فيما تتصدّر المعاناة مع تأمين وسائل النقل، الهموم اليومية للمواطنين الباحثين بسراج وفتيلة عن سرافيس تلتزم بخطوطها في محافظة طرطوس، قام منهل عيسى سائق سرفيس يعمل على خط مشفى- رأس شغري- بلد، صباح اليوم بإطلاق مبادرة عنوانها “النقل اليوم مجاني.. ادعولنا”، حيث ألصق هذه العبارة المكتوبة على ورق أبيض على واجهة السرفيس وعلى جانبه.
الكثير من الركاب الذين توافدوا مسرعين للصعود إلى السرفيس، لم يقرؤوا العبارة المكتوبة وهم يشقون طريقهم وسط التدافع لحجز مكانٍ لهم داخل السرفيس، ليتفاجأوا عندما أخبرهم السائق أن “التوصيلة ببلاش”، وأنه لا يريد منهم سوى الدعاء له.
بين مستغرب وغير مصدّق ومعجب بالفكرة، انقسم الركاب فيما بينهم، ليتفقوا في الدعاء للسائق بالرزق والسعة، وأن يكثر الله من أمثاله.
الهدف من هذه المبادرة العفوية والبسيطة، أوجزه السائق الأربعيني منهل عيسى في حديث خاص لـ”أثر” هو إشاعة الخير والمحبة بين الناس، وتقديم المساعدة للآخرين من دون انتظار المقابل، خاصة في ظل الظروف المعيشية السائدة، مشيراً إلى أن المبادرة تضمنت نقل الركاب بشكل مجاني كنوع من تخفيف الضغوط عنهم نتيجة لصعوبة المواصلات وغلاء المعيشة.
كما لفت عيسى إلى قيامه بهذه المبادرة من باب فعل الخير أو الزكاة عن أمواله، ليبارك الله في صحته ويحمي له عائلته.
عيسى الذي خرج من منزله صباحاً ليعود إليه الساعة السابعة مساء، لم يهوّن عليه تعبه في يومه المجاني، سوى أنه كان في غاية السعادة بسبب دعاء الركاب، إذ يقول: دعاء السيدات، خاصة المسنّات، بالإضافة لدعاء بقية الركاب بالرزق والبركة وحماية الله لي في صحتي وعائلتي ومالي، كانت تجعلني في غاية السعادة وكأن “غلتي” في نهاية اليوم بلغت مليون ليرة.
عيسى الذي يرمي من وراء مبادرته لفعل الخير أن يكسب الدعوات له بالخير والرزق، تهجّر من منزله في حي التضامن بدمشق قبل سنوات، ليبيع منزله من تحت الأنقاض ويشتري منزلاً في طرطوس، إلا أن رحلة الشقاء لم تنته هنا، إذ يضيف: بسبب عدم حصولي على عمل، وحتى لا أمد يدي للعالم، قمت ببيع المنزل واشتريت بثمنه السرفيس الذي أعمل عليه، وأستأجرت منزلاً.
ليست هذه المبادرة المجانية هي أول مبادرات فعل الخير التي يقوم بها عيسى، كما لن تكون الأخيرة، مشيراً إلى أنه في كل شهر أو شهرين سيقوم بتكرار هذه المبادرة على أمل إشاعة مثل هذه المبادرات وتوسيع نطاقها ليستفاد منها أكبر عدد ممكن من الناس.