يبدو أن مشكلة ارتفاع أسعار الأدوية وتأمينها لن ترسو على برّ خلال الفترة القادمة، إذ ما زال الأخذ والردّ قائماً بين وزارة الصحة وأصحاب المصانع، وعليه فمن المتوقع أن تتفاقم المشكلة، وفق ما يقوله أصحاب المعامل المنتجة!.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة “عزمها” البحث عن مخارج وحلول لأزمة الدواء، بما يحقّق توفره في السوق دون انقطاع، صعّد أصحاب المعامل مطالبتهم برفع الأسعار بنسبة 40%، مبرزين عدة مبررات لذلك، علماً أن آخر رفع للأسعار حصل في شهر كانون الأول الماضي وكانت النسبة 30% وشملت نحو 12758 صنفاً من الأدوية لمختلف الشركات المنتجة للدواء في سورية. وبحسب الدراسات والبيانات التي خرج بها المجلس العلمي للصناعات الدوائية فإن نسبة الرفع العادلة لأصحاب المعامل هي 70% نتيجة المصاريف الزائدة من كهرباء ومحروقات ونقل وأجور عمال، لكن إن صحّت تلك المزاعم، فما ذنب المواطن “المريض” أن يتحمّل كل هذه التكاليف الباهظة، وهو بالكاد يتدبر قوته اليومي ويلهث لشراء بضعة ليترات من المازوت ليشعر بالدفء في عزّ هذا البرد القارس؟!.
ما نخشاه أن يتسبّب رفع أسعار الأدوية وفق النسبة التي يطالب بها أصحاب المعامل بانتشار “الدواء الحر” والذي يأتي تهريباً ويباع بأسعار جنونية وذلك بحجة أنه أجنبي والدواء الوطني مفقود!، وهناك من يرى أن عدم توفر الدواء كان بسبب رفع المركزي لسعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية إلى 2525 ليرة، في حين يقول آخرون إن الدواء المحلي يصدّر لبعض الدول المجاورة بهدف توفير العملة الصعبة!!.
في كل الأحوال، نحن على يقين أن تفاصيل المشكلة واضحة المعالم أمام الحكومة، وما عليها إلا أن تسرع في حسم الموقف، بما يحقّق العدالة لجميع الأطراف حتى لا يصبح سوق الدواء تحت رحمة لعبة تجار الأدوية وأصحاب المعامل، ما يشكّل بالمحصلة خللاً بالأمن الدوائي للمواطن ويجعل من الدواء داءً. ولعلّ أولى الخطوات تكون بالعمل الجاد على تسهيل إدخال المواد الأولية، وفق خطة ثابتة وداعمة، واعتماد إجراءات مرنة فيما يخصّ التحويلات البنكية، ووضع حدّ لمشكلة استيراد مواد التغليف والتعبئة اللازمة للتصنيع، وكل ما من شأنه المساهمة في حلحلة المشكلة التي لا تحتمل الانتظار، فليس مقبولاً أن تتوقف المشافي عن العمليات، ونقول للمرضى، وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة.. أجّلوا أدويتكم لهذا الشهر ريثما تتوفر!!.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات