لم تشفع العروض والهدايا المجانية التي قدمتها شركة “كبور” داخل أسوار جامعة دمشق، لمدمني “المتة” ألا يفقدوا مشروبهم المفضّل من الأسواق، وألا يشترونه بسعرٍ خيالي.
بين ليلةٍ وضُحاها لم تعد مادة “المتة” متوافرةً في الأسواق السورية، وحتى إن توافرت فإن أسعارها باتت تحلّق مع كلّ تأرجحٍ يشهده الجو العام لاقتصاد البلاد.
وسجلت بورصة “المتة” أعلى مستوياتها خلال الفترة الأخيرة، ليصل سعر الكيلو الواحد منها إلى نحو 38 ألف ليرة سورية في بعض المناطق، مع ندرةٍ بالتوافر.
شركة “كبور”، هي المستورد الأول للمتة داخل البلاد، كانت قد نفّذت حملات ترويجية لمنتجها “الأزلي” داخل أروقة جامعة دمشق، بالتزامن مع الأزمة التي تشهدها المادة في الأسواق.
وتضمنت الحملة نقاط بيعٍ لمنتجات الشركة، تم خلالها بيع نصف كيلو “المتة” بعشرة آلاف ليرة، في الوقت الذي بلغ متوسط سعره بالأسواق 16 ألف ليرة.
ولم تستمر الحملة سوى أيام، اقتصر آخرها على بيع الطلاب فقط علبة واحدة، مع تخريب الجزء العلوي منها حتى لا يتم المتاجرة بها في الأسواق.
حيرة تجار التجزئة
أزمة “المتة” استمرت على نفس المنوال وبذات الوتيرة، في وضعٍ أصاب بعض تجار الجملة ومحال التجزئة بالحيرة، نتيجة اعتكاف مندوبي الشركة عن توزيع المادة.
يشير أبو دياب، وهو أحد تجار الجملة في منطقة المزة بدمشق إلى أن موزّعي “المتة” لم يقربوا المنطقة منذ أكثر من أسبوعين.
أبو دياب اعتبر كغيره من المطلعين على واقع السوق، أن ما يحصل ما هو إلّا تمهيدٌ لرفع سعر “المتة” بشكلٍ رسمي، وتثبيته عند رقمٍ مرتفع.
وقال: “نعم هنالك احتكار من قبل بعض التجار، لكن المعضلة الأساسية عند الشركة الموزعة، والتي تسعى للضغط على التموين من أجل القبول برفع السعر الرسمي”.
العدالة في التوزيع
بدوره، رضوان، أحد أصحاب محلات البيع بالتجزئة في ريف طرطوس، ذكر لـ “هاشتاغ” أنه استطاع مؤخراً الحصول على العديد من أصناف “المتة” وبكمياتٍ معقولة.
رضوان لفت إلى أنه اتبع أساليب “خاصة” مع الموزّعين، حتى استطاع الحصول على تلك الكميات لكن بأسعار مرتفعة، معتبراً ذلك نوع من المجازفة المنطقية.
وبيّن رضوان أن “المتة” أصبحت كالعملة الصعبة، قائلاً: “هنالك أشخاص يطلبون كميات كبيرة لشرائها بهدف تخزينها، خوفاً من استمرار ارتفاع سعرها، ووصوله لأرقامٍ كبيرة”.
كما أضاف: “اعتمدت مبدأ العدالة في توزيع الكميات الموجودة، أسعاري حددتها بهامش ربح يناسبني، أعرف الجميع في المنطقة، ولا أعطي شخصا أكثر من حاجته”.
المتة كالذهب!
في ريف دمشق، يرى أبو محمود، أحد أصحاب المحال التجارية، أن أزمة المتة الحالية هي أزمة مفتعلة، تشارَك على خلقها المستوردون والمنتجون وكبار التجار.
ويقول أبو محمود في حديثه “سابقاً كان طرد المتة يكفي محلي لشهر كامل، اليوم لا أعرف ماذا حدث للناس، الطرد لا يكفي ليومين”.
وتساءل مستغرباً: “هل أصبحت المتة كالذهب؟ حتى أهل الشام باتوا يريدون شراءها وتخزينها، غريب ما يحصل، لقد أصبحت كمواد البطاقة الذكية، غالية السعر وغير متوفرة”.
استهجان المستهلكين
المستهلكون عبّروا بدورهم عن استيائهم مما تشهده بورصة “المتة”، معتبرين أن التجّار لهم الدور الأكبر فيما يحصل، مستغلين محاباة الحكومة لهم.
وفي هذا الصدد، تقول رانيا التي تصف نفسها بأنها “مدمنة متة”: “لو أصبحت العلبة بمئة ألف سأضطر لشرائها، لكن هذا لا يعني بقاؤنا عرضة للاستغلال”.
بدوره يقول باسل ”: “المتة تأتي من الأرجنتين إحدى الدول الحليفة، ما علاقة العقوبات والحصار الاقتصادي؟، ألم يكتفي المستوردون من جمع الأموال من جيوبنا!”.
في حين كشفت أم محمد أنها تفكّر بإعادة تدوير “المتة”، عبر وضعها بالشمس بعد استعمالها، وذلك حتى لا تضطر لشراء كميات كبيرة خلال فترات قصيرة.
سخرية صفحات التواصل
صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تناولت الحدث أيضاً، مستشهدةً بسعر علبة “المتة” عالمياً ومقارنتها بالسعر المحلي، الذي بات أغلى من أسعار دول الجوار والدول الغربية.
كذلك تداولت بعض الصفحات الساخرة خبراً حول كمية “المتة” التي أحضرتها المنتخبات اللاتينية لمونديال قطر، متسائلةً حول إمكانية التفاوض معهم لإرسال ما فاض عنهم إلى سوريا.
كما سارع بعض المعلقين إلى استنكار الدور الرقابي “الخجول” لوزارة التجارة الداخلية، معتبراً أنه بمثابة محاباة لكبار التجارة ورؤوس الأموال حتى يزيدوا من ثروتهم.
الدور الحكومي
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في سوريا كانت بعيدةً عما يجري في السوق، ورغم محاولاتنا المتكررة للتواصل مع أحد المعنيين فيها، لكننا لم نلقَ الجواب.
الوزارة حددت قبل فترة أسعار مختلف أصناف “المتة”، بناءً على سعة كل علبة، إلا أن تلك الأسعار بقيت ضمن النشرات التسعيرية، دون التزام بأي منها في الأسواق.
وتم تسعير العلبة٩ سعة 500 غرام بـ 10 آلاف ليرة، وسعة 250 غراماً بـ 5 آلاف، وسعة 200 غرام بـ 4200، وسعة 150 غراماً بـ 3200، وسعة 125 غراماً بسعر 2700 ليرة.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات