ادّعت جماعات "المعارضة" السورية في شهر نيسان/أبريل من العام الماضي، أن الحكومة السورية شنّت هجوماً كيماوياً على آخر معاقل "المعارضة" بالقرب من دمشق. وردت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بوابل من صواريخ كروز ضد سورية. اليوم، يقول تقرير مسرب لمهندسين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذين حققوا في الحادث إنّ الهجوم الكيميائي المزعوم تمت فبركته: "التفسير الوحيد المعقول" لوجود أسطوانات الغاز في مبنيين سكنيين هو أنه تم وضعهم هناك، ولم تسقط من طائرات الهليكوبتر. في 8 نيسان/أبريل من العام الماضي، استيقظ العالم على صور مرعبة لجثث أكثر من 30 مدنياً قتيلاً في مبنى سكني في دوما، إحدى ضواحي دمشق. كانت "المعارضة" قد صمدت ضد الجيش السوري حتى ذلك الحين، لكنها وافقت على الإخلاء في اليوم التالي. بعد أسبوع، ضربت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا سورية بأكثر من 100 صاروخ كروز انتقاماً. وأخبرت تيريزا ماي مجلس العموم البريطاني أنه: تشير مجموعة كبيرة من المعلومات، بما في ذلك المعلومات الاستخباراتية، إلى أن "النظام" السوري مسؤول عن هذا الهجوم الأخير. ... لا يمكن لأي مجموعة أخرى أن تنفذ هذا الهجوم. المعارضة لا تملك طائرات هليكوبتر ولا تستخدم براميل متفجرة. وصل فريق من المحققين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى دمشق في مهمة لتقصي الحقائق في اليوم التالي للهجوم الصاروخي الذي قادته الولايات المتحدة، وبدأوا في تفتيش مواقع الهجوم المزعوم. في آذار/مارس من هذا العام، تم نشر التقرير النهائي لبعثة تقصي الحقائق. وأفاد بأنه قد طُلب من خبراء من الخارج في مجال المقذوفات والهندسة الإنشائية والمعادن إبداء الرأي حول "المسار والضرر الذي لحق بالأسطوانات"، وخلص إلى أن "احتمال حدوث استخدام مادة كيميائية سامة كسلاح له أرضيةٌ معقولة". لم يرد في التقرير النهائي أن بعثة تقصي الحقائق أجرت دراستها الهندسية الخاصة، بقيادة أحد كبار مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إيان هندرسون. تم الآن، ومن داخل المنظمة، تسريب نسخة من التقييم الهندسي المحجوب، وأكدت OPCW على مضض أن الوثيقة أصلية. ورفضت رغم ذلك إضافة مزيد من التعليق على ذلك، أفاد العديد من المعلقين في المملكة المتحدة أن معارفهم داخل المنظمة أطلعوهم، بطريقة غير رسمية، بأن هذا كان "رأي أقلية"، أو أن المعدَّ كان "على الهامش"، أو "موظفاً ساخطاً". يقول التقييم الهندسي أن الأسطوانة التي عُثر عليها ملقاة (في الموقع المحدد 2)، قد تكون مرمية مباشرة من فتحة السقف، فإذا تم إسقاطها من ارتفاع 500 متر –فهذا أقل بكثير من الارتفاع الذي تبلغه الحوامات في طيرانها فعلياً– ولا يمكن أن تعترضها قضبان التسليح الفولاذية دون ترك علامات على الأسطوانة. الأسطوانة ذات الزعانف التي وجدت ملقاة على السرير (في الموقع 4) لا تتطابق مع حجم فتحة السقف إذا كانت قد سقطت من السماء. في كل حالة، فإن الفرضية البديلة [والتي تقول بأن الأسطوانات قد وضعت في أماكنها، ولم تُسقط من الهواء] هي التفسير الوحيد المعقول المبني على الوقائع التي تمت ملاحظتها في الموقع. يقول بيرس روبنسون، منظم "مجموعة العمل المعنية بسورية - والدعاية والإعلام" التي نشرت الوثيقة المسربة: «من الصعب أن نرى كيف يمكن لآراء الخبراء الخارجيين الذين لم يذهبوا إلى المواقع، أن تتجاوز آراء الفريق الهندسي التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذين قاموا بالتفتيش في الموقع. وأفضل طريقة لكي تتلافى المنظمة هذا الأمر هي إتاحة جميع الوثائق التي استُخدمت لإعداد التقرير النهائي لبعثة تقصي الحقائق، بما في ذلك التقارير الكاملة المقدمة من خبراء خارجيين، للعامة لمراجعتها». صرّح ديفيد ميلر، عضو "مجموعة العمل"، بما يلي: «يدل هذا التسريب على وجود خلافات كبيرة داخل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. نأمل أن يقدم الآخرون المزيد من تفاصيل القصة حول تعاطي المنظمة مع هذه الهجمات الكيميائية المزعومة وغيرها. من الضروري القول بأن أي تكشفات جديدة يمكن أن تتم بسرية كاملة».

ترجمة: لينا جبور

سيريا ديلي نيوز - مركز دمشق للأبحاث والدراسات "مداد"


التعليقات