هناك ارتفاع يومي في أسعار كل أسباب الحياة، ومعاناة في الحصول على كل شيء، من الخبز للمواد الغذائية، وعلى ما يبدو نحن متورطين في مجاعة، حيث أصبح راتب الموظف في الدولة يكفي ثلاثة أيام لتأمين أبسط أنواع الطعام.

نحن نشهد وضع اقتصادي غير مسبوق في تاريخ سورية، هناك عجز وتأفف وانتظار من قبل المواطن غير مجدي، لأن الأسعار تذهب نحو الارتفاع والأمور تتطور للأسوأ، واستجابة الحكومة في هذه المرحلة تأتي مرهقة بشكل أكبر، من خلال البطاقات الذكية وطوابير الهم الذي لا نهاية له، وهذا واقع طبيعي لبلد وقعت تحت حرب عشرة أعوام وتتعرض لعقوبات اقتصادية، إذا ما الحل ؟! هل نحن عالقون في الوطن؟!

علينا أن لا نستسلم ونتوقف عن التذمر الذي لا طائل منه ، ونتعامل مع الوضع الاقتصادي الجديد كأمر واقع، ونفكر بأساليب نجاة فردية، كما ينوه برنامج "بنقدر" ، الحقيقة هي ليست أساليب فردية تماما كما تبدو وإنما هو تغيير في النظام الاقتصادي، الأمر الذي بدأت تلمح به الحكومة للمواطن الموظف عبر وزاراتها المختلفة، تحت عنوان "لتحسين دخل الأسرة" حيث تقيم وزارة النقل في اللاذقية بمديريتها دورات مجانية لتعليم بعض المهن والصناعات اليدوية ، كتصفيف الشعر والمكياج، وصناعة الشمع والصابون المنزلي، وهذه الدورات عادة ما تكون مكلفة جدا، أيضا أقيمت في محافظة السويداء، دورة لطلاب المعاهد الصناعية لاستصلاح الأراضي الزراعية وإصلاح الآليات الزراعية! وهي أيضا مبادرة جيدة وصريحة لتحسين دخل الأسرة.

في زيارة سريعة للأسواق والمولات، نجد بأنها تعج عجا، ونجد أننا أمام مفارقة كبيرة، من أين يأتي هؤلاء الناس بالمال؟! وعن أي أزمة نتحدث؟! ليس هناك محل شاورما مثلا إلا ونجد أمامه طابور ينتظر للشراء بالرغم من أن سعر السندويشة الواحدة يتجاوز ال 2000 ليرة، وليس هناك أي كساد بأجهزة الموبايل الحديثة والتي أصبح سعر أقل جهاز جديد بنصف مليون ليرة سورية، أي يحتاج لسحب قرض، ونجد أن طلاب الجامعات يرتدون الألبسة الجديدة! فإذا يوجد مال لكن أين وكيف؟! مع أصحاب الصنعة والتجار والأعمال الحرة، وليس في أيدي الموظفين، لأن التاجر يرفع أسعاره مع كل قفزة بأسعار الصرف، وأي صاحب عمل خاص أيضا، فلا يتضرر ويتكيف ويتعامل مع الوضع الجديد، أما الموظف فللأسف يراوح مكانه، وهو أمام واقع مفروض عليه، إيجاد عمل آخر بعد الوظيفة للأسف.

إذا نحن أمام نقطة تحول اقتصادي كبيرة، وتحول بطريقة تحصيل المواطن لدخله اليومي، إذا أثبتت معطيات المرحلة الحالية أن القوة والبقاء لأصحاب المهن والصناعة والتجارة، الأمر الذي ذكره القرآن الكريم في آل داوود "وعلمناه صنعة لبوس لكم تقيكم بأسكم "، "اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور "، علينا أن لا تستخف بالعمل، العمل الحقيقي، وبوراثة الصنعة أو الحرفة عن الآباء، لأن الظروف أثبتت أنه الحل الأفضل!

وعلى وسائل الإعلام مصارحة المواطن بهذا التوجه وأن يكون هناك توعية بكيفية التعامل مع هذه الأزمة المادية والمعاشية، لا تركه في حيرة من أمره وانتظار لا طائل منه، ويتم ذلك من خلال البرامج الواقعية والميدانية والريبورتاجات المواكبة لما يحدث حقا، ليتعرف الملامح الجديدة للمرحلة وطرق التكيف معها!  

 

 

سيريا ديلي نيوز-حلا خيربك


التعليقات