتخذون من الانترنت عمل لهم لكسب الدخل في ظل انتشار نسبة كبيرة للبطالة، أو حتى كعمل إضافي لعملهم الواقعي.
تجارب ناجحة
تروي رانيا وهي ناشطة في تطبيق الانستغرام ولديها عدد كبير من المتابعين أنها بدأت رحلتها مع التطبيق بالترويج لمنتجاتها من الأعمال اليدوية ومع ازدياد عدد المهتمين بما تقدمه أصبحت تروج لمنتجات بعض الشركات وخدمات للمطاعم.
كما بينت أن تطبيقات مثل (التيك توك) ساعدتها أيضاً في التسويق لعملها كصانعة حرف يدوية مشيرة إلى أنها لم تستطع فتح محل تجاري لتقديم منتجاتها، فكان الحل هو التسويق لتلك السلع عبر استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي وعلى حد تعبيرها فإنها تجربة جيدة وعملية مربحة فهي تعمل من منزلها دون الحاجة لوجود مكان تدفع لقاءه رسوماً كبيرة.
من جهة أخرى تحدث أحد أصحاب محال الألبسة في دمشق عن اعتماده الكبير على الإنترنت للترويج لمتجره وبناء اسم تجاري معروف دون الحاجة لفتح أفرع في عدة أماكن لضمان الانتشار، كما أن عملية التبادل عبر الإنترنت كانت أوفر وأسهل وبجهد أقل، حيث ذكر أن نسبة مبيعاته عن طريق الفيسبوك قدّرت السنة الماضية بنحو 40٪ من إجمالي المبيعات وهذه النسبة تعتبر جيدة من برنامج واحد حسب قوله.
المحافظة على التقليدي
أسباب العزوف عن التسويق بالإنترنت جاء نتيجة سرقة لبعض موديلاتهم الخاصة من قبل منافسين، حيث أن سرعة ومدى انتشار الصور عبر الانترنت كبيرة مقارنة بالواقع وهذا الأمر أدى إلى جانب فوائده لمساوئ أيضاً، في حين أرجع بعض التجار أسبابهم إلى أن محالهم قديمة و لها اسمها بالفعل والزبائن يعرفونهم جداً وليسوا بحاجة لتفعيل دور الإنترنت والدخول بمتاهات هم بغنى عنها.
تفاوت واختلاف

أما آراء الناس فقد تفاوتت بين مؤيدين ومعترضين على التسويق الإلكتروني، حيث يطلعنا مجد وهو أحد المتسوقين على تجربته التي بيّن أنها كانت أول وآخر مرة قائلاً: طلبت سترة جلدية من موقع على الإنترنت لأتفاجأ بعد استلام الطرد ودفع المبلغ بأنها سترة للأطفال وأنا في الثلاثين من عمري.
بينما أشارت سهى وهي من رواد هذا النمط بالتسوق إلى أنه (مو دايماً بتسلم الجرة) حسب قولها ففي بعض الأحيان تتعرض لحالات تخالف فيها المنتجات الصور المعروضة، ولكن بالمجمل تصف تجربتها بأنها جيدة، فالاعتماد على الصفحات والمجموعات المعروفة والتي لها اسم مهم وعدد متابعين كبير يحمي من مخاطر الوقوع في تلك المشاكل.
ولكن الافضلية عند الناس كانت ((نزلة السوق)) فقد عبّر الكثيرون عن أنَّ هذا النشاط هو المتعة الأكبر التي بقيت متاحة، حتى وإنَّ لم يشتروا أي شيء ولكنها تبقى عادات لديهم مهما غير فيها التطور الحاصل.
مقارنة بين نمطي شراء
بدوره أوضح الأستاذ في كلية الإعلام الدكتور أحمد الشعراوي أن التسويق الإلكتروني منتشر في سورية ويتطور شيئاً فشيئاً، ولكن هناك تأخر بسبب العادات الشرائية لدى المستهلكين من جهة و لوجود حالات غير صحية في هذا النمط الشرائي، كتقديم سلعة فيها غش أو أن تختلف مواصفات السلعة بعد شرائها عن ما هو موجود في الصور المعروضة.
كما أن العقوبات المفروضة على سورية أثرت أيضاً بشكل مباشر على انتشار الأمر لأنها تمنع التبادل التجاري للبضائع أو استخدام الأرصدة وبطاقات الدفع الالكتروني.
أما بحسب رأي مدير التسويق رام يوسف فإن الإنترنت أقوى وسيلة حديثة لنشر العلامة التجارية والوصول للجمهور المستهدف وزيادة المبيعات والأرباح بمصروف أقل، وجوانبه الإيجابية تتمثل بإتاحة الفرصة للشركات بالظهور والتنافس وفسح المجال أمام المؤسسات الصغيرة للحصول على حصة سوقية في ظل وجود شركات كبيرة تحوز على الحصة الأكبر، فيما تتمثل جوانبه السلبية بفسح المجال لشركات وهمية وحسابات مزيفة للتسويق لمنتجات وخدمات مزيفة أو رديئة.
رقابة ومتابعة
يضيف الدكتور الشعراوي بأنه لا وجود لجهات رقابية تتابع الأنشطة التسويقية وهذا من المشكلات الحقيقية، بسبب عدم القدرة على متابعة الانتشار الواسع لتلك الصفحات.
ومن جانب أخر بيّن مصدر في قسم الجرائم المعلوماتية عن وصول عدد كبير من الشكاوى بشكل دائم لأناس تعرضوا لعمليات نصب أو غش نتيجة الشراء عبر الإنترنت، ونوه المصدر إلى أن المحاسبة تكون بحسب قيمة الضرر حيث يحصل المتضرر على تعويض نفسي ومادي من خلال دفع الجاني غرامة مالية بالإضافة لعقوبة السجن.
ولكن يبقى هناك حاجة لوجود قانون واضح ومحدد فيما يخص التسويق الإلكتروني لضمان حق العملاء والمعلنين.
سجل تجاري
أما عن إلزامية وجود سجل تجاري للصفحات والمجموعات التي تقوم بأنشطة تسويقية وإعلانية، فقد أشار مدير التسويق رام يوسف لصحيفة سينسيريا بأن المجموعات الإلكترونية بمفهومها التقليدي غير ملزمة، إنما تطبيقات ومواقع التسوق الإلكتروني تحتاج لتراخيص رسمية للتشبيك مع خدمات الدفع الإلكتروني والشحن وغيرها.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات