بدمعة حزن عرضت أم بسام خاتم زفافها الذي ترتديه منذ خمسة عشر عاماً للصائغ بهدف بيعه على أمل أن يكون ثمنه إيجار منزل يسترها هي وعائلتها بعدما تهجرت من محافظة اللاذقية إلى دمشق.
تقول السيدة الخمسينية وهي أم لأربعة أولاد لـ”تشرين” تهدّم منزلنا في حي الرمل الجنوبي نتيجة الزلازل فما كان للقدر إلّا أن يسوقنا لدمشق بعد الخوف الذي عشناه والدمار الذي شاهدناه في تلك الليلة.
دفعت السيدة بثمن مجوهراتها إيجار منزلها لستة أشهر بحكم أن زوجها الذي يعمل على تكسي آجرة مردوده اليومي لا يتعدى 15 ألفاً وهي لا تكفي لشراء خضار طبخة واحدة في اليوم حسب تعبيرها.
ارتفاعات متتالية
تشهد العقارات موجة ارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة على خلفية الزلازل الذي ضرب سورية منذ أسبوع، وسط عجز أغلبية العائلات عن تأمين احتياجاتها الغذائية والأساسية.
يقول مصطفى سليمان “45 عاماً” مهجر من جبلة إلى دمشق لـ ” تشرين”: حاولت الاستئجار لكيلا أكون عبئاً على بيت أخي في جرمانا ولكن لا نستطيع تأمين إيجار المنزل شهرياً فهناك استغلال كبير للأزمة فالمنزل الذي كان بـ 200 ألف أصبح اليوم بـ 400 ألف، رغم أننا لم نعد نفكر في اقتناء أي قطعة أثاث إنما نفكر كيف سنؤمن طعام أطفالنا بشكل يومي، فالمعيشة أصبحت غالية جداً ولم نعد نستطيع العيش كالسابق، فالمواد الغذائية والمنظفات وإيجار المنازل كلها مرتفعة.

الموت حاصرنا
ويبدو أن القدر أراد إضافة مزيد من المعاناة على حياة محمد، فقبل شهر من موعد ولادة زوجته، خسر منزله وأثاثه الجديد في حلب، فما كان منه إلّا النزوح لدمشق على أمل البدء من جديد.
يقول الشاب الثلاثيني لـ”تشرين”: قمت باستئجار غرفة في منطقة ركن الدين بمبلغ 250 ألفاً شهرياً وأحاول البحث عن عمل من أجل طفلي القادم إلى الحياة، فليس من المقبول أن نعيش في الشارع أو الحديقة أو حتى مركز الإيواء فهناك عائلات كثيرة ووضع زوجتي لا يسمح لها أن تكون ضمن منطقة مزدحمة بعد “الرعبة” التي أثرت عليها من الزلازل فالموت حصرنا من جميع الزوايا خلال لحظات معدودة.
من جهته، عدّ صاحب مكتب عقاري محمد شاهين، أن تكلفة إيجار المنازل ترتفع بارتفاع سعره الحقيقي، راداً ارتفاع الإيجارات إلى ارتفاع أسعار العقارات وعقد ملكية البيت ومساحته.
وأكد أن مناطق المخالفات أصبحت متوازية بالأسعار بالمناطق العقارية حيث وصل سعر إيجار المنزل المفروش في منطقة 86 للمليون ليرة والغرفة الواحدة إلى 400 ألف ليرة ومن الممكن أن تصل إيجارات بعض البيوت فيها إلى مليون ونصف مليون ليرة سورية في الشهر.

المنزل أصبح حلماً
قال الباحث الاقتصادي، سنان ديب لـ”تشرين”: إن أسعار العقارات تتجاوز التضخم، وتعدّ خيالية وأغلى من دول العالم وفق قدرة شرائية محدودة.
وأضاف: المنزل كان قبل الحرب حلماً واليوم أصبح مستحيلاً بسبب الأزمات المتراكمة التي أصابت الجميع، لذلك فإن ارتفاع الإيجارات ليس أمراً مفاجئاً، إنما هو امتداد للأزمات ومنها الكارثة الأخيرة وهي الزلازل.
وأرجع ديب سبب هذا الارتفاع، الذي زاد خلال الأسبوع الراهن، إلى أسباب عدة أبرزها زيادة الطلب من بعض أصحاب الشقق وبعض المكاتب التي تمارس دور السمسار.
ولفت إلى أن التضخم الحاصل في الأسواق السورية وارتفاع الأسعار الجنوني، أثّر في سوق العقارات بشكل كبير، خاصة إيجارات المنازل.
مبيناً أن أي شقة اليوم تتراوح قيمة إيجارها ما بين 300 ألف ليرة حتى المليون على أقل تقدير، فمن يقدر على دفع ذلك إلّا الأسر الميسورة أو التي تعتمد على حوالات تأتي من أولادهم من الخارج وسواه.
لافتاً إلى عدم وجود أي نوع من الرقابة على إيجارات المنازل، بما يؤمّن للمستأجرين حقاً في الاعتراض في حال كانت قيمة الإيجار غير مناسبة للمنزل ومساحته ومنطقة وجوده، ما يسهم بزيادة ارتفاع الأسعار.

سيريا ديلي نيوز- نور ملحم


التعليقات