يقال  أن مستودعات مطاحن اللاذقية تمتلىء بمادة النخالة بانتظار أن تستجرها مؤسسة الأعلاف التي مازالت تجهز مكاناً تنقل إليه النخالة، وحتى تفرغ مستودعات مطاحن “جبلة والساحل واللاذقية” من نخالتها يتراشق المعنيون في كل من المطاحن والأعلاف مسؤولية تكدّس النخالة، وارتفاع أسعار الأعلاف الذي يقصم ظهر مربي الماشية الذين عادوا مجدداً إلى ندب عجزهم أمام غلاء الأعلاف، خاصة أنهم أمضوا شهرين يطعمون مواشيهم علفاً أخضر من بقايا محاصيلهم الزراعية، وعليه فإنه بات من الصعب على أحد أن يحدد من هو المسؤول عن ارتفاع أسعار الأعلاف، وارتفاع أسعار اللحوم والبيض والأجبان والألبان التي أثقلت الدفع على جيب المواطن.
عدد كبير من مربي الماشية في اللاذقية، قالوا لنا: إن ارتفاع سعر الأعلاف جعل من تربية المواشي عملاً غير مربح، خاصة مع عدم توفر الأعلاف البديلة.. أبو ضياء من ريف جبلة، قال: بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، كنا نقوم بإطعام الماشية الخبز اليابس، أو العلف الطبيعي الذي لا ندفع ثمنه، لأنه من بقايا محاصيلنا الزراعية، لكننا اليوم، وبعد ارتفاع سعر الخبز، وانتهاء موسم المحاصيل، أصبحنا غير قادرين على إطعام الماشية كما يجب.
و أكد شادي أن الحليب الذي يبيعه لا يعادل المصاريف التي يدفعها كتكاليف لتربية الأبقار والماعز، قائلاً: نعمل طيلة النهار، و”آخر اليوم نطلع راس براس”، فيما اشتكى أبو أحمد من أن أسعار السمك والفروج التي تشهد أوقاتاً تنخفض فيها، إلّا لحم الخروف والأغنام التي تأخذ بالارتفاع دون أي ضابط.
وفي حين  كان الجدل حول ارتفاع أسعار الأعلاف يثقل كاهل مربي الماشية، قالت مصادر خاصة لـنا: إن مادة النخالة تتكدّس في مستودعات مطاحن اللاذقية بانتظار إجراءات ترحيلها إلى مؤسسة الأعلاف ليصار إلى بيعها لمربي المواشي والأبقار والدواجن الذين يتطلعون إلى انخفاض في أسعار الأعلاف.
ولحل مشكلة تكدّس النخالة في مطاحن المحافظة، أكد معن إبراهيم ديب مدير فرع مؤسسة الأعلاف في اللاذقية أنهم قاموا باستئجار مستودع في محافظة حماة، وبدؤوا باستجرار الكميات المخزنة من مستودعات المطاحن، بالإضافة إلى إنتاج المطاحن اليومي من مادة النخالة.
وحول  سبب تكدّس النخالة أوضح ديب أن مربي الماشية يعتمدون في إطعام مواشيهم على العلف الأخضر بين شهري أيار وآب، وعند حلول أيلول يبدأ المربي بشراء النخالة بكميات كبيرة، وذلك بسبب عدم وجود مادة علفية بديلة كالعلف الأخضر.
وأشار  ديب إلى أن دور المؤسسة هو تحقيق الاستقرار، والتوازن في السوق كمؤسسة تدخل، وتعمل لمصلحة المواطن السوري، مؤكدا  على ذلك بأن المؤسسة تحسم مبلغ 2700 ليرة سورية من كل طن مادة علفية بمختلف أنواعها، إذ يتم بيع الطن الواحد من الكبسول المصنع الجاهز بـ128000 ليرة، فيما يباع طن النخالة بـ 86000 ليرة، مشيراً إلى أن فرع مؤسسة الأعلاف في اللاذقية يقوم بتزويد محافظات حمص وطرطوس وحماة بالمادة العلفية، إذ يتم تخصيص أكبر نسبة من الأعلاف لمحافظة حماة بسبب تمركز الثروة الحيوانية فيها، أما طرطوس فيتم تزويدها بمادة النخالة تحديداً، بسبب وجود مربي الماشية، ووجود معمل الكبسول الذي يستخدم النخالة مع مواد أخرى لإنتاج ما يسمى المنتج الجاهز للأبقار، فيما تم تزويد حمص منذ بداية الشهر الفائت بـ 2299 طناً، وفي تموز الماضي 4651 طناً من النخالة المخزنة في مستودعات المطاحن مع الإنتاج اليومي للمطاحن والذي يقدر بـ142 طناً يومياً.
وارتفاع أسعار الأعلاف من وجهة نظر ديب يعود إلى عدة أسباب، أولها  هو ارتفاع أسعار النخالة، ناهيك أن مؤسسة الأعلاف تقوم عن طريق موردين في القطاع الخاص باستيراد جميع المواد الأولية التي تدخل بصناعة الأعلاف مثل الذرة والشعير والصويا، مشيراً إلى  قرار صدر عن رئاسة الوزراء مؤخراً ينص على أن تأخذ مؤسسة الأعلاف والدواجن نسبة 7،5% من أي إجازة استيراد لأي مادة علفية.
ونوه ديب أن فرع المطاحن هو الذي يحدد أسعار النخالة، إذ يبيعنا الطن الواحد بـ 75000 ليرة، بعد أن كان يبيعه خلال العام الماضي بـ 24000 ليرة، أي أنه ارتفع ثلاثة أضعاف تقريباً خلال عام واحد، مضيفاً: إذا تم تخفيض السعر للنخالة تباع النخالة بشكل كامل، ولا تتعرّض للتكديس في مستودعات المطاحن.
ولتسويق الأعلاف طالب ديب بإعطاء مربي الماشية الأعلاف على الهوية الشخصية، وزيادة الكمية المخصصة لهم، وإلغاء براءة الذمة للقطاع الفردي من اتحاد الفلاحين، وتحفيز الجمعيات الفلاحية على شراء الأعلاف، إذ لا توجد جمعية تشتري المادة العلفية بأكثر من 1% من مخصصاتها، كما دعا مربي الماشية إلى شراء الأعلاف عبر مراكز المؤسسة، وليس من تجار السوق السوداء، باعتبار أن المادة العلفية التي تنتجها المؤسسة سليمة، وتتمتع بكامل المواصفات، وبأسعار أرخص من السوق بـ 5000 ليرة، وتتفوق على القطاع الخاص بنسبة البروتين التي تتجاوز 16%، ويباع الطن الواحد منها بـ 257000 ليرة، خلافاً لما تنتجه معامل القطاع الخاص، والتي تكون فيها مادة الصويا قليلة جداً.
وأكد  ديب على أنه لا ارتفاع على أسعار المادة العلفية، بل على العكس هناك محاولات لتخفيضها قدر الإمكان، كما أن تحرير بعض المناطق من الإرهاب من شأنه أن يساعد في تربية المزيد من الماشية، وبالتالي استجرار كمية إضافية من المادة العلفية.
عبدو شعباني مدير فرع المطاحن في اللاذقية حمّل مسؤولية تكدّس مادة النخالة في مطاحن المحافظة لفرع مؤسسة الأعلاف بوصفه المسؤول عن استجرار المادة من المطاحن، وقال: تواصلنا مع القائمين على فرع مؤسسة الأعلاف من أجل إيجاد حل لمشكلة تكدّس النخالة لدينا، ولأننا لم نحصل على رد شاف قمنا بإعلام المحافظ الذي وجّه بدوره لحل المشكلة، ومازلنا ننتظر الفرج، مبيّناً أن مسؤولية توزيع الطحين تقع على عاتق المطاحن، فيما على الأعلاف توزيع النخالة.
ونوه شعباني أن سعر النخالة تحدده وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وليس فروع المطاحن المتوزعة في المحافظات، مضيفاً: 75 ليرة سورية سعر كيلوغرام النخالة، أراه سعراً مقبولاً نظراً لكونه يباع في السوق بأكثر من 100 ليرة للكيلوغرام الواحد، وبالمقارنة أيضاً مع سعر الأعلاف الذي كان منذ سنوات قليلة بـ 30 ليرة، ويباع اليوم بـ 300 ليرة، كما أشار شعباني إلى أن شوائب القمح تقوم المطاحن ببيعها ما بين 75 إلى 90 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد لتجار ومتعهدين وفق مزادات علنية، أي بأسعار أغلى من سعر النخالة، وبالمقارنة أيضاً مع أسعار الشعير، والتبن، يكون سعر النخالة معقولاً جداً.
أحمد نجم مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اللاذقية عزا السبب وراء ارتفاع أسعار اللحوم إلى قلة كميات اللحوم الموجودة داخل المحافظة، ما يسهم بارتفاع أسعارها عند استجرارها من خارج المحافظة، نافياً أن يكون هناك تهريب لقطعان الماشية داخل المحافظة التي نفى أيضاً أن تكون ثمة قطعان أصلاً فيها حتى تهرّب، لافتاً إلى أن التهريب يحدث في المحافظات والمناطق الداخلية التي تحتوي على عدد كبير من قطعان الماشية، موضحاً أن البيض يمكن أن يهرّب من المحافظة بسبب أن إنتاجه كبير، ويقع على مناطق حدودية.
وأكد نجم أن مؤسسة الأعلاف تقدم المادة العلفية لمربي الماشية بسعر رخيص مقارنة بالقطاع الخاص، لافتاً إلى أنه توجد لجنة مشتركة من التموين والزراعة، مهمتها تحليل العينات العلفية في مستودعات القطاعين العام والخاص.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات