زيارات يومية مكثقة لسفراء الدول المشاركة في معرض دمشق الدولي وأخرى لفعاليات القطاع الخاص والعام بغية الوقوف على آخر التحضيرات والاطمئنان إلى تنفيذها وخاصة أن الحدث الاقتصادي المهم قد اقترب من إطلاق فعالياته، لينتاب كل سوري ذاك الشعور بالفخر والمسؤولية المشتركة بإنجاح معرضٍ ليس مجرد حدث اقتصادي استثنائي فقط إنما هو نصر حقيقي على حربٍ إرهابيةٍ ظالمةٍ تركت ندبات عميقة تصعب إزالتها في حياة كل سوري وليس فقط على صناعة محلية تمكنت بفضل صناعييها المبدعين من النهوض مجدداً وإثبات قدرتها على التجدد وإنتاج سلع منافسة سعراً ونوعية رغم كل التحديات الصعبة، ليكون معرض دمشق الدولي بوابتهم الاقتصادية لتوجيه رسالة إلى العالم أن سورية انتصرت وصناعتها حية لا تموت.

  يقول فارس كرتلي مدير المؤسسة العامة للمعارض، الذي بدا وكأنه في حالة سباق مع الزمن لإنجاز تفاصيل المعرض كاملة في الوقت المحدد وضمن الخطة الموضوعة لإظهار دورة معرض دمشق الدولي 59 بأبهى حلة، ليصرّ طوال حديثنا معه على عدم نسب ذلك لنفسه رغم حجم العمل الملقى على عاتقه، فالإنجاز المتحقق، حسبما يقول، مرده إلى تعاون فريق العمل ضمن المؤسسة، إضافة إلى التعاون والدعم الحكومي الكبير وخاصة بعد توجيه كل الوزارات للمشاركة في المعرض عبر مشاركات نوعية تسهم في إعادة الألق لمعرض دمشق الدولي، الذي شهد حراكاً وتعاوناً غير مسبوقين أيضا ًمن فعاليات القطاع الخاص بشكل أظهر مدى رغبته بالتشارك مع الحكومة لتحقيق هذه الغاية.

ويؤكد كرتلي أن أجنحة القطاع الخاص قسمت إلى قطاعات متخصصة، فللمرة الأولى يأخذ قطاع النسيج مساحة 11 ألف متر، وهذا يعطي مؤشراً أن المعامل والمصانع استمرت في الإنتاج رغم الإرهاب والتحديات الكثيرة، في حين حجز القطاع الغذائي مساحة 6 آلاف والهندسية 2800م والكيميائية 2000 م، إضافة إلى مشاركته في الجناح السوري بمساحة جيدة، مؤكداً وجود أجنحة متميزة كجناح الصناعات اليدوية، إضافة إلى سوق بيع وغيرها من الأجنحة المهمة التي نظمت بالتعاون بين القطاعين.

يرى كرتلي أن روح التعاون والتشاركية وحب العمل الجماعي أكثر ما يميز معرض دمشق الدولي بدورته الحالية، فالجميع يتطلع إلى إكسابه طابعاً مميزاً خاصة بعد سنوات من الانقطاع بسبب الحرب الإرهابية، وهنا يتحدث مدير عام المعارض عن حجم العمل الكبير الذي قام به فريق عمله بتجهيز مدينة المعارض التي باتت جاهزة تقريباً بعد إجراء عملية ترميم وتأهيل لها حيث لو أعيد بناؤها كان الأمر أسهل، ليشدد على أن إعادة تجهيزها بعد الضرر الكبير الذي لحق بها يعد عملاً جباراً، بتكلفة تصل إلى 300 مليون ليرة، وعموماً هذا الرقم يعد محققاً بالنسبة للمؤسسة ولاسيما أن تأهيل المدينة مجددا ً يعد عملاً استثمارياً مهماً سيضمن تحقيق إيرادات مهمة في وقت لاحق.

تجاوز عدد المشاركات الخارجية أكثر من 30 دولة، حسبما يؤكد كرتلي، حاولنا معرفة أسمائها بدقة، لكنه فضل الاحتفاظ بها للإعلان عنها في مؤتمر صحفي خلال الفترة القادمة، مضيفاً أنه وجد مشاركة رسمية عن طريق السفارة ومشاركات تجارية منها شركات بريطانية ومن كوريا الجنوبية وذلك عبر وكلاء سوريين أو بشكل مباشر، علماً أنه يوجد عدد كبير من الشركات يمثل دولاً وخاصة أنه لم تتم الموافقة على أي مشاركة خارجية إذ لم يكن لديها إذن من الشركة الأم على عرض منتجاتها داخل سورية.

لا شك في أن معرض دمشق الدولي يعدّ حدثاً اقتصادياً بامتياز لكنه في المقابل يمثل حدثاً ثقافياً وتراثياً واجتماعياً، حيث تجد فيه الأسرة فرصة مناسبة للتسوق وخاصة في ظل العروض المخفضة والترفيهية في الوقت ذاته.
نسأل مدير عام مؤسسة المعارض والأسواق الدولية عن الفعاليات والأنشطة المخصصة للأسرة بغية جذب أفرادها واسترجاع ذاك الماضي الجميل في زيارة المعرض، ليؤكد وجود مسرح للطفل مع تنظيم فعاليات فنية وشعبية، إضافة إلى وجود سوق بيع لافت أشرفت عليه غرفة صناعة دمشق نظراً لخبرتها التي اكتسبتها في مهرجان «صنع في سورية»، علماً أنه سيتم تقديم عروض مخفضة تجذب المواطنين وتدفعهم للشراء، إضافة إلى وجود 48 كشكاً لتقديم المشروبات والسندويش بأسعار مخفضة، مشيراً إلى أن سعر بطاقة الدخول 50 ليرة فقط، لا تشكل رقماً، الهدف من دفعها إجراء سحوبات على بطاقات الدخول، مشيراً إلى استكمال التحضيرات كاملة ولم يبق إلا رتوش قليلة علماً أنه يتم كل يوم تنظيم جولة مسائية للتأكد من إنجاز كل شيء في وقته.

بعد انتهاء لقاء مدير المعارض، الذي بدا منهكاً من حجم العمل الملقى على عاتقه ذهبنا في جولة على أجنحة أصبحت جاهزة تقريباً كالجناج السوري، الذي أكدت المشرفة عليه سمر الطويل أنه يضم شركات من القطاع العام والخاص، الذي يرغب رغم حجزه أجنحة متخصصة، في عرض منتجاته في هذا الجناح المهم الذي تبلغ مساحته 4100 م ينال العام منها 2200 م تقريباً والبقية للخاص، إضافة إلى جناحي وزارتي النفط والصناعة الموجودين في البناء نفسه تقريباً، إضافة إلى جناح وزارة السياحة، التي خصصت أيضاً جناحاً خاصاً بالحرف اليدوية أصبح جاهزاً، حيث صمم بشكل جميل جذاب بما يتماهى مع خصوصيته وطبيعته، ولم نستطع زيارة الأجنحة كلها نظراً لكبر مساحة المدينة وعدم جهوزية بعضها، لكن ما لحظناه خلال جولتنا وجود ورشة عمل حقيقية لإكمال إنجاز التحضيرات في وقتها، فالعمال رغم الشمس الحارقة يعملون بجد لإنجاز الأعمال الخارجية في المدينة لتظهر كما يخطط لها في رسالة إلى العالم أجمع: إن سورية بدأت بالتعافي بعد سنوات عجاف لم تُمِتْ حبّ الحياة في نفوس مواطنيها.
المصدر تشرين

سيريا ديلي نيوز


التعليقات