الملف السياسي:
استقبل الرئيس بشار الأسد المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سورية ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين والوفد المرافق.
تناول هذا اللقاء الملفات المدرجة على جدول أعمال الجولة المقبلة من محادثات أستانا، فأكّد الرئيس الأسد ولافرنتييف أهمية التنسيق المتواصل بين الجانبين حول القضايا المطروحة للخروج بنتائج إيجابية تحقق ما يصبو إليه الشعب السوريّ، وفي المقدمة التخلص من الإرهاب، واستعادة الأمن والاستقرار في الأراضي السورية كافةً.
كما أكد الرئيس الأسد في هذا اللقاء، على ضرورة العمل في هذه الجولة للتغلب على العوائق التي تحول دون تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقاً حول منطقة إدلب، إذ كان هذا الاتفاق يتمحور حول القضاء على المجموعات الإرهابية الموجودة فيها، لأنّها تقوم بتنفيذ اعتداءات على المدنيين في المناطق الآمنة المجاورة.
هذا، ومن جانبه أعرب لافرنتييف عن ثقته بنجاح محادثات أستانا بتحقيق المزيد من النجاحات، إن كان في ما يتعلق بدحر الإرهاب أو بالمسار السياسي واللجنة الدستورية أو معرفة مصير المفقودين أو اللاجئين، بما يسهم في إنهاء الحرب في سورية، وعودة السوريين إلى مناطقهم، وإعادة إعمار ما دمره الإرهابيون.
وتمت في معرض اللقاء مناقشة المبادرات المتعلقة بتبادل الموقوفين ومعرفة مصير المفقودين والجهود المبذولة في هذا الإطار، والاتفاق على ضرورة تسريع العمل لتحقيق النتائج المرجوة في هذا الملف لما له من أبعاد إنسانية واجتماعية هامة.
أتت زيارة الوفد الروسي إلى دمشق، بعد ساعات معدودة من لقائه بالرياض ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، وأعار الطرفان، حسب بيان لوزارة الخارجية الروسية، اهتماماً خاصّاً إلى ضمان تسوية سياسية مستدامة في سورية، على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وتقديم ما يلزم من الدعم لجهود إعادة إعمار البلاد.
كما عقد لافرينتييف وفيرشينين في العاصِمة السعوديّة اجتماعاً مع قادة "الهيئة العليا للمفاوضات" التابعة للمعارضة برئاسة ناصر الحريري.
وأشارت الخارجية الروسية، إلى أنَّ الطرفين بحثا بالتفصيل تطورات الوضع داخل وحول سورية، وآفاق تسوية النزاع بموجب قرار مجلس الأمن 2254، مع الاحترام الصارم لسيادة البلاد ووحدة أراضيها.
وركّز اللقاء على ضرورة استكمال تشكيل اللجنة الدستورية في سورية بأسرع وقت ممكن، كخطوة مهمة لدفع العملية السياسية التي يديرها السوريون أنفسهم بدعم من الأمم المتحدة. (روسيا اليوم، 19-4-2019)
كذلك استقبل الرئيس الأسد وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد جواد ظريف والوفد المرافق له.
وجدد الرئيس الأسد في مستهل اللقاء إدانة سورية للخطوة الأميركية غير المسؤولة ضد الحرس الثوري الإيرانيّ، وأكد أنها تأتي مكملة للسياسات الخاطئة التي تنتهجها الولايات المتحدة التي يمكن حسبانها أحد عوامل عدم الاستقرار الرئيسة في المنطقة. وأعرب من جهة أخرى عن تعازيه القلبية للشعب الإيراني ولذوي ضحايا الفيضانات التي ضربت عدداً كبيراً من المحافظات الإيرانية مؤخراً.
هذا، ومن جانبه شجب وزير الخارجية الإيراني قرار الإدارة الأميركية المتعلق بـالجولان السوريّ المحتل، وأشار الى أن هذا القرار لا يمكن فصله عن قراريها حول القدس والحرس الثوري، وهذه القرارات تدل على فشل سياسات واشنطن في المنطقة وضعف الإدارة الأميركية وليس العكس.
وشهدَ اللقاء تبادلاً للآراء حول متغيرات الأوضاع في المنطقة، إذ أكد الرئيس الأسد أنَّ التمسكَ بالمبادئ والمواقف الوطنية ووضعَ مصالح الشعب كأولوية كفيلان بحماية أي بلدٍ والحفاظ على وحدته والوقوف في وجه أي مؤامرة خارجية يمكن أن تستهدفه.
كما أوضح كلّ من الرئيس الأسد والوزير ظريف في معرض هذا اللقاء أنَّ سياسات الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية لن تنجح في ثني إيران وسورية وحلفائهما عن مواصلة الدفاع عن حقوق شعوبها ومصالحها.. وأشارا إلى أن الأطراف الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مدعوة إلى انتهاج الدبلوماسية عوضاً عن اللجوء الى شنّ الحروب والإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه ضد كلّ من لا يتفق معها في الرأي حول قضايا منطقتنا.
بُحثت في اللقاء أيضاً الجولة المقبلة من محادثات أستانا، وأهمية التواصل الدائم بين دمشق وطهران، من أجل التنسيق المستمر للمواقف المشتركة للبلدين حول المواضيع المطروحة، بما يحقق المصلحة الوطنية لسورية، ويتناسب مع صمود وتضحيات الشعب السوري على مدى السنوات السابقة.
كما استقبل الرئيس الأسد مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض، وجاء في بيان عن اللقاء، أنَّ "ما تشهده الساحتان الإقليمية والدولية، يحتم على سورية والعراق المُضي قدماً بكل ما من شأنه صون سيادتهما واستقلالية قرارهما، في وجه مخططات التقسيم والفوضى التي يحيكها الأعداء من الخارج.. فمصير المنطقة لا يقرره سوى شعوبها، مهما عظمت التحديات."
بموازاة ذلك، التقى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون وبحثا «الجهود المتواصلة المبذولة من أجل إحراز تقدم في المسار السياسي لحل الأزمة في سورية، واستكمال المشاورات المتعلقة بالعملية السياسية، بما في ذلك لجنة مناقشة الدستور".
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان مقتضب لها حول لقاء المعلم وبيدرسون: إنه "جرى خلال اللقاء استعراض الجهود المتواصلة المبذولة من أجل إحراز تقدم في المسار السياسيّ لحل الأزمة في سورية، واستكمال المشاورات المتعلقة بالعملية السياسية، بما في ذلك لجنة مناقشة الدستور".
وذكر بيان الخارجية، أن المعلم استمع إلى عرض قدمه المبعوث الخاص حول النشاطات التي قام بها منذ زيارته الأخيرة إلى دمشق الشهر الماضي. (سانا، 14-4-2019)
هذا، وبدوره، قال بيدرسون في تصريح للصحافيين من أمام مقر إقامته في أحد فنادق دمشق، عقب لقائه المعلم: «أجرينا مباحثات مفصلة ومهمة، وسنتابع المناقشة بعد ظهر اليوم»، وأضاف بيدرسون: «من الإنصاف القول إننا نتطرق الآن إلى المسائل كافة (…) وقد باتت كلها على الطاولة». (بي بي سي، 14-4-2019)
في غضون ذلك، شدد وزير الخارجية الإيرانيّ محمد جواد ظريف على ضرورة التزام الدول الضامنة لعملية «أستانا»، بالتعهدات المرتبطة بملف إدلب، وأهمها إخراج التنظيمات الإرهابية من المحافظة، مؤكداً وقوف بلاده الدائم إلى جانب الشعب السوري واستمرارها بالعمل معه ومع الحكومة السورية، لتحسين الأوضاع الاقتصاديّة في كل من سورية وإيران.
ووصف ظريف تهديد تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي للسكان في إدلب وحلب بـ«الجِدِّي»، وأكد موقف بلاده الاستمرار في عملية "أستانا"، وقال: "ينبغي علينا أن نعمل على تسوية هذا الموضوع (إدلب)، وأنا خلال زيارتي لتركيا سأتابع هذا الملف".
ولفت إلى أنه ناقش مع الرئيس بشار الأسد القضايا الإقليمية واستمرار المحادثات في سياق مسار «أستانا»، والتعاون الثنائي بين البلدين، مؤكداً وقوف بلاده الدائم إلى جانب الشعب السوريّ، واستمرارها بالعمل مع الشعب والحكومة السورية لتحسين الأوضاع الاقتصادية، في كلّ من سورية وإيران.
وأكّد أنّه على أساس هذا التعاون يمكن تحدّي الظروف الصعبة، وتحسين الأوضاع المعيشية لشعبي البلدين، مضيفاً: "ناقشت مع المعلم كيفية الاستمرار بالعملية السياسية، وما ينبغي القيام به بخصوص لجنة مناقشة الدستور ومسار أستانا، وأتطلع للعمل على هذه القضايا مع سورية، ومع الشركاء في روسيا وتركيا الذين يشاركوننا عملية أستانا ومع الآخرين، بهدف إعادة السلام والاستقرار إلى هذه المنطقة".
وأشار ظريف إلى أنه كان هناك العديد من المباحثات في البلدين، وتم اتخاذ قرارات إيجابية جداً في ما يتعلق بالقطاعين الحكومي والخاص، لافتاً إلى أن مباحثات إيجابية أجريت وقتَ زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى بغداد، وبعدها وقتَ زيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى طهران، «ونأمل أن يتم التعاون في هذا المجال، بحيث تدعم السلام والأمن في المنطقة، وتخدم مصالح شعوب سورية والعراق وإيران". (الوطن، 16-4-2019)
وفي وقت سابق من ذلك التقى المعلم نظيره الإيراني، وبحث معه أهمية تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى التداول في تطورات الأوضاع في سورية والمنطقة حيث كانت آراء الجانبين متطابقة تجاه كل المواضيع التي تم التطرق إليها. (سانا، 16-4-2019)
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في معرض مؤتمر صحافيّ عقده في ختام المنتدى بموسكو مع نظيره الصومالي أحمد عيسى عوض والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، «ضرورة الحل السياسي للأزمة في سورية، وفق القرار الأممي 2254 ومخرجات مؤتمر الحوار السوري في سوتشي».
وأشار لافروف إلى أنَّ المجتمعين في المنتدى متفقون على رفض التدخل الخارجيّ في أزمات المنطقة، وضرورة احترام سيادة دولها، وتكثيف الجهود من أجل دحر الإرهاب نهائياً فيها. وجدد لافروف موقف بلاده الرافض لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الجولان العربي السوريّ المحتل، مشدداً على أنه خرق صارخ لقوانين الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة.
وقال: "اتفقنا على ضرورة ترسيخ العمليّـة السياسيّـة فـي سـوريّة؛ ونؤيد فكرة عودة سورية إلى الجامعة العربية؛ كما نؤيد ضـرورة تكثيف الجـهود من أجل الدحر النهائي للإرهاب بالمنطقة".
وأعلن لافروف، أنه تمت دعوة المبعوث الأمميّ الخاص إلى سورية غير بيدرسون، لحضور الجولة القادمة من المحادثات الرامية إلى حل الأزمة السورية التي ستجرى هذا الشهر في عاصمة كازاخستان نور سلطان (أستانا سابقاً). (روسيا اليوم، 16-4-2019)
وفي وقت سابق، قال نائب وزير الخارجية الكازاخية، مختار تليبيردي: «إن تأكيدات رسمية لم تصلنا بعد، لكن المعلومات الأولية التي وصلتنا تشير بأن «المحادثات ستعقد» يومي 25 و26 نيسان". (مهرـ 16-4-2019)
هذا، ومن جانبه قال أبو الغيط في المؤتمر الصحافيّ المشترك مع لافروف وعوض: «أكدنا تنسيق الجهود بين روسيا والدول العربية في مسألة مكافحة الإرهاب»، بعد أن قال في الجلسة الوزارية للمنتدى: «نقدر موقف روسيا من اعتراف الأميركيين بسيادة إسرائيل على الجولان. ونقول إن هذا القرار سوف يتسبب في عزلة الأميركيين في الساحة الدولية، وأصبحت هذه الخطوة خطراً آخر على التسوية بأكملها في الشرق الأوسط". (سبوتنيك، 16-4-2019)
كما أنه في أثناء افتتاح المنتدى، قال عوض: إنَّ الحل السياسي هو الوحيـد للأزمـة السورية، في حين شدد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل، على أنه «لا يجوز أن نخطئ في العدو، فالعدو هو «إسرائيل» ونحن على ثوابتنا باقون، فلسطين عربية، وعاصمتها مدينة القدس، والجولان سوريّة، وسكانها عرب سوريون، وشبعا لبنانية وصكوكها عائدة لنا».
وأضاف: "في كل مرة نجتمع فيها، هناك كرسي شاغر ينغص جمعتنا العربية، فلا يجوز أن تبقى سورية خارج الحِضن العربي. اليوم الأزمة السورية على شفير الانتهاء، ونحن مع تعزيز المصالحة في ما بين المكونات السورية، ومع وضع لجنة لتعديل الدستور، ومع الحل السياسي الذي سوف يوافق عليه ويختاره السوريون، ومع إعادة الإعمار ومع عودة النازحين السوريين إلى أرضهم، وذلك من دون ربطها بأي شرط".
وتابع: «أريد أن نؤيد جميعاً المبادرة الروسية القاضية بعودة النازحين إلى بلدهم، بدلاً من الاكتفاء بشكر لبنان على استضافته الكريمة لهم، فلبنان لم يعد يحتمل، وهو بحاجة إلى الأفعال قبل الأقوال والأموال"، وناشد باسيل وزراء خارجية الأنظمة العربية قائلاً: «أعيدوا سورية إلى الجامعة، ولنعمل معاً لإعادة النازحين إلى سورية». (الوكالة الوطنية للإعلام، 16-4-2019)
بدوره، أكد وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي، أن عدم الاستقرار في دول الشرق الأوسط سببه عوامل داخلية وأخرى خارجية، وأنها منطقة تقاطعات دولية.
وقال ابن علوي، على هامش المنتدى الخامس للتعاون العربي الروسي والمنعقد في موسكو: إنّه ينبغي "على الدول العربية أن تتصالح مع نفسها، ليكون في إمكانها بعد ذلك أن تتصالح مع المجتمع الدوليّ، وهو الأمر الذي يسعى إليه الجميع"، وأضاف: "نتطلع في الاجتماعات القادمة لجامعة الدول العربية، أن يتحقق شيء من هذا القبيل".
وشدد، على أن الإجماع ليس ضرورياً، وأن ما تحتاجه المنطقة هو "الفهم المشترك للقدرات العربية وتفاعلها مع المجتمع الدولي، وأن هذه هي القاعدة الأساسية للعمل المشترك".
هذا، وفي ما يتعلق بموضوع عودة سورية إلى الجامعة العربية، قال ابن علوي: "إن ما تحتاجه سورية للعودة، هو قرار من الجامعة.. السلطنة لم تقاطع سورية، وأبقينا على قناة اتصال مع دمشق، وكذلك على سفارتي البلدين كل لدى الآخر، نحن مع الاتجاه الذي يدعو إلى عودة سورية إلى دورها العربي لمصلحة العرب". (روسيا اليوم، 16-4-2019)
على خط مواز، قال سفير سورية لدى لبنان علي عبد الكريم علي: إن "سورية لم تتنازل في أوج الضغط الأميركي، والإغراءات التي قدمت، والعالم كله يدرك أن سورية لم تساوم يوماً، ولن تساوم على شبر واحد من الجولان السوري المحتل".
وأضاف: "الكلّ يعلم أنَّ حرص الرئيس بشار الأسد على القنيطرة وحضر ومجدل شمس وبقعاتا ومسعدة وغيرها، ينطلق من حقيقة أن الجولان مثل دمشق أو حلب، فكلها أرض مقدسة، انطلاقاً مما قاله الرئيس المرحوم حافظ الأسد من أننا لا يجب أن نورّث الأجيال قراراً فيه تفريط، فلنورّث نفس الإصرار، والأجيال ستكمل ما بدأناه". وأكد علي، أن "الكل يدرك أيضاً أن سورية لا تفرط بالحق الفلسطيني، لأن فلسطين هي قضية سورية وإن أراد بعض أبناء فلسطين التساهل أو المساومة، ولا ترى أن هناك أريحا أولاً، ولا دمشق أولاً، ولا بيروت أولاً، يجب أن تقرأ الخريطة بتحدياتها، فالأمن مشترك، والعدو مشترك، وهذا ما تحرص سورية على قراءته». وقال: «من تابع الأزمة في سورية، يجد أن الرئيس بشار الأسد قال، في خطاب القسم، أي في ذروة الأزمة، إن فلسطين بالنسبة إلينا بوصلة، مع أن الجميع يعرف أن ثمة مجموعات دعمتها سورية وقفت في نهاية المطاف مع المجموعات الإرهابية تحت تسميات ليست خافية".
ولفت علي إلى أنه ومع ذلك، «لا تزال سورية تعتبر فلسطين قضيتها، وهي لا تتعامل بردّة الفعل، ولكنها أيضاً تسامح حيث يجب أن تسامح وتقرأ بالعمق الخطر القادم ومكامن القوة». وتابع: «نحن نقدّر كل المواقف التي اعتبرت أن قرار ترامب مناف للشرعية الدولية والمواثيق، ونقدر موقف روسيا والصين والحلفاء والأمم المتحدة، وحتى أن موقف الجامعة العربية، برغم كل الارتهان العربي، كان مقبولاً، ولذلك فإن قرار ترامب لا يخيفنا، والحق سيعود ونحن على يقين بأن الجولان سيعود".
هذا، وحول مسألة المهجرين السوريين، أكد علي أن "سورية واضحة في إرادتها عودة كل أبنائها، معتبراً القرارات والتعاميم التي تصدر والإجراءات التي تتخذ سواء بمراسيم العفو أو تسهيل المخارج للمطلوبين والاحتياطيين، كل هذا يدل أن سورية حريصة على عودة السوريين، لأنهم هم البناة الحقيقيون الذين تحتاجهم سورية لمزارعها وحقولها ومصانعها ومدارسها ومستشفياتها، وهم لديهم خبرات وكفاءات ويد عاملة ورؤوس أموال".
وأضاف: «هذا ما تخاطب به الدولة السورية مواطنيها، ولكن هناك عناصر التشويش السياسي والإعلامي والأمني الذي تقوم به أميركا وإسرائيل وأوروبا وتركيا وغيرها، التي لا تريد عودة السوريين، لأنها تعتبر أن الدولة السورية ستقطف بذلك ثمار الصمود والانتصارات». (سانا، 13-4-2019)
في هذه الأثناء، أكد نائب الأمين العام لحزب اللـه نعيم قاسم، أن المخطط الأميركي هزم في سورية والعراق ولبنان، وفي أماكن ومواقع مختلفة في المنطقة وهو قابل للانهزام في المحطات القادمة. (سانا، 13-4-2019)
من جانبه، أكّد سفير سورية في إيران، عدنان محمود، أن إعلان أميركا الحرس الثوري الإيراني «منظمة إرهابية»، جاء نتيجة غضبها من هزيمتها الكبرى في المنطقة، وبحث محمود مع أمين لجنة حقوق الإنسان محمد جواد لاريجاني المؤامرة الصهيونية الجديدة المدعومة أميركيّاً، المتمثلة في إعلان ترامب بشأن الجولان، ووجوب مكافحة هذه المؤامرة في الجوانب المختلفة.
وقال لاريجاني في هذا اللقاء: «إن هضبة الجولان ستحرر بفضل اللـه مثل جنوب لبنان عبر استراتيجية المقاومة»، وأضاف: "يحتم على الدول الإسلامية والدول الراعية لحقوق الإنسان الوقوف في وجه هذه المؤامرة".
وأكد لاريجاني، أنه ليس الإجراء "الإسرائيلي" وموقف الإدارة الأميركية في تناقض سافر مع مجموعة من القوانين الدولية فحسب؛ بل هما مرفوضان بشدة من ناحية معايير حقوق الإنسان التي تدّعي الدول الغربية حمل لوائها، مبدياً أمله باتخاذ تحركات واسعة بالتعاون مع سورية والدول الإسلامية تجاه هذه المؤامرة الصهيوأميركية.
وأكد محمود، أن إعلان واشنطن الحرس الثوري «منظمة إرهابية» هو جزء من استراتيجية الأميركيين الضخمة ضد محور المقاومة، وينم عن غضبهم من الهزيمة الكبرى في المنطقة. (إسنا، 15-4-2019)
وعلى صعيد متصل، قال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري، في كلمته أمام مؤتمر العمل العربي في دورته السادسة والأربعين الذي عقد في القاهرة: إنه "رغم الحرب والحصار الاقتصادي الجائر والإجراءات القسرية الاقتصادية أحادية الجانب التي تستهدف تعميق معاناة الشعب السوري في سبل معيشته وحياته اليومية، لم تتوقف المشروعات والبرامج التنموية المخططة في سورية، في الوقت الذي استطعنا فيه بفضل دماء الشهداء وبسالة أبطال جيشنا استرداد معظم الجغرافيا السورية إلى حضن الوطن وتحريرها من الإرهاب".
وطالب القادري الأحرار والشرفاء من أبناء الأمة العربية بإدانة التدخل الخارجي والحصار الجائر والإجراءات العدوانية بحقّ شعبنا، والعمل على كسرها بكل السبل المتاحة، لافتاً إلى أن سورية وشعبها كانا سبّاقين في مد يد العون إلى كل الأشقاء عند احتياجهم.
وشدد القادري على أنه "رغم وحشية الأعمال والممارسات الإرهابية التي ارتكبت بحق الشعب السوري على امتداد ثماني سنوات، استطاعت سورية بفضل شعبها الصامد وجيشها البطل وبدعم حلفائها تحقيق انتصارات مهمة على الإرهابيين".
وأوضح، أن «بعض الأنظمة العربية تعمل من خلال تمويلها للإرهاب على خلق حروب عبثية وفوضى في المنطقة استجابة للإملاءات الإمبريالية الغربية الصهيوأميركية»، داعياً إلى الإسراع في مواجهة التحديات عبر التخطيط المشترك لمنع الأعداء استباحة حقوقنا، مشيراً في هذا السياق إلى إعلاني الرئيس الأميركي حول الجولان والقدس.
وبيّن القادري، أهمية الصحوة والارتقاء بالأمة إلى مستوى التحديات التي تواجهنا جميعاً، ومناقشة سبل تطوير العمل العربيّ المشترك، ومعالجة أسباب تعثر التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشدداً على ضرورة تقديم فرص العمل للشباب، وتسخير مواردنا لتنمية بلداننا بدل إنفاقها وتبديدها على تمويل حروب عبثية مشبوهة. (سانا، 16-4-2019)
هذا، وعلى خط الحلول للأزمة السورية، أعلن وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف في أنقرة، أنه سيبحث مع كبار المسؤولين الأتراك العلاقات الثنائية، والملف السوري، والتطورات في شمال أفريقيا، وأكد أن مباحثاته مع المسؤولين الأتراك ستتناول التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين، كما سيتابع القرارات التي تم اتخاذها من قبل رئيسي البلدين في اجتماعات اللجنة العليا للعلاقات الإيرانية التركية المشتركة.
وأضاف ظريف الذي وصل إلى أنقرة قادماً من دمشق، أن طهران ترغب بتسوية المشاكل في سورية عبر الحوار، لا سيما بين دول المنطقة، لافتاً إلى أنه أجرى مباحثات جيدة للغاية مع كبار المسؤولين في سورية حول الوضع في شرق الفرات وإدلب، وانسحاب القوات الأجنبية، وإنهاء وجود الإرهابيين في سورية. (فارس، 17-4-2019)
وأعلن ظريف أن انتشار الجيش على الحدود مع تركيا هو السبيل الأفضل لصون أمن جميع دول المنطقة، وقال في مؤتمر صحافيّ مشترك مع نظيره التركي مولود تشاويش أوغلو في أنقرة: "كانت لي محادثات مسهبة مع الرئيس بشار الأسد، وسأقدم تقريراً عنها للرئيس رجب طيب أردوغان"، وأضاف: أن إيران ترغب بأن تكون العلاقات طيبة ومتقدمة وذات رؤية مستقبلية بين الدول الصديقة لها. (روسيا اليوم، 17-4-2019)
هذا، وفي مقابل ذلك، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، وجود أي اتصالات لحكومة بلاده مع الحكومة السورية، مكذباً التقارير حول وساطة إيرانية بين أنقرة ودمشق.
وقال قالن، في مؤتمر صحافيّ عقده، تعليقاً على هذا الموضوع: "لا نبحث عن أيّ وسطاء، ولسنا على أي اتصال مع النظام السوريّ، ولا نخوض أي حوار معه، وفي حال وجود ضرورة للتواصل معه نقوم بذلك عبر روسيا وإيران"، وأضاف: أن زيارة ظريف، إلى أنقرة "ليست لإجراء وساطة بين تركيا والنظام السوري، ولا يوجد مساع من هذا القبيل". (الأناضول، 18-4-2019)
وتابع قالن، تعليقاً على مقترح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، المتعلق بتسليم المناطق الواقعة قرب الحدود السورية التركية لدمشق، إنه بالنظر إلى الوضع الذي أسسته تركيا في المناطق الممتدة من جرابلس إلى عفرين، ومن عفرين إلى إدلب، فإنه من الجلي رؤية عدم انتشار عناصر "وحدات حماية الشعب" الكردية أو داعش أو قوات الحكومة فيها.
ونبّه إلى أن دعوة الجيش العربي السوري إلى المناطق التي "طهرتها" تركيا "نوع من انتهاز الفرص"، مبيناً أن "بلاده حافظت على أمنها وأمن سكان المنطقة عبر مكافحة الإرهاب في سورية". (الأناضول، 18-4-2019)
هذا، وقبل أيام من انعقاد الجولة الجديدة من مفاوضات أستانا حول سورية، دعت موسكو الأمم المتحدة لعدم الانجرار وراء مساعي بعض الجهات الرامية لعرقلة هذا المسار.
وقال لافروف في مؤتمر صحافيّ مع نظيره الصربي أيفيتسا داشيش في موسكو: "ندعو للالتزام بالمبدأ الأساس الذي أقره مؤتمر الحوار الوطني السوريّ في سوتشي في كانون الثاني 2018، وينص على تشكيل السوريين اللجنة الدستورية بأنفسهم، ولعب الأمم المتحدة دور وسيط يساعد في تنظيم وبدء حوار جوهري".
وأضاف: "لذا، أبلغت زملاءنا في رئاسة الأمم المتحدة دعوتنا الملحة للتعامل باستقلالية، والتقيد بقرار مجلس الأمن 2254، وعدم الانجرار وراء من يسعى لتهميش عملية أستانا وإفشالها".
وأكد لافروف ضرورة تشكيل اللجنة الدستورية السورية في أقرب وقت، مشيراً إلى أن الأوضاع الميدانية في سورية لا تمنع ذلك، رغم أن بعض المشاكل ولاسيما تلك المتعلقة بالوضع في إدلب وشمال شرقي البلاد، لا تزال تنتظر الحل. (روسيا اليوم، 17-4-2019)
ودعا لافروف الأمم المتحدة إلى عدم التدخل بتشكيلة اللجنة الدستورية السورية. مشدداً على ضرورة تشكيلها في القريب العاجل والقضاء على البؤر الإرهابية في إدلب. (روسيا اليوم، 17-4-2019)
إلى ذلك، نفت وزارة الخارجية الروسية صحة الأنباء التي تناقلتها الصحافة الإسرائيلية، بنقل مسؤولين روس جثة عميل الموساد إيلي كوهين إلى خارج سورية.
وجاء في بيان للخارجية الروسية، نشر على موقعها: "نفند افتراءات بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تزعم بأن مسؤولين روساً نقلوا رفات عميل الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) إيلي كوهين الذي أعدم في دمشق عام 1965، إلى خارج سورية".
وأضافت الخارجية الروسية: "لا نفهم دوافع من ينشر هذه المعلومات المضللة وما هي الجهة التي تقف وراءها. وندعو الشركاء الإسرائيليين، بمن فيهم الصحافيين إلى التحلي بالدَّقة والمهنيّة والنزاهة أثناء التعامل مع مثل هذه المسائل الحساسة".
هذا، وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نقلت في الأيام الأخيرة أنباء بأن الخبراء الروس استخرجوا رفات الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين في سورية، ونقلوها سراً إلى خارج البلاد. (روسيا اليوم، 17-4-2019)
والأسبوع الفائت، تواصلت الاحتجاجات المحلية في سورية والمواقف الإقليمية والدولية الرافضة لإعلان الرئيس الأميركي الاعتراف بـ"سيادة إسرائيل" على الجولان، وأكدت أن الجولان سيتحرر من الاحتلال بهمة الشعب السوري وجيشه وقيادته.
يأتي ذلك في وقت، جدد الاتحاد الأوروبي التأكيد على أنه لن يعترف "أبداً بسيادة إسرائيل" على الجولان، وقالت مفوضة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في جلسة استماع أمام البرلمان الأوروبي بشأن قضايا السياسة الخارجية: "بالنسبة لاعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، فإن موقف الاتحاد الأوروبي بسيط وواضح: الاتحاد الأوروبي لا يعترف ولن يعترف بسيادة إسرائيل على أي أرض احتلتها، وهذا ينطبق أيضا على مرتفعات الجولان. حالياً هناك 5 دول من الاتحاد الأوروبي تجتمع في مجلس الأمن في نيويورك، قد أعربت عن موقفنا من مرتفعات الجولان في بيان مشترك".
هذا، ووفقاً لموغيريني، فإن الاتحاد الأوروبي لا يعترف بأي تغييرات في حدود إسرائيل بعد عام 1967 إلا إذا تم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين على أساس مبدأ الدولتين مع الاتفاق على وضع القدس. (تاس، 16-4-2019)
من جهته، وفي تصعيد للموقف الأميركي، نشر المبعوث الأمريكي الخاص للتسوية في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، صورة لخريطة محدثة اعتمدتها سلطات بلاده رسمياً، ويظهر فيها الجولان المحتل ضمن حدود "إسرائيل"، وغرّد على "تويتر" قائلاً: "مرحباً بالخريطة الجديدة في نظام الخرائط الدولية الخاص بنا، بعد إعلان الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان". (روسيا اليوم، 17-4-2019)
وفي وقت آخر حذر القائد الجديد للقوات البرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال يوئيل ستريك، من أن "حزب الله" لا يزال يخطط لفرض سيطرته على منطقة الجليل، متوعداً لبنان بـ"دفع ثمن تصرفات" الحزب.
كما تطرق ستريك، إلى تزويد روسيا الجيش السوريّ بمنظومات "إس-300" للدفاع الجوي، مهدداً بتدمير هذه المنظومات إذا استخدمت ضد الطيران الإسرائيليّ، وقال: "سننشر منظومات عسكرية متطورة في المنطقة، لكن لدينا سلاح الجو الرائع. لن أخوض في التفاصيل، لكن إذا استخدم السوريون "إس-300" الروسية سنقضي عليها، وسيعد ذلك خطوة مشروعة من جانبنا"، وأعرب عن أمله في ألا يطبّق هذا السيناريو، مضيفاً: "لكن إذا أصبحت حرية تحركاتنا مهددة فإننا سنفعل ذلك"، رغم أن هذه الخطوة قد تشكل تحدياً بالنسبة للعلاقات بين الدولة العبرية وروسيا. (يديعوت أحرونوت، 18-4-2019)
هذا، وبعد اعتراف الرئيس دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، أدخلت الخارجية الأمريكية تعديلات على سياستها تقضي بتسجيل أبناء الجولان المقيمين في أمريكا كـ"إسرائيليي الأصل".
وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية، أن هذه التغيرات تعكس النهج الجديد للإدارة الأمريكية تجاه المسألة، وهي ستطال الوثائق الرسمية، مثل الجوازات الأمريكية الممنوحة للسوريين من الجولان المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية. (هآرتس، 19-4-2019)
التعليق:
اعتبرت الدكتورة أشواق عباس، عضو مجلس الشعب والأستاذة في جامعة دمشق، أنه يبدو واضحاً -على عكس ما قد يتصوره بعض المراقبين للشأن السوريّ- نظراً إلى كثرة الوفود والتصريحات الدبلوماسية حول سورية، أن المنطقة العربية برمتها باتت الآن على صفيح ساخن، فكل المؤشرات تذهب باتجاه قرب التسوية السياسية للحرب على سورية، وبالتالي كلما ازددنا اقتراباً من الحل نكون أمام خيارين:
أولهما؛ أن الأمور قد تذهب بهدوء تجاه الحل إذا توافقت الرؤى والمصالح الخاصة بفواعل الأزمة.
ثانيهما؛ لكنها في الوقت ذاته قد تذهب باتجاه آخر في حال حدوث أي خلاف أو تباعد، ما يعني إطالة أمد الأزمة وابتكار مستويات وأشكال جديدة للحرب.
إنَّ التطورات السريعة والمعقدة التي تشهدها المنطقة بعامّة وسورية بخاصّة تعزز الاتجاه الثاني، ففي الوقت الذي يرى فيه بعضٌ أن هناك توافقاً أمريكياً روسياً بات وشيكاً على ضرورة تهدئة الأوضاع، تأتي السلوكيات غير العقلانية للسياسة الخارجية الأمريكية، ابتداءً من إعلانها الاعتراف بـ"سيادة" الكيان الصهيوني على الجولان العربي السوري المحتل، مروراً بزيادة العقوبات أو الإجراءات القسرية أحادية الجانب على سورية وإيران وكل من يمد يد العون لهما، وليس انتهاء بوضع الحرس الثوري الإيراني على لائحة التنظيمات الإرهابية، ما يعني قيام واشنطن بنسف قواعد التفاهم المفترضة، وسط صمت روسي يصفه الكثيرون بالمريب.
في الوقت ذاته، تأتي التحركات الدبلوماسية الروسية على نسق آخر، تفيد للمحلل لها، بأن التسوية باتت على الأبواب، فالتوافقات التركية الروسية، والنشاط الروسي الخليجي، والمحادثات التي تجريها موسكو مع مختلف أقطاب المعارضة السورية، تذهب باتجاه إظهار أن الحقيقة لا تظهر وجود أي تفاهمات أو تقارب روسي أمريكي في ملفات المنطقة وبخاصّة الملف السوري، لكنها تؤكد في الوقت ذاته أنَّ الروسَ عازمون على عدم الاصطدام مع الأمريكي بأي شكل من الأشكال.
إذن، بات الوضع على شفير غير محدد، شفير مرشح لأن يكون على عتبة الهاوية، أو على عتبة الانفجار المدروس والمحدد المسبق النتائج والأبعاد.
في كلتا الحالتين يعني الأمر أن فواعل الأزمة متفقة على أنه لن يحدث انفجار غير مضبوط، ولا انفراج غير مضبوط أيضاً.
ملف الشرق:
يُلاحظ مع تواصل عمليات الجيش العربي السوري لإنهاء وجود تنظيم داعش الإرهابي في البادية الشرقية، ترددت أنباء عن استشهاد عدد من عناصره وعناصر القوات الرديفة، وبالترافق مع ذلك، أكد مصدر استخباراتي عراقي، أنَّ مسلحي وقيادات التنظيم جعلوا «مخيم الهول» الذي يضم مسلحين من تنظيم داعش وعوائلهم كانوا استسلموا لـ«قوات سورية الديمقراطية– قسد» في محافظة الحسكة، مقراً لتنسيق تحركاتهم.
وقال المصدر: إن «90 بالمئة من نزلاء مخيم الهول، هم من عوائل التنظيم، وبعض مسلحيه وقياداته يتخذون منه مقراً للاجتماعات وتنسيق تحركاتهم مندسين بين النازحين»، وأضاف: إن «أغلبية هؤلاء من العراقيين". (روسيا اليوم، 14-4-2019)
على خط مواز، ذكرت تقارير صحافيّة أن واشنطن تضغط على حلفائها الأوروبيين والإقليميين للمشاركة في «القوة الأمنية» التي تروج لإنشائها في شمال وشمال شرق سورية، لكن حلفاءها طرحوا عليها سلسلة من الأسئلة، تتعلق بحجم الإسهام العسكريّ المطلوب، ومدى الالتزام الأميركي بالبقاء في سورية، وتجنب مفاجأة مشابهة لتغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترمب نهاية العام الماضي، عندما قرر فجأة «الانسحاب الكامل والسريع»، والغطاء الجوي والتفاهم مع الروس، والدور التركي شرق الفرات.
وذكرت هذه التقارير أيضاً، أنَّ الجانب الأميركي حقق بعض التقدم في الإجابات، مثل تمديد مذكرة «منع الاحتكاك» مع روسيا، وتوفير الغطاء الجوي، والتزام أميركي "في المدى المنظور"، لكن العقدة، تتمثل بدور تركيا شرق الفرات، إذ إن أنقرة تلوح بعملية عسكرية شرق الفرات، وجرى تراشق بينها وبين واشنطن بهذا الخصوص، إلا أن الأخيرة قامت مع دول أوروبية أخرى ببعث بـ«رسائل تحذير» لأنقرة من أن "التوغل سيزيد تعقيد العلاقات مع الغرب، ويخلق فوضى شمال سورية، تهدد الأمن القوميّ التركيّ"(الشرق الأوسط، 13-4-2019)
هذا، وعلى خط مواز، ذكر القيادي الكردي بدران جيا كرد ذكره أن جهود إبرام اتفاق سياسيّ بين الكرد في شمال سورية والحكومة في دمشق مُتعثرة، وأنه «ألقى باللوم على روسيا"، وبحسب كرد: فإن المحادثات «لا تحرز أي تقدم»، مشيراً إلى أن «الروس جمّدوا تلك المبادرة التي كانت من المفروض أن تقوم بها روسيا، وهي أصلاً لم تبدأ المفاوضات مع دمشق". (هاوار، 13-4-2019)
قال مصدر قضائي عراقي: «تسلمنا ملفات التحقيق مع 900 من مسلحي داعش قادمين من سورية»، موضحاً أن "المحكمة المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بدأت بتحديد مواعيد محاكماتهم تباعاً".
وإلى جانب المواطنين العراقيين، تستعد بغداد لمحاكمة 12 شخصاً يحملون الجنسية الفرنسية اعتقلوا في سورية ونقلوا إلى العراق. ويواجه هؤلاء عقوبة الإعدام أيضاً.
وكشف مصدر حكومي عراقي، أنَّ بلاده اقترحت على دول «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة، تولي محاكمة الإرهابيين الأجانب المعتقلين في سورية، مقابل مبلغ مالي يصل إلى ملياري دولار، ما سيتيح لدول عدة تجنب استعادة مواطنيها المنضمين للتنظيم. (أ ف ب، 15-4-2019)
بموازاة ذلك، قال تقرير أميركي: إنه في الثامن من نيسان، أعلن التنظيم رسمياً بداية ما سماه «حملة الانتقام لمقاطعة الشام المباركة»، وأن هجمات من قبل فروعها في جميع أنحاء العالم قد بدأت، وأكّد التقرير، أن «الانتقام للشام» هو مزيج من حملة منسقة، إلى جانب الدعايات الانتهازية للهجمات التي كانت ستنفذ على أي حال، وذلك في محاولة لإعادة تأكيد قدرات المجموعة بعد سقوط داعش. (ديفنس نيوز، 15-4-2019)
وفي جلسة حوارية في معهد تكساس، قال بومبيو: إن واشنطن وحلفاءها من الأوروبيين لن يسهموا في إعادة الإعمار في سورية ورفع العقوبات المفروضة حتى يتم إكمال العملية السياسية. (مواقع معارضة، 16-4-2019)
من جهة ثانية، قال كبير مستشاري العمليات في سورية لدى وزارة الخارجية الأميركية، العقيد المتقاعد ريتش أوتزين، في ندوة له: «سنقوم بإبعاد «ي ب ك» (وحدات حماية الشعب الكردية العمود الفقري في «قسد») عن الحدود السورية التركية إذا قمنا بتطبيق «المنطقة الآمنة» بشكل صحيح، وبهذه الطريقة نكون كذلك قد أبعدنا السلاح الثقيل عن الحدود»، وأضاف: «نحتاج إلى إظهار بعض التعاطف مع تركيا».
وتساءل أوتزين: «هل من الضروري على تركيا القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق من جانب واحد لحلّ هذه المشكلة وتنظيف حدودها من (ي ب ك)» وأجاب: «في تصوري لا». وسبق ذلك تأكيد المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، جيمس جيفري، أن بلاده تعمل مع تركيا بشأن «منطقة آمنة»، وأضاف: "لم نتوصل بعد إلى اتفاق تام حولها، وتركيا لديها مخاوف أمنية مهمة جداً".
وتابع: «الولايات المتحدة تتفهم أيضاً قلق تركيا حيال الناس الذين حاربنا معهم (وحدات حماية الشعب) ضد داعش. ونعمل أيضاً مع تركيا حول «منطقة آمنة» لا يكون فيها (ي ب ك)». وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أشار الإثنين إلى وجود حوار مستمر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأردوغان، وأنهما متفقان في مجالي الدفاع والأمن وتعزيز العلاقات المتبادلة بين البلدين.
وأكد أكار أن «إنشاء أي منطقة آمنة في سورية يجب أن يستجيب للمخاوف الأمنية لتركيا، وعودة اللاجئين بسلام إلى منازلهم. (الأناضول، 16-4-2019)
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أن أنقرة تطالب بأن يكون نطاق وطريقة إدارة المنطقة الآمنة شمال سورية بيد تركيا، وأن يتم تطهير شرق الفرات من "الإرهابيين"، وأضاف: "في ما يتعلق بشكل ونطاق وطريقة إدارة المنطقة الآمنة، نطالب بأن تكون إدارتها والسيطرة عليها بيد تركيا، كما أفاد بذلك الرئيس رجب طيب أردوغان. وهذا ضروري من أجل عدم تحوّلها إلى ملاذ للتنظيمات الإرهابية"، ولفت إلى أن المباحثات حول المنطقة الآمنة مستمرة بين المسؤولين الأتراك والأمريكيين.
وبيّن قالن رغبة أنقرة بـ"نقل تجربتها في تطهير غربيّ نهر الفرات شمالي سورية، من الإرهاب وإنشاء نظام معين هناك، إلى مناطق شرقي الفرات أيضاً"، مؤكداً أنها "تمتلك كافة الإمكانات والقدرات اللازمة لهذا الغرض".
هذا، وحول "خريطة طريق منبج"، دعا متحدث الرئاسة التركية إلى ضرورة تنفيذها في أقرب وقت ممكن، وتطهير مناطق شرق نهر الفرات من العناصر الإرهابية بشكل كامل"، مشدداً على أهمية ذلك من حيث "الأمن القومي التركي، ووحدة وسيادة الأراضي السورية". (الأناضول، 18-4-2019)
وقال قالن، في مؤتمر صحافيّ: "الأرض الممتدة من إدلب إلى منبج مروراً بعفرين وجرابلس داخل الحدود السورية التركية، تشكلت فيها منطقة آمنة فعلياً"، وأضاف أنَّ تركيا تواصل محادثاتها مع الجانب الأمريكي "بشكل مكثف حول المنطقة الآمنة بعمق 32 كيلومتراً شمالي سورية".
هذا، وبخصوص الانسحاب الأمريكي من سورية، قال: "مسألة سحب الولايات المتحدة قواتها من سورية يشوبها التخبط، وهناك دعم أمريكي متواصل لتنظيم ي ب ك (وحدات حماية الشعب الكردية) الإرهابي"، وأكد أن "الحرب على الإرهاب ليست نضالاً داخل الحدود التركية فقط، بل إن الهدف الأساس هو حماية حدود بلدنا، وهذا يكون من الجهة الأخرى لحدودنا". (الأناضول، 18-4-2019)
في سياق متصل، كشف مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (الاستخبارات)، ألكسندر بورتنيكوف، أن نحو 1500 مسلح عادوا لدول الاتحاد الأوروبي من الشرق الأوسط، وهم عازمون على مواصلة أنشطتهم الإرهابية هناك.
وقال بورتنيكوف متحدثاً في مؤتمر لمكافحة الإرهاب الدولي: "إن الأداة الرئيسة للهياكل الإرهابية الدولية هم المسلحون الإرهابيون الأجانب. وها هم يعودون بأعداد كبيرة إلى بلدانهم الأصلية، أو يستقرون في دول أخرى بعد تدريبهم في المعسكرات الإسلامية واكتسابهم الخبرات القتالية. على سبيل المثال، وصل نحو 1500 إرهابي بالفعل إلى بلدان الاتحاد الأوروبي من بين الخمسة آلاف الذين غادروا من قبل إلى الشرق الأوسط".
كما أنّه وفقاً لمدير الاستخبارات الروسية، تم إرسال جزء كبير من الأصوليين المتشددين من قبل قادتهم إلى أوروبا لمواصلة أنشطتهم الإرهابية.
وأكد مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، أنه رغم الخسائر الملموسة (لداعش) في سورية والعراق، إلا أن هذا التنظيم الإرهابي لا يزال يشكل خطراً كبيراً، ذلك بتنظيم قواته وفقا لمبدأ الشبكة. إذ تنتشر الخلايا المترابطة والمستقلة ذاتيّاً خارج حدود الشرق الأوسط إلى أوروبا ووسط وجنوب شرف آسيا. كما أن جماعات كبيرة تتعمق في القارة الإفريقية، ولاسيما في ليبيا". (نوفوستي، 18-4-2019)
في هذه الأثناء، دعا مسؤول أممي الدّول لمساعدة 2500 طفل أجنبي من بين 75 ألف شخص محتجز في مخيم الهول شمال شرق سورية بعد فرارهم من آخر معاقل داعش في بلدة الباغوز شرق دير الزور.
وقال بانوس مومسيس منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية في مؤتمر صحافيّ بجنيف: "يجب النظر في وضع الأطفال أولاً، وقبل كل شيء النظر إلى معاناتهم كضحايا. ويجب اتخاذ الحلول انطلاقاً من المصلحة العليا لحقوق الأطفال".
وشدد المسؤول الأمميّ، أنه يجب إيجاد الحلول بغض النظر عن أعمار الأطفال أو جنسياتهم، وبغض النظر عن انتماءات ذويهم. (رويترز، 18-4-2019)
استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وفداً من "مجلس سورية الديمقراطية- مسد"، الجناح السياسي لـ"قوات سورية الديمقراطية -قسد" في العاصمة الفرنسية باريس.
وقالت مصادر من الوفد: إن الوفد ناقش مع ماكرون الاستمرار بمحاربة داعش وخلاياه النائمة، ودعم الاستقرار في المنطقة؛ ذلك بتقديم الدعم الإنساني، والمشاركة في العملية السياسية.
من جهته قال قصر الإليزيه في بيان له: "استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم وفداً من قوات سورية الديمقراطية حيث حيا الدور الأساس الذي لعبوه في معارك دحر داعش بمؤازرة التحالف الدولي، وبخاصّة في المعركة الأخيرة في الباغوز، آخر معاقل التنظيم في شمال شرق سورية".
وأكد البيان "استمرار دعم فرنسا الفعال لهم في الحرب على تنظيم داعش الذي ما زال يشكل تهديداً للأمن الجماعي، وبخاصّة في ما يتعلق بإدارة وضع المساجين الإرهابيين وعائلاتهم"، وعبّر ماكرون عن الاهتمام الخاص الذي توليه فرنسا لتأمين استقرار منطقة شمال شرقي سورية، معلناً عن دعم مالي " لتغطية الضرورات الإنسانية ولتأمين استقرار الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمدن في سورية".
وفي السياق نفسه، أكد ماكرون على "تمسك فرنسا بأمن تركيا وتمسكها بخفض التصعيد على طول الحدود التركية السورية". (روسيا اليوم، 19-4-2019)
هذا، وفي مقابل ذلك، نددت الخارجية التركية باستقبال ماكرون لوفد "مسد"، وقالت في بيان لها إنها محاولة لإعطاء شرعية مصطنعة لملحقات التنظيم "الإرهابي"، مؤكدة أنها خطوة خاطئة للغاية، وتتعارض مع علاقات الحلفاء، وأكدت "على أهمية عدم السماح بالمضي قدماً في تنفيذ الأجندات التي تستهدف وحدة الكيان السياسي لسورية، ووحدة أراضيها"، وشددت "على أن أنقرة لن تتردد في اتخاذ التدابير التي تراها ضرورية لضمان الأمن القومي لتركيا". (الأناضول، 19-4-2019)
التعليق:
ملف الشمال:
أكد نائب وزير الخارجية الروسي لشؤون مكافحة الإرهاب أوليغ سيرومولوتوف أن «بلاده أعلنت مراراً وتكراراً بأنَّ صبرها سينفد أخيراً بخصوص استمرار وجود الإرهابيين في إدلب»، وبيّن، أن الوضع في إدلب يخضع لمذكرة تفاهم بين روسيا والنظام التركيّ، وينبغي أن يؤدي تنفيذها إلى القضاء على الوجود الإرهابي هناك، لافتاً إلى أنه وبالاستناد إلى ذلك يقوم الجيش العربي السوري بتنفيذ إجراءات عملية عسكرية واسعة النطاق ضد الإرهاب في المنطقة.
وأوضح، أن إدلب أصبحت مركزاً لتجمع فلول تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابيّ الذي يشن مسلحوه باستمرار هجمات على المناطق المجاورة، وقال: «لذا فإننا سنواصل تعاوننا في إطار هذه المذكرة بشأن حل هذه المشكلة". (سانا، 15-4-2019)
على صعيد متصل، قال نائب وزير الخارجية الروسي: «نحن نقوم بذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة وضامني عملية أستانا، موضحاً أن دولاً عديدة تبدي اهتماماً للانضمام إلى صيغة أستانا، وتابع: «أؤكد أن هناك عدداً من الدول المهتمة بالانضمام إلى صيغة أستانا"، وذكر أن هناك نية لعقد قمة جديدة حول سورية على أعلى مستوى بين الدول الضامنة لعملية أستانا، مؤكداً أنه لا توجد مواعيد محدد لتلك القمة حتى الآن. (اليوم السابع، 15-4-2019)
على صعيد متصل، كشفت الخارجية الروسية عن إعداد تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابية بالتنسيق مع "الخوذ البيضاء"، لمسرحية استخدام الأسلحة الكيميائية في إدلب، واتهام القوات الحكومية السورية بذلك.
وأعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، "أن الإرهابيين، جنباً إلى جنب مع المنظمة الإنسانية الزائفة الخوذات البيضاء، يستعدون لاستفزازات أخرى بهدف اتهام السلطات الشرعية باستخدام المواد السامة. نتحدث هذه المرة عن إجراء تدريبات مشتركة حول تغطية الأحداث في وسائل الإعلام، بالإضافة إلى تمارين عملية على التخلص من عواقب استخدام المواد السامة".
وأضافت، "رغم الصعوبات الموضوعية، فإن عودة اللاجئين السوريين تحافظ على اتجاه إيجابي ثابت. فكل يوم، يصل نحو ألف سوري إلى البلاد من الخارج. وتبذل السلطات السورية بدعم روسي جهوداً نشطة في استقبال اللاجئين العائدين من أكثر من مكان".
وأوضحت أن الجانب الروسي يواصل أيضاً العمل المنسق بشأن إعادة توطين معسكر الركبان للاجئين: "إذ تم منذ شباط الماضي، نقل أكثر من 3.5 آلاف شخص من هناك إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة. وإذا بقيت المعدلات الحالية للخروج من المخيم، فيمكن أن يتركه ما يصل إلى 60-70% من سكانه في وقت قريب". (روسيا اليوم، 18-4-2019)
يأتي ذلك، في وقت صعّدت فيه التنظيمات الإرهابية من خروقاتها لـ«اتفاق إدلب» باستهداف أحياء حلب الآمنة، ما أدى إلى ارتقاء شهداء، بالترافق مع تصعيدها في ريفي حماة وإدلب، الأمر الذي رد عليه الجيش العربي السوري بقوة بمشاركة سلاح الجو الروسي.
هذا، وبالترافق مع ذلك، تصاعدت حدة الاقتتال بين الميليشيات الموالية للنظام التركي في عفرين، وفي إطار مساعي النظام التركي لتعزيز احتلاله للمنطقة، في وقت أزالت فيه ميليشيات «الجيش الوطني» التي شكلها من مرتزقته شمال حلب، جميع أبراج الشبكات السورية للاتصالات اللاسلكية (إم تي إن، سيرياتل) من منطقة عفرين وريفها.
ويهدف الاحتلال التركي إلى دفع سكان الشمال السوري، للاعتماد في اتصالاتهم على شبكات الاتصالات الخاصة به التي تصل تغطيتها إلى الأراضي السورية، ومنها «توركسل» و«تورك تيليكوم». (المرصد، 13-4-2019)
والأسبوع الفائت، وفي اعتداء إسرائيليّ جديد على الأراضي السورية، قال مصدر عسكري: إنّه نحو الساعة الثانية والنصف من فجر أمس أقدم الطيران الحربي للعدو الإسرائيليّ من فوق الأجواء اللبنانية بتنفيذ ضربة جوية على أحد المواقع العسكرية باتجاه مدينة مصياف، ولفت المصدر إلى أنه على الفور تصدت وسائط دفاعنا الجوي للصواريخ المعادية وأسقطت بعضها قبل الوصول إلى أهدافها، وبين أن الاعتداء الإسرائيلي أسفر عن تدمير بعض المباني. (سانا، 13-4-2019)
وبينما أدان وزير الدولة اللبناني لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد، العدوان «الإسرائيلي»، مؤكداً أنه دليل جديد على حجم الخيبة والهزيمة التي مني بها العدو «الإسرائيلي» في استهدافه لسورية، وقال: «إن هذه الاعتداءات الإسرائيلية تأتي في إطار الضغوط والمحاولات اليائسة الرامية لثني سورية عن دورها في دعم المقاومة في لبنان وفلسطين". (سانا، 14-4-2019)
في غضون ذلك، قامت الجماعات المسلحة بتدمير جسر التوينة في ريف حماة الشمالي الغربي بعد أن قامت بزرع كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار في أماكن متفرقة من جسم الجسر، وهذا الاعتداء هو الثالث من نوعه بعد أن أقدم إرهابيو "الحزب التركستاني" في 5 و14 أيلول 2018 على تدمير أجزاء من الجسر بينما شهدت جسور مماثلة كجسر الشريعة وجسر بيت الرأس أعمالاً تخريبية على المحور ذاته. (سانا، 18-4-2019)
التعليق:
لفتت الكاتبة والباحثة، في المجالات الثقافي والسياسي والفكري، حياة الحويّك، إلى أنه عرّف أحدهم بسمارك بـ: موحّد ألمانيا، فرد عليه الزعيم التاريخي: "لست أنا؛ بل سكك الحديد".
عندما تكرّس علم الاتصال كعلم مستقل في مدرسة شيكاغو، على أساس التجريبية الوظيفية، كانت أولى الوظائف التي ربطت بها الفعاليات الاتصالية، هي تحقيق الاندماج الوطني، وإذا كان هذا الدور ينطبق على مجتمعات في طور التوحيد والتماسك، فإنه ينطبق عكسيّاً على مجتمع موحّد يراد تفكيكه أو تقسيمه أو اقتطاع جزء منه.
من هنا يؤشر خبران قد يبدوان بسيطين في هذا الملف، إلى حيثية الخطط المرسومة لشمال وشرق سورية. نسف أبراج "سيرياتيل"، وبالتالي إجبار الناس على استعمال شبكات الاتصال التركية، توركسل وتورك تيليكوم. إضافة الى تدمير جسر التوينة بعملية هي الثالثة بعد محاولتين نفذهما "الحزب الإسلامي التركستاني"؛ إذ إنَّ هذين الحدثين يشكلان رقمين في سلسلة طويلة من الأعمال المشابهة التي تمهد لجعل انفصال الشمال والشرق السوريين أمراً واقعاً على الأرض وفي صميم الديموغرافيا، دون شرط الإعلان الرسميّ.
تؤكد هذا المؤشر المقتطفات المركزية كافة الواردة في هذا التقرير. فمن جهة نجد التركي يتبنى تكتيكَ خطابِ الحرب الاستباقية التي تتذرّعُ بـ "حماية الأمن القومي" و" حماية الحدود"، إضافة إلى غطاء الحرب على الإرهاب، حتى يبرر الحرب على ما يسمّيها: "الجهة الأخرى لحدودنا"، إنها حرب لا تقتصر على المطاردة (كما كان الادعاء التركي في العراق)، وإنما على "أن يكون نطاق وطريقة إدارة المنطقة الآمنة بيد تركيا" وذلك بعد "عودة اللاجئين" من تركيا إلى هذه المناطق، مع كل ما هو بديهي من ولاء هؤلاء لتركيا وحيازة بعضهم على الجنسية التركية. والنموذج يقدمه الخطاب التركي في خريطة يرسمها "من إدلب إلى منبج مروراً بعفرين وجرابلس".
بعد هذا يصبح الحديث المتكرر في هذا الخطاب الرسمي والإعلامي عن "وحدة أراضي سورية وسيادتها" مجرد كلام أجوف للاستهلاك الإعلامي وذر الرماد في العيون.
بالمقابل يندرج الأكراد الانفصاليون أيضاً في السياق نفسه. حيث يعملون على تأمين حماية كيانهم من قبل الأوروبيين والأميركيين، وبخاصّة فرنسا التي تعهدتهم تاريخياً، وكأنَّ هذا الأمر مجرد سباق بين التركي والكردي على فصل الشمال والشرق السوريين.
أما الأميركي، فمن الواضح أنه يلعب على عدة محاور: دعمه للكردي الذي يبدو مستمراً ولكن دون أن يكون مطلقاً، ودعمه للتركي حيث يؤكد على تفهمه لمشروع "المنطقة الآمنة" التركية على الأراضي السورية، وتعاطفه معه، بل و"العمل مع تركيا" لتحقيق مطلبها. وبالمقابل يؤكد وزير الدفاع التركي على أهمية الاتفاق بين أردوغان وترامب على الدفاع والأمن وتعزيز العلاقات"؛ لكن الأميركي يعود فيطلق "رسائل تحذير" للتركي بعدم التوغل في سورية كيلا تتعقد العلاقات مع الغرب، ولا تعم الفوضى ويُهدد الأمن القومي.
تناقض تحاول واشنطن أن تحله بالدعوة إلى إنشاء "قوة أمنية" شمال وشرق سورية، تجمع الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا وروسيا والعرب. وبذلك تحل مشكلة المواجهات والتناقضات في تحالف تضمن أن تكون على رأسه. غير أن هذا المشروع يبدو صعب التحقق في واقعِ تناقُضِ وتضارب المصالح بين جميع هذه الأطراف. ولكن ما يهمنا منه أنَّ هذه القوى المقترحة للسيطرة على أرض سورية هي كافة غير سورية، ولا تفرد بينها مكاناً للجيش العربي السوري، لأنَّ وجوده بطبيعة الحال يمثل تقويضاً لهيمنتها.
مطامع لا يتقدم بعدها السياسي والجيوسياسي على بعدها الاقتصاديّ. فهؤلاء جميعاً يراهنون على الثروات الطبيعية الكامنة في هذه المنطقة، ولا تترجم خطواتهم المتأرجحة إلى الأمام ولا إلى الوراء، إلا لعبتهم في الحصول على أكبر قدْر من المكاسب من العملية السياسية المرتقبة، ولذلك رأينا إيمانويل ماكرون يركز على "العملية السياسية"، ورأينا الأميركي يقول: إنه لا رفع للعقوبات، ولا إعادة إعمار، إلا "بعد العملية السياسية".
سلسلة ضغوط لا تخرج عنها الأزمات المعيشية الموجهة للضغط على الشعب والحكومة السوريين، كذلك لا يخرج عنها إعادة تحريك تنظيم داعش لما سمّاها: "حملة الانتقام لمقاطعة الشام المباركة"، ومن الملفت جداً أنَّ إعلانها جاء في تقرير أميركي.
كما أنه من الملفت أنَّ هذا التقرير ذكر أنَّ هجمات ستنفذ في جميع أنحاء العالم، في ما يحقق أمرين: الأول، التأكيد على أن خطر داعش لم ينته، وعليه لا بد من بقاء القوات التي تحاربه مثل "قوات سورية الديمقراطية –قسد" (وقد رأينا ماكرون يقول ذلك تحديداً) والأميركيين؛ والثاني توجيه الضغط على العديد من دول العالم في ما يخص سورية.
وإذا كانت روسيا تلتقي مع واشنطن في الحديث عن بقاء الإرهاب، وتضيف توزع عناصره كشبكة في العالم، فإنها تحدد قصدياً مواقع محددة: ليبيا والساحل الأفريقي، أوروبا وجنوب شرق آسيا. ولتؤكد بالتالي على أنَّ الحل السوري لن يأتي، إلا من خلال مسار "أستانا". في حين تلوّح بأنَّ الصبر بدأ ينفد بشأن إدلب.
عقد لا تشكل إلا شبكة متقاطعة من عض الأصابع الدامي للحصول على أكبر قدْر ممكن من المكاسب من العملية السياسية السورية، بمنطق لا يقيم وزناً لسيادة الدولة ومصالحها. سعي تمارسه الدول بوقاحة ووراء هذه الدول الشركات الوطنية والمتعددة الجنسيات التي كثيراً ما تحكم السياسيين وقراراتهم. ففرنسا المفلسة، وتركيا التي حرمتها الأرض نعمة النفط والغاز، وأوروبا الطامعة بخيرات الانتداب القديم، وواشنطن التي أضيف جشع رئيسها التاجر إلى العقيدة الراسخة التي بنت عليها مجتمعها ودولتها: عقيدة المنفعة. وإسرائيل التي تدس عناصرها في صفوف كل هؤلاء، كلهم اجتمعوا في الحرب العسكرية وخسروها، ويحاولون الآن تعويض ذلك بالضغوط المرة التي تصل حدَّ الاحتلال، قبل العملية السياسية، وبخاصّة الدستور والانتخابات.
سيريا ديلي نيوز - مركز دمشق للأبحاث والدراسات "مداد"
2019-04-24 20:52:07