وافق مجلس الوزراء في جلسته الأسبوع الماضي التي عقدت برئاسة المهندس حسين عرنوس على رفع قيمة المكافأة الشهرية الممنوحة للصيادلة العاملين في القطاع العام لتصبح 50 ألف ليرة سورية بدلاً من 20 ألف ليرة بهدف تحسين أوضاعهم وبما يضمن استمرار العمل في القطاع الصحي بالشكل الأمثل.

الزيادة من 20 ألف إلى 50 ألف تعني إضافة 30 ألف ليرة، وهي ما يعول عليه حكومياً لتحسين أوضاع الصيادلة ولضمان استمرار العمل في القطاع الصحي بالشكل الأمثل!
تواصلت قاسيون مع عدد من الصيادلة العاملين في القطاع العام لتكون المفاجأة بأن جزءاً منهم لم يكن يعلم أصلاً بأنّ هنالك مكافأة شهرية مخصّصة لهم، وأنّ مجمل ما يتقاضونه شهرياً لا يتجاوز الـ 90 ألف ليرة.
تقول إحدى الصيدلانيات: «لم أكن أعلم بأنّ هنالك مكافأة شهرية، ولكن بعد هذه الزيادة، ورغم أنها فتات، ولكنّني سأحاول تحصيلها».
ماذا تكفي الـ50 ألف؟

اللافت في الخبر نقطتان أساسيتان مثيرتان للضحك حقيقةً، الأولى هي قيمة المكافأة الهزيلة بعد الرفع الأخير.
فمبلغ 50 ألف ليرة اليوم، وضمن الأوضاع المتدهورة، تعادل «يا دوب» وجبة غذاء مكوناتها دجاج مع صحن فتّوش لأسرة مكوّنة من 5 أشخاص.
تقول الصيدلانية: «إذا طلعت عالسوق لجيب غراض طبختي وكم شغلة ناقصة بالبيت بحط 50 ألف».
النقطة الثانية هي تسميتها مكافأة أصلاً، فالكلمة توحي بأن الصيدلاني يحصّل كامل حقّه، ولكنّهم –مكثوري الخير- أرادوا منحه ما يزيد عن حقّه كمكافأة له بهدف «تحسين أوضاع الصيادلة بما يضمن استمرار العمل في القطاع الصحي بالشكل الأمثل»!
أيّ إنّ هذه الـ 50 ألف ستخرج الزير من البير، وسترفع الروح المعنوية للصيادلة ليذهبوا كلّ يوم إلى عملهم راضين عن أوضاعهم وعملهم الذي يسير «بالشكل الأمثل» وفقاً للحكومة!
الأزمات المستعصية لا تُحلّ بالمكافآت!!
الجدير بالذكر، بما يخصّ هذه الزيادة، أنها أتت بعد سلسلة زيادات أُقرّت لأطباء التخدير تحت مسمّى «مكافأة شهرية» أيضاً، وهذا يدّل على أن الحكومة ربما بدأت تدرك حجم الكارثة في القطاع الطبي، لكن ليس تماماً، وتحاول حلّها عبر «مكافآت شهرية» هزيلة وخجولة ومخجلة!
فكما هو معلوم ينصرف عدد كبير جداً من الصيادلة، ولا سيّما الخريجين الجدد، للبحث عن فرص عمل خارج القطّاع العام بما يضمن أيضاً أن ينهوا خدمة الريف الخاصة بهم، وبما أن هذه الفرص قليلة أيضاً يعود البعض للتفكير بخيار القطّاع العام، فقط من أجل إنهاء خدمة الريف المقدّرة بعامين كاملين، والمفروضة على الأعداد الهائلة من خريجي كليات الصيدلة من الجامعات العامة والخاصة (يوجد 17 جامعة خاصّة فيها فروع صيدلة).
بعد كلّ ذلك يبقى السؤال الملح الذي يخطر ببال كل من قرأ الخبر: هل يمكن لـ50 ألف أو 100 و200 ألف أن تحلّ أزمات القطّاع الطبي المتراكمة؟
فماذا عن أزمة فقدان الأدوية والمعدّات الطبية الأساسية من الصيدليات والمشافي العامة؟
وهل هذه المكافآت هي طريقة حقاً للحل؟ أم أنها مجرّد إبرة تخدير و«مسكنات مؤقتة»؟
وهل تنفع إبر التخدير تلك في تسكين آلام وأوجاع العاملين في القطّاع الطبي؟!
فإن لم يتم حل مشكلة الأجور من جذورها، بحيث تصبح موازية لمتطلبات المعيشة وتغطيها، فإن الرهان على المسكنات لن يحسن أوضاع العاملين في القطاع الطبي العام، وفي بقية القطاعات العامة الأخرى، ولا ضمان في استمرار العمل فيها!

سيريا ديلي نيوز


التعليقات