د. عقيل سعيد محفوض

مركز دمشق للأبحاث والدراسات

مِداد

المحتويات

ملخص................................................................................................................3

مقدمة.................................................................................................................7

أولاً- أسئلة حادة...................................................................................................9

ثانياً- رهانا مهاباد وفاوست!.................................................................................11

ثالثاً- سردية خائبة..............................................................................................12

رابعاً- الذراع والذريعة........................................................................................14

خامساً- نعم، ولا!................................................................................................16

سادساً- عن قرار ترامب.......................................................................................18

سابعاً- الفواعل الإقليمية والدولية......................................................................22

ثامناً- دمشق وكردها...........................................................................................24

تاسعاً- سورية: ميزان التهديد-الفرصة...................................................................26

عاشراً- أي استجابات ممكنة؟.............................................................................29

المراجع..............................................................................................................31

 

ملخص[1]

في نصٍّ مسرحيٍّ لـ غوته، أعاد كتابته كلٌّ من كريستوفر مارلو وأوسكار وايلد وآخرين، يقوم فاوست ببيع روحه للشيطان سوفوكليس مقابل حصوله على المعرفة اللازمة لتحقيق ما يصبو إليه. وعلى الرغم من أنَّ فاوست كان يدرك مخاطر قراره، إلا أنه فعل ما فعل، من دون كبير اهتمام بما سوف يؤول إليه الحال، وعندما وقعت الواقعة، لم يجد سبيلاً ممكناً للعودة!

تنطلق القراءة من أنَّ ما حَكَمَ سلوكَ الكرد في "شرق الفرات" حيال التهديدات التركية، وحيال الدولة المركزية، بل حيال الإقليم والعالم، كان نوعاً من الرهان المركب على رعاية أمريكية، ودعم غربي، وإلى حدٍّ ما دعم إسرائيليّ وعربيّ خليجي لكيانية في شرق الفرات، بقيادة كردية، باعتبار الرهانات المتعارضة لمختلف الفواعل في الحدث السوري.

لماذا حدث ما حدث في شرق سورية، من اعتداء وتوغل عسكري تركي هناك، وهل كان القرار الأمريكيّ بالتمكين لتركيا من القيام بالتدخل العسكري في شرق الفرات مفاجئاً بالفعل، أم أن ذلك متفق عليه، وأي ضمانات قدمتها الولايات المتحدة للفواعل الكردية، وهل كانت الأخيرة جزءاً من تلك التفاهمات؟

ما اتجاهات ورهانات الكُرد مع بداية العدوان التركي على المنطقة، هل فكروا بالاتجاه نحو دمشق، أم أنَّ ذلك أمر مستبعد باعتبار الظروف الراهنة، وهل يمكن أن تقبل دمشق بمجيئهم، بعد أن أعلنت "رفضها الحوار" مع "فصائل مسلحة قامت بخيانة وطنها وارتكاب جرائم ضدها"، وما الذي يمكن أن تقبل به دمشق حيال "كردها"؟

الأسئلة كثيرة ومعقدة، لكنَّ هذه القراءة سوف تركز على طبيعة الرهانات الكردية، وتحولات الموقف الأمريكي وثوابته، و"خيبة" الكرد من الموقف الأمريكي، والعلاقة بين دمشق وكردها، وميزان التهديد-الفرصة في الموقف شمال شرق سورية بعد التدخل/الاعتداء العسكريّ التركيّ، وأي استجابة ممكنة من قبل سورية؟

لا بدَّ من التعامل مع القرار الأمريكي المعلن بالانسحاب من شرق سورية، بوصفه حصيلة تجاذبات تقديرات متناقضة ولكنها متداخلة، فهو من جهة تعبير عن تقدير "عميق جداً" لخيارات وإكراهات الولايات المتحدة في سورية والمنطقة، وهو تقدير "راهن جداً" لها أيضاً، من جهة أخرى، مع الأخذ بالاعتبار أن قرارات من هذا النوع عادة ما تكون "تحت مراجعة دائمة"، وهي حتى الآن لم تشمل شرق الفرات أو سورية ككل.

مربع نص: تمثل العملية العسكرية التركية أو الاعتداء التركي على شرق الفرات تهديداً، بمعنى أنه يعطي تركيا إمكانية التوغل العسكري في شرق الفرات، والتموضع هناك، ما يجعلها أقرب إلى الولايات المتحدة، وفي وضع وهكذا، فإن من المحتمل أن تقوم الولايات المتحدة بـالإعلان عن الإبقاء على قواعد عسكرية أمريكية في مواقع محددة، لفترة غير محددة، والعمل على تهيئة بدائل ميدانية أو تفاهمات الفواعل الكردية وشركائها من العرب وغير العرب، و"تدبير الخلافات" مع تركيا وتنسيق السياسات والإجراءات، وبخاصّة في مناطق الحدود، ومحاولة إقامة نوع من "التوافق الموضوعي"، وربما المباشر، مع روسيا بشأن خرائط وأوزان ونسب وطبيعة السيطرة، باعتبار ما يجري في شمال غرب سورية، في منطقة إدلب على نحو خاص، وباعتبار تطورات المسار السياسي والإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية.

وأما بالنسبة لروسيا وإيران، وهما حليفتا سورية، فقد حاولتا أن يقوم تواصل وتفاهم بين سورية وتركيا بالعودة إلى بروتوكول أضنة 1998 الأمني، وحث الكرد على التواصل مع دمشق. إلا أن الكرد في لحظة الصدمة طرقوا كل الأبواب إلا أبواب دمشق!

وأما الرئيس بشار الأسد فقد سبق له أن أنبأ الكرد وحلفاءَهم من العرب وغير العرب، بأن الولايات المتحدة "لن تحمي الجماعات التي تراهن عليها"، مضيفاً «إذا لم تحضروا أنفسكم للدفاع عن بلدكم، وللمقاومة فلن تكونوا سوى عبيد عند العثماني (تركيا)، لن يحميكم سوى دولتكم، لن يدافع عنكم سوى الجيش العربي السوري».

لكن تركيا تتدخل في منطقة فيها فواعل وقوى مناهضة لها بالتمام، أولها الدولةُ السورية، والقواتُ الكردية وحلفاؤها، والعشائر العربية والكردية، لكنها حتى الآن لا تعمل بانسجام وتوافق على أجندة ضد التدخل التركي. وإذا قررت القوات الكردية وحلفاؤها الاقتراب من دمشق، فهذا قد يجعل من التدخل العسكري التركي كارثة على تركيا.

تمثل العملية التركية أو الاعتداء التركي على شرق الفرات تهديداً، بمعنى أنه يعطي تركيا إمكانية "التموضع العسكري" في شرق الفرات، ما يجعلها أقرب إلى الولايات المتحدة، وفي وضع "المفاوض المتطلب" و"القوي" تجاه روسيا وإيران، وهذا قد ينسحب على الموقف في إدلب. وسوف تحاول تركيا أن تقيم أوضاعاً وتخلق بنى واستعدادات "كيانية"، ترتبط بأطماع جغرافية في سورية.

إنَّ القراءة التقديرية والاحتمالية ربما تلحظ في الأمر فرصة أيضاً، بمعنى أنَّ التدخل العسكري التركي قد "يُباعِدُ" إلى حد ما بين الكرد والولايات المتحدة، و"يُخفِّفُ" من رهانهم عليها، وربما "يقطع" بينهما، على ما في الأمر من صعوبة، وذلك بافتراض قراءة عقلانية للموقف من قبل الكرد. وأنه ربما يعزز التقارب بين الدولة السورية والكرد، ويجعله خياراً لا بد منه، ويدفعهما للتوصل إلى اتفاق لا يزال متعذراً، لأسباب عديدة. وقد يدفع روسيا وإيران لمراجعة تقديراتهما تجاه تركيا وتفاهماتهما معها، الأمر الذي يُفترض أن يدفعهما أيضاً لمراجعة الموقف حيال مطلب الدولة السورية بممارسة المزيد من الضغوط على تركيا.

يتطلب الموقفُ العملَ على دراسة الاستجابات الممكنة من قبل الحكومة السورية وحلفائها، تتمثل بـ: تحذير تركيا من أن تجاوز الحدود المعلنة والمرسومة للتدخل العسكري/الاعتداء على شرق الفرات، يمكن أن تكون لها تبعات خطيرة على أمنها ومصالحها، وبخاصّةٍ إذا اتجهت الأمور إلى مواجهة مباشرة. والعمل لدى روسيا وإيران من أجل الضغط العاجل والنافذ –ما أمكن– على الموقف الأمريكي والتركي من أجل "ردعهما" عن القيام بما من شأنه أن يخلق واقعاً ميدانياً يهدد وحدة واستقلال الأراضي السورية.

وسوف يمثل الاتفاق بين الدولة السورية وكردها –لو حدث– "سداً للذرائع" أمام التدخلات الاعتداءات العسكرية التركية في شرق الفرات، بما يساعد في جعل التدخل عابراً أو مؤقتاً، أو بما يحتوي أي ممارسات تركية على الصعيد الديمغرافي والإثني. ولا بد أن يكون "درسُ عفرين" ماثلاً أمام الكرد.

وأن يكون الدرس ماثلاً، هذا يعني: التركيز على ما يمثل أصلاً في مصادر التهديد، وهو تركيا. والتعاطي العاجل والجاد مع التهديد التركي، والتعاون بين الدولة السورية والكرد لتدبر السبل المناسبة لاحتوائه. واتخاذ السلطات السورية إجراءات لـ "احتواء" الكرد أو بالأحرى "استقطابهم" إلى جانب الدولة وذلك من خلال:

التدخل لدى عرب شرق الفرات لمحاولة التأثير في القرار الكردي، بالإقناع أو ممارسة ضغوط مباشرة. والطلب من روسيا وإيران التدخل لدى القيادات الكردية، نظراً لعلاقاتهما المباشرة معها، وتأثيرهما فيها. وأن تُقْدِم السلطات السورية على إقامة تفاهمات (وتقديم التزامات) مع الكرد.

 

 

مقدمة[2]

في نصٍّ مسرحي لـ غوته، أعاد كتابته كل من كريستوفر مارلو وأوسكار وايلد وآخرين، يقوم فاوست ببيع روحه للشيطان سوفوكليس مقابل حصوله على المعرفة اللازمة لتحقيق ما يصبو إليه. وعلى الرغم من أن فاوست كان يدرك مخاطر قراره، إلا أنه فعل ما فعل، من دون كبير اهتمام بما سوف يؤول إليه الحال، وعندما وقعت الواقعة، لم يجد سبيلاً ممكناً للعودة!

مربع نص: ما قام الكرد به في الحرب ضد ثمة ما يبرر هذه الاستعادة، عند الحديث عن الظاهرة الكيانية في شرق الفرات، ببعدها الكردي الرئيس، وبخاصّةٍ بعد العدوان التركي عليها (9 تشرين الأول/أكتوبر 2019)، أو بالأحرى "التخلي" الأمريكي عنها، أو قبول الأخير بـ "تعديل جراحي" عليها، إذ إن الولايات المتحدة أخذت "تُكيّف" رهاناتها في شرق سورية و"تتكيف" مع الضغوط التركية، ومن الصعب أن تقوم بالانسحاب من شرق الفرات عن طيب خاطر أو من دون تفاهمات وتسويات، وقد أعلنت من قبل أن وجودها هناك يتجاوز ادّعاء الحرب ضد "داعش" إلى تحقيق طيف واسع نسبياً من الأهداف تجاه دمشق وحلفائها، وبخاصّة إيران، وكذلك ضمان أمن "إسرائيل"!

على الرغم من أن الفاعل الكردي هو أضعف فاعلي الحرب السورية، مقارنة بالدولة المركزية، وتركيا، وإيران، وبالطبع الولايات المتحدة، وروسيا، إلا أن ما يدور في شرق الفرات كان حتى وقت قريب مرتبطا به ورهاناته وفق تقدير رئيس، ذلك أن ميله لأحد الفاعلين كان يعني ترجيح رهانات وأوليات ذلك الفاعل.

تنطلق القراءة من أن ما حدث بالنسبة للكرد، أنهم نقلوا رهاناتهم من الحكومة المركزية في بدايات الحرب، إلى روسيا، وبعدها إلى نوع من الموازنة بين روسيا والولايات المتحدة، ثم أنهم وضعوا تلك الرهانات بالكلية تقريباً على الولايات المتحدة[3]، ولم يغير من الأمر شيئاً "تخلي" الولايات المتحدة عنهم أو "طعنهم في الظهر" مع بداية العمليات العسكرية والعدوان التركي على شرق الفرات.

ما حَكَمَ سلوكَ الكرد في شرق الفرات حيال التهديدات التركية، وحيال الدولة المركزية، بل حيال الإقليم والعالم، كان نوعاً من الرهان المركب على رعاية أمريكية، ودعم غربي، وإلى حد ما دعم إسرائيلي وعربي خليجي لكيانية في شرق الفرات، بقيادة كردية، باعتبار الرهانات المتعارضة لمختلف الفواعل في الحدث السوري[4].

هي مدارك ورهانات "الفرصة السانحة"، واللعب على أوليات وتقديرات المصلحة والمنفعة والتهديد لمختلف الفواعل وبخاصّة الولايات المتحدة، وأن الشرق الأوسط بصدد تغيير في الخرائط والجغرافيا، وأن ما قام الكرد به في الحرب ضد "الجهادية التكفيرية"، واستعداداهم لأن يكونوا جزءاً من رهانات الغرب في المنطقة، ربما يجعل منهم حلفاء بل وكلاء متمرسين وذوي أهلية للدعم والحماية، والواقع أن الولايات المتحدة كانت جزءاً من ذلك الرهان-الوهم، إذ قدمت مؤشرات كثيرة تعززه.

 

 

أولاً- أسئلة حادة

ما اتجاهات الأمور في شرق الفرات، ولماذا حدث ما حدث، من اعتداء وتوغل عسكري تركي هناك، وهل كان القرار الأمريكي بالتمكين لتركيا من القيام بالتدخل العسكري في شرق الفرات مفاجئاً بالفعل، أم أن ذلك متفق عليه؟

أي ضمانات قدمتها الولايات المتحدة للفواعل الكردية، وهل كانت الأخيرة جزءاً من تلك التفاهمات، بالرضى التام أم بالإكراه؟ وهل وجدت الفواعل الكيانية، الكردية منها على وجه الخصوص، أن الابتعاد عن مناطق الحدود مع تركيا هو "أفضل الممكن"، حفاظاً على المشروع الكياني في المنطقة، ما أمكن منه؟

مربع نص: هذه القراءة سوف تركز على طبيعة الرهانات الكردية، وتحولات الموقف الأمريكي وثوابته، وخيبة الكرد من الموقف الأمريكي، والعلاقة بين دمشق وكردها، وميزان التهديد-الفرصة في الموقف شمال شرق سورية بعد التدخل العسكري التركيما اتجاهات ورهانات الكرد مع بداية العدوان التركي على المنطقة، هل فكروا بالاتجاه نحو دمشق، أم أن ذلك أمر مستبعد باعتبار الظروف الراهنة، وهل يمكن أن تقبل دمشق بمجيئهم، بعد أن أعلنت "رفضها الحوار" مع "فصائل مسلحة قامت بخيانة وطنها وارتكاب جرائم ضدها"[5]، وما الذي يمكن أن تقبل به دمشق حيال "كردها"؟

ما التقديرات أو ربما الاجراءات العاجلة من قبل سورية وروسيا وإيران حيال التطورات في شرق الفرات، وما "بدائل" الإدارة الأمريكية في شرق الفرات، وفي سورية، وأي فائدة يرجوها أو يتوقعها ترامب، من التمكين لتركيا في منطقة شرق الفرات أو في أجزاء منها؟ وماذا عن "إسرائيل"؟

الأسئلة كثيرة، وهذا أمر طبيعيّ في موقف بالغ التعقيد ولا يقيني، ويشهد سيولة أحداث وتطورات بكيفية يصعب حصرها أو الإمساك بها، بل إن أي تطورات مهما كانت جزئية تلقي بظلالها على المشهد ككل، وتدفع باتجاه إعادة تعريف وتقدير للموقف ارتباطاً بمجريات الحدث السوري والإقليمي والدولي.

لكنَّ هذه القراءة سوف تركز على طبيعة الرهانات الكردية، وتحولات الموقف الأمريكي وثوابته، وخيبة الكرد من الموقف الأمريكي، والعلاقة بين دمشق وكردها، وميزان التهديد-الفرصة في الموقف شمال شرق سورية بعد التدخل العسكري التركي، وأي استجابة ممكنة من قبل سورية؟

 

 

ثانياً- رهانا مهاباد وفاوست!

أخذت الرهانات الكردية في "شرق الفرات" تتشكل في مستويين متداخلين:

  • الأول، هو "رهان مهاباد"، لكن ليس وفق ما جرى لـ "الدولة الكردية" التي أُعلنت في منطقة مهاباد بإيران في عام 1946، ولم تدم أكثر من 11 شهراً[6]؛ لكنه "رهان مُعدَّل" أو يمكن أن يكون كذلك، إذ ما الذي يمنع من أن يتمكنوا من إعلان كيانية في شرق الفرات، بدعم غربي، وهو شرط شارط لكل كيانية في المنطقة تقريباً.

وهذا يتداخل مع "رهان أربيل"، إذ أقام كرد العراق كيانية أشبه ما تكون بـ "دولة غير معلنة" في شمال العراق أو ما يعرف بـ "كردستان العراق"، وقد كانت الرعاية الأمريكية شرطاً شارطاً تقريباً لضمان قيام واستمرار تلك "الدولة"[7]، ولسان حال كرد سورية وحلفائهم من العرب وغير العرب: لماذا لا يكون هنا ما كان أو صار في شمال العراق؟.

  • الثاني، هو "رهان فاوست"، المشار إليه أعلاه، إذ إنَّ الفواعل الكردية وغير الكردية في كيانية شرق الفرات، دخلت في علاقة خطرة، بل رهان خطر مع فاعل لا يرى قيمة لتعهداته، فضلاً عن أنه لم يذهب صراحة لتأييد إقامة كيانية، ولم يقل إنه بصدد تحمل تبعات ولا مغامرات دولتية على حساب سورية أو غيرها، ولا الدخول في مواجهة مع تركيا من أجل ذلك، ولا حتى المغامرة بمستوى العلاقة معها، وهي الحليف التاريخي له، ولا بد من أنَّ الكرد يعلمون أنَّ تركيا هي الرابح في أي مفاضلة أمريكية بينها وبينهم.

 

 

ثالثاً- سردية خائبة

سردية غامضة

بين الكرد والولايات المتحدة قصة تُروى، علاقة حب قلقة ومؤلمة، بدايةٌ غامضة، إذ ثمة الكثير من التفاصيل والسرديات التي لم يُمكن فكّ شيفرتها[8]، ولم يتضح كيف نشأت تلك العلاقة بالضبط، ولو أن الأمور تطورت بسرعة كبيرة إلى حد الاعتمادية المتبادلة، وأصبحت القوات الكردية أو "قوات سوريا الديمقراطية" بمثابة "قوات برية" للتحالف الأمريكي ثم "ذراعاً" و"ذريعة" للأمريكي حيال سورية والمنطقة، وهذا في الخطاب الصريح والفعل الأكيد في الميدان.

إذا كانت البداية غامضة ومُلغزة، فإن النهايةَ كذلك أيضاً، ولو أن ما جرى واضح، لكنه لا يمثل نهاية العلاقة بين الولايات المتحدة وكردها أو حلفائها من الكرد وغير الكرد في شرق الفرات. وبالمناسبة فإنَّ الميليشيات التي دفعت بها تركيا لمحاربة الكرد كانت تتلقى دعماً أمريكياً أيضاً، ولا بد أن ذلك مستمر إلى الآن، بكيفية أو أخرى.

المدية، الخيبة

مربع نص: تعبير الخيبة والإخفاق في تحقيق ما حاوله وأمله الكيانيون الكرد وشركاؤهم الآخرون من العرب وغير العرب، يبدو أقل تعبيراً عن حجم الصدمة والوجع والتدمير والموت الذي تأمله أو تحاوله تركيا حيالهم.في رواية للكاتب الراحل حنا مينة يقول البطل: «المدية لا تصنع الجرح، الخيبة تصنع الجرح»، وبالنسبة لأصحاب الكيانية أو الفدرالية في شرق الفرات، يبدو الجرح أبعد غوراً، ذلك أن إعلان ترامب عن سحب قواته من مناطق الحدود مع تركيا، وأمام الحشود التركية، يمثل "طعنة في الظهر" بحسب تعبير "قوات سوريا الديمقراطية"، وهو ما قاله نواب ومسؤولون وإعلاميون أمريكيون وغربيون أيضاً.

حاولت فرنسا وعدد من الدول الأوربية التخفيف قليلاً من الصدمة، وأعلنت عن مواقف متعاطفة مع الفواعل الكردية أو فواعل الكيانية في شرق الفرات، ولكن من دون أن تضع تلك الفواعل في منطقة الأمان، ذلك أن المستقبل بالنسبة لها أكثر غموضاً، ومن غير الواضح يقيناً ما حدود الاعتداء التركي، وأي نتائج محتملة على الكيانية وفواعلها الكردية، حتى كان ذلك في إطار تفاهم!

ولكنه تعبير الخيبة والإخفاق في تحقيق ما حاوله وأمله الكيانيون الكرد وشركاؤهم الآخرون من العرب وغير العرب، يبدو أقل تعبيراً عن حجم الصدمة والوجع والتدمير والموت الذي تأمله أو تحاوله تركيا حيالهم. ذلك أن هؤلاء منّوا أنفسهم والموالين لهم ومَن تحت سلطتهم ببقاء أمريكي مديد في شرق الفرات، يمكّن لهم من استكمال مشروعهم. والواقع أن الكثير مما أمله وفعله أولئك كان للولايات المتحدة "اليد الطولى" فيه، ساعدها في ذلك حلفاء غربيون مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، وحلفاء إقليميون مثل السعودية، وبالطبع لا يمكن إغفال دور "إسرائيل" في الحدث السوري وما يتصل به.

 

 

رابعاً- الذراع والذريعة

يتكرر في الثقافة الشفاهية الكردية تعبير أثير ومؤلم في آن، وهو أن "لا أصدقاء إلا الجبال"، وإلى قمة الجبل صَعَدَ كاوا الحداد ليشعل ناراً، في إشارة إلى قومه أنه تغلَّب على عدوه وعدوهم الضحاك[9]. وإلى الجبال خرج المقاتلون الكرد من أبناء كاوا ولاحقاً أبناء أوجلان، حيث تمثل جبال قنديل مركز قيادة لقوات "حزب العمال الكردستاني".

تتكرر العبارة المذكورة (لا أصدقاء إلا الجبال) في الثقافة الشفاهية الكردية بشكل لافت، لكنها تكاد تكون "منسية" أو "متنكراً لها" أو "لا مفكراً فيها" في الثقافة السياسية والسياسات العملية، ثمة حالة من فصام ملغز على هذا الصعيد، إذ كيف يمكن للفواعل الكردية أن تتمثل خبرات التاريخ في أن الآخرين يجعلون من الكرد "ورقة" في سياساتهم ورهاناتهم فيما بينهم وتجاه الكرد أنفسهم، فيما تجعل الفواعل نفسها من الكرد: "ورقة"، "ذريعة"، بل "ذراعاً" لسياسات الآخرين ضد دولهم وشعوبهم، بل وضد كرد آخرين أيضاً؟[10]

كان الكرد ولايزالون "ذريعة" للوجود الأمريكي في شرق الفرات، وها هم "ذريعة" للعدوان التركي، بكل ما يمكن أن يتسبب فيه من اقتطاع أجزاء من الجغرافيا، وتدخل لاحق في طبيعة التسوية، وفي الهندسة الديمغرافية والإثنية، إذ تقول تركيا صراحة: إنها تنوي إعادة توطين اللاجئين السوريين لديها في مناطق الحدود.

جاء العدوان التركي بذريعة تفكيك كيانية كردية في شرق الفرات تعدها تركيا مصدر تهديد لأمنها القومي، ولا بد من القول إن السردية التركية كاذبة بالتمام، ولها أغراض أخرى، يعرفها العالم أجمع، ولا يجتهد الترك أنفسهم في نفيها، بل تصدر عنهم إشارات وإجراءات تؤكدها في السياسة والواقع.

إننا أمام واقع وخيارات كارثية قامت بها فواعل سورية، من الكرد وغير الكرد، لم يهدروا مشروعهم وحيواتهم هم فحسب، إنما حيوات عدد كبير من أبناء بلدهم؛ ولم يمهلهم سوفوكليس حتى يحققوا ما أملوا به، بل إنه دفع حليفه الآخر أردوغان، لأن يعاجل الكرد بأن يخطف روح مشروعهم وأرواح عدد كبير من الناس ممن وجدوا أنفسهم جزءاً من مشروع ظهر ونما بقوة وسرعة لم يمكن تفسيرها بالتمام لحد الآن.

 

 

خامساً- نعم، ولا!

نعم

هل كان القرارُ الأمريكيُّ مُتوقَّعاً؟ الجواب هو نعم ولا، نعم إذ إنَّ اتجاهات الحدث السوري وتبعاته وتداخلاته الإقليمية والدولية كانت تتجه لترجيح هكذا قرار، الرئيس ترامب نفسه، كان يؤكد باستمرار على قرار الانسحاب، وعلى قناعته بأن الوجود الأمريكي في شرق الفرات لا فائدة ترجى منه، وهذا ما تردد في خطابه السياسي منذ حملته الانتخابية، ولكن بصورة خاصة منذ إعلانه الانسحاب في كانون الأول/ديسمبر 2918، وقد دافع عن قراره آنذاك ببلاغة سياسية واضحة، خلافاً للعادة! ثم إنه دافع بعد ذلك عن قراره بالبقاء.

مربع نص: إنَّ الفواعل الكردية دخلت في الاتفاق بين أمريكا وتركيا لإقامة منطقة آمنة في شهر آب/أغسطس 2019، وكانت أعلنت موافقتها على الاتفاق، والتزامها به، ودمرت تحصيناتها وأنفاقها في محيط تل أبيض ورأس العين.ثم إنَّ الفواعل الكردية دخلت في الاتفاق بين أمريكا وتركيا لإقامة منطقة آمنة في شهر آب/أغسطس 2019[11]، وكانت أعلنت موافقتها على الاتفاق، والتزامها به، ودمرت تحصيناتها وأنفاقها في محيط تل أبيض ورأس العين[12]، وهذا أمر له دلالاته العسكرية والأمنية، فضلاً عن التزامها بأمور وإجراءات لم يتم الإعلان عنها، مثل إعادة الانتشار بعيداً عن مناطق الحدود، وبخاصّة المناطق التي تضمنتها الخرائط التي أعلنتها تركيا حول ما تسمّى المنطقة الآمنة، وبالأخص المناطق بين رأس العين وتل أبيض المذكورتين أعلاه.

 

 

 

 

لا

ولا، إذ تم الإعلان عنه وتنفيذه بصورة مباغتة، كما لو أنه جزء من العملية العسكرية التركية نفسها، انسحاب عند الفجر[13]، وإعلان عن عدم المشاركة في العملية التركية، وعدم معارضتها بل "تفهمها"، ثم تحميل تركيا مسؤولية معتقلي "داعش" لدى قوات "قسد"[14]، وأي رسالة تخلٍّ أبعد من ذلك، بل أي رسالة يفهم منها استعداد الولايات المتحدة ليس لاحتواء مخاوف تركيا من "قسد"، إنما استعدادها من أجل التمكين لتركيا لـ "تفكيك" الإدارة الذاتية والقوات المسماة "قوات سوريا الديمقراطية".

 

 

سادساً- عن قرار ترامب

لا بد من التعامل مع القرار بوصفه حصيلة تجاذبات تقديرات متناقضة ولكنها متداخلة، فهو من جهة تعبير عن تقدير "عميق جداً" لخيارات وإكراهات الولايات المتحدة في سورية والمنطقة، وهو تقدير "راهن جداً" لها أيضاً، من جهة أخرى، مع الأخذ بالاعتبار أن قرارات من هذا النوع تكون عادةً تحت مراجعة دائمة، وهي حتى الآن لم تشمل شرق الفرات أو سورية ككل. ويمكن تركيز الموقف الأمريكي في النقاط الرئيسة الآتية:

  • حساب التكاليف

يعني أنّه جاء على قاعدة "حساب التكاليف"، وقد دافع ترامب عن قراره قائلاً: «ما كان ينبغي على الولايات المتحدة أبداً أن تكون في الشرق الأوسط، ... وأما الحروب العبثية التي لا نهاية لها، فإنها بالنسبة لنا في طريقها إلى النهاية»، وأضاف ترامب ممتعضاً: «الولايات المتحدة أنفقت 8 تريليونات دولار على القتال وحفظ الأمن في الشرق الأوسط، وقتل وأصيب إصابة بالغة الآلاف من جنودنا العظماء، فيما قتل الملايين على الجانب الآخر»، واستطرد قائلًا: «ذهابنا إلى الشرق الأوسط كان أسوأ قرار في تاريخ بلادنا» (تصريحات: 9/10/2019).  وكان ترامب دافع عن قراره السابق بالانسحاب في كانون الأول/ديسمبر 2018، بقوله: «هل تريد الولايات المتحدة أن تكون شرطي الشرق الأوسط؟ وألا تحصل على شيء غير خسارة أرواح غالية وإنفاق آلاف تريليونات الدولارات لحماية أشخاص، لا يثمّنون في مطلق الأحوال تقريباً ما نقوم به؟ ... حان الوقت أخيراً لكي يقاتل الآخرون».

  • خلط الأوراق

وبهدف "خلط الأوراق"، قال ترامب في تصريحات سابقة، إنَّ «روسيا وإيران وسورية والعديد غيرهم ليسوا مسرورين بخروج الولايات المتحدة على الرغم مما تقوله الأخبار الكاذبة، لأن عليهم الآن قتال تنظيم داعش وغيره ممن يكرهونهم، من دوننا».

وبصرف النظر عن صحة ما يقوله من عدمه، يبدو أن الرجل يفهم الأمور على هذا النحو، ويبدو أنه تمكن إلى حد كبير من "خلط الأوراق"، وقلب السرديات الرائجة حول سياسات ورهانات الولايات المتحدة في شرق الفرات وفي سورية ككل، ويمكن التدقيق في احتمال أن التدخل التركي في شرق الفرات، ربما ينطوي على تفضيلات أمريكية كانت متنحية بعض الشيء، إذ إن تركيا بلد حليف للولايات المتحدة، وهي تتموضع في موقع مناهض لرهانات وأوليات روسيا وإيران، الأمر الذي يجعل تدخلها ضمانة بالفعل لعدم عودة سورية إلى ما كانت عليه، ومن ثم إعاقة اكتمال عقد "حلف المقاومة" الذي لا يمكن أن تكون تركيا جزءاً منه، بل هي مناهض طبيعي له! وهذه مسألة تتطلب المزيد من البحث والتقصي.

  • قرار غير نهائي

قرار غير نهائي، إذ من المحتمل أن يراجع ترامب قراره أو يتراجع عنه، وبخاصّة أن الدولة العميقة في واشنطن، بما في ذلك فواعل قوية ومقربة في إدارة ترامب، تنظر للموضوع إلى دعم كيانية في شرق الفرات بقيادة كردية أمراً من أوليات الأمن القومي للولايات المتحدة.

  • ليس هدية لروسيا وإيران

وربما من منظور ألا يخدم الانسحاب روسيا وإيران وسورية، وقد سبق لواشنطن أن أعلنت مراراً وتكراراً على لسان ترامب ومستشاره للأمن القومي جون بولتون ومبعوثة الخاص إلى سورية جيمس جيفري أن هاجسهم الرئيس في سورية هو "إخراج إيران" و"أمن إسرائيل".

  • انسحاب، لا انسحاب

انسحاب، لا انسحاب، سبقت الإشارة إلى أن ترامب كان قد أعلن قبل عدة أشهر عزمه على سحب القوات الأميركية من سورية، لكن ما حدث في الواقع هو زيادة في الانخراط والوجود العسكري الأميركي هناك، فجرى توسيع القواعد العسكرية الأميركية وزيادة عددها. كما زادت واشنطن من وتيرة تسليح وتدريب "قوات سوريا الديمقراطية"، وأعلنت أنها تعمل على تشكيل قوات حدود إضافية يتراوح حجمها بين 35 و40 ألف عنصر من القوات المحلية الموالية لها، وعملت على إقناع دول خليجية حليفة بزيادة التمويل والإسهام في عملية الاستقرار في المناطق المستعادة من تنظيم "داعش".

  • هل تنسحب أمريكا حقاً؟

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليقاً على قرر ترامب بالانسحاب: «صار لهم 17 عاماً يقولون إنهم سوف يغادرون أفغانستان، ولم يفعلوا»، هذا يعني أن الانسحاب لن يحدث، أو هو لن يحدث قريباً، ولا بطيب خاطر، أو من جانب واحد.

مربع نص: ليس ثمة معطيات كثيرة حول خطط الانسحاب الأمريكي، فيما لو وقع، وهو أمر مستبعد في الظروف الراهنة، ولكننا نبحث فيه من باب الاحتمال، ومن باب حساب وإذا استجاب ترامب لمطلب رئيس وهو "انسحاب على مراحل" والإبقاء على مستشارين عسكريين، أو "الإبقاء على قواعد عسكرية"، فمن المحتمل أنَّ القرار لا يحيل إلى تغيير حاسم في الاستراتيجية الأمريكية، وقد يكون المعني الرئيس به هو أمر يتجاوز الكرد أو شرق الفرات إلى إعادة ترتيب نظام التفاعلات مع تركيا لتكون أقرب منه إلى روسيا وإيران، وهي كذلك بالفعل، إلا أن لديها هواجس رأى الأمريكيون أن من المناسب مراعاتها.

ليس ثمة معطيات كثيرة حول خطط الانسحاب الأمريكي، فيما لو وقع، وهو أمر مستبعد في الظروف الراهنة، ولكننا نبحث فيه من باب الاحتمال، ومن باب حساب "اللا متوقع"، وقد أظهر الحدث السوري أن وقوع "اللا متوقع" هو أمر قريب الحدوث على الدوام[15].

ومن ثم من غير المعروف كيف يمكن أن يحدث الانسحاب، وما مصير الأسلحة المعطاة للقوات الكردية والعربية المتخالفة مع أمريكا، وما مصير القواعد العسكرية الكثيرة التي أقامتها في المنطقة، والتحالف الدولي ضد "داعش"، والوجود العسكري البريطاني والفرنسي والألماني وغيره في شرق الفرات ومناطق أخرى، والأهم ما مصير أوليات الولايات المتحدة المعلن عنها في شرق الفرات وفي الحدث السوري والإقليمي عموماً، انطلاقاً من تلك المنطقة.

  • خطوات أمريكية محتملة

وهكذا، فإن من المحتمل أن تقوم الولايات المتحدة بـ:

  • الإعلان عن الإبقاء على قواعد عسكرية أمريكية في مواقع محددة، أبعد قليلاً من مناطق الحدود مع تركيا، والإعلان عن استمرار العمليات العسكرية الجوية والعمليات الخاصة.
  • تهيئة بدائل ميدانية أو تفاهمات الفواعل الكردية وشركائها من العرب وغير العرب.
  • تدبير الخلافات مع تركيا وتنسيق السياسات والإجراءات، وبخاصّة في مناطق الحدود، وضبط ما تعدّه تركيا مصدر تهديد، بما في ذلك "التكيف مع" و"تكييف" العدوان والتدخل العسكري التركي والسيطرة على مناطق محددة.
  • محاولة إقامة نوع من التوافق الموضوعي، وربما المباشر، مع روسيا بشأن خرائط وأوزان ونسب وطبيعة السيطرة، باعتبار ما يجري في شمال غرب سورية، في منطقة إدلب على نحو خاص، وباعتبار تطورات المسار السياسي والإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية.
  • مراجعة الموقف بناء على التقديرات الأمنية والاستراتيجية لـ "إسرائيل"، على افتراض أن القرار لم يلحظها قبلاً، على ما يقول معلقون إسرائيليون، ولو أن ذلك مستبعد.

 

 

سابعاً- الفواعل الإقليمية والدولية

عندما أعلن الرئيس ترامب في كانون الأول/ديسمبر 2018 عن الانسحاب من "شرق سورية"، قائلاً إنه فوض رجب طيب أردوغان بإدارة المنطقة، برزت اعتراضات على القرار على اعتبار أن له "منعكسات إيجابية" على الدولة السورية وحليفيها الرئيسين: روسيا وإيران، أو منعكسات سلبية على "إسرائيل"، والأخيرة –كما هو معلوم– هي في قلب الاعتبارات الأمنية والاستراتيجية للولايات المتحدة.

لكن العملية العسكرية التركية أو العدوان على شرق الفرات، ربما أثار ردود أفعال أكثر وضوحاً وتعاطفاً في الخطاب الإعلامي والسياسي، لكنها أقل جدية وتكاد تكون "بلا معنى" تقريباً، مقارنة بنوع وحجم الحدث. وطالما أن تركيا تدخلت بالفعل، فإن المخاوف المعبر عنها سابقاً من مكاسب لسورية وروسيا وإيران جراء انسحاب أمريكي معلن (ولكنه غير منفذ)، غابت إلى حد كبير، إذ إن رهان الولايات المتحدة وأوروبا و"إسرائيل" وحتى عدد من دول الخليج في احتواء إيران يقع على تركيا بصورة رئيسة، وهذا أمر يتطلب المزيد من التدقيق والتقصي.

مربع نص: تبدو المواقف العربية أقرب لاحتجاج خطابيّ وبلاغي ضعيف، الفارق أيضاً هو أنها لم تعد التخلي الأمريكي عن الكيانية في شرق الفرات بمثابة لا يغير من ذلك ارتفاع صوت فرنسا مثلاً في انتقاد الاعتداء التركي[16]، وقد دعت إلى "تحالف أوربي-دولي ضد تركيا"[17]، وثمة شكوك كبيرة في أن تكون قادرة على فعل شيء، ولا حتى  راغبة بالقيام بفعل شيء جدي بهذا الخصوص، الأرجح أن علو الصوت يأتي في سياق المساومة والقول إنَّ لها اهتمامات وحضوراً وتأثيراً في المشهد، وحفاظاً على صورتها كبلد ضامن للكرد، ومنافح عن حقوق الإنسان.

فرنسا مريضة بالشرق، أو بالأحرى مريضة بسورية، لديها باثولوجيا (حالة مرضية) مشرقية، وعند الترك خبرة تفاوض تاريخية معها، ويعرفون –كما يعرف كثيرون– أنها يمكن أن تتخلى عن شرق الفرات مقابل حصة في حقل نفطي أو حتى صفقة قمح فاسد!

واتخذت دول عربية عديدة مواقف إدانة للاعتداء التركي على شرق الفرات، لكنها لم تفعل شيئاً حيال سورية نفسها، والأصل أن تكون الاستجابة لمخاوف عربية، مصرية وخليجية[18]، من تركيا، من خلال دعم الدولة السوريّة، لكن العرب كعادتهم، لا يبنون على الشيء مقتضاه. وتبدو المواقف العربية أقرب لاحتجاج خطابيّ وبلاغي ضعيف، الفارق أيضاً هو أنها لم تعد التخلي الأمريكي عن الكيانية في شرق الفرات بمثابة "هدية" لإيران وروسيا والدولة السورية.

وأما بالنسبة لروسيا وإيران، وهما حليفتا سورية، فقد حاولتا أن يقوم تواصل وتفاهم بين سورية وتركيا بالعودة إلى بروتوكول أضنة 1998 الأمني، والفكرة ليست وليدة التهديد الوشيك بالتدخل أو الاعتداء العسكري التركي على شرق الفرات، إنما تعود بشكل علني إلى كانون الثاني/يناير 2019، عندما صرح الرئيس بوتين في لقاء صحافيّ جمعه بأردوغان في موسكو عن المبادرة أو المقترح[19].

وحثّ وزيرُ الخارجية الروسي لافروف الكرد على التواصل مع دمشق، قبل بدء العدوان التركي بعدة ساعات[20].

ثامناً- دمشق وكردها

تبدو دمشق هي "المسكوت عنه" كردياً في هذه المرحلة، فقد طرق الكرد كل الأبواب إلى أبواب دمشق! وقال وزير الخارجية الروسي أنه حث على إقامة اتصالات بين الكرد ودمشق[21]، لكن لم تظهر استجابة جدية من قبل الإدارة الذاتية[22]، وأما دمشق فقال فيصل المقداد نائب وزير الخارجية في تصريحات له في اليوم التالي لبدء الاعتداء التركي: «إنَّ بعض القوى تصر على منطقها الانفصالي وعلى رهانها على الأمريكي»[23].

وأما الرئيس بشار الأسد فقد سبق له أن أنبأ الكرد وحلفاءهم من العرب وغير العرب، بأن منطقة الجزيرة/شرق الفرات عائدة إلى الدولة أو أن الدولة عائدة إليها، بالحوار أو القوة، حتى بوجود الأمريكيين. وقال في سياق آخر، إن الولايات المتحدة "لن تحمي الجماعات التي تراهن عليها"، في إشارة للمقاتلين الكرد وحلفائهم في شمال شرق سورية، وأضاف الرئيس بشار الأسد، دون تسمية أي جماعات، «نقول للمجموعات العميلة للأمريكي... الأمريكي لن يحميكم وستكونون أداة بيده للمقايضة، ... ولن يحميكم سوى دولتكم... إذا لم تحضروا أنفسكم للدفاع عن بلدكم، وللمقاومة فلن تكونوا سوى عبيد عند العثماني (تركيا)، لن يحميكم سوى دولتكم، لن يدافع عنكم سوى الجيش العربي السوري»[24].

وكان فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري قال قبل يومين من بدء العملية التركية أو الاعتداء التركي على شرق الفرات: إنه في حال شنت تركيا أي هجوم على أراضي البلاد «سندافع عن كل الأراضي السورية»، وأضاف معلقاً على تصريحات الانسحاب الأمريكي من مناطق الحدود مع تركيا، إنَّ «كلاً من لا يخلص للوطن ويبيعه بأرخص الأسعار سيجد أنه سيرمى به خارج التاريخ، ونحن حذرنا في الكثير من المرات من هذه المؤامرات على الوطن وعلى الشعب السوري، وقلنا إن من يرتمي بأحضان الأجنبي فسيرميه الأجنبي بقرف بعيداً عنه وهذا ما حصل». وتابع: «نقول لهؤلاء بأنهم خسروا كل شيء ويجب ألا يخسروا أنفسهم، وفي النهاية الوطن يرحب بكل أبنائه ونحن نريد أن نحل كل المشاكل السورية بطريقة إيجابية وبطريقة بعيدة عن العنف لكن بطريقة تحافظ على كل ذرة تراب من أرض سورية»[25].

مربع نص: سورية لا تثق أن الأمريكيين سوف يغادرون بالتمام، وقد لا يغادرون عن طيب خاطر، إذ لم يسبق أن غادروا مكاناً حلّوا فيه، إلا بالقوة أو بالمقاومة.اشتكى وزير الخارجية السوري وليد المعلم من أن الكرد –بدعم وطلب أمريكي– سابقوا دمشق للسيطرة على حقول النفط والغاز، ووقفوا ضد استعادتها لمناطق شرق الفرات؛ بل إن الإدارة الكردية أو قوات تابعة لها استهدفت المواقع العسكرية والدوريات الأمنية ومواقع الإدارة الحكومية في غير مكان من مناطق الوجود المشترك لها وللدولة، وكانت أعلنت عن اعتقال ما قالت إنهم "عملاء للنظام" في الجزيرة، وكان ذلك قبل يومين من العدوان التركي!

وأما عن كلام الانسحاب الأمريكي أمام العملية العسكرية/الاعتداء من قبل تركيا، فسورية كما هو معروف لا تثق أن الأمريكيين سوف يغادرون بالتمام، وقد لا يغادرون عن طيب خاطر –كما سبقت الإشارة– إذ لم يسبق أن غادروا مكاناً حلّوا فيه، إلا بالقوة أو بالمقاومة، حسب التعابير الدارجة والأثيرة لدى دمشق وبعض حلفائها.

كما أنَّ تركيا لا تملك أن تقوم بعملية من هذا النوع من دون حصولها على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة، بمعنى أن ما يحدث هو نوع من "تدبير" أمريكيّ-تركيّ مشترك لنمط من التفاعلات والتجاذبات بينهما في شرق الفرات، لا يخلو من منافسة ومخاوف من أن يقوم أي منهما بتعديل أو تأويل ما اتفقا عليه، أو القيام بما من شأنه أن يدفع نحو تفاوض أو تفاهم جديد وفق ظروف وشروط مختلفة.

تاسعاً- سورية: ميزان التهديد-الفرصة

زادَ التدخل العسكري التركي في شرق الفرات الذي سوف يقف عند حدوده المرسومة أمريكياً، المشهد السوري حدة وخطورة، وبخاصّة مع شعور الدولتين العدوتين المتدخلتين أن الأخيرة تعاني "إجهاداً" كبيراً بعد سنوات من الحرب، سياسيّاً واقتصاديّاً وعسكريّاً، وأن حليفيها محكومين برهانات وتقديرات تجعلهما أقل اندفاعاً حيال أولوياتها، وهي قد تجد صعوبة في مباشرة أهدافها بمفردها في مواجهة الولايات المتحدة وتركيا.

  • مخاطر مركبة

وتواجه سورية اليوم مخاطر من عدة جهات:

  • تركيا المستفيدة من اقترابها من أمريكا، والحليفة لها، ولا يغير من ذلك وجود عوامل توتر وتنافر نسبي بينهما في الحدث السوريّ.
  • روسيا المترددة بسبب عدم رغبتها بإزعاج تركيا، واحتواء لأي ردة فعل نافرة أو حادة من قبل تركيا قد تؤذي التقارب بين الطرفين، وربما تلحق الضرر بتفاهمات أستانة.
  • إيران المترددة أو الواقعة تحت ضغوط كبيرة ومتزايدة، والتي تحتاج لمزيد من التقارب مع تركيا، وكذلك حرصاً على مسار أستانة.
  • الكرد "الُمبتزّين"، والذين يترددون في مواقفهم حيال الدولة المركزية، ويرتدون عن "تفاهماتهم" معها، ارتباطاً بالموقف الأمريكي.
  • أمريكا التي لا تريد المغادرة، أو أنها تريد خلق بدائل قبل ذلك، وقد تمركزت في مواقع قريبة، على الجانب العراقي من الحدود. 

لكن المخاطر ليست وحيدة الاتجاه، ذلك أن تركيا تتدخل في منطقة فيها فواعل وقوى مناهضة لها بالتمام، أولها الدولة السورية، والقوات الكردية وحلفاؤها، والعشائر العربية والكردية، إذ إنَّ تلك الفواعل لا تعمل بتناغم ولا تحكمها أجندة واحدة أو رئيسة فيما بينها ولا حيال تركيا، إلا أنَّ مدارك التهديد تجعل من التوافق على أجندة مناهضة للتدخل التركي أمراً ممكناً، إلا إذا بقيت فواعل وقوات الغدارة الذاتية، الكردية منها على وجه الخصوص، مرتهنة بالتمام للقرار الأمريكي.

إذا قررت القوات الكردية وحلفاؤها مراجعة الموقف والاقتراب من دمشق، فهذا قد يجعل من  التدخل العسكري التركي كارثة على تركيا، أما إذا قررت تلك القوات عدم قتال تركيا، أو عدم مقاومة جدية للتدخل، وفضلت "الانسحاب" و"التخلي" عن المواجهة، كجزء من تفاهمات أو إكراهات أمريكية، فسوف يعني ذلك أن كل ما يجري يأتي في إطار ترتيبات وتفاهمات أطرافها هي: الولايات المتحدة وتركيا والفواعل الكردية، وقد لا توجد مؤشرات يقينية على هذا التحليل، إلا أن مناقشته والتحسب له هو أمر تتطلبه خبرة التعاطي مع الحدث السوري، في وجهه الكردي أيضاً، باعتبار ما حدث في عفرين، وكيف أن الميليشيات الكردية "تخلّت" عن المدينة، متهمة سورية وروسيا بعدم الدفاع عن مدينة كانت تحت سيطرتها هي وليس سيطرتهم!

  • التهديد

تمثل العملية العسكرية التركية أو الاعتداء التركي على شرق الفرات تهديداً، بمعنى:

  • أنه يعطي تركيا إمكانية التوغل العسكري في شرق الفرات، والتموضع هناك، ما يجعلها أقرب إلى الولايات المتحدة، وفي وضع "المفاوض المتطلب" و"القوي" تجاه روسيا وإيران.
  • قد تميل روسيا وإيران للاستجابة لمطالب تركيا أكثر مما كانتا عليه في السابق، وهذا قد ينسحب على الموقف في إدلب. وذلك من باب التقليل من اندفاعة تركيا نحو الولايات المتحدة.
  • سوف تحاول تركيا أن تقيم أوضاعاً وتخلق بنى واستعدادات كيانية أو شبه انفصالية، ترتبط بأطماع جغرافية في سورية، وثمة مؤشرات بل أدلة إثبات متزايدة على ذلك.
  • الفرصة

ولكن الاعتداء التركي على شرق الفرات، قد لا يكون شراً كله، ولو أنه كذلك في الواقع، لكن القراءة التقديرية والاحتمالية ربما لحظت أن الأمر ينطوي على فرصة أيضاً، بمعنى:

  • أنه قد "يُباعِدُ" إلى حدّ ما بين الكرد والولايات المتحدة، و"يُخفِّفُ" من رهانهم عليها، وربما "يقطع" بينهما، على افتراض قراءة عقلانية للموقف من قبل الكرد.  ولو أن لا مؤشرات جدية على ذلك، باعتبار الظروف والاستجابات الراهنة.
  • أنه يعزز التقارب بين الدولة السورية والكرد، ويجعله خياراً لا بد منه، ويدفعهما للتوصل إلى اتفاق لا يزال متعذراً، لأسباب عديدة. 
  • قد يدفع روسيا وإيران لمراجعة تقديراتهما تجاه تركيا وتفاهماتهما معها، الأمر الذي يُفترض أن يدفعهما أيضاً لمراجعة الموقف حيال مطلب الدولة السورية بممارسة المزيد من الضغوط على تركيا، والاستجابة أكثر لمتطلبات استعادة السيطرة على إدلب.
  • من غير المرجح أن الأمور سوف تذهب بين تركيا والولايات المتحدة أبعد مما يظهر في الخطاب السياسيّ والإعلاميّ، وقد تظهر ضغوط اقتصادية، إلا أنهما متوافقان تماماً على معاداة النظام السياسي والدولة في سورية، مع اختلافهما على الطريقة والإيقاع والنمط.
  • التوافق الراهن بين تركيا والولايات المتحدة لا يعني تفكيك التوترات القائمة والعقد الكامنة بينهما، ومن المحتمل أن يتغير النمط بينهما، في حال شهدت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة تقارباً محتملاً أيضاً، أو على الأقل ضبطاً للتوترات بينهما حيال سورية وغيرها من القضايا العالقة بينهما.

وكما سبقت الإشارة، فإن أي توافق ممكن أو محتمل بين دمشق وكردها، يمكن أن يجعل من التدخل العسكري التركي "مكيدة مرعبة" بتعبير الكاتب التركي جان أتاكلي[26]، وتورطاً شبهه بعضهم بالتورط العسكري الأمريكي في فيتنام في خمسينيات وسبعينيات القرن العشرين.

 

 

عاشراً- أي استجابات ممكنة؟

يتطلب الموقفُ العملَ على دراسة الاستجابات الممكنة من قبل الحكومة السورية وحلفائها، تتمثل بـ:

  • تحذير تركيا من أن تجاوز الحدود المعلنة والمرسومة للتدخل العسكري/الاعتداء على شرق الفرات، يمكن أن تكون لها تبعات خطيرة على أمنها ومصالحها، وبخاصّة إذا اتجهت الأمور إلى مواجهة مباشرة.
  • العمل لدى روسيا وإيران من أجل الضغط العاجل والنافذ –ما أمكن– على الموقف الأمريكي والتركي من أجل "ردعهما" عن القيام بما من شأنه أن يخلق واقعاً ميدانياً يهدد وحدة واستقلال الأراضي السورية.
  • العمل على جذب الكرد –إن أمكن ذلك، ما أمكن– إلى اتفاق مع الدولة السورية بما يجعل الدفاع عنهم ممكناً، وسوف يكونوا عندئذٍ قوة سياسية وعسكرية مضافة للدولة والجيش السوريين ضد تركيا أولاً.
  • سوف يمثل الاتفاق بين الدولة السورية وكردها "سداً للذرائع" أمام التدخلات الاعتداءات العسكرية التركية في شرق الفرات، بما يتجاوز تفاهمات التدخل الأخير، وبما يساعد في جعله تدخلاً عابراً أو مؤقتاً، أو بما يحتوي أي ممارسات تركية على الصعيد الديمغرافي والإثني.
  • لا بد أن يكون "درسُ عفرين" ماثلاً أمام الكرد، لجهة الأثمان المهولة التي يمكن أن يدفعها الكرد، والتداعيات المهولة أيضاً على سورية. وأن يكون الدرس ماثلاً، هذا يعني:
    • التركيز على ما يمثل أصلاً في مصادر التهديد، وهو تركيا وأطماعها الجغرافية وعدواتها للكرد وللسوريين عموماً ورهاناتها للسيطرة عليهم.
    • التعاطي العاجل والجاد مع التهديد التركي، والتعاون بين الدولة السورية والكرد لتدبر السبل المناسبة لاحتوائه.
  • اتخاذ السلطات السورية إجراءات لـ "احتواء" الكرد أو بالأحرى "استقطابهم" إلى جانب الدولة وذلك من خلال:
    • التدخل لدى عرب شرق الفرات، وبخاصّة المكون العربي في "الإدارة الذاتية" و"قوات سوريا الديمقراطية"، لمحاولة التأثير في القرار الكردي، بالإقناع أو ممارسة ضغوط مباشرة.
    • التدخل –إن أمكن– لدى القيادات الرئيسة لحزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، ولو أن لا مؤشرات قوية على إمكانية حصول شيء جاد ومؤثر في هذا الصعيد.
    • الطلب من روسيا وإيران التدخل لدى القيادات الكردية، نظراً لعلاقاتهما المباشرة معها، وتأثيرهما فيهما.
  • أن تُقْدِم السلطات السورية على إقامة تفاهمات (وتقديم التزامات) مع الكرد، واتخاذ إجراءات عملية وسياساتية تستجيب تدريجياً وعلى المدى الطويل لمطالب القيادات الكردية، مع إمكانية "إعادة الحوار" أو "إعادة تأويل" تلك التفاهمات، و"مراجعة" تلك الإجراءات والسياسات حسب تطورات الأمور، و"موضعة" كل ذلك في سياق إعادة البناء الاقتصاديّ والسياسي والتنموي والقانوني والتشريعي، إلخ، في سورية ما بعد الحرب.

 

 

المراجع

الكتب

  1. محفوض، عقيل سعيد. الأكراد واللغة والسياسة: دراسة في البنى اللغوية وسياسات الهوية. الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013.
  2. ........... خط الصدع؟ في مدارك وسياسات الأزمة السورية. بيروت: دار الفارابي، 2017.
  3. ........... كورد نامه: في أسئلة السياسة والحداثة لدى الكرد. دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018؛ بيروت: دار الفرقد، 2018.
  4. موريس، هارفي، جون بلوج. لا أصدقاء سوى الجبال: التاريخ المأساوي للأكراد. ترجمة: راج آل محمد. بيروت: باران.

الدراسات

  • محفوض، عقيل سعيد. سورية والكُرد: بين المواجهة والحوار، أي أجِندة ممكِنة؟. دراسة. دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018.

المواقع الإلكترونية

  1. ""قسد" تعلن البدء بتطبيق المرحلة الأخيرة من اتفاق المنطقة الآمنة مع واشنطن"، العربي الجديد، 22 أيلول/سبتمبر 2019. http://bit.ly/32788DL
  2. "أكراد سوريا يستنجدون بالضامن الروسي.. وأنقرة تبلغ دمشق"، العربية نت، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019. http://bit.ly/2OHJTYR
  3. "الأسد: أمريكا لن تحمي الجماعات التي تراهن عليها"، رويترز، 17 شباط/فبراير 2019. https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKCN1Q60E9
  4. "الخارجية الروسية: موسكو وبغداد مستعدتان للتوسط بين أنقرة ودمشق"، الميادين، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2019. http://bit.ly/2OJinug
  5. "الخارجية السورية لتركيا: تلقون بأنفسكم إلى التهلكة"، زمان التركية، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، http://bit.ly/2BbfQRe
  6. "الخارجية السورية: دمشق ستدافع عن كل أراضيها ولن تقبل بأي احتلال لأي ذرة تراب سورية"، روسيا اليوم، 8 تشرين الأول/أكتوبر 2019.  http://bit.ly/2OHKA4p
  7. "تركيا وأمريكا تتفقان على تشكيل مركز عمليات مشترك للمنطقة الآمنة بسوريا"، رويترز، 7 آب/أغسطس 2019. https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKCN1UX100
  8. "سوريا تقول لا حوار مع الأكراد المدعومين من أمريكا بعد أن "خانوا" بلادهم"، رويترز، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2019. https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN1WP2N8
  9. "شاهد انسحاب قوات أمريكا من سوريا قبيل عملية تركيا العسكرية"، CNN عربية، 7 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
  10.  
  11. "غزو تركي بغطاء جوي وإدانات عربية وغربية"، الشرق الأوسط، 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019. http://bit.ly/35tJzmz
  12. "فرنسا تسعى لتحالف أوروبي - دولي ضد خطط تركيا. مصادر: باريس غير قادرة على الوقوف وحدها"، الشرق الأوسط، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019. http://bit.ly/2OIOfPn
  13. "فيصل المقداد: لن نتحاور مع القوى الانفصالية التي ارتمت في أحضان قوى صهيونية"، روسيا اليوم، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2019. http://bit.ly/35y9VUn
  14. "لافروف يدعو دمشق والأكراد للحوار"، روسيا اليوم، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019. http://bit.ly/2VBKJbb
  15. "ماكرون يعرب للأكراد عن «قلقه الشديد» من العملية العسكرية التركية"، الشرق الأوسط، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019. http://bit.ly/2q9Vbej
  16. محفوض، عقيل سعيد. "صانع ألعاب: لماذا تريدُ روسيا العودةَ إلى بروتوكول أضنة 1998؟"، مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 5 شباط/فبراير 2019. http://bit.ly/2ILUTAW
  17. محفوض، عقيل سعيد. "مزاولة المستحيل! تحرير الكُرد من الرّهان على الأمريكيّ ومن الارتهان له"، مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. http://bit.ly/2vSpe9M

 

 

عقيل سعيد محفوض

  • كاتب وأستاذ جامعي.
  • تتركز اهتماماته العلمية حول المنطقة العربية وتركيا وإيران والكرد.
  • يكتب تحليلات ومقالات رأي في عدد من المنابر الإعلامية والسياسية والبحثية.
  • صدر له:
  • من الكتب
  • جدليات المجتمع والدولة في تركيا: المؤسسة العسكرية والسياسة العامة (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2008).
  • سورية وتركيا: الواقع الراهن واحتمالات المستقبل (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2009).
  • السياسة الخارجية التركية: الاستمرارية – التغيير (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012).
  • تركيا والأكراد: كيف تتعامل تركيا مع المسألة الكردية؟ (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012).
  • تركيا والغرب: "المفاضلة" بين الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2013).
  • الأكراد، اللغة، السياسة: دراسة في البنى اللغوية وسياسات الهوية (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013).
  • خط الصدع؟ في مدارك وسياسات الأزمة السورية (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2017؛ بيروت: دار الفارابي، 2017).
  • كورد نامه: في أسئلة الثقافة والسياسة والدولة لدى الكرد (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018؛ بيروت: دار الفرقد، 2018).

 

 


[1] - سُملت المادة للتحرير بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2019. (المحرر).

[2] - سُملت المادة للتحرير بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2019. (المحرر).

[3]  عقيل سعيد محفوض، "مزاولة المستحيل! تحرير الكُرد من الرّهان على الأمريكيّ ومن الارتهان له"، مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.  http://bit.ly/2vSpe9M

[4] المرجع السابق.

[5]  "سوريا تقول لا حوار مع الأكراد المدعومين من أمريكا بعد أن "خانوا" بلادهم"، رويترز، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2019،

https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN1WP2N8

[6] عقيل سعيد محفوض، كورد نامه: في أسئلة السياسة والحداثة لدى الكرد (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018؛ بيروت: دار الفرقد، 2018).

[7] المرجع السابق.

[8] عقيل سعيد محفوض، سورية والكُرد: بين المواجهة والحوار، أي أجِندة ممكِنة؟، دراسة (دمشق: مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 2018)؛ وعقيل سعيد محفوض، خط الصدع؟ في مدارك وسياسات الأزمة السورية (بيروت: دار الفارابي، 2017).

[9] عقيل سعيد محفوض، الأكراد واللغة والسياسة: دراسة في البنى اللغوية وسياسات الهوية (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013).

[10] عقيل سعيد محفوض، كورد نامه: في أسئلة السياسة والحداثة لدى الكرد، مرجع سابق؛ وانظر: هارفي موريس، جون بلوج، لا أصدقاء سوى الجبال: التاريخ المأساوي للأكراد، ترجمة: راج آل محمد (بيروت: باران).

[11] "تركيا وأمريكا تتفقان على تشكيل مركز عمليات مشترك للمنطقة الآمنة بسوريا"، رويترز، 7 آب/أغسطس 2019. https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKCN1UX100

[12] ""قسد" تعلن البدء بتطبيق المرحلة الأخيرة من اتفاق المنطقة الآمنة مع واشنطن"، العربي الجديد، 22 أيلول/سبتمبر 2019. http://bit.ly/32788DL

[13] "شاهد انسحاب قوات أمريكا من سوريا قبيل عملية تركيا العسكرية"، CNN عربية، 7 تشرين الأول/أكتوبر 2019، https://arabic.cnn.com/middle-east/video/2019/10/07/v80151-us-military-vehicles-leave-syria

[14] "ترامب يفسح الطريق أمام عملية تركية في سوريا والأكراد يرون موقفه "طعنة في الظهر"BBC، 7 تشرين الأول/أكتوبر 2019، https://www.bbc.com/arabic/middleeast-49956123

[15] حول "اللا متوقع"، انظر مثلاً: عقيل سعيد محفوض، خط الصدع؟ في مدارك وسياسات الأزمة السورية، مرجع سابق، ص 72-76.

[16] "ماكرون يعرب للأكراد عن «قلقه الشديد» من العملية العسكرية التركية"، الشرق الأوسط، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، http://bit.ly/2q9Vbej

[17] "فرنسا تسعى لتحالف أوروبي - دولي ضد خطط تركيا. مصادر: باريس غير قادرة على الوقوف وحدها"، الشرق الأوسط، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، http://bit.ly/2OIOfPn

[18] "غزو تركي بغطاء جوي وإدانات عربية وغربية"، الشرق الأوسط، 19 تشرين الأول/أكتوبر 2019، http://bit.ly/35tJzmz

[19] انظر مثلاً: عقيل سعيد محفوض، "صانع ألعاب: لماذا تريدُ روسيا العودةَ إلى بروتوكول أضنة 1998؟"، مركز دمشق للأبحاث والدراسات، 5شباط/فبراير 2019، http://bit.ly/2ILUTAW

ثم إن لافروف عاد وأكد عليه في تصريحات له، قال تعقيباً على العملية التركية في سورية، مشيراً إلى أن موسكو تتفهم قلق أنقرة، لكن «يجب تسوية الأمر مع مراعاة مصالح دمشق»، وأكّد لافروف أن «العملية العسكرية التركية في شمال شرق سورية هي نتاج للسياسة الأميركية في المنطقة»، وأن روسيا «معنية بتهدئة فورية للوضع في سورية على قاعدة الحفاظ على وحدة أراضي البلاد»، وكشف عن أن «موسكو ستطلب بدء محادثات بين دمشق وأنقرة».

وانظر: "الخارجية الروسية: موسكو وبغداد مستعدتان للتوسط بين أنقرة ودمشق"، الميادين، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2019، http://bit.ly/2OJinug

[20] قال لافروف: إنَّ «الجانب الروسيّ سيتوافق في الوقت نفسه على إقامة اتصالات بين دمشق والمنظمات الكردية التي ترفض التطرف والأساليب الإرهابية في أنشطتها»، وأضاف لافروف: «لقد سمعت باهتمام كل من المسؤولين السوريين وممثلي المنظمات الكردية بأن توظف روسيا علاقاتها الجيدة مع جميع أطراف هذه العملية للمساعدة في ترتيب مثل هذا الحديث.. نحن سنرى ما يمكننا فعله».  انظر: المرجع السابق.

[21] "لافروف يدعو دمشق والأكراد للحوار"، روسيا اليوم، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، http://bit.ly/2VBKJbb

[22] على الرغم من أن الأخيرة دعت روسيا للقيام بدور "الضامن" في "الحوار" مع دمشق، قبيل التدخل التركي، إلا أن طبيعة الدعوة والخطاب كانت أقرب للنفور منها للتقارب، جاء في البيان، أن "الحل الأمثل من أجل نهاية الصراع والأزمة في سورية يكمن في الحوار وحل الأمور ضمن الإطار السوري- السوري"، مضيفة "نتطلع إلى أن يكون لروسيا دور في هذا الجانب داعم وضامن وأن تكون هناك نتائج عملية حقيقية". ورد في: "أكراد سوريا يستنجدون بالضامن الروسي.. وأنقرة تبلغ دمشق"، العربية نت، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، http://bit.ly/2OHJTYR

[23]  "فيصل المقداد: لن نتحاور مع القوى الانفصالية التي ارتمت في أحضان قوى صهيونية"، روسيا اليوم، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2019، http://bit.ly/35y9VUn

[24] "الأسد: أمريكا لن تحمي الجماعات التي تراهن عليها"، رويترز، 17 شباط/فبراير 2019،

https://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKCN1Q60E9

[25] "الخارجية السورية: دمشق ستدافع عن كل أراضيها ولن تقبل بأي احتلال لأي ذرة تراب سورية"، روسيا اليوم، 8 تشرين الأول/أكتوبر 2019،  http://bit.ly/2OHKA4p

[26] "الخارجية السورية لتركيا: تلقون بأنفسكم إلى التهلكة"، زمان التركية، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، http://bit.ly/2BbfQRe

سيريا ديلي نيوز _ مركز دمشق للأبحاث والدراسات /مداد


التعليقات